استطاعت الفنانة التونسية عائشة بن أحمد إثبات موهبتها خلال الأعوام الأخيرة بعدد من الشخصيات المميزة التى قدمتها فى الدراما التليفزيونية المصرية، بل وأصبحت تختار أعمالها الفنية بعناية وظهر ذلك بوضوح فى مسلسلى «نسر الصعيد»، و«السهام المارقة» اللذين شاركت فيهما العام الماضي وتأكد هذا العام بدور مريم الذى تؤديه أمام مصطفى شعبان فى مسلسل «أبو جبل»، الذى حرصت على الظهور فيه بدون مساحيق تجميلية لكى تؤكد موهبتها أكثر من كونها جميلة، وظهر فيه إتقانها للهجة المصرية، وقدمت نموذجًا للمرأة المصرية الأصيلة، وحول تفاصيل هذا الدور وأصعب المشاهد التى قدمتها وقلة المشاركات العربية فى المسلسلات هذا العام كان لنا معها هذا الحوار. كيف كانت ردود الأفعال التى تلقيتيها على شخصية «مريم» فى «أبو جبل»؟ تلقيت العديد من ردود الأفعال الإيجابية من أصدقائى فى الوسط الفني، وأيضا من الجمهور فالجميع سعداء بدورى وبالمسلسل، وأرى أن مثل هذه الآراء هى أهم شىء بالنسبة لي، لأنها تجعلنى أثق فى اختيارتى الفنية وتؤكد أننى على الطريق الصحيح. كيف قمت بالتحضير للشخصية التى تمردت بها على أعمالك السابقة؟ أرى أن «مريم» مثال للسيدة المصرية الأصيلة، وأنا أعيش فى مصر منذ أربع سنوات، لذا تكونت لدى فكرة عن شكل الست المصرية البسيطة التى تحب زوجها، وكل همها هو الحفاظ على منزلها وأولادها وحمايتهم من أى شىء، بالإضافة إلى أننى لدى العديد من الصديقات المصريات المتزوجات، وتحدثت معهن ورأيت كيف تكون حياتهن، كما أننى وجدت العديد من النماذج التى تشبه «مريم» فى الشارع المصري، ولاحظت طريقة كلامهم وأسلوبهم وملابسهم، وردود أفعالهم ومتى تكون المرأة هادئة أو متوترة عندما يحدث لها موقف معين، وأضفت أيضا للشخصية بعض الخبرات التى تعلمتها على مدار مشوارى الفني. هل بذلت مجهودا حتى تتقنى اللهجة المصرية فى تجسيدك لهذا الدور؟ اعتمدت فى تعلمى للهجة المصرية على الممارسة من خلال معيشتى فى مصر، بالإضافة إلى أن معظم صديقاتى مصريات وبالتالى أتحدث معهن بنفس لهجتهن، وخلال مشاركتى فى الأعمال الفنية أتعامل مع فريق العمل باللهجة المصرية، ولا أتحدث التونسية إلا قليلا، وهذا يجعل الموضوع أسهل بالنسبة لى فى التصوير كما ساعدنى ذلك على تقمص الشخصيات سريعا، وبالتالى لا تعوقنى اللهجة أثناء التصوير ويكون تركيزى الأكبر على الإحساس والأداء والحالة، وفى أول تجربة لى فى مسلسل «ألف ليلة وليلة» عام 2015 لم أكن أتحدث المصرية بطلاقة، وبالتالى كان معظم طاقتى يتركز على تعلم اللهجة المصرية أثناء تجسيد شخصية قمر الزمان، كما أننى لست مصرية ولذلك مازلت أتعلم وسأظل أتعلم مهما عشت فترة طويلة فى البلد. ألم تخشين من التشابه بين «مريم» و«ليلي» التى قدمتيها فى «نسر الصعيد» الذى عرض العام الماضي؟ لم أفكر فى ذلك إطلاقا، لأن أكثر شىء أركز عليه فى اختيار أدوارى هو البحث عن الاختلاف، من بداية قراءة السيناريو وجدت أن «مريم» بعيدة عن «ليلي» من ناحية طريقة الكلام وطبقة الصوت وأفعالها، وكل هذه الأسباب جعلتنى أوافق دون تردد، فإذا وجدت أى تشابه حتى لو بسيطا كنت سأعتذر فى الحال، لأننى أرفض التكرار فى أدوار لن تضيف لى شيئا. ولكن حجاب الشخصيتين جعل هناك بعض التشابه؟ بالعكس فحجاب الشخصيتين له مبرر درامي، «مريم» محجبة، وست مصرية أصيلة وترتدى الجلباب لأنها تعيش فى إحدى المناطق الشعبية، أما «ليلي» فهى من الصعيد وطريقة ارتدائها للحجاب مختلفة و ملابسها وأسلوبها ايضا مختلفوليس معنى أن الشخصيتين محجبتان يكون الأداء واحدا، فالمرأة المحجبة لها عدة أشكال سواء كانت مصرية أو فلاحة أو صعيدية وأيضا طريقة ارتداء الحجاب والأسلوب. هل عدم استخدامك للمكياج فى أداء الشخصيتين يعتبر تمردا على جمالك حتى يركز الناس على موهبتك؟ بالطبع أريد محاكاة الواقع بكل تفاصيله، و«مريم» سيدة غير معتادة على استخدام المكياج ولا حياتها توحى بذلك، كما أنه دراميا لا يجوز وضعه لأن أولادها توفوا فكيف تضعه؟، وقصدت ذلك فى «نسر الصعيد» و«السهام المارقة» لأن الشخصيات تطلبت ذلك أيضا، كما أننى أفضل أن يكون الفنان وجهه طبيعي، حتى تظهر ملامح الوجه وحركة العين بطبيعتها وألا تكن مغلقة بسبب الرموش المصطنعة، فالممثل الجيد نرى جميع أحاسيسه من خلال عينيه، كما أرى أن مكياج الممثل الحقيقى هو الإضاءة التى تجعل وجهه جميلا، وبالتالى أحاول بقدر المستطاع فى العمل أظهر طبيعية إلا لو تطلب العمل ذلك خلال مشهد فرح على سبيل المثال، كما أننا لابد أن نتعلم من الأفلام الأوروبية فالفنانات فى هوليوود لا يعتمدن على المساحيق التجميلية، وبالتالى أنا ضد وضعها دون فائدة فكيف يتم وضعه قبل النوم وأخريات يضعون رموشا مصطنعة وهن نائمات وعندما يستيقظن، فأين المصداقية؟. من أصعب المشاهد وفاة أولادك فى حريق المنزل.. كيف كان التحضير لهذا المشهد نفسيا؟ هذا بالفعل من أصعب المشاهد التى قمت بتصويرها كما أنه للأسف لم يكن «وان شوط» لقطة واحدة بل استغرق تحضيره وقتا طويلا، وكان مرهقا نفسيا بالنسبة لي، فقمت بتصويره منذ الثانية ظهرا وحتى السادسة عصرا، حيث كنت فى بداية مشهد الحريق بمفردي، وقد «بح» صوتي، وبالتالى أجهدت من كثرة الصراخ لفترة طويلة، وكان لا يجوز قطعه للحصول على راحة فلا يوجد وقت حيث قمت بالتحضير له يومين قبل التصوير حتى استعد له نفسيا، و عندما بدأت التصوير كان لابد أن أكمل للنهاية حتى لا أنفصل عن حالة الوجع والالم فى المشهد، وهناك مشاهد أخرى أجهدتنى نفسيا أيضا مثل مشهد العزاء، ومشهد العودة لمنزل والدها مع زوجها «حسن أبو جبل» الذى جسد شخصيته الفنان مصطفى شعبان، وكانت تريد قتل نفسها بالسكين، ومشاهد أخرى ستكون خلال الحلقات الأخيرة. فى بعض المشاهد ل«مريم» كانت تمثل بعينيها وصمتها هل كان ذلك أصعب من المشاهد التى تتضمن حوارا؟ بالطبع كان صعبا للغاية، ولكن تعلمت هذه التفاصيل من السينما التونسية لأن معظم الممثلين فيها يتحدثون بأعينهم، والمشاهد لا تعتمد على الكلام بقدر اعتمادها على الصمت وحركة العيون، وهذا ساعدنى كثيرا فى أداء الشخصيات الصعبة التى يكون وجعها داخليا لا تستطيع التعبير عنه بالكلام، وشخصية «مريم» كانت تعتمد فى العديد من المشاهد على فكرة «الصمت أبلغ من الكلام». هل ترين أن قلة الأعمال هذا العام فى صالح المشاهد؟ لا أدقق فى المنافسة، ولكن لاحظت خلال عرض عدد كبير من المسلسلات يكون النجاح للعمل الجيد والمحترم فنيا، والذى يحمل رسالة تجذب الجمهور حتى لو كانت المنافسة وصلت ل45 مسلسلا، وستتم مشاهدته سواء على التليفزيون أو اليوتيوب من خلال المواقع المخصصة لذلك، وبالتالى كثرة المسلسلات فى شهر رمضان ليست مشكلة كما يرى البعض. كيف ترين قلة المشاركة العربية هذا العام على عكس المعتاد؟ هذا أمر طبيعى بسبب قلة المسلسلات، ولذلك أثر على المشاركة العربية، كما أرى أن هذا الأمر لا يقتصر على العرب فقط والدليل على ذلك غياب عدد كبير من النجوم المصريين الذين اعتدنا على مشاهدتهم كل عام فى السنوات الأخيرة، وبالتالى الغياب لا يرتبط بالعرب فقط ولكن قلة الإنتاج أثرت على الجميع وهذا ليس معناه أن هؤلاء الفنانين العرب لم يكونوا مجتهدين بل بالعكس فهم لهم جمهورهم الكبير. هذا العام تظهرين خلال مسلسل واحد.. هل كنت تخططين لذلك بعد إثباتك موهبتك؟ أشعر بصعوبة خلال مشاركتى فى عملين فى وقت واحد، وفى العام الماضى شعرت بإجهاد عندما شاركت فى عملين أصعب من بعضهما وهما «نسر الصعيد»، و«السهام المارقة» رغم عدم ندمى عليهما ولكن كانت تجربة صعبة، وهذا العام يظهر وكأننى قدمت عملين أيضا وهما «أبو جبل» و «السهام المارقة» الذى يعرض حاليا على القنوات المصرية و من الجيد أنهما مختلفان. ولكن برغم جودة «السهام المارقة» ولكن يرى البعض أنه تعرض للظلم.. ما رأيك؟ العمل أخذ حقه بعرضه على القنوات الخليجية العام الماضي، وحصل أيضا على نسبة مشاهدة عالية هذا العام، كما تلقيت عليه عدد من ردود الأفعال الهائلة على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكنه ليس تجاريا وذات طبيعة خاصة من ناحية فكرته وموضوعه، وبالتالى لم يره الجميع لأن جمهور رمضان ينتظر المسلسلات الاجتماعية والكوميديا والأكشن، ولكن من شاهد حلقة فيه يريد تكملته للنهاية لأن أحداثه جذابة. على ذكر الكوميديا متى ستكررين التجربة بعد شخصية «ليلى» فى «نسر الصعيد» التى كانت تمتاز بذلك قليلا؟ بالطبع أتمنى تقديم الكوميديا ولكنى انتظر السيناريو المناسب حتى تكون مميزة، لأننى أفضل التنوع دائما. تعتبرين من أكثر الفنانات اللاتى تعرضن للانتقاد كيف ترين ذلك؟ أخذ فى اعتبارى أى نقد بناء، بل واتعلم منه وأرحب به لأننى أريد أن أكون فنانة مختلفة. وماذا عن فيلم «كل سنة وأنت طيب»؟ أقدم فيه شخصية جديدة ومختلفة، وهو عمل كوميدى اجتماعى رومانسى أكشن، بالإضافة إلى أنه يضم عددا كبيرا من النجوم مثل تامر حسنى وخالد الصاوى وزينة ومحمد سلام.