span style="font-family:"Arial","sans-serif""الدقيقة 31 : span style="font-family:"Arial","sans-serif""يزحف على يديه وسط حرارة الإسفلت اللاهبة وفي عز الظهيرة، span style="font-family:"Arial","sans-serif""يجوب الطريق محلقا بأحلامه، يتجاوز كل إطلالات التعب، وكل منارات العتمة، يقهر العجز بالصمود span style="font-family:"Arial","sans-serif""بعد حادث سيارة وقع له أدى إلى بتر رجله من وسط الفخذ، والأخرى تعاني من الضمور منذ الولادة . span style="font-family:"Arial","sans-serif""ينطلق بقلب ملئه الثقة بالله بأن يفتح عليه ويمده بالقوة وبكل ما يرسم له السعادة . span style="font-family:"Arial","sans-serif""رغم هدير السيارات يواصل زحفه على جانب الطريق، يسابق ريح الألم وأعاصير الانكسارات ومحيطات الضياع والشتات، ينحي الاستسلام جانباً، رحلته بسرعة رغم قسوة الطريق span style="font-family:"Arial","sans-serif""يداه أصبحتا هي العصا التي تساعده على التحرك، لم يدع الظروف تحيط بشراكها عليه، يستمر في ركضه المضني ، يقف بجوار بسطة صغير، كان ينتظره ابنه الصغير والذي لم يتجاوز الحادية عشر من العمر . span style="font-family:"Arial","sans-serif""يطلب من ولده أن يعود للبيت، فيشكل في المكان ألقاً بروحه الوثابة، وحسن تعامله مع الناس، ولطف معشره. span style="font-family:"Arial","sans-serif""حركته الدائمة مزقت ثيابه ولكنها لم تمزق رحلة أيمان عميق وسعادة لا مثيل لها يحملها بداخله، لتضيء له رحلة العمر، وتمده بقوة لا تضاه. span style="font-family:"Arial","sans-serif""الدقيقة 32 : span style="font-family:"Arial","sans-serif""يختبئ خلف أسوار الصمت، يناجي غيم لحظة يزهر بها النبض span style="font-family:"Arial","sans-serif"" لكن هيهات هيهات فقد تجاوز كل المسارات المبهجة span style="font-family:"Arial","sans-serif""ليقع في حصار الثواني، يشعل قناديل الغياب والتداعي span style="font-family:"Arial","sans-serif""فيتوشح الحزن شاله . span style="font-family:"Arial","sans-serif""حاضر غائب، غائب حاضر span style="font-family:"Arial","sans-serif""أمواج الحياة رمت به على شطآن الحيرة، فغرق في لج موحل لم يستطع الهروب منه قيد خطاه، واصل رحلة السقوط والتلاشي، حتى فقد كل رونق مفرح، فذبلت وماتت حوله كل ورود الحياة، أصبح ينهل من ينابيع الحرقة ما يروي عطش اللحظات والمزيد من التعب والمعاناة. span style="font-family:"Arial","sans-serif""تعاكسه الرياح ويعاكس رياح الوقت . span style="font-family:"Arial","sans-serif""الصراعات المتوالية أنسته معاني الأمل والإشراق، فأستوطن مرافئ الشحوب . span style="font-family:"Arial","sans-serif""غادر أروقة السرور وسكن مدن مليئة بالأشباح span style="font-family:"Arial","sans-serif""هجر التحليق في أفياء الأنس، ليجد نفسه غارق في ليل مظلم أوجعه . span style="font-family:"Arial","sans-serif""ودع كل الاتجاهات المخضرة إلى منارات نائية لا يظهر فيها غير الجفاف، وأرصفة منسية بها بقايا حطام لا تجد فيها لذة للحياة . span style="font-family:"Arial","sans-serif""حاول أن يفر مراراً span style="font-family:"Arial","sans-serif""ولكن إلى أين ؟ span style="font-family:"Arial","sans-serif""فكل الأبواب أوصدت في وجهه، الزوايا حل بها القلق وأستبد بها التعب span style="font-family:"Arial","sans-serif""كافة الحدائق احترقت وحل بها السواد span style="font-family:"Arial","sans-serif""انهارت القوى وبددت كل ما يرسم السعادة span style="font-family:"Arial","sans-serif""وحل الضعف والوهن به span style="font-family:"Arial","sans-serif""أصبح صفراً واقعاً، محاطاً بزيف أنساه جمال النسائم، وإشراقة الصباحات الندية، وكل موانئ العطاء span style="font-family:"Arial","sans-serif""، ليظل غريبا يعاني من الذبول span style="font-family:"Arial","sans-serif"". span style="font-family:"Arial","sans-serif""تزحف عليه رمال الشيب فتغمره بحنو بالغ span style="font-family:"Arial","sans-serif""وتنادي عليه صحاري العتمة لكن لم يعد في ذاكرة الوقت span style="font-family:"Arial","sans-serif""سوى بقايا جسد منهك ، يعاني من رحيل الفجر، امتداد الأنين، بعثرة المشاعر وطرق الغياب التي تجذبه عنوة، ليبقى أسيراً لها دائما.