من جديد عادت أسعار السيارات بالسوق المصرية في الارتفاع، وعاد "الأوڤربرايس"، ليطل علينا من جديد وبشكل أكثر حِدة وتغول، ولم تنجح أى حملات فى وقف هذا الارتفاع الجنونى، ويبدو أنه لا صلاح للأمر إلا بحزمة قرارات من أهمها أن تضع الدولة يدها على هذه الصناعة وتديرها إنتاجاً واستيراداً وتوزيعا. ومن قبل طالبت وفي «نفس الزاوية»، بضرورة وضع آليات لسوق السيارات، وتوحيد السعر بين الوكلاء والموزعين، ولا حياة لمن تنادى، وكأن شيئاً لم يكن، وهذا يجعلنا نطالب من جديد بضرورة توحيد كافة الجهود لوضع سعر موحد، عند الوكلاء والموزعين، وتشديد الرقابة وعدم ترك المستهلك فريسة لتاجر هو الذى خلق الأزمة حتى يستفيد منها مثله مثل أغنياء الحرب. ولعل سوق السيارات فى مصر نموذج واضح للسياسة العشوائية والاحتكارية، التى تجبر المستهلك لأى سلعة للخضوع لضغوط الحاجة، والإقدام على الشراء بالأسعار غير العادلة والمبالغ فيها، وعلى الرغم من أن الدولار سعره ثابت منذ عدة أشهر، وعلى الرغم من انفتاح سوق السيارات على مصراعيها فى كل دول العالم، إلا أننا لا نزال نعانى من عشوائية التسعير والبيع ب"المزاج"، ليجنى التجار المزيد من المكاسب، ويظل المستهلك فى معاناة مستمرة مع سوق لا يرحم. وقد يقول الوكلاء والموزعون معاً، أن الظروف الاقتصادية العالمية والمحلية هى التى ساهمت فى تعطيش السوق، وأحدثت نوعاً من الندرة فى المعروض، وهذا مردود عليه بأن السيارات على الرغم من ندرتها لكن أسعار استيرادها لم تتغير، إنما هو الجشع الذى يدفع الكثيرون بوضع زيادة فى الأسعار والمستهلك مُجبر على الشراء، هذا إذا افترضنا أن هناك ندرة حقيقية، وأعتقد أن الشوارع متخمة بالسيارات والمعارض ما أكثرها. ومن أجل الهروب من فخاخ التجار، على الدولة أن تعيد فتح الاستيراد من الخارج لموديلات أقدم، ولا تتمسك بسنة الصنع، فهذا سيساعد كثيرون على اقتناء سيارة بعد أن ارتفعت الأسعار ووصلت لدرجة لا يقدر عليها إلا تاجر آثار أو مخدرات. بالإضافة لفتح الباب أمام السيارات الكهربائية، وأن تدخل الدولة فى شراكة مع كيانات صينية من أجل توفير قطاع الغيار والصيانة. وقد كانت خطوة طيبة من الدولة عندما اتخذت إجراءات قضت على تخوف المواطن من التحويل للغاز، فمثلاً انتشرت محطات التمويل فى كل مكان، ولم يعد هناك حجة أن الغاز لم يكن موجوداً على الطرق والمحافظات، كما أن كفاءة استخدام الغاز والتكنولوجيا الحديثة، قضت أيضاً على تخوف المستهلك من التحويل، لا سيما والغاز يعطى نفس كفاءة البنزين والسولار وأكثر، هذا ناهيك عن الوفرة التى يحققها للاقتصاد القومى والمستهلك معاً، فى ظل ارتفاع أسعار المحروقات من بنزين وسولار. وقد أقر عدد من الشركات ووكلاء العلامات التجارية بالسوق المحلية زيادات بأسعار عدد من السيارات الجديدة، ومنذ مطلع هذا العام والأسعار ترتفع وليس هناك سقف لهذا الارتفاع، حتى أن بعض الموديلات زادت مليون جنيه دفعة واحدة، كذلك السيارات الاقتصادية كل يوم فى تزايد، وخلال عامين ونصف وصل سعر السيارة التويوتا من 350 ألف إلى مليون و600 ألف فئة ثانية. ربما تكمن هذه الزيادات فى 4 أسباب أولها؛ أن شركات السيارات العالمية ترفع أسعار طرازاتها وهذا أمر طبيعى نتيجة زيادة التجميع والتصنيع على الشركة الأم ويأتى بنسب تتراوح ما بين 1 إلى 3%. وأن ثانى الأسباب هو خفض مصانع السيارات العالمية إنتاجها بنسبة 50 % بسبب حالة الارتباك التى يشهدها العالم أجمع بسبب تغول الصين، وكذلك نقص بعض الطرازات، وها هى فولكس فاجن بدأت الخطوة الأولى، كما أن زيادة أسعار الطرازات «المحلية» تكمن فى اعتماده على مكونات التصنيع المستوردة من الخارج والتى طالتها الزيادة أيضًا. والسبب الثالث يكمن فى استمرار ارتفاع أسعار اليورو مقابل الجنيه، وهو سبب محورى فى تحريك معظم الطرازات بالسوق المحلية لما له من تأثير مباشر على أسعار البيع. ورابعًا، وجود أزمة حقيقية يواجهها معظم وكلاء وموزعى السوق المحلية تتعلق بشحن السيارات والتى باتت مرهقة وصعبة للغاية، خاصة مع فرض قيود على الاستيراد. ويتوقع خبراء السيارات أن لا يحدث تراجع فى الأسعار خلال الفترة المقبلة أو ثباتها عند الزيادات الأخيرة، فى ظل استمرار حالة التخبط التى تشهدها أغلب الأسواق العالمية. وأرى أن الحل الوحيد، هو الامتناع عن الشراء، أو على الأقل الاكتفاء بما هو موجود حتى نهاية العام، وأعتقد أن هذا هو الطريق الوحيد لخفض الأسعار، طالما أن الجميع يؤكد أن الزيادة لن تتوقف عند هذا الحد المبالغ فيه، وأنه لا مفر من شباك التجار الذين يحركون السوق بوجهة نظرهم، أمر آخر وهو حدوث فقاعة فى السيارات، كتلك التى يتحدثون عنها فى مجال العقارات، سنجد معروضاً كبيراً رغم ندرة الوارد من الخارج، مع عدم القدرة على الشراء.