span style="font-family:" Arial",sans-serif"الدقيقة 24 : span style="font-family:" Arial",sans-serif"تنطلق رحلته بين الأزقة والأحياء span style="font-family:" Arial",sans-serif"ينادي بصوت واهن ثلج ثلج span style="font-family:" Arial",sans-serif"برد على كبدك span style="font-family:" Arial",sans-serif"بمقطورته التي يجرها حمار span style="font-family:" Arial",sans-serif"أنياب التعب والسنين قد غرست على ملامح وجهه أثارها span style="font-family:" Arial",sans-serif"يشع النور منه، مسكون بالصفاء والنقاء، يحمل أريحية لا توصف رغم أن تجاوز الثمانين، لم يركن للضعف ولم يدع ليل الاستسلام يطوي أشرعته، ينادي عليه أحدهم يطلب منه قالب ثلج، فينزل من عربته يحمله على كتفه يتقاطر منه بعض الماء ليغطي بعضا من ملابسه في داخله محيطات من الأمل لا تتوقف عند لحظة. span style="font-family:" Arial",sans-serif"يواصل الانطلاق. span style="font-family:" Arial",sans-serif"في هذه الأثناء يرفع المنادي آذان الظهر وسط حرارة لاهبة جدا وصيف حارق، يستجيب للنداء، يربط حماره في عمود قريب من المسجد، وقوالب الثلج على مقطورته، لم يخش أن تسرق، تتلاشى كل الاتجاهات، أرحل ويبقى ذكرى تشعل روعة الحياة، وتمدنا بروح مختلفة تراقص الوقت. span style="font-family:" Arial",sans-serif"الدقيقة 25: span style="font-family:" Arial",sans-serif"في صباح بارد يشع فيه نور الفجر، ينطلق صوب المسجد، رغم ظهره المحدب وما يعانيه من قصر في أحدى رجليه، وجهة مليء بالبشر، يشع نور الأيمان منه، لحيته غزاها البياض، تجاوز السبعين، لم يغب عن المسجد منذ ما ينيف على خمسة وخمسين عاما من لحظة استقراره في هذا الحي span style="font-family:" Arial",sans-serif"تبث روحه في المكان ألقاً مختلفاً span style="font-family:" Arial",sans-serif"يا لطهارة القلوب التي لا تبحث إلا عن الراحة في رحاب الرحمن، فتنسى كل ما يحيط بها من ألم، لتعبر جسور الشوق نحو خالق كريم يمنحه القوة والجلادة فلا يشعر بما به. span style="font-family:" Arial",sans-serif"حين تقف بجواره تحس بأمان لا مثيل له وسعادة تغشاك، يهدهد على روحك فتستكين، فتتقازم أمام ما يحمل من إصرار وارتباط وثيق بربه تعجز الحروف عن وصفه. span style="font-family:" Arial",sans-serif"أفر من نفسي وأتوارى بعيدا حياءً وخجلا، يحيط الارتباك كياني، ويهتز داخلي ويقول لي إلى متى وأنتَ لاه ؟ span style="font-family:" Arial",sans-serif"رغم تسارع سني العمر وسقوط الكثير من أوراقها. span style="font-family:" Arial",sans-serif"الدقيقة 26 : span style="font-family:" Arial",sans-serif"على جبال الصمت تغرد باستحياء، يجذبها حنين الفرح، لكن بداخلها شموخ لا حد له كجبال طويق span style="font-family:" Arial",sans-serif"يزهر بها الوقت والعمر، تجوب المكان ذهاباً وإياباً بحياء كبير تتداعى معه كل إشراقات الضياع تجعلك ترخي نظرك وتطرق إلى الأرض. span style="font-family:" Arial",sans-serif"رغم أن المكان يعج بكثير من المراجعين في هذا المركز الطبي المختص بالأسنان، لكنها تستوطن لغة أخرى، لا ترى من ملا محها أي شيء، فقط تجدها منهمكة في عملها بتفان وهي طبيبة الأسنان المشهورة والتي يشار بالبنان لدقتها وحسن تعاملها. span style="font-family:" Arial",sans-serif"لا تولى للعابرين أي اهتمام، تحلق في فضاءها الآسر بسعادة بالغة، تحيطها عناية المولى، كثيرا ما راجعت هذا المركز الطبي لم أجدها تتحدث مع أي غريب، أو تمنحه ابتسامة عابرة تشعل لهب المشاعر. span style="font-family:" Arial",sans-serif"حتى في تحركها تمشي بهدوء لا تشعر بمرورها أمامك، نظرها لا يتجاوز خطواتها، يا لهذه الدرة المسكونة بالجمال المبهر الذي يترك أثرا لا ينسى. span style="font-family:" Arial",sans-serif"أغادر المكان وأترك شهادة امتنان، بعد تركت بصمتها كربيع به تخضر كل المرافئ وتسر، فتخلد في ذاكرة الأيام تحمل مشاعل أمل تبثها في كافة الاتجاهات والزوايا.