خلال السنوات الأخيرة، زادت ظاهرة لجوء نجمات الفن لعمليات التجميل، رغبة منهن فى الظهور دوما بطلة شبابية جميلة، وهو ما يلفت انتباه الجمهور ويثير الانتقادات والتساؤلات فى أحيان كثيرة، مثلما حدث مع الفنانة أصالة نصرى مؤخرا، حيث تصدرت محركات البحث عبر مواقع التواصل الاجتماعى بسبب التغّير الشديد والملحوظ فى ملامحها أثناء إحياء حفلها الأخير فى دبى، الأمر الذى اضطرها للخروج والتأكيد على خضوعها لعملية تجميل أجرتها مؤخرا. ما قامت به الفنانة أصالة نصرى من تغيير فى شكلها لم يكن أمرًا جديدًا، بل سبقها إليه العديد من الفنانين والفنانات، فمثلا اتجهت الفنانة اللبنانية نوال الزغبى لتكبير الشفاه واللجوء لحُقن البوتكس لإخفاء علامات تقدم السن، مما تسبب فى تغيير فى ملامحها وتشويه جمالها الطبيعى. كما سعت الفنانة نبيلة عبيد للحفاظ على شبابها، فقامت بالعديد من عمليات التجميل وشد الوجه للحفاظ على ملامحها، مما أصابها بالجمود فى عينيها.
نادية الجندى - نبيلة عبيد
وكذلك الفنانة صفية العمرى التى قامت بإجراء عملية لشد الوجه لإخفاء التجاعيد وحقن بالسيلكون، ونتج عن ذلك ضرر بعضلات وجهها وأصبحت تعانى من صعوبة فى الحديث وتغيّر فى ملامحها. أيضًا أجرت الفنانة نجلاء بدر عملية تجميل للشفاه السفلية لزيادة حجمها، مما تسبب فى تدلى الشفاه العلوية بشكل لافت. تكرار هذه الظاهرة يقودنا للعديد من التساؤلات بشأن تحول عمليات التجميل لأمر معتاد ومتكرر لدى العديد من نجوم ونجمات الفن، ومدى مساهمة مواقع التواصل الاجتماعى فى هذا التحول، وكيف ساعدت المُنافسة والغيرة فى وصول الأمر ل «هوس»، وعلاقته بضعف الأداء، وتأثير ذلك على مصداقية الفنان، وهل الأمر يصُب فى صالح الصناعة الفنية، وماذا عن أدوار الريفيّات والفتيات البسيطة. علاقة المشاهير بالتجميل يوضح استشارى الصحة النفسية الدكتور وليد هندى، أن الفئات الأكثر إقبالاً على عمليات التجميل هم نجوم الفن، لأنّ نمط شخصية الفنانة هيستيرية، وهى الشخصية المسرحية التى تسعى لجذب الأضواء ولفت الأنظار وتريد أن تخطف العيون باستمرار، ومن ثمَّ تريد الحفاظ على جمالها. أضاف فى تصريحاته لمجلة «صباح الخير»، أن حرص الفنانات على الظهور دوما بأجمل طلة على الشاشات، هو ما يدفعهن للجوء إلى العديد من عمليات التجميل رغم مخاطرها، الأمر الذى يوقعهن دون قصد ضحايا للتنمر والسُخرية عبر مواقع التواصل الاجتماعى، كما حدث مؤخرًا مع الفنانة نادية الجندى التى نشرت جلسة تصوير تظهرها كشابة ثلاثينية. تابع: إن اللجوء إلى هذا النوع من العمليات الجراحية أصبح آفة العصر، فبعد أن كانت تجرى لمن يتعرّض للتشويه بسبب حادث أو عيب خلقى، أصبحت طقسًا اعتياديًا لدى الكثير من نجوم الفن الذين يقدمون عليها دون النظر إلى مدى احتياجهم لها من عدمه ودون اهتمام بعواقبها، كما أشار إلى أن السوشيال ميديا تجعل الفنان مهووسًا دومًا بعمليات التجميل وتغيير شكله كل عام، فضلاً عن الغيرة والتنافس التى تمثل حجر الزاوية للعوامل التى تدفع الفنان أو الفنانة لإجراء عمليات التجميل باستمرار. تأثر الأداء الفنى فى السياق ذاته، يُشير الناقد الفنى أحمد سعد الدين إلى أن عمليات التجميل موجودة مُنذ فترة طويلة، ولكن الأمر زاد وتطور بسبب مواقع التواصل الاجتماعى، وأصبحت كل نجمة من نجمات الفن لها مصورها الخاص، وتقوم بعمل جلسات تصوير وتتصدر التريند وتخرج فى البرامج كضيفة، الأمر الذى جعل كل الفنانات بنفس الشكل. وأوضح سعد الدين خلال حديثه لمجلة «صباح الخير» أن هوس التجميل ليس له علاقة بضعف أو قوة الأداء، فهدفهن الأول من هذا الهوس هو التغيير والتجديد لتصبح جميلة أمام الكاميرا ليس أكثر، قائلاً: «هذا كلام ليس له أساس من الصحة، فالفنانة فاتن حمامة عاشت 80 عامًا ولم تُجر عمليات تجميل وظل الجمهور يُحبها على عكس الفنانات اللاتى يُغيرن ملامحهن، فالجمهور فى البداية يستغربهن كثيرًا ثم لا يحبهن ولا يحب شكلهن الجديد فعمليات التجميل لا تُحسّن أداء الفنان، ولكن ستُغيره وتجعله يتصدر التريند». يضيف: «الجمهور يشعر بغربة بينه وبين الفنان بعد عمليات التجميل، لأنه بيكون حافظ ملامحه جيدًا وفجأة يجده بشكل غير الذى اعتاد عليه فلا يقبل ذلك، مما يؤثر على مصداقية الأدوار لدى الجماهير لأن عمليات التجميل تؤثر وبشكل كبير على تعبيرات وجه الفنان».
نجلاء بدر
تناقضات الفن والشكل من جانبها، ترى الناقدة الفنية حنان شومان أن هوس عمليات التجميل غير مرتبط بنجمات الفن فقط، ولكنه صار هوسًا عالميًا يخص النساء والرجال ولا يخص طبقة الفنانين بقدر ما يخص كل الرجال والنساء الآن، حتى الفتيات اللاتى لم يتعد عمرهن ال 30 عامًا أصبحن يلجأن لعمليات التجميل. وتؤكد شومان خلال حديثها لمجلة «صباح الخير» أننا عندما نتحدث عن سيدة قامت بإجراء عملية تجميل فهذا أمر يخص الفئة المُحيطة بها، ولكن فى حالة نجمات الفن يتسبب الأمر فى حدوث مشكلة كبيرة، لأنه غيّر ملامحها وأثر على قدرتها على التعبير، فقدرة الفنان على التعبير أهم أداة من أدوات الممثل، لأن عمله بأكمله مرتبط بالوجه والتعبيرات، لذلك هوس التجميل للعامة مقبول، ولكنه غير مقبول لنجوم الفن، لأنه يؤثر على الأداء وتقبل المُشاهد للفنانين، فعندما نرى الفنانة نادية الجندى نشعر وكأنها شابة فى الثلاثينيات من عمرها، ولكننا نعلم أنها بطلة مُنذ فترة طويلة فكيف سيتقبل المُشاهد تجسيدها لدور جدة. ولفتت الناقدة الفنية إلى أننا لدينا إشكالية أخرى بخلاف ظاهرة اجتياح وانتشار عمليات التجميل، ألا وهى أن هناك فئة قليلة من النجمات يلتزمن بأدبيات الدور وتفاصيله، بمعنى أننا نجد فنانة فى مشهد لعمل فنى من المفترض أنه أثناء إجراء عملية جراحية، لكنها تضع ماكياجًا كاملاً على سرير المرض! هذه التفاصيل تمثل إشكالية بالأصل لأن عددًا قليلاً من المُخرجين هم من يستطيعون أن يفرضوا على النجوم والنجمات عدم وضع ماكياج فى مشاهد معينة، وهذا الأمر مرتبط حتى بنجوم الصف الثانى والثالث أيضًا. تابعت: «معظم نجوم الفن يقومون بعمل (هوليود سمايل) ثم يُطل على الجماهير شخص فلاح ومن طبقة فقيرة وإنسان بسيط.. لذلك أصبح هناك عدم تصديق لما يُقدمه الفنان كما أصبح هناك أزمة فى اختيار النجوم المُناسبين لأدوار الشخصيات الريفية البسيطة». وأوضحت شومان أن أصحاب الموهبة القوية ينصاعون للدور الذى سيجسدونه لأنه أهم من جمالهم، فالدور هو البطل وتتوارى النجومية خلف الدور المطلوب، فهوس التجميل مرتبط بضعف الأداء، لأن هناك ارتباطًا وثيقًا بين الموهبة الضعيفة والاهتمام بالشكل دون الاهتمام بالدور الذى سيُقدم، مشيرة إلى أن الفنانة سعاد حسنى كانت جميلة الجميلات والكاميرا تعشقها، ولكن كان الدور الذى تجسده هو الذى يسطو على طبيعة شكلها، وكذلك هند صبرى من الممكن أن تخرج لجمهورها دون ماكياج لأنها صاحبة موهبة قوية، على عكس فنانة مثل ريهام حجاج فالملابس والماكياج بالنسبة لها أمور مهمة للغاية، ومن الضرورى أن تظهر للجمهور بملابس ماركات وماكياج كامل.