تعد صناعة العطور واحدة من أهم وأقدم الصناعات فى الوطن العربى، لذا تميزت بالأصالة والعراقة والتاريخ، هذا فضلا عن الإجادة فى التصميم والابتكار، ونظرا لأهميتها الاستثمارية تمكنت العديد من الدول العربية من اقتحام مجال المنافسة العالمية وتحقيق مكانة متقدمة بها، لأنها تعد واحدة من أهم الأنواع التجارية الأكثر ضمانا من الناحية الربحية بين الكثير من الاستثمارات، وعلى الرغم من العديد من المميزات التى تتمتع بها، لا تزال تعانى من بعض المشاكل، إضافة إلى احتياجها للرعاية والاهتمام من قبل الدول العربية، وهو ما حاولت سيدة الأعمال المغربية زليخة الغلاب والتى تمكنت من اقتحام هذا المجال لتصبح واحدة من أهم صناع العطور فى العالم وإفريقيا والوطن العربى أن تضع يدها عليه خلال حوارنا معها، فقدمت صورة متكاملة عن هذا الاستثمار المميز الفريد . بداية هل تشكل صناعة وتجارة العطور استثمارا جيدا فى الوطن العربى؟ هناك فرق بين الصناعة والتصميم والتسويق، مجال تخصصى فى المحرك العام لمجال العطور هو الإبداع والتصميم وهو المجال الذى اقتحمته كأول عربية وإفريقية وسط كبار مصممى العطور فى العالم الذين يوجد أغلبهم فى فرنسا، وبشكل عام العالم العربى ودول الخليج خاصة مشهود لها بصناعة العطور التقليدية مثل المسك والعنبر ودهن العود، والتى تعتبر بدورها من أغلى أنواع العطور فى العالم وتجارتها والإنفاق عليها حسب بعض المهتمين يتجاوز أربعة مليارات دولار سنويا فى المملكة العربية السعودية فقط، هذا الرقم يؤكد أن تجارة العطور تحقق استثمارا جيدا فى العالم العربي، نحتاج فقط تطوير تصميماتنا والإبداع فيها لمزج ما هو تقليدى بما هو عصرى لمنافسة كبريات العلامات التجارية العالمية. ما تقييمك للمشاركة العربية لهذه الصناعة؟ يجب أن يعرف الجميع بأن المواد الأساسية لصناعة العطور موجودة بكثرة فى العالم العربى، وهى المكون الأساسى لكبريات الشركات العالمية لصناعة العطور، فالمغرب مثلا يعتبر ثانى دولة فى العالم منتجة للورود التى هى أساس كل عطر، أمام هذه المعطيات سنعتبر أن العالم العربى يشارك بقوة فى تزويد السوق العالمية بالمواد الأولية التى تستعمل فى صناعة العطور. وماذا نحتاج نحن العرب لنرتقى بها؟ ما نحتاجه فى الوطن العربى هو اعتبار العطور صناعة من الصناعات العالمية التى تجلب الأرباح، مع الحرص على توفير الأرضية للتشجيع على اقتحامها عبر تخصيص وحدات صناعية وتأسيس معاهد للتكوين فى هذا المجال، لأن صناعة العطور علم من العلوم ولتطويره فى المستقبل يجب أن يلتحم التصميم والإبداع مع التكوين والصناعة. وهل تعد من عناصر الجذب للمستثمرين العرب؟ أظن أن الأرقام التى يتناولها مجموعة من المتخصصين فى مجال العطور تؤكد أنها تجذب المستثمرين فى شقه الترويجى والتجاري، لكننا نحتاج إلى التركيز على جانب التصميم والإبداع والصناعة بعلامات تجارية عربية خالصة مئة فى المئة وهذا أمر مهم جدا وضرورى . وهل العمل بها مربح أم أنها من الاستثمارات الراكدة عربيا؟ لا اظن أن العمل فى مجال العطور يشهد ركودا فى العالم العربى، بل بالعكس الأرقام المعلنة تؤكد أنها تشهد ارتفاعا نوعيا، فالمملكة العربية السعودية حسب بعض الدراسات تحتل المركز الأول من ناحية الاستهلاك تليها الإمارات العربية المتحدة والدراسة تتكلم عن العطور الفاخرة الطبيعية، جمهورية مصر كذلك تشهد استقرارا فى سوق العطور، واستهلاك المغرب من العطور الفاخرة فى تزايد حسب الأرقام المعلنة من طرف مكتب الصرف، وهو ما يؤكد أن الاستثمار فى مجال العطور يعرف نهضة فى العالم العربى ويحقق أرباحا ويجب الاعتناء به. موقع الوطن العربى من المنافسة العالمية؟ الوطن العربى معروف بصناعة العطور الطبيعية ولا يستطيع أحد منافسته عليها، وهناك علامات تجارية عالمية بدأت تستلهم عطورها من العطور العربية، هذا فضلا عن العلامات التجارية العربية والتى لها مكانتها فى السوق العالمية. وأهم ما يميزنا نحن العرب؟ أهم ما يمز العطور العربية بأنها مصنوعة من الزيوت الطبيعية وأغلبها خال من المواد الكيماوية، وهذه درجة مهمة جدا من درجات الجودة والتميز فى عالم هذه الصناعة . هل تجارة العطور قديما كانت أكثر ازدهارا، وكان العرب أكثر شهرة بها أم العكس؟ يجب أن يعرف الجميع أن أغلب طرق صناعة العطور فى أوروبا هى موروث عربي، فقط أنهم صنفوها من بين العلوم واجتهدوا فى تركيباتها، واكتسحت علاماتهم العالم ليس لجودتها ولكن فى التفنن فى تصميمها وتسويقها، وتجارة العطور أو استعمالها فى القديم كان مخصصا لأثرياء القوم والأمراء، وكانت تخصص مختبرات سرية لصناعتها، والعرب أول من أبدعوا واشتهروا بصناعة العطور من مواد طبيعية. ما تقييمك للدعم العربى المقدم لهذا النوع من الاستثمارات ؟ يكفينا وجود عطور عربية تنافس العطور العالمية فى الأسواق لمعرفة أن هناك إرادة عربية لدعم تطوير وتقدم هذا النوع من الاستثمارات، ويجب أن نطمح إلى العالمية فى مجال صناعة العطور، فنحن تتوافر لدينا كل الإمكانات المطلوبة للنجاح ولتطوير القطاع. وهل تحتاج إلى بعض الرعاية وما نوع الرعاية المطلوبة؟ كأى قطاع استثمارى ليتطور وينجح يحتاج للرعاية والتطوير ومجال العطور يحتاج لرعاية خاصة، خصوصا أن زبائنه من الطبقة الراقية والثرية قبل أن تكون للعموم، نحتاج لمختبرات بحث متطورة فى مجال الأزهار والورود وكل المواد الأولية التى تستعمل فى صناعة العطور، نحتاج للزيادة فى عدد البساتين المخصصة لهذا النوع من الزراعة، هذا فضلا عن احتياجنا لخطط للتسويق والإعلان ليعرف الجميع أن العرب كانوا أول من أبدعوا فى صناعة العطورو مازالوا. ما أهم المشاكل التى تقف أمام صناعة العطور فى الوطن العربى؟ عملية التسويق ضعيفة مقارنة مع مثيلاتها فى أوروبا، فنسبة كبيرة من مداخيل صناعات العطور عند الغرب تستثمر فى التسويق ودراسة السوق والإعلان، عكسنا نحن فى العالم العربى، وهناك مشاكل أخرى مرتبطة بالتقليد وتزييف الماركات والعلامات، وهذا بالتأكيد يؤثر حتما على العلامة الأصلية وجودة العطر. وما أهم وأكثر الدول العربية اشتهارا بهذه الصناعة؟ دولة الإمارات العربية المتحدة لها دور كبير فى هذه الصناعة، حيث تلعب دورا إقليميا كبيرا فى التصدير لكل أنحاء العالم، تليها المملكة العربية السعودية فى مجال العطور الطبيعية. موقع المغرب من حيث الاستثمار بها؟ المغرب يتصدر المرتبة الثانية عالميا بعد تركيا فى تنمية النباتات العطرية والطبية، وله مكانة متميزة فى السوق العالمية خصوصا فرنسا، وله رصيد مهم من هذه النباتات نظرا للمناخ الذى يتمتع به، لكن أغلب هذه الاستثمارات هى نباتية وتمون السوق العالمية، وحان الوقت للتفكير فى خلق وحدات صناعية مغربية عربية كبيرة لصناعة العطور ثم الالتحاق بالسوق العالمية.