إنه ضوء ساطع فى نفق مظلم طاقة أمل لمستقبل أفضل جاء من جهات غير متوقعة ومن شرائح اجتماعية مهمة تمثل ضمير العالم الذى يعانى من موت سريرى فبعد انكشاف حقيقة ما حدث فى السابع من أكتوبر الماضى وأن الأمر أبدا لم يكن دفاعًا عن النفس كما حاولت آلة الاعلام الإسرائيلى مدعومة من أباطرة التواصل الاجتماعى وأنه فى حقيقة الأمر حرب إبادة بكل المقاييس ومخطط ممنهج لتزوير التاريخ وتعديل الجغرافيا وأن هناك محاولة لإزالة دولة من على الخريطة وإنكار وجود شعب فلسطينى عاش منذ الخليقة فى تلك الرقعة من العالم أجيالا سلمت أجيالا تشهد على ذلك أشجار الزيتون قاومت لعقود طويلة محاولة طردها، عانت من نكبات النزوح، ولكنه ظل صامدًا يواجه آلة حرب لم تعد تفرق بين مقاوم يسعى للحصول على استقلاله وبين الاطفال والنساء والشيوخ فكان الرد من حيث لم تحتسب لها، حكومات يحكمها مصالحها تفرض عليها مواقفها سواء بالمشاركة فى الجريمة تارة أو الصمت العاجز أحيانا كثيرة وفوجئ الجميع بالبشرى انتفاضة طلابية من الجامعات الامريكية والاوربية لم يوقفها تعامل أجهزة الأمن الخشنة أو اعتقال لبعض النشطين فيها تقول (كفى للمجازر) أوقفوا جريمة الابادة وتدعو حكوماتهم التى تزعم حماية حقوق الانسان وترفع زورا وبهتانا لواء الديمقراطية الى التدخل، لم يتوقف الامر عند ذلك بل شهدت دول العالم مقاطعة اقتصادية شملت شركات ومؤسسات كبرى شاركت فى دعم جريمة حرب الابادة وزاد الوعى الجماهيرى بعدالة القضية المنسية بفعل الزمن والزيف ولى الحقائق والسيطرة على الميديا الدولية وكان هذا واصحا من التحول الدرامى فى وسائل التواصل الاجتماعي. وهذه التقارير محاولة للكشف عن مزيد من التفاصيل. المقاطعة.. سلاح أقوى من الرصاص دعاء سامى خسائر وصفت ب«الفادحة» لحقت بشركات موالية أو داعمة لإسرائيل كبدتها المقاطعة الشعبية لمنتجاتها بعدد من دول العالم، خاصة فى الشرق الأوسط، حيث أعلنت تلك الشركات عن خسائر وتراجع مبيعاتها، فيما كشفت تقارير مالية عن انخفاض شديد فى إيرادات شركات داعمة للاحتلال بالمنطقة العربية. وفق إحصائيات رسمية بلغت خسارة شركات المشروبات الغازية والوجبات السريعة العالمية أرقامًا مخيفة خلال فترة ما بعد السابع من أكتوبر. اقرأ أيضًا| الفريق كامل الوزير: وضعنا خطة لجعل مصر مركزًا لوجيستيًا للنقل وأرجعت بعض تلك الشركات سبب تراجع الأرباح إلى الوضع الجيوسياسى فى الشرق الأوسط، مشيرة إلى أنها ستحاول تفادى الأوضاع عبر التسويق وإطلاق عدد من العروض فى المنافذ التابعة لها. على سبيل المثال، قال متحدث باسم مجموعة عالمية تمتلك العلامة التجارية لمقاهٍ عالمية، فى مطلع مارس الماضي، إنه سيتم تعويض العاملين الذين تم الاستغناء عنهم بالشرق الأوسط بسبب المقاطعة. يصف الدكتور أيمن الدهشان استشارى نظم الإدارة الدولية، انتفاضة شعوب العالم ضدّ المجازر التى تُرتكب فى قطاع غزة من خلال تنظيم الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل وإطلاق دعوات متتالية لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية أو الشركات الداعمة لها، بأنها سلاح قوى لمواجهة ما يقوم به الاحتلال من فظائع فى حق الشعب الفلسطينى. وأشار إلى أن هذه الاحتجاجات وحملات المقاطعة لم تكن جهودًا عبثية كما يزعم البعض، مضيفًا «بدأنا نرى بالفعل نتائج هذه الجهود على الصعيدين الاقتصادى والدبلوماسى والنفسي، وأن المرحلة الثانية والأهم من حملة المقاطعة هى إنتاج بدائل لمنتجات الشركات الإسرائيلية، والقضاء على التبعية الإسرائيلية فى جميع القطاعات، بما فى ذلك الاقتصاد والمالية». وأكد الدهشان أنه كلما زاد عدد المنتجات الوطنية المماثلة ومجالات استخدامها، زاد الضرر الذى سيلحق بالهيمنة العالمية لرأسمال الاحتلال، وهو الكابوس الذى يطارد الاقتصاديين الإسرائيليين، موضحًا أن التكاليف الاقتصادية التى ستتحملها إسرائيل من جراء عدوانها المستمر على قطاع غزة باهظة؛ ليس بالنسبة إلى الحكومة وموازنتها العامة فحسب، بل بالنسبة إلى الشركات والمؤسسات وعموم السكان الذين يترتب عليهم فى الحصيلة تحمل هذه التكاليف أيضًا. من الناحية الاقتصادية، يتوقع أن تفضى هذه الحالة العميقة من عدم اليقين إلى الحد من مستويات الاستهلاك، وضرب قطاعَى السياحة والنقل وغيرهما من الخدمات، وستؤثر هذه الحالة كذلك فى جاذبية الاقتصاد الإسرائيلى للعمالة الأجنبية؛ ما يعنى أنه سيواجه سلسلة من الارتفاعات فى الأجور بسبب نقص المعروض من العمالة، خصوصًا إن أفضت هذه الحالة إلى هجرة عكسية إلى خارج الأراضى المحتلة. وقدم الدهشان بعض النصائح لدعم قضية المقاطعة أولها منع هذه المنتجات تمامًا، وكذلك توقف الأسر عن التواجد فى أماكن التوكيلات الأجنبية الداعمة للاحتلال، وتشجيع المنتج المصرى مع نشر ثقافة المقاطعة مع كل الأطفال وتشجيعهم على ذلك. تراجع الاستثمارات الدكتورة جاكلين رفعت خبيرة الاقتصاد وإدارة الأعمال أكدت بدورها أن حملات المقاطعة للمنتجات الإسرائيلية تعد إحدى الأدوات المستخدمة من قبل بعض أفراد المجتمع للضغط على الجانب الإسرائيلى أو كنوع من التعبير عن الرفض لسياسات وانتهاكات الاحتلال ضد الفلسطينيين لكن يجب أن يكون عبر طرق مشروعة ومدروسة حتى لا تضر بالاقتصاد المصري، فكثير من مؤيدى فكرة المقاطعة لا يعرفون مدى خطورتها على الاقتصاد المصري، وما تتكبده من آثار سلبية تنعكس تبعاتها بشكل ملحوظ ولافت على العمالة بالمحلات المحلية والاقتصاد بشكل عام. من أبرز الآثار السلبية تراجع وانخفاض حجم التجارة بين مصر وإسرائيل وبالتالى زيادة أسعار السلع البديلة بشكل ملحوظ، وفقدان كثير من الوظائف للذين كانوا يعملون فى أماكن لها علاقة بأمريكا أو التوكيلات الأجنبية داخل مصر، مضيفة «يجب ألا ننسى هذه العمالة المصرية والتى من المؤكد تعول الكثير من الأسر ومن الصعب أن تعثر على وظائف بديلة فى ظل الظروف الحالية فيضطرون إلى البقاء فى وظائفهم على رغم انخفاض المبيعات وأجورهم بالتبعية. ونبهت جاكلين إلى أن المستثمرين أيضا فى السوق المصرى قد يترددون كثيرا قبل أن يفكروا فى التعامل محليًا، ما قد يؤدى إلى تراجع الاستثمارات الأجنبية فى مصر، موضحة أن ذلك سيؤثر على العلاقات الاقتصادية والسياسية بين مصر وبعض الدول التى لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بأمريكا. وأشارت إلى أن كل عملة لها وجهان وأن كل ظرف له آثاره المظلمة وفى الوقت نفسه قد يشع منه نور، حيث إن المقاطعة جعلت المصريين يبحثون عن بدائل محلية لكل المنتجات ما يعزز من تلك البدائل ويدعم الصناعة الوطنية بل الأكثر من ذلك اتجهت عقول وأفكار الشباب نحو تطوير وابتكار منتجات لم تكن موجودة من قبل لتلبى طلبات المجتمع فتغيير سلوك المستهلكين بتشجيع الاقتصاد المصرى يعتبر أهم مكتسبات المقاطعة. وتابعت، «بات الشباب والأجيال الجديدة على دراية بالقضية الفلسطينية، وزادت المشاركة المجتمعية فى القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية بما يعمق من الهوية الوطنية والتضامن مع القضايا العربية». عام علي العدوان (هناك عقود لا يحدث فيها شيء، وهناك أسابيع تحدث فيها عقود) صاحب هذه المقولة الزعيم الروسى الشهير فلاديمير لينين. وهى تجسد بكلمات قليلة حقيقة أن ما شهدته المنطقة ليس فى أسابيع، كما أشار، ولكن خلال عام كامل، لم يكن على بال بشر، حيث لم يتوقع أكثر المراقبين وأعتى المحللين أو حتى الذين يعملون على استشراف المستقبل أن نعيش وقائع ما حدث منذ عام بالتمام والكمال عندما بدأت عملية طوفان الأقصى التى أصبحت حدا فاصلا بين عالمين ما قبله وما بعده. سيتم تسجيلها فى كتب التاريخ كأحد أبرز أحداث القرن الحادى والعشرين، حيث كان رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو يروج لعالم جديد فى منطقة الشرق الأوسط تكون تل أبيب محوره وأساسه، كان يحلم بمسار تطبيع العلاقات مع كل دول الجوار، وقف قبلها بأيام أمام الأممالمتحدة يعرض خرائط أحلامه ولكنه مع أول تحرك لفرد من أفراد المقاومة باتجاه غلاف غزة اكتشف أنها كانت أضغاث أحلام، كوابيس سوداء، خطوطا على الرمال سرعان ما جاءت أمواج الطوفان العاتية حتى أزالتها من الوجود، لم يكن الأمر متعلقا بنتنياهو الذى سعى إلى كتابة تاريخه الخاص بأنه بانى إسرائيل الكبرى وصاحب الإنجازات التى تفوق الآباء والأجداد المؤسسين لإسرائيل بل وصلت إلى كرامة الجيش الإسرائيلى الذى عاش فى وهم بأنه الجيش الذى لا يقهر، أنه درة تاج الدولة وفخرها حتى إن البعض يتحدث عن أن إسرائيل جيش صنع دولة. الرد كان مأساويا بقدر الحدث، مذابح فاقت كل تخيل وكل تصور فى حق المدنيين العزل فى قطاع غزة. استهدف نتنياهو ومعه شركاؤه على المستوى العسكرى لإزالتها من على الخريطة لتسويتها بالأرض حيث خطط لمن سيعيش بعد المحرقة أن يسعى إلى النزوح الثانى أو الثالث فى تاريخ الشعب الفلسطينى، سعى أيضا إلى إنهاء أى مقومات لحلم الدولة الفلسطينية عندما أدخل الضفة الغربية ضمن بنك أهدافه، ترك العنان لغلاة المستوطنين تحت سمع وبصر الجيش فى مخطط لتوسيع الاستيطان وزيادة أعداد المستوطنين ودخلت ساحات أخرى على خط المواجهة من لبنان حيث حزب الله واليمن من قبل جماعات الحوثى والعراق. تحالف القوى المسلحة صعد فى الأسابيع الأخيرة من معدلات استهداف قيادات فى العديد من جماعات المقاومة وفى أكثر من ساحة حتى وصل إلى قلب العاصمة الإيرانية طهران حتى باتت المنطقة أمام مخاوف حقيقية من حرب إقليمية تلوح مقدمتها فى سماء المنطقة قد تأتى على الأخضر واليابس. وقد خصصت «الأخبار» عددا من الحلقات بمناسبة مرور عام على السابع من أكتوبر، حرصنا فيه على تسجيل الصورة كما هى من جميع جوانبها. رصدنا توابع زلزال السابع من أكتوبر من خلال رصد وثائقى لكل مذابح إسرائيل واعتداءاتها على البشر والحجر. توقفنا عند انعكاس ما حدث على جميع الساحات العربية والإقليمية وبالطبع من داخل إسرائيل وبحثنا عن (طاقات نور) ضمن هذه المأساة فلم نجدها سوى فى الموقف المصرى الواضح والصريح الذى نجح فى وقف مخططات التهجير والنزوح وكان عاملا مساعدا فى تخفيف معاناة أهل غزة من خلال المساعدات الإنسانية وكذلك زيادة الوعى الشعبى فى كل دول العالم حول حقيقة العدوان الإسرائيلى الذى تمثل فى مظاهرات طلبة الجامعات فى العديد من دول أوروبا وأمريكا ومن زيادة معدلات المقاطعة لكل ما يتعلق بإسرائيل ومن يساندها. وهذا هو الجزء الخامس انهيار أكذوبة «سوبر إسرائيل» قتل وسلب وانتهاك لكل مشاعر الإنسانية، إبادة لا تتوقف وأطفال تبكى إما خوفا من الموت أو لشعورهم بالجوع نتاج مجاعة فرضت قسرا عليهم، أمهات عاجزات يبكين حزنا على فراق أحبائهم الذين إما أنهم نالوا الشهادة أو فتك بهم المرض نتاج عدم وجود الدواء. صور تزداد سوءا يوما بعد يوم وكل هذا يحدث فى فلسطين والصمت العالمى يفرض نفسه لتبقى الأسئلة الأهم هل لهذه الصور تأثير فى صناعة وعى الأجيال القادمة؟!، وكيف ساهمت هذه الحرب فى أفكار الأجيال القادمة ونظرتهم للاحتلال الإسرائيلي؟!، ماذا عن أكذوبة إسرائيل «حمامة السلام» التى ظلمها جيرانها وهل هذه الحرب تسببت فى ظهور وجه إسرائيل المغتصب للحقوق؟ الدكتورة نهى بكر، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، اعتبرت أن العدوان الإسرائيلى الأخير كان له تأثير كبير فى تشكيل وعى الأجيال القادمة ليشمل كافة الفئات والأعمار وتصحيح كثير من المفاهيم المغلوطة التى حاولت إسرائيل فى الفترة الماضية زرعها فى العقول. وقالت إن تأثير هذه الحرب شمل شقين الأول هو النشء الأجنبى والأجيال من كافة أنحاء العالم الذين كونوا أخيرا صورة أكثر وضوحا عن القضية الفلسطينية وعدلت من مواقفهم الداعمة لإسرائيل وظهر الوجه الحقيقى لهم بل اصبح الموقف العالمى لكافة الأجيال فى كثير من دول العالم داعما للشعب الفلسطينى ورافضا للانتهاكات الإسرائيلية.. وتوضح أما الشق الثانى فهو خاص بالنشء العربى فقد صنع هذا العدوان تشابكا واضحا للنشء والأجيال العربية مع القضايا الإقليمية، وعلمنا قيم التماسك، وأن الانقسامات فى المجتمعات تؤدى إلى مزيد من الانهيار، وتخدم مصالح الاحتلال وفى نفس الوقت فإن بشائع الاحتلال أعادت مشاعر الغضب للواجهة مرة أخرى بعد ما كان فى محاولات من الاحتلال تقريب وجهات النظر وتحسين صورته. بينما يرى الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي، أن العدوان الإسرائيلى على غزة ومظاهر الانتهاك التى لا تنتهى جعل من الخيال وأفلام الأكشن صورة أكثر رحمة من الوحشية التى يصنعها الاحتلال وجعل الواقع هو الأسوأ على الإطلاق. وينبه إلى أن هذه الوحشية صنعت من إسرائيل دراكولا المنطقة الجديد والذى يستمتع بامتصاص دماء الأبرياء دون أن يتأثر وهذه الانتهاكات بالفعل كان لها تأثير فى وعى الشعوب كافة بمختلف الفئات العمرية ولعل النشء هم الأكثر تأثرا بهذه الحرب.. ويضيف أن أهم تأثيرات هذه الحرب أنها أعادت إسرائيل لعزلتها مرة أخرى وأظهرت هذه الاعتداءات الوجه الحقيقى للاحتلال ودمرت صورة الدولة المزعومة الداعية للسلام وأظهر واقعها الحقيقى أنها ليست سوى دولة المذابح القاتلة الممارسة لأبشع مظاهر القتل والبلطجة.. ويوضح أن من أهم تأثيرات الحرب أيضا أنها دمرت صورة «السوبر مان الإسرائيلي» بعد أن استطاعت المقاومة الفلسطينية قهرها فى السابع من أكتوبر وكسرت غرورها العسكرى وعلى الرغم من كل ما تفعله من جرائم فإسرائيل تعلم علم اليقين أن صورة القوة التى كانت تدعيها اهتزت أمام العالم أجمع وبالأخص النشء والأجيال القادمة. انتفاضة الجامعات.. فضحت زيف الديمقراطية محمد العراقى فى الوقت الذى يشهد فيه العالم صمتا وعجزا لوقف نزيف العدوان والجرائم الوحشية فى غزةولبنان وجرائم الإبادة التى يرتكبها الاحتلال ضد الأبرياء فى البلدين، أبى ضمير الطلاب فى شتى بقاع العالم أن يشارك فى هذا الصمت، فانتفضت جامعات العالم دعما لفلسطين، مبرزة جرائم الاحتلال ليس هذا فحسب بل كان له الأثر فى تحريك المياه الراكدة لدى الحكومات لتعدل جزءا من خطاباتها تجاه القضية الفلسطينة. ولعل الأهم فى احتجاجات طلاب الجامعات العالمية أنها كان لها الدور الأكبر فى زيادة الوعى بالقضية وكشف الوجه الزائف للاحتلال ودحض المظلومية التى يعيشها ليصبح طلاب العالم «صوتا واحدا» استطاع كسر الصمت الدولي. والبداية كانت من الولايات المتحدة وعلى غير المتوقع، استطاع الطلاب الأمريكيون تنظيم تظاهرات حاشدة دعما للقضية الفلسطينية فى الوقت الذى كان يتسم فيه الخطاب الأمريكى بالدعم الشديد لإسرائيل. وعبر سلسلة الاحتجاجات فى الجامعات الأمريكية بدأ انكشاف زيف الديمقراطية الأمريكية والتى تعاملت مع هذه المظاهرات بالعنف الشديد والتهديد بالفصل التعسفى أو الطرد فضلا عن حملات الاعتقالات الكبيرة التى قامت بها السلطات هناك قمعا لهذه التظاهرات. شهدت جامعة كولومبيا تظاهرات طلابية كبيرة ووصلت إلى الاعتصام فى بعض الأوقات دعماً لغزة، ونظم الطلاب أيضا حملات توعية ومحاضرات تثقيفية حول القضية الفلسطينية. وأدى ذلك إلى اضطرار الجامعة إلى اتخاذ قرار بإعادة النظر فى استثماراتها فى الشركات التى تدعم الاحتلال الإسرائيلي. كذلك أجبرت التظاهرات الطلابية فى الجامعة ذاتها وما تبعها من ملابسات رئيسة الجامعة دكتورة نعمت شفيق إلى الاستقالة من منصبها لتنجح الحركة الطلابية هناك فى تحريك المياه الراكدة فى أمريكا وتكون شرارة الانطلاق لحركة طلابية أكبر شهدتها أبرز الجامعات هناك وعلى رأسها جامعتا نيويورك وبيركلى فى كاليفورنيا اللتان لم يخش طلابهما القمع الذى تعرضت له جامعة كولومبيا وسارا على نفس النهج واستطاعا بفضل التظاهرات الحاشدة هناك والتحركات الطلابية الواعية صنع حالة من الوعى كبيرة بالقضية الفلسطينية بين أعضاء هيئة التدريس والطلاب وإعادة النظر من قبل إدارات الجامعات تجاه الاستثمارات الداعمة للاحتلال. جامعة السوربون ومن أمريكا إلى أوروبا يظل ضمير الطالب العالمى حيا برغم محاولات قوات الاحتلال إسكاته بممارسة الضغط على الحكومات والتى تعاملت ببعض من الحكمة فى تعاملها مع التظاهرات الطلابية. ففى فرنسا شهدت الجامعات تظاهرات حاشدة وانتفاضة طلابية دعما للقضية الفلسطينية فكان لجامعة السوربون ومعهد الدراسات السياسية بباريس وجامعة ليون بداية الانطلاق بهذه التظاهرات التى شملت الاحتجاجات الطلابية شكلا إضافيا من مظاهر الاحتجاج لدعم القضية وزيادة الوعى بها بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس وهو القيام بتنظيم محاضرات وندوات توعوية حول تاريخ فلسطين ومعاناة الشعب لينتج عن هذه التحركات انضمام الجامعة إلى الجامعات التى أعادت النظر فى التعامل مع الشركات الداعمة للاحتلال. الوعى الطلابى العالمى الصورة لم تختلف كثيرا فى باقى أنحاء القارة العجوز، بل تطابق الموقف الطلابى العالمى الذى كان له كلمته الواحدة وهى دعم فلسطين ورفض ممارسات الاحتلال، ففى إسبانيا شهدت جامعة برشلونة وجامعات الأقاليم الأخرى تظاهرات حاشدة داعمة لفلسطين. وانتقل الصوت الطلابى إلى هولندا والتى ثارت بتظاهرات كبيرة فى جامعة أمستردام التى رفضت ممارسات الاحتلال بقتل آلاف الأبرياء واغتيال الأطفال. وكذلك جامعة دبلن فى أيرلندا لتساهم هذه التحركات فى زياة الوعى بالقضية وإظهار زيف مظلومية الاحتلال. كتلة تصويتية الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أكد أن التحركات الداعمة للقضية الفلسطينية لا تقتصر على التحركات الطلابية فقط بل هناك التصاق واضح مع كافة الحركات الشبابية دعما لها ويؤكد بما لا يدع مجالا للشك الاهتمام الكبير من الشباب بالقضايا السياسية وهذا الأمر ليس بجديد. ويشير إلى أن التحركات الطلابية الواعية وعلى رأسها تلك التى كانت بأمريكا تؤكد إدراك الشباب بقدراتهم على التأثير على الرأى الرسمى للحكومات وأن مثل هذه التحركات لها قدرة سحرية على الضغط على الحكومات لتعديل خطاباتهم لزيادة الدعم للقضية الفلسطينية. ويضيف أن مثل هذه الحركات تستطيع فعل ما تعجز عنه المؤسسات الرسمية العالمية خاصة أن الحكومات تتعامل معهم باعتبارهم كتلة تصويتية تؤثر فى أى حراك انتخابي. ويوضح أن مثل هذه التحركات لها فوائد عظيمة وعلى رأسها زيادة الوعى بالقضية الفلسطينية نتاج الاحترافية الكبيرة التى تعامل معها الطلاب بتوثيق جرائم الاحتلال والقدرة الكبيرة على التأثير على وسائل الإعلام للاستجابة لهم والذى كان له أثر واضح فى تغيير كثير من سياسيات بعض الدول تجاة القضية الفلسطينية. ذبح الدعم للفلسطينيين ب«خنجر» فيسبوك وأخواته عام مضى على مجازر إسرائيل فى غزة.. تدليس إسرائيلى من خلال استخدام مواقع التواصل الاجتماعى وخوارزمياتها كجزء من استراتيجياتها الإعلامية فى الصراع، حيث لم تقتصر أدوات الاحتلال على الأسلحة التقليدية أو الحروب الاستخباراتية، بل امتدت لتشمل السيطرة على الرأى العام عبر الإنترنت. وعبر شركات التكنولوجيا الكبرى نفسها، نجحت فيها إسرائيل فى تكييف الخوارزميات لحجب الهاشتاجات التى تدعم القضية الفلسطينية، وتضليل الجمهور بتمويل حملات رقمية تهدف إلى تشويه الحقائق وتوجيه السردية الإعلامية لصالحها. بدأ يظهر بشكل واضح قمع المحتوى الفلسطينى على المنصات الرقمية، وحجب المنشورات التى تسلط الضوء على الانتهاكات الإسرائيلية، ومعاقبة من يجرؤ على نشر الحقائق، كجزء من حملة مدروسة لإخماد الصوت الفلسطينى ومنع تداوله على مستوى عالمي، ما أدى إلى تشويه واسع للوقائع وإعادة تشكيل الرؤية العالمية للصراع. لكن «السحر انقلب على الساحر» فرغم الجهود المكثفة للسيطرة على السوشيال ميديا، أصبحت المنصات نفسها سلاحاً مزدوجاً وخنجرا فى ظهر إسرائيل. بفضل الانتشار الواسع للمحتوى الفلسطينى والتفاعل الدولى معه، وباتت وسائل التواصل الاجتماعى صداعاً دائماً فى رأس الاحتلال، حيث تواصل الأصوات الحرة تحدى الرواية الرسمية وكشف الحقائق للعالم. شهدت مواقع التواصل الاجتماعى معركة افتراضية ضد الاحتلال الإسرائيلى وانتهاكاته المستمرة فى القدس وعدوانه على قطاع غزة، فى وقت انتاب الغضب عددا كبيرا من النشطاء الفلسطينيين بعد حظر مواقع تواصل اجتماعى مثل إكس وفيسبوك وإنستجرام لحساباتهم إثر نشرهم لمحتويات تتعلق بالأحداث الدائرة فى فلسطين. إزالة الهاشتاجات هاشتاجات مرتبطة بالقدس وحى الشيخ جراح واللد وغزةوفلسطين وإسرائيل تصدرت مواقع التواصل الاجتماعى فى البلدان العربية منذ بدأ التصعيد فى الاشتباكات فى القدس والعدوان فى غزة. شركات عدة مثل ميتا المالكة لفيسبوك وإنستجرام ومنصة إكس (تويتر سابقا) أزالت ملايين المنشورات بعد هجوم حماس والرد الإسرائيلى بقصف غزة، بناء على قوانين تتعلق بالمحتوى، والتى تتضمن عادة تحذيرا من نشر مواد عنيفة أو تحرض على العنف والكراهية، ليثار لغط واسع عبر «السوشيال ميديا» حول معايير التعامل مع المحتوى المرتبط بالصراع الفلسطينى الإسرائيلى حالياً، بعد تعرض عديد من الحسابات لحذف منشورات بعينها أو حظر بعض الهاشتاجات مثل القدس أو الأقصى. وتباينت مواقف شبكات التواصل الاجتماعى إزاء حرب غزة، وتطبيق سياساتها على المحتوى المتداول بشأنها. ففيما اتفقت جميعها على حظر المنصات التابعة لحركة حماس، تباينت فى صرامة تطبيقها لمعايير الحظر إزاء محتوى النقاش والتفاعل بشأن الصراع. وبينما كانت «ميتا» الأكثر صرامة وسط تهم واسعة لها بالتحيز لصالح إسرائيل، كانت تطبيقات «تلجرام» و»تيك توك» و»إكس» أكثر مرونة، ما وضعها تحت ضغوط سياسية للإذعان لقوانين مناهضة الدعاية الإرهابية، علاوة على الحملات التى شنتها تل أبيب على المشاهير الداعمين للقضية الفلسطينية أمثال بيلا حديد ودوا لوبيا وغيرهما. قيود مفروضة منذ بداية الأحداث فى غزة، تبنت «ميتا» سياسات هى الأكثر صرامة إزاء المحتوى المتعلق بالهجمات فى القطاع، وأعلنت الشركة أنها أزالت فى الأيام الثلاثة التى تلت يوم 7 أكتوبر 2023، أكثر من 795 ألف عنصر محتوى باللغتين العبرية والعربية أو ميزتها على أنها مزعجة بسبب انتهاكها لسياساتها، ولاسيما المتعلقة بالمنظمات الخطرة والمحتوى العنيف والحض على الكراهية، وهو ما يمثل سبعة أضعاف الشهرين السابقين للأحداث.. كما أعلنت «ميتا» عن مجموعة من السياسات الاستثنائية، التى تضمنت تغيير الإعداد الافتراضى المتعلق بالأشخاص الذين يمكنهم التعليق على منشورات «فيسبوك» العامة التى تم إنشاؤها لأشخاص فى المنطقة إلى الأصدقاء أو المتابعين الموجودين فقط، مع عدم التوصية بالمحتوى الذى يحتمل أو على وشك أن ينتهك السياسات، فضلاً عن حظر بعض الهاشتاجات على «إنستجرام» ومنع البحث بها حتى وإن لم يتم حذف المحتوى الذى يتضمنها، مع فرض قيود على خاصية البث المباشر. ولم تتوقف سياسات «ميتا» عند حدود حظر المحتوى «المخالف» لمعاييرها، وإنما امتدت إلى مقاطعة الفعاليات التى يشتبه فى تبنيها مواقف مشابهة، إذ أعلنت فى 20 أكتوبر الماضى عدم المشاركة فى قمة الويب العالمية المقرر انعقادها فى لشبونة بين 13 و16 نوفمبر الجاري؛ احتجاجا على تغريدة للرئيس التنفيذى ومؤسس القمة، بادى كوسجريف، قال فيها: «جرائم الحرب هى جرائم الحرب حتى عندما يرتكبها الحلفاء، ويجب أن يتم التنديد بها»، وهو ما اضطره للاستقالة والاعتذار عن أى ضرر تسبب فيه. وعلى الرغم من تأكيدات «ميتا» المتكررة أنها لا تنتهج سياسات ممنهجة لقمع حرية التعبير أو التحيز المقصود لطرف دون آخر، كان الحظر والمنع وتقليل فرص الوصول سمة عامة للمحتوى الداعم للفلسطينيين، وتوسعاً فيما يتم اعتباره «معاداة للسامية»، مقابل انتشار المحتوى الإسرائيلى التحريضى ضد الفلسطينيين.