تحول سوق العطور في مصر من مجرد سوق للبيع إلى منصة للإبداع والابتكار، العطور فيه ليست مجرد روائح، بل جزء لا ينفصل عن التراث والهوية المصرية، حيث تلتقى الأصالة بالحداثة لتخلق تجارب عطرية فريدة تلامس الروح والحواس. ◄ الذوق تغير من العنبر والمسك إلى الفانيليا والأزهار ◄ توقعات بأن تصل إيرادات سوق العطور بمصر ل8.14 مليون دولار وتحظى العطور بمكانة خاصة فى حياة المصريين، حيث تمثل أكثر من مجرد منتج تجميلى، بل رمزاً للهوية والثقافة مع تغير الذوق العام وتحديات السوق، تبقى القدرة على الابتكار والتكيف مع متغيرات الاقتصاد والمجتمع هى المفتاح لضمان استمرار هذا القطاع المزدهر. يعد مجال العطور في مصر واحدًا من أبرز القطاعات التى تعكس مزيجًا فريدًا بين الثقافة والتقاليد والتوجهات الحديثة، كما يقول الدكتور أحمد خبير صناعة العطور، مضيفًا: مصر منذ أيام العصور الفرعونية وهى رائدة فى هذا المجال، والعطور ليست مجرد منتج تجميلى أو وسيلة للتعبير عن الأناقة، بل عنصر متجذر فى حياة المصريين، وتعبر عن الذوق العام وترتبط بالتراث الثقافى والطقوس الاجتماعية. وينقسم سوق العطور في مصر إلى ثلاثة أقسام رئيسية هى: ◄ العطور الأصلية: تتميز بجودتها العالية وتنوع مكوناتها الطبيعية والمصنعة بعناية، تستورد معظم هذه العطور من العلامات التجارية العالمية الكبرى المشورة بجودتها، وعلى الرغم من أن هذه العطور تعد خيارًا فاخرًا، إلا أن سعرها المرتفع جعلها محصورة غالبا بين شريحة محددة من المجتمع. ◄ العطور المركبة: وهى تنقسم إلى قسمين رئيسيين، «عطور تركيب عادية» وتكون زهيدة السعر فقط دون النظر إلى الجودة، وتعبأ فى زجاجات عادية رخيصة الثمن، ولا تكون مغلفة، وكثيرًا ما يلجأ ضعاف النفوس لاستخدام زيوت وكحول رديء فى تصنيعها. والقسم الثانى هو «عطور محاكاة» وفيها يتم محاولة الوصول لأقرب درجة من العطر الأصلى، ولكن لا يتساوى بالطبع مع العطر الأصلى، بل يكون مقاربا له فى الرائحة وجودة الخامات، ويعبأ فى عبوة أنيقة وبتغليف جميل والزجاجة عليها لوجو خاص بها ولا يتم استخدام العلامة الأصلية أو العبوة الأصلية. وتقوم دور العطور المتخصصة في محاكاة الأنواع الأصلية باستخدام أجود خامات يتم استيرادها من الخارج وتستخدم أجود أنواع الكحول الإيثيلى الطبى الآمن عادة بدرجة 96، وأيضًا تلك الدور تقوم بصناعة عطورها المبتكرة الخاصة بها هى وليس تقليدا لبراندات أخرى ما يعطى العميل الإحساس بالتفرد وأنه استخدم عطرا جديدا تماما غير مألوف. وانتشرت فى مصر مؤخرًا عطور تقدم فى زجاجات أصلية وعبوات أصلية، لكنها عطور قاموا بتركيبها وليس لها أى علاقة بالعطر الأصلى، حيث إنه لا يوجد ما يُسمى عطور تستر أو توالف شحن ولا يوجد عطر أصلى بسعر زهيد أقل بنسبة 90% عن الأصلى. وأخيرًا تتنوع جودة العطور التركيب والمحاكاة بناءً على المواد المستخدمة ومهارة الصانع، وتتيح للمستهلكين فرصة تجربة روائح مميزة بأسعار معقولة، حيث إن العطور هى صناعة وصناعة هامة تحكمها مقاليد دولية ومنظمات تنظم هذا العمل مثل منظمة ifra الخاصة بتنظيم العمل فى العطور والمواد المستخدمة والخامات وما يطلق عليه «الأكورد» الخاص بكل رائحة، وذلك فى مقالات دورية وتنبيهات دورية تصدر من المنظمة بشكل مباشر لشركات ومصانع الزيوت العطرية فى العالم أجمع، وذلك لتنظيم هذا السوق وأيضا للحفاظ على الموارد الطبيعية واستبدالها بأخرى صناعية بنفس الجودة للحفاظ على البيئة، لأن صناعة العطور فى النهاية هى علم ومجال متعدد الأوجه تدخل فيه الكيمياء والذوق. ◄ حجم سوق وفقا لتقارير شعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية، تشير الإحصائيات والأرقام، إلى أن حجم سوق العطور فى مصر يوفر فهما لكيفية سير السوق وما هى التوجهات الاستهلاكية التى تشكل هذا السوق النابض بالحياة.. وقد شهد هذا السوق نموًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة ما يعكس التطور المستمر فى هذه الصناعة، حيث بلغ معدل النمو السنوى لهذا السوق 7.95%، وتعكس هذه الزيادة بوضوح ارتفاع الاهتمام بالعطور بمختلف أنواعها «الفاخرة والعادية»، الأمر الذى يسهم بشكل مباشر فى توسيع قاعدة المستهلكين وتعزيز النمو فى هذه الصناعة. ومن النقاط الرئيسية اللافتة فى سوق العطور فى مصر: الطلب المتزايد: يدفع الاهتمام المتزايد بالعطور الفاخرة والمكونات عالية الجودة النمو فى السوق. الابتكار والتوسع: تسعى الشركات المصنعة للعطور إلى ابتكار منتجات جديدة وتوسيع تواجدها فى السوق. التجارة الإلكترونية: تلعب المبيعات عبر الإنترنت دورا متزايد الأهمية فى توزيع العطور، ما يوفر سهولة الوصول للمستهلكين فى المنطقة. ومن المتوقع أن تصل إيرادات سوق العطور فى مصر ل8.14 مليون دولار، وسيكون معدل النمو السنوى المركب خلال فترة (2024-2029): 6.67%، مع توقعات بوصول حجم سوق العطور فى مصر إلى 11.24 مليون دولار بحلول عام 2029. ◄ اقرأ أيضًا | مخاطر استخدام العطور المقلدة وتأثيرها على الصحة ◄ الذوق المصري كما أنه من المتوقع أن يصل عدد مستهلكى العطور فى مصر إلى 6.7 مليون مستخدم بحلول عام 2029، ليزداد من 4.5% فى عام 2024، إلى 5.5% بحلول عام 2029. شهد الذوق العام للمصريين تغيرات واضحة خلال السنوات الأخيرة، ففى السابق كانوا يميلون إلى النوتات العطرية الشرقية مثل «العود» و«العنبر» و«المسك» التى تتناسب مع الطابع الثقافى التقليدى، أما الآن، فقد اتجهت شرائح كبيرة من المجتمع نحو الروائح الغربية والعصرية مثل الفواكه الحمضية، الفانيليا والأزهار الخفيفة، وهذا التغير يعكس تأثر المجتمع المصرى بالعولمة وانتشار وسائل التواصل الاجتماعى التى ساعدت فى تعريف المستهلكين بالعلامات التجارية العالمية وأنماط الحياة الحديثة. ووفقا لآراء الخبراء ومحلات العطور فى أسواق العتبة والأزهر والتجمعات التجارية بمدينة نصر والتجمع الخامس والبازارات التى تقام فى كبرى الأندية، فإن المصريين يفضلون حاليا النوتات العطرية التى تعكس مزيجا من الأصالة والحداثة والنوتات الحمضية مثل البرغموت والليمون والنوتات الزهرية مثل الياسمين والورد، أصبحت الخيار الأكثر شيوعا بين الشباب، أما الجيل الأكبر سنا، فلا يزال يفضل النوتات الخشبية والتوابل مثل خشب الصندل والقرفة. والحقيقة أن سوق العطور فى مصر يتأثر بشكل كبير بالأوضاع الاقتصادية، حيث شهدت الأسعار ارتفاعًا ملحوظًا نتيجة زيادة تكلفة الاستيراد والضرائب، ما دفع الكثير من المستهلكين للبحث عن بدائل اقتصادية. ◄ سوق العطور 2025 ومن المتوقع أن يشهد سوق العطور خلال العام الحالى تطورات ملحوظة لتعكس هذه التغيرات تفضيلات المستهلكين والابتكارات فى صناعة العطور.. كما يضيف «الدكتور أحمد حمدى.. الخبير فى مجال صناعة واستيراد العطور وعضو شعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية» فإن أبرز الاتجاهات المتوقعة هى: ◄ العطور المستوحاة من المأكولات والمشروبات: حيث ستستمر العطور المستوحاة من النكهات الغذائية فى الانتشار، مع التركيز على روائح مثل الكرواسون بالزبدة، بالإضافة لمشروبات المقاهى كالماتشا واللاتيه الكريمي، والبيستاشيو، والكافيه لاتيه وغيرها. ◄ تطور فئة «النيو جورماند»: ستشهد فئة العطور الحلوة تطورا نحو «النيو جورماند»، حيث يتم دمج النوتات الحلوة التقليدية مع عناصر أكثر تعقيدًا ورقيًا مما يخلق تجارب عطرية جديدة ومميزة. ◄ زيادة شعبية العطور اللبنية والقهوة: ستكتسب العطور المستوحاة من الحليب والقهوة رواجًا أكبر، مع تركيبات تجمع بين نوتات الفانيليا والأخشاب الناعمة.. مع نوتات القهوة والكابتشينو ما يضفى دفئا وراحة على المستخدمين. ◄ استمرار رواج النوتات الفاكهية والزهور الحديثة: ستظل النوتات الفاكهية، خاصة الفواكه ذات المذاق المر قليلا مثل البرقوق والكرز، مفضلة لدى المستهلكين، كما ستعود النوتات الزهرية، مع تقديم تفسيرات حديثة لنوتة الورد. تقنيات جديدة لزيادة ثبات العطور: ستسهم التقنيات الحديثة فى تحسين ثبات العطور، مما يلبى رغبة المستهلكين فى الحصول على روائح تدوم لفترات أطول. انتشار العطور المحايدة جنسيًا: ستزداد شعبية العطور التى تتجاوز التصنيفات التقليدية للنوع مثل عطور رجالية وعطور نسائية، حيث تقدم روائح تناسب الجميع بغض النظر عن النوع. التركيز على الاستدامة والمكونات الطبيعية: مع تزايد الوعى البيئى، ستتجه العلامات التجارية نحو استخدام مكونات مستدامة طبيعية وصناعية، مما يلبى تطلعات المستهلكين المهتمين بالبيئة. العطور المصممة للشعر: ستصبح عطور الشعر اتجاها بارزا، حيث تقدم فوائد مزدوجة من حيث العناية بالشعر وتوفير رائحة جذابة. دخول علامات الأزياء الفاخرة إلى سوق العطور بصورة أكبر: ستشهد السوق دخول مزيد من علامات الأزياء الفاخرة بمجموعة متنوعة من العطور، بهدف جذب قاعدة أوسع من المستهلكين الباحثين عن التميز والفخامة.