بدلا من أن يساهم الجمال في زيادة فرص النجمات واتساع شعبيتهن، أصبحت عمليات التجميل التي تلجأ إليها بعض الفنانات سببا في انتقادهن وعدم قبولهن, ومؤخرا تعرضت بطلات مسلسل "وتر حساس" لهجوم شديد وسخرية من قبل الجمهور بسبب المبالغة في عمليات التجميل والحقن ب"الفلير" و"البوتكس"، وشبههن البعض بعرائس "باربي"، جمال بلا روح, كما تعرضت سارة سلامة التي تشارك في مسلسل "نقطة سودة" إلى سخرية الجمهور بسبب ظهورها بشفتين منتفختين, نفس الموقف تعرضت له حلا شيحة عند عودتها للتمثيل مجددا من خلال مسلسل "خيانة عهد", كذلك ياسمين صبري التي لم يتقبلها الجمهور عند تجسيد دور الفتاة البسيطة. ويؤكد الكثير من النقاد أن الجمال الطبيعي هو أحد أبرز عوامل نجاح الممثل، إذ يعتمد بشكل أساسي على قدرته على تجسيد الشخصية بصدق، دون أن تلهيه ملامح الوجه المعدلة أو الشكل المصطنع. فإلى اي مدى تؤثر عمليات التجميل على مصداقية الفنانات وقدرتهن على تجسيد شخصيات متنوعة؟. ترى الناقدة الفنية ماجدة موريس أن عمليات التجميل تؤثر سلبا على تجسيد الشخصيات الدرامية بصدق، خاصة عندما لا يكون لهذه الشخصيات صلة بتلك الطبقة الاجتماعية أو فئة السيدات اللاتي لديهن هوس ب"الفلر" و"البوتكس", وتقول: "مهما كانت الممثلة مخلصة ومتقنة في أدائها الفني، يبقى للمشاهد وجهة نظر مختلفة وغالبا ما يجد صعوبة في التفاعل مع الأداء الدرامي عندما يشعر بأن مظهر الممثلة لا يعكس طبيعة الشخصية، مما يضعف من تأثيرها عليه سواء في الحوار أو حتى في لحظات الصمت". وتضيف: "كمشاهدة، عندما أرى ممثلة تؤدي دور امرأة تعاني من ضغوطات مادية ونفسية أو تنتمي لطبقة فقيرة، ولكنها تظهر بملامح مصطنعة من تأثير (الفيلر) و(البوتكس) والشفتين المنتفختين، فإنني أجد صعوبة في تصديق هذا الأداء, هذا يؤثر سلبا على المصداقية ويقلل من مدى تقبل المشاهد للعمل ككل, فمهما بذل المخرج من جهد، ومهما كان النص مكتوبا باحترافية عالية، ومهما تميز باقي الممثلين في الأداء، تبقى هذه اللمسات التجميلية المصطنعة حاجزا يمنع الجمهور من الإندماج الكامل في القصة, وبدلا من الاستمتاع بالأداء ومتابعة تطورات الخط الدرامي، يجد المشاهد نفسه مشتتا بين الأحداث والتفكير في الملامح غير الطبيعية، إلا إذا قررت حصر نفسها في أدوار فتيات الطبقة المترفة التي تناسب ملامح (الفيلر) و(البوتكس)، وهو أمر غير ممكن عمليا ويضر بتنوعها الفني كممثلة". وتستكمل حديثها قائلة: "في حالة ياسمين صبري على سبيل المثال، نرى أن الجمهور لم يتقبل تجسيدها لدور الفتاة البسيطة لأنها تبدو في الواقع بعيدة عن هذه الصورة، إذ إن صورها العامة تعكس حياة رفاهية وثراء، إلى جانب التعديلات الواضحة في ملامح وجهها من (بوتكس) و(فيلر).. المشكلة أنهن أغفلن عن أن المشاهد يعيش في عالم حقيقي يعرف فيه الفرق بين الشخصيات والطبقات الاجتماعية، ومن الصعب تصديق أن شخصية تظهر بهذه الملامح يمكن أن تكون بائعة في محل أو تكافح من أجل قوت يومها". وتتابع: "قد لا يكون الهدف هو التسبب في هذا التناقض، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: (لماذا تلجأ بعض الفنانات إلى هذه التعديلات؟)، فبالنظر إلى الممثلات من زمن الفن الجميل مثل فاتن حمامة وشادية وهند رستم ومعالي زايد، نرى كيف حافظن على إستمراريتهن ونجاحهن من خلال جمالهن الطبيعى، دون الحاجة إلى تدخلات صناعية أو تعديلات على ملامحهن.. وقد يكون السبب والدافع وراء تلك التعديلات التجميلية، الخوف من انطفاء الأضواء وقلة الطلب، وهو ما قد يكون أحد الأسباب, لكن هناك أيضا أسباب أخرى، مثل رغبة بعض الفنانات في تحسين مظهرهن لتصبح أكثر جمالا وجذبا للأنظار، وبالتالي تصدر مشهد الجمال". وتضيف: "أساس النجاح والاستمرار يكمن في القدرة على تقديم الشخصية بإحساس ومشاعر حقيقية، وهو ما قد يقتل بعمليات التجميل, فلو كان الجمال الخارجي العامل الوحيد للاستمرار في النجاح، لما استمرت ميرفت أمين إلى الآن، فكان بإمكانها أن تجري نفس التعديلات لزيادة فرص عملها، لكن نجاحها استمر بفضل أدائها المميز وقدرتها على تجسيد الشخصيات بصدق بعيدا عن المبالغة في التجميل, فالجمال الطبيعي يعد جزءا مهما من قيمة الممثل أو الممثلة، لأن المنتج والمخرج عند اختيار الفنانة يتعاملون مع حسابات دقيقة حول مدى قدرة هذه الفنانة على تجسيد الشخصية وفقا للسيناريو المكتوب, وقدراتها لتقديم انفعالات ومشاعر مختلفة بما يتناسب مع الدور ومع ملامحها الطبيعية وسنها، وهو ما يجعل الجمال الطبيعي عنصرا أساسيا في التقييم الفني.. وبالطبع، تقدم العمر يشكل تحديا يواجهنا جميعا، لكن يجب أن يكون هناك ثقافة لتقبل هذا التقدم، وفي النهاية ما يهم المشاهد هو الصدق في تقديم العمل الفني والأداء الذي يلامس المشاعر". "قبح التجميل" وترى الناقدة ماجدة خير الله إن الموضوع قد إزداد بشكل مبالغ فيه لدرجة أنه تحول من تجميل إلى "تقبيح", وتقول: "بدلا من أن تضيف عمليات التجميل إلى الفنانة أو الفنان، فإن هذه التعديلات قد أدت إلى تقليل الجمال، لأنها تحد من قدرتهم على الانفعال والأداء الفني, فالوجه هو أداة الممثل للتعبير عن مشاعر متنوعة من خلال تعبيرات متباينة، وهذه التعبيرات الوسيلة الأساسية التي يظهر من خلالها إحساسه, وعندما يتم العبث بشكل مفرط في ملامح الوجه، يتم إفساد عضلاته الطبيعية، وبالتالي تبدو الوجوه متشابهة بطريقة مصطنعة وغير جذابة, فتلك التعديلات أدت إلى تقليص الجمال الطبيعي ومنع الفنانة من التواصل مع الجمهور بشكل صادق وواقعي.. ويعرض حاليا مسلسل (وتر حساس) حيث أصبحت جميع البطلات متشابهات إلى حد كبير، مما جعلهن عرضة للسخرية من قبل الجمهور, فالشفايف المنتفخة بشكل مبالغ فيه أحد أبرز الأمثلة على النتيجة العكسية لهذه العمليات التجميلية، التي تفسد الملامح الطبيعية وتجعل القدرة على التعبير أصعب". وتتابع: "في الماضي، لم تكن الممثلات يشعرن بأي تردد لتقديم أدوار متنوعة، حتى مع ظهور التجاعيد على ملامحهن, بل على العكس، كانت هذه التجاعيد تضيف إلى جمالهن، وتعزز من صدق مشاعرهن وتعبيرهن عن الزمن والمرحلة العمرية، مما جعلهن أكثر قربا من الجمهور, لكن اليوم يبدو أن البعض يحاول إيقاف الزمن والظهور أكثر شبابا، رغم أن قانون الحياة ينص على أن التقدم في العمر أمر طبيعي لا مفر منه.. وكثرة عمليات التجميل في الحقيقة مفسدة لفن الأداء، إذ يجب أن يتم التجميل بحذر، إذا استدعت الحاجة لذلك, والتعديلات المفرطة قد تؤدي إلى تغيير ملامح الشخص بشكل مصطنع، مما يعيق قدرته على التعبير عن مشاعره بحرية, فالتجميل ينبغي أن يكون لتحسين المظهر دون أن يؤثر على الملامح الطبيعية حتى لا يتحولوا إلى دمية بلا روح". وتضيف: "عندما تقدم الممثلة أدوارا تتطلب تجسيد طبقات اجتماعية معينة، سواء كانت طبقات راقية أو متواضعة، فإن التغيرات فى ملامح وجهها تجعل الجمهور غير قادر على التفاعل مع الشخصية, فالتغييرات المبالغ فيها تفقد المصداقية وتقلل من قدرة الممثلة على تقديم الدور بصدق, وتتقلص فرصها في تقديم شخصيات متنوعة، لأن الجمهور سيصبح مشغولا بالتفكير في مظهرها بدلا من الانغماس في الأحداث وتطور القصة والتفاعل مع الشخصية، سيجد نفسه مشغولا بالتساؤل عن عمليات التجميل التي أجرتها.. وأرى أن الدافع وراء هذه التعديلات التجميلية غالبا ما يكون الرغبة في التمسك بمرحلة الشباب، ظنا بأنها الطريقة الوحيدة للبقاء في دائرة الاهتمام وضمان الاستمرارية، رغم أن الأداء الصادق هو ما يضمن النجاح الحقيقي.. فالجمال الطبيعي له تأثير كبير في استمرار النجاح، وهو ما يتضح من خلال نماذج الفنانات في الماضي, فقد حققن النجاح والاستمرارية دون الحاجة إلى تدخلات صناعية أو تغييرات مفرطة فى ملامحهن، وكان الاكتفاء بكميات بسيطة من مساحيق التجميل كافيا لإبراز جمالهن, وعندما تقدم بهن العمر، كن متقبلات لطبيعة المرحلة الزمنية دون الحاجة للتمسك بمظهر الشباب, على سبيل المثال، شادية قدمت أدوارا متنوعة في جميع مراحل عمرها، من الفتاة الشابة إلى المرأة الناضجة، ثم الأم، وأبدعت في كل شخصية, لذلك لا تكمن المشكلة فيي التقدم بالعمر، بل في تقبل الفنانة لهذا التغيير الطبيعي ومحاولة التمسك بمظهر لم يعد يناسب شخصيتها أو أدوارها". "جسد بلا روح" يشير الناقد أحمد سعد الدين إلى أن عمليات التجميل قد تسببت في فقدان المشاهدين القدرة على التمييز بين الفنانات، ويقول: "تشابهت الملامح والأشكال إلى حد كبير بسب تلك العمليات التجملية المبالغ فيها والتي أدت أيضا إلى تقليص قدرتهن على التعبير عن مشاعر متنوعة وأصبحوا جسد بلا روح، مما أثر سلبا على أدائهن الفني ، لذا أرى أن تلك التعديلات التجميلية قد أضرت بالفنانات بدلا من أن تفيدهن". "عندما يتجاوز الأمر حدوده، يتحول إلى عائق، وهو ما حدث مع بطلات مسلسل (وتر حساس)، حيث أصبحت ملامحهن متشابهة لدرجة أن المشاهد فقد التمييز بينهن, وهذا التغيير المبالغ فيه جعل الجمهور ينشغل بالعمليات التجميلية بدلا من التركيز على الشخصية وتفاصيلها النفسية، مما أفقد عملية المشاهدة متعتها, وبالتالي أصبحت هذه الشخصيات مجرد مواضيع للنظر دون الاهتمام بالعناصر الدرامية, فتغيير الملامح الطبيعية للفنانات من خلال عمليات التجميل يمكن أن يسبب ارتباكا لدى الجمهور, فعندما يتم تعديل الشفاه أو الخدين أو حتى تجاعيد الوجه بشكل مبالغ فيه، يشعر المشاهد وكأن الشخصيات التي يراها على الشاشة تبدو مشابهة لبعضها البعض، مما يضعف من تفاعله مع الأحداث والشخصيات خاصة إذا كانت التغييرات على الوجه تؤثر على قدرة الممثلة على التعبير عن الأحاسيس المختلفة, علاوة على ذلك، يمكن أن تؤدي هذه التعديلات إلى فقدان المصداقية في تجسيد شخصيات من طبقات اجتماعية معينة، حيث يصبح الشكل المصطنع عائقا أمام تقبل الجمهور لدور فتاة بسيطة أو امرأة تقع تحت ضغوط الحياة". "كما أن هذه التعديلات لن تمنحهن شبابا دائما، ولن تقتصر أدوارهن على شخصيات الطبقات المخملية". ويضيف: "الأسباب والدوافع هي السعي وراء (التريند) والرغبة في مواكبة الموضة وإبراز الجمال بطريقة تبدو حديثة, لكن من خلال هذا يتم التغاضي عن قيمة الجمال الحقيقي الذى يعد ضمانا حقيقيا لاستمرار النجاح, مثال على ذلك فنانات الزمن الماضي مثل شادية وهند رستم وغيرهما, فقد حافظن على جمالهن الطبيعي واستمراريتهن دون اللجوء إلى أي تدخلات صناعية أو تجميلية". اقرأ أيضا: إنجي المقدم: أنا مع عمليات التجميل لو بتتعمل بالمظبوط