ابتكرت الأديبة تاميران محمود فى مجموعتها القصصية الأولى «نداهة المنيل»، شخصيات عادية، نقابلها فى حياتنا اليومية، تحاول أن تجعلهم أساطير كما نراهم فى الحكايات الشعبية، أبطال قصصها تحول مسار شخصيات إلى مسار آخر، مثل قصة «نبوية» تحكى عن امرأة تعمل فتاة ليل، يكتشفها الفنان التشكيلى محمود سعيد، وتصير موديلا للوحاته، تشعر بوجود صراع بين أشخاص ذوي عوالم مختلفة كل شخص يرغب فى شد الطرف الثانى إلى عالمه، تحدثنا تاميران عن العمل الصادر عن بيت الحكمة فى السطور التالية.. هل مجموعة «نداهة المنيل»، تحويل شخصيات عادية إلى أبطال قصص شعبية؟ بالفعل تمنيت أن يظهر هذا فى المجموعة ككل، فالأبطال الشعبيون الذين احتفظت بهم الذاكرة والسير الشعبية قديمة، ونظن أنها انقطعت عند النقطة المروية، ولم يعد فى الواقع أبطال، ولكنى أرى عكس هذا يمكنك أن تصيغ قصتك البسيطة، وتجعلها مؤثرة بالشكل الذى يترك أثرا واضحا فى حياة من حولك. ودائما ستجد أن حياتنا ترتبط بشخصيات بالرغم من بساطتها إلا أنها تترك أثرا عميقا فى طريقة تفكيرك، أو مواقفك. علاقات شخصيات قصصك ببعض بينها شد وجذب، لماذا يحدث هذا الصراع بينهم؟ العالم اليوم يعيش فى حلقات متصلة من الصراع لبعضها أشكال نافعة، وبعضها صراعات مميتة، والكتابة يجب أن تعبر عن العالم، ومخاوف الانسان فيه ،وأظن أن أكثر ما يحكم الانسان الآن ،ويقلقه فى الحياة هو الصراع حول المادة والسلطة. يعيش فى حلقات متتابعة ومتداخلة من الصراع لا يستطيع مواجهتها دون أن يعرف نفسه جيدا ،وظهر هذا فى المجموعة كخط درامى يجمع كل القصص. يحاول كل شخص داخل مجموعتك، تحويل شخص آخر إلى نسخة أخرى مختلفة، متى يتحول الإنسان إلى شخص آخر؟ نحن نكتسب من الآخرين أحيانا سلوكا، ونتأثر بهم حسب عمق علاقاتنا بهم، ولكن الأصالة أن تحتفظ بذاتك بالرغم من كل المؤثرات، واليوم بالفعل تجد نوعا من التشابه بين البشر، واضحا ونوعا من الهوس، يتحكم فى سلوكنا الإنسانى ووضوح رؤيتنا ،لما يدور من حولنا ،وللأسف يؤثر هذا على قدرة الانسان فى التواصل مع نفسه، وفهمها ،وأن يصبح الانسان شخصا آخر هو إبعاد لهزيمة يعيش فيها. أبطال قصصك يتيمات، والحياة تعاملهن بشكل قاسٍ ما سبب انجذابك لهذه النقطة؟ هو ليس انجذابا، ولكنه حق لهن. أنا مدينة لدراستى فى دبلوم التنمية الثقافية لتوسيع حدود رؤيتى لعالم المهمشات ،وكيف يمكن أن تستغل الثقافة فى تحسين أوضاعهن، والعمل على دمجهن فى المجتمع، وتحفيز النساء من المجتمعات الفقيرة، والمهمشة أن ينتجن الفن، أو يقدمن أعمالا ذات مردود اقتصادى يسمح لهن بالحياة الكريمة التى تليق بهن لقد حاولت أن أعبر عن هذا بطرق مختلفة خاصة، وأنى لمست بعض الصعوبات، وأتمنى أن تحظى فئة اليتيمات تحديدا بالدعم المجتمعى والثقافى اللائق. فى قصة «البهو»، بطلتها تحب نصوص «توفيق الحكيم»، لا تراها عدو المرأة، هل هو إنصاف لهذا الأديب الكبير؟ أكيد، «توفيق الحكيم» نموذج مثالى للأديب العالمى الذى قدم أعمالا مهمة، وقوية ،وللأسف لم ينصف بالشكل الحقيقي، كثيرون حول أدب «نجيب محفوظ»، و»طه حسين» وقلة من ينصفون إبداع «توفيق الحكيم» المميز؛ لقد ناقش «الحكيم» موضوعات حساسة، وقوية فى أعماله مثل الحرية ، وعلاقة الزمن بالإنسان وعبر عن المرأة الحديثة، وقدم عن طريق كتاباته شهادات قوية على عصره، ولم يلتفت أحد سوى لشائعة ذكية بأنه عدو للمرأة، ولن تكون فى البهو، القصة الوحيدة التى سأكتبها فى محبة» توفيق الحكيم». ما سبب اختيارك للفنان محمود سعيد بطلًا لقصتك «نبوية»؟ حين وصلت إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية استوقفنى خبر صغير عن قيمة لوحة الدراويش لمحمود سعيد، والتى سجلت كأغلى لوحة تشكيلية لفنان عربى بالعالم، والحقيقة أن قصة نبوية هى قصة متخيلة عن سيدة مهمشة بلا تاريخ معروف سجلتها ريشة الفنان، تخيلت الفارق بين العالمين، والحدود التى تفصل بينهما كما يفصل الفنان الحدود داخل لوحته، الظل والضوء عالم كبير بينهما فروق اجتماعية واضحة وكبيرة، ولكنه قوة الفن فى تحسين وجه الحياة القاسية. فى قصة «قرن الثور» بطلها معلم يحاول أن يحبب التلاميذ فى مادة الجغرافيا، كيف يتعلم الإنسان من علم الجغرافيا؟ أنا مؤمنة بقوة العلم والجغرافيا علما إنسانيا متكاملا هو علم يجمع الطبيعة والنشاط الإنسانى معا فى رابطة حقيقية فهى أكبر محفز للحرب وأكبر داعم للسلام، وقوة الجغرافيا هى حقيقة ما تسعى وراءه الشعوب الآن وتولى الدول المتقدمة للجغرافيا اهتماما كبيرا وتربطها بدراسة التاريخ فى المناهج الدراسية والهدف واضح بدون الجغرافيا لا يوجد اقتصاد حقيقي.