مروة جابر وعمر عبدالعلى لن نقول إن 2024 عام الانكسارات العربية، فما يحدث فى ملف الصراع العربى الاسرائيلى يمثل مرحلة من نضال طويل قد تكون اسرائيل قد حققت فيه نجاحات بشكل مرحلى وحققت فيه انجازات تكتيكية ولكنه جولة من مواجهة طويلة مستمرة منذ 75 عاما. وفى هذا الملف حول حصار عام 2024 الذى يغادرنا بعد أيام قليلة محاولة لرصد ما يجرى على صعيد عدد من الدول العربية وكلها ملفات مفتوحة مثل ليبيا التى عانت كثيرا من الانقسامات الداخلية ولكنها بعد حوالى عشر سنوات تسير باتجاه تحقيق مصالحة وطنية، وكذلك السودان الذى يعيش مأساة إنسانية حقيقية بعد الصراع العسكرى بين قوات الجيش الوطنى السودانى وقوات الدعم السريع يدفع ثمنها الآلاف من المدنيين.. ولا يختلف الأمر عن بقية الساحات الخمس فى فلسطين حيث اسرائيل مستمرة فى عدوانها على قطاع غزة حيث نالت الى حد ما من قدرات المقاومة الفلسطينية. أما فى لبنان فقد شهدت جبهات المواجهة هدنة من طرف واحد مع حزب الله ولكن الطريق انفتح امام تنفيذ القرار الدولى 1701 وفى سوريا التى سقط فيها نظام بشار الأسد فى مفاجأة العام فقد استثمرت إسرائيل تلك الظروف لإنهاء قدراتها..وكذلك الوضع فى العراق واليمن. وهذه محاولة لمزيد من التفاصيل.. اقرأ أيضًا| بايدن يواصل التوريدات العسكرية لأوكرانيا السودان .. انتصارات نوعية للجيش وغياب الردع الدولى ل «الدعم السريع» يودع السودان عام 2024 مع تواصل الصراع الدموى الدائر بالبلاد واتساع رقعته بشكل قاد إلى زيادة موجات النزوح الداخلى والخارجى وتفشى المجاعة فى عدة مناطق والأوبئة القاتلة على رأسها الكوليرا، فى ظل غياب فرص السلام مع فشل مبادرات إقليمية ودولية فى إقناع طرفى النزاع باللجوء إلى طاولة التفاوض. ومنذ منتصف أبريل 2023، يعانى السودان من حرب شرسة بين الجيش الوطنى السودانى ميليشيا قوات الدعم السريع خلفت، وفق تقديرات دولية، أكثر من 150 ألف قتيل وملايين النازحين.. ورأى المرصد الأورومتوسطى لحقوق الإنسان أن 2024 كان عامًا مميتًا على كافة الأصعدة بالنسبة للسودانيين. وعلى مدار العام، توالت التحذيرات من المنظمات الدولية والإنسانية بشأن تدهور الأوضاع الإنسانية فى السودان حيث كشف تقرير للجنة الإنقاذ الدولية المعنية بالإغاثة أن الأزمة الإنسانية فى السودان هى الأكبر منذ بدء التسجيل، وأن ذلك البلد الذى يمزقه الصراع يمثل 10٪ من جميع المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية، كما قدرت منظمة إنقاذ الطفولة احتياج أكثر من 30٫5 مليون سودانى لمساعدات إنسانية خلال العام المقبل.. وفى واحدة من أسوأ أزمات المجاعة فى العصر الحديث، أظهر «المرصد العالمى للجوع» أن نطاق المجاعة فى السودان اتسع إلى 5 مناطق، ومن المرجح أن تمتد إلى 5 مناطق أخرى بحلول شهر مايو المقبل. وعلى صعيد المأساة الإنسانية للنازحين واللاجئين، فبينما كانت أعداد النازحين واللاجئين السودانيين فى ديسمبر 2023 نحو 7٫1 مليون نازح ولاجئ وفقا للأمم المتحدة، تضاعف العدد خلال العام 2024 ليتجاوز 14 مليون شخص، بحسب آخر إحصائية صادرة عن منظمة الهجرة الدولية.. ووفقا للإحصائية الأخيرة، هناك 11 مليون نازح داخل البلاد، و3٫1 مليون شخص عبروا الحدود إلى دول مجاورة.. ودائما المدنيون هم من يدفعون أبهظ أثمان أى صراع شرس، إذا روى من تمكنوا من الفرار لمفوضية اللاجئين الفظائع التى مروا بها والمتمثلة فى الإرهاب ونهب المنازل وقد أُجبر الكثيرون على مشاهدة أحبائهم يُقتلون واستهداف الأشخاص على أساس عرقهم وقُتل الرجال والفتيان وحرق جثثهم وتعرض النساء للاغتصاب أثناء فرارهن. وعلى مدى أشهر العام الذى يقترب من نهايته، تواصلت المعارك الشرسة بين الطرفين لتتسع رقعته فى البلاد وتمتد إلى مناطق كانت بعيدة عن مسرح الصراع. فخلال 2024 تواصلت العمليات العسكرية بين الجيش الوطنى السودانى وقوات الدعم السريع فى العاصمة السودانية الخرطوم، وولاية الجزيرة وسط البلاد، فيما أصبحت ولاية سنار مسرحا جديدا للصراع، وأضحت مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور مركزا رئيسيا للمواجهات غرب السودان إذا تحكم قوات قوات الدعم السريع السيطرة عليها منذ مايو الماضى. وتغيرت خارطة السيطرة العسكرية بالعاصمة الخرطوم، إذ حقق الجيش تقدما واضحا ولاسيما فى مدينة أم درمان شمالى الخرطوم، ومالت الكفة العسكرية لصالحه بعدما تمكن من استعادة السيطرة على محلية أم درمان الكبرى.. ووسع الجيش من عملياته فى العاصمة الخرطوم، وشن أواخر سبتمبر الماضى عملية عسكرية أدت لاستعادة السيطرة على مناطق فى وسط الخرطوم وغربى مدينة الخرطوم بحرى. كما انتزع الجيش السودانى والقوات المشتركة المتحالفة معه قاعدة «الزُرق» العسكرية، والزُرق منطقة نائية فى ولاية شمال دارفور تقع فى المثلث الذى يربط الحدود بين السودان وتشاد وليبيا، ويعتبر كثيرون من مراقبى الحرب استرداد الجيش السودانى القاعدة تحولا استراتيجيا فى مسار الحرب يقود إلى تداعيات تزعزع القيادة والسيطرة فى ميليشيا قوات الدعم السريع، مما قد يقرب نهاية الحرب، فيبدو المشهد الآن غاية فى التعقيد، والخيارات أكثر ضيقًا أمام ميليشيا الدعم السريع. وعلى مدى الشهور الماضية، لم تنقطع المؤتمرات الدولية أو الإقليمية، التى هدفت إلى إيجاد حل للأزمة السودانية، غير أن جميعها لم ينجح فى حل الأزمة. وكان آخر تلك المؤتمرات والمفاوضات، هى تلك التى انطلقت فى جنيف بسويسرا، فى أغسطس الماضى. ورغم بقاء أيام قليلة من عمر الإدارة الأمريكية الحالية، فيسعى جو بايدن إلى فرض عقوبات على قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، الملقب بحميدتى، وفق ما كشف 4 مسئولين حاليين وسابقين. ووفقا لصحيفة «بوليتيكو». ليبيا ..طريق مفتوح أمام المصالحة الوطنية وبناء المؤسسات رغم الانقسام بين الفرقاء فى الشقيقة ليبيا، وتزايد مخاوف الليبيين من مستقبل بلادهم فى ظل تغيرات سياسية وحسابات دولية متشابكة، يعتقدون أن دولتهم ليست بمنأى عن مجريات الأحداث على كافة الأصعدة.. ما زال الشعب الليبى وهو على أعتاب عام جديد 2025، يتعلق بطموحات وآمال مشروعة فى الذهاب إلى إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية بعد نجاح منقطع النظير لأول تجربة انتخابية حقيقية له عقب أحداث 2011 تتعلق بالاستحقاقات الأخيرة التى شهدتها البلاد جراء الانتخابات المحلية.. المتابع للمشهد الليبى نهاية العام المنصرم 2024 يستطلع دلالاتٍ مطمئنة أن هناك توافق رؤى وخطواتٍ جادة من جميع الأطراف لإيجاد نهاية لحالة الانقسام السياسى بين جميع الأطياف الليبية، وإنهاء حالة الجمود التى سادت سنواتٍ طويلة وسط تعقيدات دولية وحسابات إقليمية أثرت بالسلب على وضع نهاية للمشهد الليبى المأساوى المنقسم داخلياً وخارجياً كان سبباً فى الوصول إلى بناء دولة القانون والمؤسسات ويمكننا رصد ثلاث دلالات مهمة فى هذا الإطار. الأولى: هذه الدلالات نحو تحقيق الاستقرار على الجانب الليبى يتعلق بمناقشة مجلس النواب الليبى برئاسة المستشار عقيلة صالح وحضور عدد من أعضاء المجلس الأعلى للدولة الليبى مؤخراً مسألة مقترح قانون المصالحة الوطنية وقانون مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، ومقترح قانون بإنشاء الهيئة الليبية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث والاتفاق على توحيد السلطة وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية فى أقرب الآجال، هذا التقارب بين مجلسى النواب والأعلى لدولة يعطى مؤشراً إيجابياً نحو حلقة جديدة من التوافق والتعاون المشترك مما يمهد لفتح قنوات جديدة من التفاهم وتبادل الأفكار نحو الحل السياسى بين الفرقاء الليبيين.. حيث اتفق الجانبان على تأسيس المرحلة التمهيدية التى تهدف إلى إعادة تشكيل السلطة التنفيذية وفقاً للمادة «4» من الاتفاق السياسى الليبى، مع تحديد صلاحيات كل من المجلسين، وتشكيل لجنة مشتركة لمراجعة آلية الاختيار المُقترحة فى القاهرة وتقديم مقترحات للتعديل.. كما تم الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة لوضع معايير وآليات لتوزيع عادل لميزانيات التنمية على المحليات، ودعم كفاءة الهياكل المحلية.. وشمل الاتفاق أيضاً تشكيل لجنة مشتركة للتواصل مع لجنة «5+5» المعنية بالملف الأمنى وتقديم خطة لدعم عملها. تلك التطورات المهمة على الساحة الليبية سوف تُترجم فعلياً فى الاجتماع الذى سيعقده المجلسان النواب والأعلى للدولة فى مدينة درنة شرقى البلاد فى 19 يناير المقبل، لإصدار الاتفاق النهائى للمرحلة التمهيدية والإعلان عن بدء تنفيذ نتائج عمل اللجان. الثانية: فيما طرحه المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبى من خطاب له بمناسبة الذكرى 73 لاستقلال ليبيا عن إيطاليا، وتأكيده أن الظروف اليوم باتت أكثر إلحاحاً لتكاتف الجهود المحلية والدولية على حد سواء للعمل على مشروع جاد يتجنب تكرار التجارب الفاشلة، مضيفاً: أنه يجب العمل على بناء دولة الدستور التى تواكب متطلبات العصر وتطوره. الثالثة: على حدوث انفراجة فى الأزمة الليبية نحو الاستقرار، فتتعلق بالسعى الأممى الحثيث نحو التهدئة وكسر جمود التسوية السياسية من خلال المبادرة التى طرحها عبدالله باتيلى مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، وتتعلق بالتوافق بين جميع الأطراف الليبية بغية التوصل إلى تسوية سياسية.