«تعب شديد.. إرهاق.. صعوبة في التنفس.. تكسير في الجسم»، وغيرها من الأعراض التي ازدادت الشكوى منها مؤخرا بسبب إصابة العديد بعدوى فيروسية، وقد يعتقد البعض أن هذه الأعراض قد تكون ناتجة عن وجود متحور جديد لفيروس كورونا.. ما حقيقة هذا الأمر؟ وهل هناك حاجة للقلق؟ في هذا التحقيق نلقى الضوء على أبرز التفسيرات العلمية لهذه الأعراض، وكيفية التعامل مع أدوار البرد المنتشرة حالياً، بالإضافة للنصائح الطبية اللازمة للوقاية والعلاج وفقًا لآراء الخبراء المختصين. ◄ «الصحة» تنفى ظهور متحور جديد ◄ الأطباء يحذورن من «حقنة البرد»: مضاعفاتها خطيرة وسط مخاوف من وجود فيروسات متحورة، نفت وزارة الصحة حقيقة ما يتم تداوله حول انتشار فيروسات مجهولة تصيب الجهاز التنفسى، فقد تم التأكيد أنه لا صحة لهذه الشائعات، ولم يتم رصد أى أمراض بكتيرية أو فيروسية جديدة أو متحورات غير معروفة، وأن الوضع الوبائى فى مصر مستقر وتتم متابعته بدقة. ويوضح الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث الرسمى لوزارة الصحة، أن انتشار الفيروسات التنفسية، مثل الإنفلونزا الموسمية ونزلات البرد، يزيد خلال فصل الشتاء، خاصة فى الفترة بين شهرى نوفمبر ومارس، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل تسهم فى ارتفاع معدلات الإصابة بالعدوى، أبرزها البقاء فى أماكن مغلقة لفترات طويلة يسهل انتقال الفيروسات بين الأفراد، وأيضا بسبب الرطوبة المنخفضة المصاحبة للأجواء الباردة، مما يُضعف مناعة الجهاز التنفسى ويزيد فرص الإصابة، وكذلك كثرة الاختلاط بالأشخاص فى الأماكن المغلقة والمزدحمة يعزز من انتشار الفيروسات التنفسية، فضلا عن قلة التعرض لأشعة الشمس والتى تقلل مستويات فيتامين "د"، وهو ما يضعف جهاز المناعة. ◄ الوضع الوبائي ويؤكد عبدالغفار أن وزارة الصحة تتابع الوضع الوبائى بدقة من خلال أنظمة الترصد المنتشرة فى 542 مستشفى بجميع المحافظات، ويتم من خلال هذه الأنظمة مراقبة الفيروسات التنفسية المختلفة، مثل فيروس الإنفلونزا الموسمية والفيروس المخلوى التنفسى، وذلك عبر إجراء الفحوصات المخبرية للتعرف على طبيعة الفيروسات المنتشرة ونسب الإصابة، مشيرًا إلى أنه لا توجد زيادة مقلقة فى أعداد الإصابات مقارنة بالأعوام السابقة. كما يتم جمع عينات من المرضى المصابين بأعراض تنفسية وتحليلها فى المعامل المركزية للكشف عن أى تغييرات أو فيروسات جديدة محتملة، حرصًا على حماية الصحة العامة وضمان التعامل السريع مع أى تطورات. ◄ المتحور الجديد من جانبه، يوضح الدكتور أمجد الحداد، استشاري الحساسية والمناعة بالمصل واللقاح، أنه على الصعيد العالمى يوجد حالياً متحور جديد، إلا أنه لم يثبت وصوله إلى مصر حتى الآن، منوها إلى أنه فى نفس التوقيت من كل عام، يشهد العالم انتشاراً ملحوظاً للعداوى الفيروسية التى تشمل عدوى البرد، الفيروس الغدى، الفيروس المخلوى، فيروس كورونا، والإنفلونزا، ويصعب التمييز بينها بشكل كامل لأن الأعراض تتشابه بنسب تصل إلى 80%. كما أن هذه العداوى تزداد معدلات انتشارها كل عام بفعل التقلبات الجوية التى تتمثل فى ارتفاع وانخفاض درجات الحرارة، ما يسهم فى تسريع انتشارها، وتعد الإنفلونزا هى الفيروس الأكثر انتشاراً سنوياً، بينما لا يزال فيروس كورونا موجوداً عبر متحوراته السابقة، ومن حسن الحظ أن حدة المتحورات السابقة قد أصبحت أقل مقارنة بالموجات الأولى والثانية، مما أدى إلى ضعف حدوث المضاعفات، رغم استمرار قدرته على الانتشار. وقد ساعدت المناعة المجتمعية التى اكتسبها الأفراد واللقاحات فى تقليل شدة المرض، حتى أصبحت الإصابة بفيروس كورونا أقرب إلى الإصابة بنزلات البرد. ◄ أعراض الإصابة وتأتى الإصابة بنزلات البرد نتيجة التعرض لفيروس ضعيف يتسبب فى ارتفاع طفيف فى درجة الحرارة، ويصاحبه زكام واحتقان فى الحلق. أما الإنفلونزا، فهى مرض أكثر شدة يستدعى الراحة فى المنزل، وتشمل أعراضها شعوراً بتكسير فى الجسم، ارتفاع كبير فى الحرارة، صعوبة فى التنفس والسعال. أما بالنسبة لفيروس كورونا، فإنه أصبح يشبه نزلات البرد إلى حد كبير، مما يجعل من الصعب التفرقة بينهما، ومن نعمة الله سبحانه وتعالى أن التعافى منها يتم عادةً بشكل تلقائى بمجرد الراحة وشرب السوائل وتناول الفيتامينات وخافضات الحرارة. ومع ذلك، تبقى المخاوف الأكبر بالنسبة لكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، الذين قد يعانون من مضاعفات أكثر خطورة. ويشير الحداد إلى أن فترة الإصابة بالأدوار التنفسية المنتشرة تتراوح عادة بين 3 إلى 5 أيام، إلا أنه فى بعض الحالات قد يكون الدور شديداً ويتسبب فى مضاعفات أخرى، مثل النزلات الشعبية الحادة، التى تشمل السعال وصعوبة فى التنفس. وعلاج هذه الحالات يختلف؛ فقد يحتاج المصاب إلى موسعات شعبية، مضادات التهاب، وبخاخات، فى حين يتم وصف المضاد الحيوى بناءً على تقييم الطبيب فى حال تحول العدوى الفيروسية إلى عدوى بكتيرية. ◄ الوقاية وللحماية من هذه العدوى، تعتبر أول خطوة هى الحصول على لقاح الإنفلونزا للوقاية من فيروس الإنفلونزا الذى يعد من أخطر الفيروسات، ليساعد فى تقليل شدة الأعراض. إضافة إلى ذلك، يجب الاهتمام بالتغذية الجيدة، والإكثار من تناول الأطعمة الطبيعية التى تحتوى على فيتامين C، مثل الجوافة، البرتقال، والليمون. كما يُنصح بارتداء الكمامة فى أماكن التجمعات، وارتداء الملابس القطنية الثقيلة، وتجنب استخدام الدفايات فى المنزل لتفادى انتقال تيارات الهواء المختلفة التى قد تعرض الجسم للإصابة بنزلات البرد. ◄ حقنة البرد كما يحذر الدكتور أمجد من استخدام «حقنة البرد»، التى تتكون من مزيج من المضادات الحيوية والمسكنات والكورتيزون، مشيرًا إلى أنها تشكل خطراً على أعضاء الجسم، مؤكدًا على أن نزلات البرد لا تعالج بالمضادات الحيوية، وإنما ما تحدثه هذه الحقن مجرد شعور مؤقت بالراحة، كما حذر أيضا من تناول المضادات الحيوية مع النزلات الفيروسية، لأنها تضعف المناعة وتقتل البكتيريا النافعة في الجسم، وفى حال حدوث عدوى بكتيرية حقيقية، قد لا يكون للمضاد الحيوى التأثير المطلوب. ◄ إصابات الأطفال من جانبها، تتحدث الدكتورة سارة فوزي، استشارية طب الأطفال وحديثي الولادة بالمركز القومي للبحوث، عن أن التغيرات المناخية بين الخريف والشتاء تهيئ بيئة خصبة لنشاط العديد من الفيروسات، وأبرزها فيروس الإنفلونزا الموسمية، لذا فهى تشدد على أهمية تناول لقاح الإنفلونزا الموسمية، خاصة للأطفال الذين يعانون من حساسية الأنف، الصدر، أو الجيوب الأنفية، حيث يساعد اللقاح على تقليل فرص الإصابة بنزلات البرد ومضاعفاتها، مما يقلل الحاجة للتدخل الطبي، كما تنصح الأهالى باستشارة الطبيب قبل إعطاء اللقاح للتأكد من مناسبته لحالة الطفل الصحية. ◄ فيروس النورو وتشير إلى أن هناك بعض الفيروسات الأخرى التى قد تصيب الأطفال في هذا الوقت من العام، ومن الفيروسات التي ظهرت بشكل ملحوظ فيروس «النورو»، والذي يتسبب فى إسهال شديد، قىء، آلام بالجسم، وأحيانًا طفح جلدي، وعلاجه يعتمد على الراحة التامة وتعويض السوائل المفقودة، مع الاهتمام بغسل اليدين باستمرار لتقليل فرص العدوى بين أفراد الأسرة. ◄ مرض اليد والقدم والفم وتتحدث أيضًا عن انتشار مرض اليد والقدم والفم، وهو عدوى فيروسية شائعة تظهر على هيئة بثور حول الفم واليدين والقدمين بعد أيام من ارتفاع شديد في الحرارة تصل إلى 39 أو 40 درجة،وتوصى بعزل الطفل المصاب وتطهير الأماكن المحيطة به، مع التأكيد على عدم استخدام المضادات الحيوية التى لا تعالج الفيروسات، والاكتفاء بخوافض الحرارة ومضادات الالتهاب التى يصفها الطبيب. ◄ الالتهاب الوردي وتلفت أيضًا إلى فيروس الالتهاب الوردى، الذى ينتشر بين الأطفال، خاصة فى عمر العامين، يعتبر من الفيروسات البسيطة التى لا تسبب ضررًا كبيرًا،ويتميز بظهور طفح جلدى يغطى الجسم بالكامل، مع احتمالية ارتفاع درجة الحرارة لمدة 24 ساعة. ينصح بعدم اختلاط الطفل المصاب بالآخرين، والاهتمام بالتغذية الجيدة لتقوية مناعته. كما تحذر من استخدام كريمات تحتوى على مواد حافظة لتجنب تهيج الطفح، وتوصى بمتابعة الطفل مع الطبيب فى حال ظهور أعراض إضافية مثل الإسهال أو تورم الجفون. ◄ فيروس RSV وتضيف أن فيروس RSV ينتشر بكثرة خلال فصل الشتاء، وتشبه أعراضه الإنفلونزا، مثل الرشح، ارتفاع الحرارة، والكحة، خاصة بين الأطفال المصابين بحساسية الصدر، يستمر المرض عادة من 7 إلى 10 أيام، وتشدد على ضرورة استشارة الطبيب للحصول على العلاج المناسب والابتعاد عن المضادات الحيوية. ◄ أمراض بكتيرية وتوضح أنه مع انتشار الفيروسات، قد تظهر أيضًا بعض الأمراض البكتيرية مثل التهاب الجيوب الأنفية المزمن والتهاب اللوزتين، مما يتطلب استشارة الطبيب للتشخيص السليم والتفريق بينها وبين نزلات البرد العادية. وتشير إلى أن بعض الفئات تكون أكثر عرضة للإصابة بهذه الفيروسات، مثل الأطفال الذين يعانون من السمنة، الأنيميا، الأمراض المزمنة، والأمراض السرطانية، كما أن الأطفال تحت سن الخامسة يكونون أكثر عرضة للإصابة المتكررة بسبب ضعف المناعة الناتج عن عدم اكتمال تكوينها. ◄ توصيات هامة وتختتم: للوقاية من هذه الأمراض يجب الاهتمام بتهوية المنازل والفصول الدراسية، وتعريض الأطفال للشمس يوميًا، وغسل اليدين باستمرار، كما تشدد على التغذية الصحية التى تشمل الخضراوات، الفواكه، البروتينات، والابتعاد عن السموم البيضاء مثل السكر، الملح، والدقيق، وتؤكد على أهمية الرضاعة الطبيعية لدعم مناعة الأطفال الرضع، وتعليم الأطفال تناول وجبات متوازنة مع السوائل الدافئة.