قبل 15 عاما تصادفت بشاعر شاب من «موسكو» فى أتيليه القاهرة، سألته: هل القراء فى روسيا أيضا يفضلون الروايات؟.. وكان رده: نعم، فقلت له: وكيف تتصرفون؟، قال: بسيطة.. نستبدل كلمة «ديوان» على الغلاف، ب«رواية» لنجر رجل الزبون! منذ 25 عاما أصدر الدكتور جابر عصفور كتابه «زمن الرواية»، ما اعتبره البعض فى حينها مبالغة، وهم يقللون من احتمالية هيمنة جنس أدبى بعينه، وإقصاء بقية الأجناس الأخرى، لكنهم سرعان ما انتبهوا إلى صدق نبوءة الدكتور عصفور، وهم يشاهدون الشباب يبحثون عن الروايات فى كل مكان وبأى ثمن. تجار النشر كانوا - وما يزالون- الرابح الأكبر، وهم يجنون ثمار سياسة القطب الواحد، بعد تنصيب الرواية على العرش، وإسقاط إمبراطورية الشعر وممالك القصة، استغلوا ارتفاع أسهم الرواية فى بورصة الأدب، بالتفتيش فى أدراج المبدعين عن روايات، أى روايات، من أجل طباعتها والحصول من خلفها على مكاسب بالجملة. كان من الممكن أن يلجأ الشعراء فى مصر للحيلة الروسية، لتمرير قصائدهم إلى القراء، ولكن ما حدث أن غالبيتهم قررروا ركوب الموجة، وإجراء عملية «تحويل مسار»، ليصبحوا من كتّاب الرواية ، تحت شعار «مفيش حد أحسن من حد»! أما المسابقات الأدبية فى الخليج والتى يحصل فيها الفائزون على مبالغ مالية كبيرة، فقد ألغت خانة الانتماء الأدبى لدى معظم المبدعين، رواية ماشى، شعر ماشي، مقال ماشى.. مسرح ماشى «المهم القرشين»، و«اللى تغلب بيه إلعب بيه».