حالة الهستيريا التى سادت إسرائيل بعد صدور مذكرة اعتقال نتنياهو وجالانت مفهومة ومتوقعة. كانت إسرائيل من البداية تعرف خطورة أن يتحول أبرز قياداتها رسميا إلى مجرمى حرب تطاردهم العدالة الدولية، وخاضت إسرائيل «ووراءها» أو على الأصح أمامها!!- الولاياتالمتحدة- معركة ضارية طوال الشهور الماضية لتمنع صدور مذكرة الاعتقال. تم تهديد القضاة ومحاولة تدمير سمعة بعضهم، وواجهت المحكمة كل المحاولات القانونية أو غير القانونية لتعطيل المحاكمة.. لكن المحكمة الدولية صمدت لكل ذلك، وتجاوزت كل ما وضع أمامها من عقبات، وأصدرت قرارها الهام ليصبح نتنياهو مطلوباً للاعتقال والمحاكمة على جرائم هى الأشد انحطاطاً عند مجرمى الحرب، ولتنفتح صفحة جديدة تنهى رحلة غياب العدالة والقانون عندما يكون الأمر متعلقاً بالكيان الصهيونى ومجرمى الحرب الذين يقودونه!! القرار صادم إسرائيلياً، وصدوره من المحكمة الدولية التى بدأت عملها بمحاكمة «النازيين» يضاعف الصدمة، قادة إسرائيل أصبحوا «النازيين الجدد» ونتنياهو وجالانت لن يكونا آخر الأسماء الإسرائيلية المطلوبة للاعتقال والمحاكمة كما يتوقعون فى تل أبيب.. والتهم الموجهة لنتنياهو والتى تتضمن القتل والتجويع والجرائم ضد الإنسانية تعزز صدور قرار محكمة العدل الدولية هى الأخرى بإدانة إسرائيل بالإبادة الجماعية. القرار الذى أعلنت معظم دول أوروبا التزامها به، لم يكن صادماً لإسرائيل وحدها، بل كان كما هو متوقع صادماً لأمريكا التى مارست كل الضغوط على المحكمة الجنائية الدولية، ورأينا مجلس النواب فيها يهدد علناً قضاة المحكمة بتوقيع عقوبات عليهم(!!) وإذا كان -شائنا- أن يصف -بايدن- قرار المحكمة بأنه -مشين- فالأخطر هو تهديد مستشار الأمن القومى القادم مع ترامب بإجراءات رادعة ضد المحكمة فور العودة الفعلية لترامب إلى البيت الأبيض (!!) وإن كان الأمر ليس مستبعداً، فنتيجته لن تكون إلا عاراً جديداً للدولة التى قادت بنفسها الجهود لكى تصدر مذكرة اعتقال بوتين قبل عامين، ثم تتخذ الآن هذا الموقف المؤسف حين يصدر نفس القرار ضد مجرم الحرب نتنياهو!! رغم كل شىء.. نحن أمام لحظة فارقة فى الصراع بين الشرعية الدولية وبين نازية جديدة يمثلها نتنياهو ورفاقه من مجرمى الحرب وكل القوى التى تمنحهم الدعم وتوفر لهم السلاح لكى يرتكبوا جرائمهم، كانت إسرائيل متعايشة مع حقيقة أن من يحكمها متهم فقط بالرشوة والفساد ومتهرب من الحساب على جرائمه الأخرى، الآن تواجه حقيقة أنه مطلوب للاعتقال فى كل دول العالم باعتباره مجرم حرب يقود حرب الإبادة الجماعية ضد شعب فلسطين. يدركون الآن فى إسرائيل أن الكيان الصهيونى لم يعد فوق القانون، وأن الرجل الذى يقودهم إلى الهاوية لم يعد فقط لا يستطيع النوم فى بيته خوفاً من صواريخ المقاومة، بل أصبح لا يستطيع أن يغادر إلى معظم دول العالم حيث ينتظره أمر الاعتقال كمجرم حرب!! اللحظة التى كانت تخشاها إسرائيل جاءت، لاشىء يخشاه المجرم قدر خشيته لحكم القانون وانتصار العدالة.