جبال كربونات الكالسيوم في المنيا.. فرص استثمارية وثروات غير مستغلة

تُعتبر جبال كربونات الكالسيوم في محافظة المنيا من الكنوز الطبيعية النادرة في مصر، حيث تبلغ نسبة نقاوتها في بعض المناطق 99.5%، ورغم هذا الغنى، لا يزال الاستغلال الفعلي لهذه الموارد بعيدًا عن تحقيق الإمكانات الكاملة، إذ تُستخدم بشكل رئيسي في صناعة الطوب الأبيض، مما يحرم الدولة من فرص استثمارية ضخمة في مجالات مثل الصناعات الدوائية والكيماويات.
اقرأ أيضا | تسريع عمل المراكز التكنولوجية لتيسير خدمات المواطنين بالمنيا
تمتد جبال كربونات الكالسيوم من أبو قرقاص في الجنوب إلى بني مزار في الشمال، بطول يتجاوز 50 كيلومترًا وعمق يتجاوز 30 كيلومترًا في الصحراء الشرقية.
على الرغم من ثراء هذه المناطق، إلا أنها ظلت محصورة في عمل المحاجر لعقود طويلة، حتى تم إغلاق العديد منها بموجب قانون الثروة المعدنية.
ومع ذلك، لا تزال المجتمعات المحلية تأمل في إنشاء مصانع حكومية لاستغلال هذه الموارد بشكل فعال.
تشير الأبحاث إلى أن الحجر الجيري في المنيا يُعتبر من الأنقى عالميًا، حيث تُبرز كتب الجيولوجيا جودته الممتازة.
ويشير الدكتور محمد البدري، رئيس قسم الجغرافيا سابقًا بجامعة المنيا، إلى أن هذه التكوينات تُعرف عالميًا باسم "تكوينات سمالوط"، وتُمثل ثروة قومية هائلة، ومع ذلك، يؤدي الاستغلال غير الفعال إلى ضياع مليارات الدولارات على الدولة.
تتجلى المشكلة الحقيقية في تحويل الحجر الجيري إلى بلوكات للبناء، مما يُعتبر إهدارًا مزدوجًا، حيث يتسبب في تدمير الأراضي الزراعية في العديد من القرى.
ويؤكد البدري على أهمية توجيه هذه الثروات نحو الصناعات التحويلية التي يمكن أن تعزز الاقتصاد المحلي وتوفر فرص عمل للشباب.
في الختام، تفتقر المنيا إلى عدد كافٍ من المصانع لتحويل كسر الحجر إلى منتجات ذات قيمة مضافة، إن تصدير هذه المواد الخام بأسعار منخفضة يُفوت على الدولة مكاسب ضخمة، مما يستدعي تخصيص الجهود لاستغلال هذه الثروات بطريقة تُحقق التنمية المستدامة وتُحدث تأثيرًا إيجابيًا على الاقتصاد المحلي.
فرص صناعية واعدة
تُعتبر كربونات الكالسيوم من المواد الأساسية التي تدخل في مجموعة واسعة من الصناعات، حيث يؤكد الدكتور محمد البدري، رئيس قسم الجغرافيا سابقًا بجامعة المنيا، أنها تُستخدم في جميع الصناعات الدوائية حول العالم، بالإضافة إلى مستحضرات الكيماويات والبويات وأعلاف الدواجن. ويحث البدري مستثمري المنيا على إنشاء مصانع جديدة، مثل مصانع معجون الأسنان وعلف الدواجن، مشيرًا إلى أن هذه المشاريع غير مكلفة وتحقق أرباحًا كبيرة، مما يسهم في الحفاظ على الثروة الداجنة في مصر.
كما يطالب البدري بتقديم تسهيلات للمستثمرين، بما في ذلك الإعفاءات الضريبية لفترات مؤقتة حتى تنجح مشاريعهم. ويشير إلى أهمية "تجميد القوانين المكبلة للاستثمار" على غرار ما تم في جبل علي بدبي، مع ضرورة إغلاق المحاجر التي تعمل في الخفاء، والتي لا تجلب سوى الغبار وتسبب الأمراض لأبناء المدن الجديدة.
ويقول المهندس محي محمد، أحد المستثمرين في المنيا، إن المئات من أبناء قرى شرق النيل يستمرون في العمل في المحاجر رغم الظروف الصعبة ونقص وسائل الأمان. ويشير إلى أن هؤلاء العمال يتعرضون للإصابات بسبب العمل بدون معدات آمنة.
ويؤكد أن استغلال الجبال في إنشاء مصانع تحت مظلة المحافظة أو الاستثمار الجاد سيساعد في تحسين ظروف العمل ويجذب المزيد من الشباب.
كما يشير المهندس محي لبوابة أخبار اليوم إلى أن حجم الصناعات التي تدخل فيها كربونات الكالسيوم يمكن أن يجعل محافظة المنيا نقطة محورية للصناعة في مصر.
فهذه المواد تُستخدم في تصنيع الأدوية، والإسمنت، والزجاج، والبويات، وصناعات الحديد والصلب، والمبيدات الحشرية، والمواد الكيماوية، مما يعكس إمكانيات هائلة للتنمية الاقتصادية في المنطقة.
تتضح من هذه الآراء أهمية استغلال موارد المنيا بشكل منظم، حيث يمكن أن تُسهم هذه الاستثمارات في توفير فرص عمل وتحسين جودة الحياة للسكان المحليين، مع تعزيز الاقتصاد الوطني.
يذكر أن اللواء عماد كدواني محافظ المنيا، أعلن في أواخر أغسطس الماضي عن انطلاقة صناعية لاستغلال صناعات كربونات الكالسيوم بالمنطقة الصناعية بوادي السرارية بمركز سمالوط، من خلال تقديم التسهيلات لأصحاب هذه المصانع وإنهاء كافة الإجراءات الخاصة بطلبات الترخيص دون فرض قيود بيروقراطية أو بيئية معطلة، وأوضح المحافظ أن ذلك يأتي بجانب التوسع في ترفيق المنطقة الصناعية بالسرارية من خلال إنشاء شبكة متكاملة من الطرق، والمياه، والكهرباء، والاتصالات، في خطوة تهدف إلى تعزيز جاهزية المناطق الصناعية بالمنيا .
وأشار المحافظ، إلى أن خطة المحافظة في الوقت الراهن تعمل على تحسين البنية التحتية للصناعات وتوفير فرص استثمارية واعدة تتسم بالتنوع لاستقبال الاستثمارات الجديدة والجادة، وعودة عجلة الإنتاج للدوران لتقليل فاتورة الاستيراد والسعي نحو التصدير، من خلال تهيئة المناطق الصناعية بعروس الصعيد لجعلها بيئة مثلى للنمو الصناعي والاستثماري