«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين مخططات التقسيم وتحديات إعادة الإعمار ... سنوات العرب الصعبة

بكل المقاييس كانت السنوات ال15 الأخيرة على مستوى المنطقة العربية هى الأصعب والأشد فى تاريخها، حالة عدم استقرار غير مسبوقة، تحديات واجهت بعض الدول هددت وجودها ذاته بعد استهداف مؤسساتها وفى القلب منها الجيوش الوطنية ومخططات للتقسيم إلى مناطق داخل الدولة الواحدة وخلاف سياسى وصل إلى حالة من الصراع العسكرى وبعضها مازال مفتوحا على كافة السيناريوهات نتحدث عن سوريا مثلا التى عاشت سنوات من الصراع العسكرى نتج عنه تدخل أجنبى وسيطرة على مناطق معتبرة من الدولة وحتى عندما تم تجاوز كل هذه الظروف مازالت الأمور ضبابية مع إعادة الحديث عن رفع العقوبات لإعادة الإعمار وتبدو الأمور فى السودان تسير إلى الأفضل بعد الانتصارات التى حققها الجيش السودانى فى الأسابيع الأخيرة ولكن يبقى ملف إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه ولعل «اليمن» نموذج آخر فالسنوات ال14 الأخيرة شهدت إزاحة للرئيس على عبدالله صالح وانقلاب لجماعة الحوثى التى توغلت فى الحقب الزمنية الأخيرة ولم تتوقف الأمور عند ذلك الحد بل أصبح اليمن هدفا دوليا بعد تدخل جماعة الحوثى لأسباب لا تخفى على أحد فى الصراع الفلسطينى الإسرائيلى واختلفت الظروف والأسباب فى الحالة الليبية واللبنانية ولكن النتيجة واحدة وهى الحاجة إلى استقرار سياسى طويل يعقبه الدخول فى مرحلة إعادة الإعمار.
سوريا خسائر ضخمة ومستقبل غامض
تسببت الحرب فى سوريا منذ عام 2011، فى دمار واسع للبنية التحتية فى أنحاء البلاد كافة، بما فى ذلك المدن الكبرى وحتى العديد من المناطق الريفية التى تعرضت لدمار شبه كامل من جراء القصف والمعارك، فالمبانى السكنية والتجارية، بالاضافة إلى المرافق الصحية والتعليمية، وشبكات المياه والكهرباء وغيرها، كلها تعرضت لتدمير فادح، جلب تحديات ضخمة بالنسبة لإعادة الحياة إلى طبيعتها فى المناطق المتضررة، الأمر الذى يتطلب استثمارات ضخمة وجهودا مضنية.
تعيش سوريا حالة أمنية نوعا ما غير مستقرة مع عدم يقين بما سيحدث خلال الفترة المقبلة لذلك يصعب خلال الفترة الحالية تقييم وضع العملة المحلية وكذلك الاقتصاد السورى.
الوضع الاقتصادى منهار نوعا ما منذ بداية فترة الحرب، ومن قبل ذلك كانت هناك مشاكل اقتصادية مرتبطة بالفساد فى النظام وتوزيع الدخل والفقر والبطالة وغيرها، كما كان هناك انهيار بكل مؤسسات الدولة سواء المالية أو الاقتصادية وحتى القطاعات الزراعية والصناعية وغيرها. تعتبر الفترة الحالية هى فترة لإعادة الثقة فى الاقتصاد السورى، عبر إعادة الاستقرار الأمنى والسياسى، وهو سيكون عنوان المرحلة الحالية مع إعادة تكوين الثقة بالنسبة لنسيج المجتمع السورى وإعادة مؤسسات الدولة الأساسية المرتبطة بالتعليم والصحة والبنية التحتية. اما الحديث عن الليرة السورية وإعادة الثقة بالاقتصاد السورى فيجب أن يكون بعد إعادة الاستقرار الأمنى والسياسى.
لن تكون عملية إعادة الإعمار مهمة سهلة أمام الحكومة المستقبلية، إذ تعد واحدة من أكثر التحديات تعقيدا وصعوبة. فالتنمية المستدامة تواجه سلسلة من العقبات المتنوعة، بين عوائق خارجية تتعلق بالمواقف والسياسات الدولية، وأخرى داخلية ترتبط بالواقع السياسى، والإدارى، والاقتصادى داخل البلاد.
لا يوجد إحصاء دقيق لتكلفة إعادة الإعمار بالبلاد، خاصة وأن عملية حصر الخسائر تتطلب دراسة تفصيلية للواقع على الأرض، تتضمن تحديد حجم ومدى الخسائر، فيما تتواتر تقديرات متفاوتة تعكس فجوة واسعة فى قراءة المشهد.
فى عام 2018، قال مسؤول أممى إن سوريا بحاجة إلى 300 مليار دولار لإعادة الإعمار. وفى ديسمبر 2021، أشار المبعوث الرئاسى الروسى ألكسندر لافرنتييف، إلى تقديرات بقيمة 800 مليار دولار ككلفة لإعادة الإعمار. وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية، قد قدر التكلفة ب 900 مليار دولار.
وكان تقرير صادر عن البنك الدولى العام الماضى، لتقييم الأضرار فى سوريا، قد خلص إلى أنه: حتى يناير 2022، قدر إجمالى الأضرار فى عدد من المدن والقطاعات التى تم تقييمها (البنية التحتية الرئيسية، والقطاعات الاجتماعية، والبيئة والمؤسسات العامة) بما يتراوح من 8.7 إلى 11.4 مليار دولار. وشكلت قطاعات البنية التحتية المادية 68 بالمئة من الأضرار أو ما يتراوح من 5.80 إلى 7.8 مليارات دولار من أصل إجمالى تقديرات الأضرار. وفيما لا توجد تقديرات محددة لكلفة إعادة الإعمار، فإن أقصى التقديرات تشير إلى تريليون دولار. ورغم التفاؤل الذى حملته تصريحات الدول التى توالت حول استعدادها للمساهمة فى إعادة بناء سوريا ، فإن معظمها جاء مشروطا بظروف مستقبلية، إذ ربطت الأطراف الدولية مشاركتها بتحقيق خطوات سياسية ملموسة على الأرض، مثل ضمان حقوق الأقليات وحماية حقوق المرأة، بالإضافة إلى صياغة دستور جديد. بل إن بعض الدول ذهبت إلى حد اشتراط تحقيق مطالب سياسية محددة، من بينها انسحاب القوات الروسية من سوريا كشرط أساسى للمشاركة فى عملية إعادة الإعمار.
فى خضم التحديات الاقتصادية الكبرى التى تواجه سوريا، تطرح العقوبات الدولية مفهوما معقدا حول مدى تأثيرها على جهود إعادة الإعمار. فمنذ اندلاع النزاع فى 2011، فرضت العديد من الدول الغربية عقوبات اقتصادية ومالية على سوريا، وذلك بهدف الضغط على النظام السورى، الأمر الذى أثر بشكل مباشر على قطاعات حيوية مثل الطاقة، والبنية التحتية، والصناعة. هذه العقوبات، التى تشمل حظر التصدير والاستيراد، وتجميد الأصول، وضغوطات أخرى، أصبحت عقبة رئيسية أمام أى محاولات لتحقيق الاستقرار وإعادة بناء ما دمرته سنوات الحرب.
سوريا اليوم أصبحت فى أمس الحاجة إلى رفع تلك العقوبات لدفع عملية التنمية والبناء، وفتح الحدود مع دول الجوار حتى تتمكن من استيراد تلك المواد والإسراع من عملية إعمار المنشآت الاقتصادية التى تسهم فى دوران عجلة الإنتاج لتعافى الاقتصاد السورى. هناك مساعٍ تقوم بها حكومة الإنقاذ؛ لإيجاد حلول سريعة تسهم فى رفع العقوبات عن سوريا التى لم تجلب على السوريين سوى الجوع والفقر والحصار والدمار. على الرغم من التحديات الكبيرة التى تفرضها العقوبات، إلا أن إعادة الإعمار تتطلب أكثر من مجرد أموال. فالحاجة إلى الاستقرار السياسي، والشفافية فى إدارة المشاريع، وفتح قنوات التعاون الدولى تعد عناصر أساسية فى عملية إعادة البناء.
يرى الخبراء انه من المرجح أن تحتاج سوريا لمدة تتراوح بين خمس إلى سبع سنوات لتنتهى من إعادة الإعمار، فى حين يرى المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية فى سوريا، آدم عبد المولى، ان الشرط الوحيد للنهوض مجددا وإعادة الإعمار بسرعة هو «نجاح الانتقال» ، على أن تكون الفترة الانتقالية القادمة (إلى حين الاتفاق على الدستور، وإقامة حكومة منتخبة) فترة آمنة، تدار بتوافق كامل بين السوريين بمختلف طوائفهم وانتماءاتهم.
تمتلك سوريا العديد من المقومات التى تؤهلها لإعادة الإعمار والنهوض بذاتها. فهى تتمتع بموارد طبيعية متعددة، بما فى ذلك النفط والغاز والفوسفات، إلى جانب فائض فى الإنتاج الغذائى والطاقة. كما أن لديها موارد سياحية وضريبية وجمركية كبيرة، فضلا عن قدرات صناعية تكفى لتلبية الاحتياجات الداخلية، ما يجعل سوريا حالة فريدة.
ليبيا خطة للتعافى الاقتصادى فى المرحلة القادمة
دفع الشعب الليبى - وما زال- فاتورة عدم الاستقرار السياسى والانقسامات بين الفرقاء هناك، مما عرض الاقتصاد الليبى لخسائر اقتصادية فادحة لم يتعافَ منها طيلة السنوات الطويلة الماضية، وفى الوقت الذى ينشد المجتمع الليبى بكافة طوائفه ومكوناته شرقا وغربا الاستقرار المنشود وحل كافة الخلافات للوصول إلى دولة هادئة تنعم بخيراتها، تزيد حدة الانقسامات والتناحر بين بعض القوى الليبية من فاتورة الكلفة الاقتصادية على كافة ربوع البلاد .
وليبيا التى شهدت أزمات متلاحقة بعد أحداث 2011، مثلها كبعض الدول العربية التى لم تفق من كبوتها خلال السنوات العجاف الماضية، تشهد حالة من عدم الاستقرار السياسى رغم الدعوات والآمال التى اقتربت كثيرا من تحقيق خطوات جادة نحو الهدوء والسكينة وصولا إلى تشكيل مؤسسات الدولة تمهيدا لإعادة إعمار ما دمرته الحروب والمواجهات بين الفرقاء الليبيين.
ففى الوقت الذى تسعى مصر على الدوام لخروج ليبيا من النفق المظلم والبحث عن حلول جذرية لمشاكلها المتشابكة والمعقدة بداية من عدم التوافق السياسى ومرورا بأزمة عدم الثقة التى تحكم طبيعة الأمور هناك بين الأشقاء، تعيش البلاد فى حالة ركود اقتصادى وتراجع فى الانتاج المحلى وتدهور المؤسسات الاقتصادية نتيجة عدم الاستقرار السياسى طيلة السنوات الماضية، حتى أضحى اقتصاد ليبيا مرهونا كليا بحالة الاستقرار والتوافق السياسى بين جميع مكونات المجتمع هناك مما جعل البنك الدولى يشير إلى نتائج سلبية يعانى منها اقتصاد البلاد، جعلته يتراجع فى الناتج المحلى بنسبة 2.7 % فى نهاية العام الماضى، مقدرا أن حالة الصراع والانقسام السياسى وعدم استقرار مؤسسات الدولة حالت دون تعافى الاقتصاد الليبى الذى كان من المتوقع له أن يصل إلى نسبة إجمالى من الناتج المحلى تقترب إلى 74 % بنهاية عام 2023 بعيدا عن قطاع النفط الذى فشلت ليبيا فى الاستفادة من ارتفاع أسعاره عالميا، وهى المعضلة التى واجهت ليبيا. ويعد القطاع الليبى أحد التحديات الرئيسية التى تعرقل تعافى الاقتصاد هناك بجانب تحديات أخرى تتمثل فى انخفاض الانتاج والافتقار إلى تنوع فى الدخل المحلى أو التصدير بجانب تدهور فى جودة الرعاية الصحية والتعليم والبنية التحتية وتراجع جودة الخدمات فى ظل حالة عدم الاستقرار على كافة الأصعدة، مما فاقم كلفة إعادة الإعمار التى ربما تصل حسب تقديرات مؤسسات اقتصادية عالمية أكثر من300 مليار دولار.
لكن المتتبع للأزمة الليبية يكتشف أن الحل الوحيد لوقف الصراع الدائر بين الشرق والغرب هو رفع شعار «ليبيا أولا» وهو ما يعنى توحيد الجبهة الداخلية ونبذ الفتنة والتعصب وإعلاء المصلحة العليا مع السعى لتوحيد مؤسسات الدولة وتقريب وجهات النظر من أجل تحقيق السلام والاستقرار فى ليبيا.. تمهيدا لتحقيق التنمية الاقتصادية وتوحيد المؤسسة العسكرية حتى تنعم ليبيا بسيادتها وفرض سيطرتها على ربوع أراضيها بعد طرد المرتزقين الأجانب، بحيث ترتكز خطة التعافى للاقتصاد الليبى على عدة محاور منها تجديد العقد الاجتماعى بين المواطن والدولة من ناحية بين جميع الفرقاء الليبيين وكافة مكونات الشعب الليبى من ناحية أخرى، وذلك عبر أسس تعيد بناء الثقة وصولا إلى صيغة توافقية فى نهاية المطاف لعقد انتخابات برلمانية ورئاسية تعيد ليبيا إلى محيطها العربى والإقليمى والدولى.
إذًا الأمر يحتاج إلى تجاوز مرحلة المتاهة الانتقالية التى تعيش فيها ليبيا طيلة السنوات الماضية وانقسام بين الشرق والغرب لحكومتين تسعى كل منهما إلى تدشين ميزانية مستقلة ترهق اقتصاد الدولة الليبية وتجعله فى مفترق طرق.
قرارات اليوم الأول ترسم ملامح ولاية ترامب الثانية
بدأ الرئيس ال 47 للولايات المتحدة ولايته الثانية بعدد من القرارات الداخلية والخارجية، منها ما كان متوقعا وبينها ما مثل مفاجأة للكثير من الأمريكيين وخصوصا أنصاره.
وفور وصوله إلى المكتب البيضاوي، وحتى قبل انتهاء مراسم حفل تنصيبه، بدأ الرئيس الأمريكى دونالد ترامب توقيع سلسلة من القرارات والأوامر التنفيذية كان من بينها قرارات بإلغاء وتجميد قوانين اتخذتها إدارة بايدن، بينما تعهد فى ثلاثة خطابات ألقاها فى يوم تنصيبه باتخاذ جملة من القرارات الخارجية والداخلية التى ستعيد «العصر الذهبى لأمريكا» على حد تعبيره.
ولإعادة ترتيب «البيت» من الداخل وهو ما يمنحه ترامب أهمية أكبر خلال ولايته الجديدة، قام بإلغاء 78 قرارا تنفيذيا وقعها بايدن أبرزها إلغاء العقوبات التى فرضتها ادارة بايدن على جماعات ومستوطنين من المستوطنين الإسرائيليين من اليمين المتطرف لإرتكابهم أعمال عنف ضد الفلسطينيين فى الضفة المحتلة
كما ألغى ترامب مذكرة أصدرها بايدن عام 2023، تحظر التنقيب عن النفط فى نحو 16 مليون فدان فى القطب الشمالي. وقال إن الحكومة يجب أن تشجع استكشاف الطاقة وإنتاجها على الأراضى والمياه الأمريكية. كما ألغى تفويضا بخصوص المركبات الكهربائية.
وأعلن ترامب حالة طوارئ وطنية للطاقة، وإزالة اللوائح التنظيمية الزائدة. ووعد بملء الاحتياطيات الاستراتيجية من النفط وتصدير الطاقة الأمريكية فى جميع أنحاء العالم. حيث وضع خطة شاملة لتعظيم إنتاج النفط والغاز فى الولايات المتحدة.
ومن بين أبرز قرارات ترامب الأولى فى الشأن الداخلى إنشاء وزارة الكفاءة الحكومية التى سيتولى الرئيس التنفيذى لشركة تسلا ايلون ماسك حليف ترامب الأول خلال حملته الانتخابية والداعم الأول له رئاستها. وفى مجال القضاء أصدر ترامب مرسوم عفو عن 1500 شخص من المشاركين فى الاعتداء على مبنى الكابيتول فى أحداث 6 يناير عام 2021 وهو ما أثار غضب الكثير من معارضيه. كما أصدر قرارا باستعادة عقوبة الإعدام بعدما أوقفها بايدن عام 2021 ليتم تطبيقها على بقية الجرائم التى تتطلب استخدامها.
ولمحاسبة الحكومة خلال ولاية بايدن وقع الرئيس ترامب فى اليوم الأول على وثيقة لإنهاء ما وصفه بأنه «تسليح الحكومة واستغلال مواردها ضد المعارضين السياسيين».
ويوجه هذا القرار وزير العدل بالتحقيق فى أنشطة الحكومة الفيدرالية على مدى السنوات الأربع الماضية، بما فى ذلك وزارة العدل ولجنة الأوراق المالية والبورصات ولجنة التجارة الاتحادية خلال الإدارة السابقة.
وفى شأن الهجرة والتى وضعها ترامب على أولى أولوياته فى برنامجه الانتخابى ألغى الرئيس دونالد ترامب خطط سفر اللاجئين الذين تم السماح لهم بالفعل بالعودة والاستقرار فى الولايات المتحدة. حيث وقع ترامب فى اليوم الأول لولايته قرارا يمنع وصول اللاجئين إلى الولايات المتحدة. ومن بين المتضررين أكثر من 1600 أفغانى تم السماح لهم بإعادة التوطين فى الولايات المتحدة كجزء من البرنامج الذى أنشأته إدارة بايدن بعد الانسحاب الأمريكى من أفغانستان فى عام 2021. ويشمل هذا العدد أولئك الذين عملوا جنباً إلى جنب مع الجنود الأمريكيين أثناء الحرب بالإضافة إلى أفراد عائلات العسكريين الأمريكيين العاملين.
وكان أمر ترامب قد أعطى مهلة حتى 27 يناير قبل أن تبدأ فى وقف جميع عمليات المعالجة والسفر. ومع ذلك، تم تقديم موعد انتهاء المهلة لينتهى يوم 22 يناير. وهو ما أربك ترتيبات أعداد كبيرة من اللاجئين
كما وقع ترامب على مراسم تتعلق بحق المواطنة بالولادة وهو القرار الذى سعى إلى تطبيقه خلال فترة رئاسته الأولي، لكنه لم يُنفذ بشكل رسمي. والمواطنة بالولادة هى حق يضمنه الدستور الأمريكي، والذى ينص على أن أى شخص يولد فى الولايات المتحدة يُعتبر مواطناً أمريكياً بغض النظر عن جنسية والديه. ولذا سينتظر القرار حسما من المحكمة الدستورية والكونجرس وسيواجه صعوبات قانونية لتنفيذه.
وهاجم ترامب هذا النظام كثيرا فى لقاءاته الانتخابية ووصفه بأنه «سخيف»، وقال إنه يشجع الهجرة غير الشرعية والسياحة الولادية (حيث يأتى الأجانب للولادة فى أمريكا من أجل حصول أطفالهم على الجنسية).
وللحد من الهجرة أصدر ترامب قرارا بإعلان حالة الطوارئ على الحدود الجنوبية حيث يرى أن هناك أزمة إنسانية وأمنية على الحدود بسبب الهجرة غير الشرعية، وتهريب المخدرات والجريمة. وهو ما دعاه إلى بناء الجدار العازل خلال فترة ولايته الأولى والذى كان خطوة غير مسبوقة لاستخدام سلطات الطوارئ الرئاسية فى قضية تتعلق بالهجرة والأمن الحدودي. ورغم المعارضة القانونية والسياسية، تمكن من تحويل مليارات الدولارات لتمويل الجدار، لكن بناء الجدار توقف بعد مغادرته المنصب.
وفيما يتعلق بالقضايا الخلافية التاريخية بين الجمهوريين والديمقراطيين وعلى رأسها المثلية وحق الإجهاض، ألغى الأوامر المتعلقة بالمثليين، والعابرين جنسيا تنفيذا لتعهده بالاعتراف بجنسين فقط، ذكر وأنثي، إلا أنه أصدر عفوا عن 23 من النشطاء من الداعمين لحق الإجهاض فيما أثار غضب بعض مؤيديه، إلا أنه برر ذلك بقوله أنهم عدد من كبار السن ونهدف لاحتواء الأمر اجتماعيا.
وفيما يتعلق بالشأن الخارجى وقع الرئيس الأمريكي، على أمر تنفيذى للانسحاب من منظمة الصحة العالمية، التى طالما انتقدها فى السابق بسبب معارضته طريقة تعاملها خلال وباء كوفيد ومعتبرا أنها فشلت فى التصرف باستقلالية وبعيدا عن التأثر بالاتجاهات السياسية لأعضائها. وقال ترامب إن الولايات المتحدة تدفع لمنظمة الأمم المتحدة «أكثر بكثير» مما تدفعه الصين، مضيفا: «منظمة الصحة العالمية احتالت علينا». ومن المتوقع أن يؤدى انسحابه لدفع المنظمة لإجراء إعادة هيكلة، وقد يؤدى إلى مزيد من التعطيل للمبادرات الصحية العالمية.
ومن بين القرارات الخارجية التى وقعها ترامب الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ حيث أرسل خطابا للأمم المتحدة لإبلاغها بقرار الانسحاب والخروج من الاتفاق الذى تم إبرامه عام 2015 الذى يهدف لخفض الانبعاثات الدفيئة المسببة لتغير المناخ ثم بعث برسالة إلى الأمم المتحدة تشرح أسباب الانسحاب.
لبنان تفاؤل بعهد جديد واستعادة الثقة الدولية
بين ظلم الجغرافيا وصراعات أبنائه، عاش لبنان عقوداً صعبة من تردى الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، جعلت البلاد فى حاجة ماسة إلى إعادة الإعمار، كما تضاعفت تلك الحاجة فى العقد الأخير على خلفية استشراء الخلافات السياسية والفساد الذى ترجم فى انفجار مرفأ بيروت، بالإضافة إلى التعقيدات الإقليمية التى أدخلت لبنان فى آتون حرب مع إسرائيل دمرت جنوب البلاد، فيما يأتى رئيسا الجمهورية والحكومة الجديدين محملين بأعباء النجاح فى مهمة إعادة الإعمار الصعبة.
وضع الاقتصاد اللبنانى الهش بلغ ذروة الغليان عام 2019، عندما انهار النظام المصرفى وانهارت الليرة اللبنانية أمام الدولار، مما أدى إلى تآكل قيمة المدخرات وتضخم غير مسبوق. ونتيجة لذلك، أصبحت مستويات الفقر مرتفعة للغاية، حيث يعيش أكثر من 80% من السكان تحت خط الفقر بحسب تقارير الأمم المتحدة. أدى هذا الانهيار إلى تعطل القطاعات الحيوية، بما فى ذلك الصحة والتعليم والطاقة. ومع تفاقم الأزمة، أصبح لبنان يعتمد بشكل كبير على المساعدات الدولية، سواء من الدول المانحة أو منظمات الإغاثة الإنسانية. ولكن هذه المساعدات غالبًا ما تتعثر بسبب البيروقراطية والفساد.
وبعد الحرب الإسرائيلية على لبنان العام الماضي، يترقب اللبنانيون خطط إعادة الإعمار، بعدما أدت الحرب إلى أضرار فى المبانى تقدر بنحو 2.8 مليار دولار وفق تقرير للبنك الدولي، الذى قدّر تكلفة إعادة إعمار المنازل بما لا يقل عن 5.5 مليار دولار. وضعت الحكومة اللبنانية خريطة طريق لإعادة الإعمار ورفع الأنقاض، واتخذت القرار بتحويل اعتمادات ب900 مليار ليرة إلى مجلس الجنوب و900 مليار ليرة إلى اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية و500 مليار ليرة إلى الهيئة العليا للإغاثة.
ومع دخول لبنان عهد جديد بتسمية نواف سلام رئيساً للحكومة بعد أيام من اختيار جوزاف عون رئيساً للجمهورية، تتصاعد الآمال بتطبيق خطة لإنقاذ الاقتصاد المتداعى وإعادة إعمار ما خلفته الحرب الإسرائيلية، حيث تعهد سلام فى أول خطاب بعد التكليف بأن تكون الأزمة الاقتصادية وإعادة إعمار على رأس أولويات حكومته الجديدة التى يجرى تشكيلها حالياً.
ويحتاج العهد الجديد (عون وسلام) الكثير من العمل لتخطى التحدى الأكبر وهو إعادة هيكلة القطاع المصرفي، واستعادة الثقة بين المواطنين والمستثمرين، وهو ما يتطلب تعاونا مع المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي، الذى تراجع عن الدخول فى خطة إصلاحات اقتصادية مع لبنان قبل عدة سنوات. كما تتضاعف الحاجة إلى وضع خطة لإعادة رسملة البنوك وإدارة الديون السيادية التى تجاوزت 90 مليار دولار. ويتطلع اللبنانيون إلى سرعة تنفيذ إصلاح اقتصادي، حيث يعيش أكثر من 80% من السكان تحت خط الفقر وسط تضخم مرتفع تجاوز فى بعض المراحل 300%، ما أثّر على القوة الشرائية للمواطنين وجعل تأمين الاحتياجات تحدياً يومياً، وذلك وفقا لإحصائيات الأمم المتحدة لعام 2023.
لكن طريق الإصلاح لا يبدو سهلاً فى ظل التحديات التى كان قد أوردها صندوق النقد الدولى فى تقرير سابق، ومن أهمها مكافحة الفساد المستشرى فى مؤسسات الدولة، والذى يرتبط بالطابع الطائفى لتوزيع المناصب، وهو ما يقلل من ثقة المجتمع الدولى فى آليات دعم لبنان سواء من خلال المساعدات الإنسانية أو القروض الميسّرة، فقد أعربت الدول المانحة وصندوق النقد الدولى مرارا عن استعدادهم للمساعدة لكن بشرط تطبيق الشفافية ومكافحة الفساد.
ولعل الإدراك لأهمية الثقة الدولية فى المرحلة المقبلة هو ما دفع الرئيس جوزاف عون يؤكد خلال المؤتمر الصحفى مع نظيره الفرنسى إيمانويل ماكرون أن ثقة اللبنانيين قد عادت فى بلادهم وأن لبنان يحتاج إلى عودة ثقة العالم فيه، كما أن المؤتمر الدولى لدعم إعادة إعمار لبنان الذى أعلن عنه ماكرون يكون بداية الطريق لمستقبل أفضل للبنانيين.
السودان مصر تقود عملية إعادة بناء المؤسسات ومعالجة الأزمة الإنسانية
منذ بدء الصراع فى 15 أبريل 2023، لا تزال الفصيلتان المتحاربتان فى السودان عالقتين فى صراع مميت على السلطة، حيث قُتل عشرات الآلاف، ونزح أكثر من 12 مليون شخص، مما أدى إلى أسوأ أزمة نزوح فى العالم، وفر ما يقرب من 2 مليون نازح سودانى إلى مناطق غير مستقرة فى تشاد وإثيوبيا وجنوب السودان واجتاحوا مخيمات اللاجئين وأثاروا مخاوف من أن اللاجئين السودانيين قد يحاولون قريبًا دخول أوروبا، وتواصل الأمم المتحدة المناشدة للحصول على المزيد من الدعم حيث يحتاج أكثر من 25 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية، وتؤدى مخاطر الأمن الغذائى المتدهورة إلى «أكبر أزمة جوع فى العالم».
ومما زاد من تفاقم الأزمة، أن الأمطار الغزيرة والفيضانات التى شهدتها البلاد من يونيو إلى سبتمبر أثرت على ما يقرب من 600 ألف شخص، مما أدى إلى نزوح أكثر من 172.500 شخص وتسبب فى تدمير شديد للمنازل والبنية الأساسية، وساهم فى تفشى وباء الكوليرا من جديد، وتواجه المناطق الأكثر تضرراً، بما فى ذلك البحر الأحمر وشمال دارفور، مخاطر متزايدة من المجاعة، مما يؤدى إلى تفاقم التحديات التى يواجهها السكان الذين يعانون بالفعل من الصراع وعدم الاستقرار.
وقد سعت مصر خلال فترة الحرب إلى حل الأزمة من خلال الدعوة لاستضافة مؤتمرات سلام بحضور الشركاء الإقليميين والدوليين، فى إطار حرصها على بذل كافة الجهود الممكنة لمساعدة السودان على تجاوز الأزمة التى يمر بها. ومعالجة تداعياتها الخطيرة على الشعب السوداني، وأمن واستقرار المنطقة، لاسيما دول جوار السودان. ومؤخرا التقى وزير الخارجية المصرى بدر عبد العاطى مع مجموعة من الوزراء السودانيين فى بورتسودان وبحث معهم سبل تعزيز التعاون المشترك بين البلدين بما فى ذلك مسألة إعادة الإعمار بعد التوصل لوقف إطلاق النار فى السودان.
وقد أعلن عبد العاطي، مؤتمراً صحفياً مشتركاً مع نظيريه الصومالى والإريترى عن اتفاق الدول الثلاث على العمل لوقف إطلاق النار فى السودان، مع التركيز على إعادة بناء مؤسسات الدولة السودانية وحماية وحدة أراضيها. وأكد الوزير على ضرورة دعم جهود تعزيز استقرار السودان، مشيرًا إلى أهمية الحفاظ على وحدة الدولة السودانية وتقديم الدعم اللازم لمؤسساتها لضمان استقرار المنطقة. وفى 21 يناير استضافت مصر، بصفتها الرئيس الحالى لعملية الخرطوم، ندوة رفيعة المستوى بعنوان «تحسين الاستجابة الإنسانية والتنسيق الإقليمى للسودان من خلال تقاسم أكثر فاعلية للأعباء والمسئولية». يأتى ذلك فى إطار جهود مصر لدعم الاستقرار فى السودان الشقيق، وتسليط الضوء على التداعيات الإنسانية للأزمة الراهنة فى السودان وتأثيرها على دول الجوار.
وأشار السفير الدكتور وائل بدوى نائب مساعد وزير الخارجية لشئون الهجرة واللاجئين ومكافحة الاتجار بالبشر، فى كلمته خلال الندوة، إلى أهمية انعقاد الندوة فى ضوء التداعيات الإنسانية المرتبطة بالأزمة السودانية داخليا وفى دول الجوار المباشر، وعلى مصر بوجه خاص، نظرا لاستقبالها أكبر عدد من النازحين السودانيين منذ اندلاع الأزمة فى أبريل 2023.
واستعرض الخدمات التى تقدمها الدولة المصرية للاجئين السودانيين، خاصة فى قطاعات الصحة والتعليم، وعدم إقامة معسكرات لاستقبالهم، بالإضافة إلى الجهود المصرية المستمرة لدعم التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة فى السودان، مؤكدا أهمية التعاون الدولى والشراكات للتعاون فى مواجهة تدفقات اللاجئين، أخذا فى الاعتبار حرص مصر على الوفاء بالتزاماتها الدولية تجاه اللاجئين، وأيضا تفعيلا لمبدأ تقاسم الأعباء والمسئولية مع شركائنا الدوليين والمنظمات الأممية المعنية، والمنصوص عليه فى العهد الدولى للاجئين.
ومن جهته، حرص وفد السودان على التعبير عن الامتنان لمصر لمبادرتها بالدعوة لتنظيم الندوة رفيعة المستوى، وعلى الدعم الذى تقدمه للسودان فى إطار هذه الأزمة الإنسانية.. واستعرض حجم التحديات الإنسانية التى يواجهها أكثر من 12 مليون نازح سودانى داخلياً، فضلاً عن لجوء أكثر من ثلاثة ملايين آخرين إلى الدول المجاورة، حيث تستضيف مصر أكبر عدد من هؤلاء السودانيين، داعيا المجتمع الدولى للوفاء بتعهداته الإنسانية والتزاماته ذات الصلة.وفى ختام الندوة، أكدت الوفود الأوروبية المشاركة على التزامها بمواصلة التعاون مع مصر وباقى دول الجوار.
اندلعت المعارك الأخيرة بين القوات المسلحة السودانية التى يقودها عبد الفتاح البرهان وبين قوات الدعم السريع تحتَ قيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وبحلول أوائل أبريل، اصطفت قوات القوات المسلحة السودانية فى شوارع الخرطوم، وتم نشر جنود قوات الدعم السريع فى جميع أنحاء السودان، وفى 15 أبريل، هزت سلسلة من الانفجارات الخرطوم، إلى جانب إطلاق نار كثيف، واتهمت قيادة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع كل منهما الآخر بإطلاق النار أولا.
فى أوائل مايو 2023، أنهارت مفاوضات السلام بعد أن تخلت القوات المسلحة السودانية عن المحادثات التى توسطت فيها الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، جاء ذلك فى أعقاب إعلان البرهان أن مبعوث الأمم المتحدة إلى السودان، فولكر بيرثيس، لن يُسمَح له بعد الآن بالتواجد فى البلاد، وهى علامة صارخة على رفض المتحاربين التعاون مع الجهود الدولية من أجل السلام، فى يونيو، اتخذت إدارة جو بايدن تدابير لتعزيز المساءلة لأولئك المتورطين فى الصراع، فرضت الولايات المتحدة قيودًا على تأشيرات الدخول على قيادات القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع وكذلك أولئك التابعين لنظام البشير السابق، وفرضت عقوبات على شركات التعدين التابعة لقوات الدعم السريع والشركات التى تدعم عمليات القوات المسلحة السودانية، ورفعت مستوى الاستشارات التجارية للسودان.
وفى ظل ضغوط من الحكومات الأجنبية وجماعات حقوق الإنسان، وافقت القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على استئناف المفاوضات التى تقودها الولايات المتحدة والسعودية فى أواخر أكتوبر 2023. ومع ذلك، لم يوافق أى من الجانبين على وقف القتال أثناء استمرار المحادثات. وقد فشلت المفاوضات السابقة حيث لم تلتزم الفصائل المتحاربة بأى محاولات لاتفاقيات وقف إطلاق النار. وفى ديسمبر، تأجلت المفاوضات فى جدة للمرة الثانية بعد أن لم يوافق أى من الجانبين على الوفاء بالتزاماته، بما فى ذلك اللباقة أثناء المفاوضات وتسهيل المساعدات الإنسانية. وبعد شهر، علقت القوات المسلحة السودانية أيضًا الاتصال بالهيئة الحكومية الدولية للتنمية، وهى كتلة إقليمية فى شرق إفريقيا تحاول إنشاء منتدى بديل للوساطة.
وفى الثامن من مارس 2024، أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرارًا يدعو إلى وقف فورى للعنف فى السودان، وبعد بضعة أيام، وافقت القوات المسلحة السودانية على إجراء مفاوضات غير مباشرة مع قوات الدعم السريع، ومع ذلك، أنهارت المحادثات فى 11 مارس.
اليمن صراع سياسى وتحديات اقتصادية
يشهد اليمن أزمة سياسية وإنسانية مستمرة منذ فبراير 2011، عندما بدأت الاحتجاجات الشعبية ضد النظام الحاكم فى ظل الربيع العربي، ومنذ ذلك الحين، تطورت الأوضاع بشكل متسارع مما أدى إلى تدهور الوضع الأمنى والسياسى والاقتصادى فى البلاد،و منذ اندلاع الصراع، حاول المجتمع الدولى تقديم العديد من المبادرات و الجهود بهدف حل النزاع و إحلال السلام
مرت الأزمة اليمنية بعدة مراحل ، بدأت الاحتجاجات فى اليمن فبراير 2011 ضمن موجة الربيع العربي، و طالب الشعب اليمنى بتغيير النظام الحاكم بقيادة الرئيس على عبد الله صالح الذى حكم اليمن لمدة 33 عامًا، على الرغم من قمع الاحتجاجات، إلا أن الرئيس صالح اضطر فى النهاية إلى التوقيع على المبادرة الخليجية فى نوفمبر 2011 التى نصت على انتقال السلطة إلى نائبه عبد ربه منصور هادى فى فبراير2012.
شهدت فترة حكم هادى العديد من التحديات الاقتصادية والسياسية، بما فى ذلك النزاعات الإقليمية والصراعات الداخلية بين مختلف الأطراف، فى هذا السياق، بدأت جماعة الحوثيين «أنصار الله» فى تصعيد عملياتهم العسكرية فى الشمال والوسط، مما أسهم فى تفاقم الأزمات السياسية والاجتماعية.
اندلعت حرب أهلية بين قوات الحكومة المعترف بها دوليًا، المدعومة من التحالف العربي، وبين الحوثيين المدعومين من إيران، أصبحت الحرب أكثر تعقيدًا بسبب تدخلات خارجية، حيث شهدت البلاد مستويات غير مسبوقة من التدمير. وفى سبتمبر 2014، تمكن الحوثيون من السيطرة على العاصمة صنعاء بعد اشتباكات مع القوات الحكومية، بعدها وقع الفرقاء السياسيون اتفاقا عرف ب «السلم و الشراكة»برعاية أممية، و ينص على أن يجرى الرئيس هادى محادثات سعيا وراء تشكيل حكومة كفاءات تتضمن جميع ألوان الطيف السياسى فى غضون شهر من توقيع الاتفاقية، إضافة لتعيين مستشارين للرئاسة من الحوثيين و الحراك الجنوبى مع استمرار حكومة محمد سالم التى استقالت ثم كلفت بتصريف الأعمال فى البلاد، تحالف الحوثيون مع الوحدات العسكرية الموالية للرئيس السابق عبد الله صالح، و استولوا على ميناء الحديدة على البحر الأحمر، و الذى يمثل نقطة دخول حيوية للواردات و المساعدات الإنسانية إلى المدن الشمالية من البلاد.
و فى يناير 2015 استولى الحوثيون على القصر الرئاسى و حاصروا الرئيس منصور هادى و تحفظوا عليه، إلا أنه لجأ إلى عدن جنوبى البلاد و أكد شرعيته من مسقط رأسه،و فى تطور ادخل البلاد فى مرحلة جديدة للصراع، أطلق فى مارس 2015 تحالف عسكرى من 12 دولة تقوده السعودية يعرف ب «التحالف العربى لدعم الشرعية» و الذى تشكل بطلب من الرئيس منصور هادى مستهدفا معاقل الحوثيين
و على مدار سنوات تم عقد عدة جولات من المفاوضات بين الأطراف المتحاربة لكن غالبية هذه الجهود لم تنجح فى تحقيق تسوية و ذلك لوجود تحديات رئيسية منها الانقسامات الداخلية و تدخل القوى الإقليمية، و غياب الثقة بين الأطراف المتنازعة و الوضع الأمنى المتدهور و عدم التوافق على الملف الإنسانى، و لعل من أبرز جهود التسوية للأزمة كانت مفاوضات جنيف عام 2015 و التى تم التوصل فيها لوقف لإطلاق النار واستئناف العملية السياسية و لكن لم تؤد الجولة لنتائج ملموسة ، ثم اتفاق ستوكهولم عام 2018 و الذى تم التوصل فيه لبعض الاتفاقات المتعلقة بالهدنة و تبادل الأسرى، لكن تنفيذه كان بطيئاً و غير مكتمل، حيث استمر القتال فى العديد من المناطق.
على الرغم من أن جماعة الحوثى قد بدأت موحدة فى البداية، إلا أن هناك دلائل على وجود انقسامات داخل صفوفها،و تعود هذه الانقسامات إلى صراعات على القيادة والتوجهات الفكرية داخل الحركة، فضلاً عن تباين المصالح بين الفصائل المختلفة.
الأزمة اليمنية مستمرة فى إحداث دمار واسع النطاق فى البلد، وقد باتت قضية إعادة الإعمار من أكبر التحديات التى يواجهها اليمن فى المستقبل، كما أن انقسام جماعة الحوثى قد يكون له تأثيرات طويلة الأمد على استقرار البلاد إذا لم يتم التوصل إلى حل سياسى شامل يعيد الأمن والسلام،أدت الحرب المستمرة إلى تدمير هائل للبنية التحتية فى اليمن، تشمل الأضرار التى لحقت بالمدن الكبرى، والمرافق الصحية والتعليمية، والموانئ، وشبكات الكهرباء والمياه، يقدر الخبراء أن تكلفة إعادة الإعمار فى اليمن قد تتجاوز مئات المليارات من الدولارات، وفقًا لتقرير البنك الدولي، قد تتراوح تكلفة إعادة إعمار اليمن بين 20 و 30 مليار دولار فى المرحلة الأولى فقط، ولا تشمل ذلك الأضرار الاجتماعية والإنسانية الناتجة عن الحرب.
تجنب التدخلات العسكرية.. أهم ملامح سياسة أمريكا الخارجية القادمة
هشام مبارك
لم يلجأ «ماركو روبيو» وزير خارجية أمريكا الجديد للديبلوماسية وهو يعلن سياسة وزارته فى الولاية الثانية للرئيس الأمريكى دونالد ترامب. قالها الرجل وبأعلى صوته إن سياسة إدارة الرئيس دونالد ترامب الخارجية ستكون «مبنية على مصلحة الولايات المتحدة أولا». وأكد، فى خطاب عقب أداء القسم الوزاري، أن سياسة الولايات المتحدة الخارجية ستكون عملية وواقعية، قائلا «إذا تقاطعت مصالحنا مع مصالح الآخرين فسنعمل معهم».
وإمعاناً فى الوضوح وعدم المواربة وفى الوقت الذى شدد فيه على أن الولايات المتحدة ستسعى إلى «منع الصراعات وتجنبها»، أكد أن ذلك «لن يكون على حساب أمننا القومى أو مصالحنا الوطنية أو قيمنا». وأضاف :»مهمتى لن تكون سهلة وسنكون مدافعين عن قيمنا»، قائلا «مهمتنا تعزيز السلام فى أنحاء العالم» و»ندعو إلى نشر السلام فى مختلف أنحاء العالم لأن هذا يخدم مصالحنا الوطنية»، باعتبار أنه «لا يمكن للولايات المتحدة أن تكون أمة قوية دون سلام».
كان مجلس الشيوخ الأمريكي، قد صادق، بالإجماع على تعيين ماركو روبيو، مرشح الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لوزارة الخارجية.
روبيو أول أمريكى من أصول كوبية يتولى هذا المنصب، وهو أيضا أول عضو فى إدارة ترامب الجديدة يحظى بموافقة مجلس الشيوخ.ومعروف عن روبيو مواقفه المناهضة للصين وروسيا وإيران. فخلال عمله فى لجنة العلاقات الخارجية فى مجلس الشيوخ، كان من أبرز المطالبين بسياسة أمريكية خارجية أكثر صرامة. وكان من أشد المنتقدين لسياسة الرئيس السابق جو بايدن تجاه طهران.
وخلال جلسة المصادقة على تعيينه وزيرا للخارجية، دعا روبيو إلى فتح المجال لأى ترتيب قد يؤدى إلى السلام والاستقرار فى الشرق الأوسط، لكنه شدد على ضرورة الحذر فى التعامل مع إيران. وأشار إلى أن أى تنازلات تُقدّم لإيران يجب أن تأخذ فى الاعتبار احتمال أن تحاول طهران استخدامها لتعزيز قدراتها العسكرية ودعم جماعات مثل حزب الله.
وفيما يتعلق بأوكرانيا، أكد روبيو خلال جلسة الاستماع أن التفاوض هو الحل الوحيد أمام كييف لإنهاء الحرب. وانتقد استمرار المساعى لمساعدة أوكرانيا على استعادة الأراضى التى استولت عليها موسكو، على اعتبار أن استمرار الحرب لا يؤدى إلا إلى سقوط مزيد من القتلى، دون وجود إمكانية لتحقيق نصر حاسم على جانبى القتال.
وكان روبيو من بين 15 سيناتورا جمهوريا صوتوا ضد حزمة مساعدات عسكرية لأوكرانيا، التى تم تمريرها فى أبريل الماضي. الخبراء رصدوا أن ماركو روبيو قد عدّل مواقفه لتتماشى أكثر مع مواقف دونالد ترامب حول قضايا مثل الحرب فى أوكرانيا والهجرة. وفى حين كان روبيو من مؤيدى وجود عسكرى قوى فى الخارج، كان ترامب يركز على تجنب التدخلات العسكرية. لذلك، انتقد روبيو سياسة ترامب الخارجية فى 2019، خاصة فى سوريا، لكنه مؤخرا، أصبح أكثر مرونة وتماشى مع نهج الرئيس ال47. وبخصوص الحرب فى أوكرانيا، دعم روبيو كييف فى 2022، واصفًا الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين ب»القاتل» وشكك فى صحته العقلية. ولكن روبيو يدعو كييف للدخول فى تسوية تفاوضية مع روسيا، لذلك، صوّت ضد المساعدات العسكرية لأوكرانيا فى أبريل. من ناحية أخرى وصف روبير الهند وأستراليا واليابان بأنهم حلفاء وهو ما يمثل تغييرًا كبيرًا فى اللغة الدبلوماسية الأمريكية تجاه الهند. لكن فى المقابل، لم تستخدم الهند مصطلح «حليف» عند حديثها عن الولايات المتحدة، بل تفضل التعبير عن نفسها ك «شريك» أو «صديق» كما هو الحال فى سياقاتها السابقة.
وفى أول اجتماع وزارى ضمن إطار الاتفاق الأمنى الرباعى وبعد تنصيب ترامب، التقى جايشانكار وزير خارجية الهند مع روبيو ومستشار الأمن القومى الأمريكي، مايك والتز، لبحث سبل تعزيز التعاون بين البلدين، كما اجتمع مع وزراء خارجية اليابان وأستراليا وأمريكا.
وناقش الجانبان القضايا الإقليمية والفرص المتاحة لتعميق العلاقات بين الولايات المتحدة والهند فى مجالات عدة، مثل التعاون الدفاعي، الطاقة، والتكنولوجيا المتقدمة. كما تم التركيز على أهمية تعزيز منطقة المحيطين الهندى والهادئ المفتوحة والمجانية، فى مواجهة التحديات الأمنية المتزايدة.
وتشير هذه الخطوات إلى أن إدارة ترامب كانت عازمة على توثيق العلاقات مع الهند، باعتبارها شريكًا استراتيجيًا فى المنطقة، لتوسيع شبكة تحالفاتها فى منطقة المحيطين الهندى والهادئ، والتى تشهد تحولات سياسية كبيرة خلال السنوات التى تولى فيها جو بايدن رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية.
سعى روبيو لنيل ترشيح الحزب الجمهورى فى الانتخابات الرئاسية لسنة 2016، لكنه فشل أمام دونالد ترامب الذى فاز بالنهاية. وشهدت العلاقة بين روبيو وترامب صداما كبيرا فى 2016 بشأن إسرائيل، واتهم ترامب بأنه «مناهض لإسرائيل».ثم أصبح من الداعمين للرئيس ترامب خلال حملته الانتخابية لعام 2024، وكان من أبرز المرشحين لشغل منصب نائب الرئيس.
ورغم دعمه القوى لإسرائيل فى الماضي، غيّر روبيو موقفه فى أبريل عندما صوّت ضد حزمة تمويل لصالح الدولة العبرية.
هذه الخطوة تعكس تحولًا أوسع نحو سياسة خارجية أكثر حذرًا تتماشى مع سياسة ترامب، وفق مراقبين.
ويصف روبيو رؤيته لأمريكا بأنها «أعظم دولة عرفها العالم على الإطلاق»، مؤكداً ضرورة إعادة التوازن للاقتصاد الأمريكي، وإعادة بناء القوة العاملة من خلال التعليم والتدريب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.