لا أرى نقطة ضوء فيما يحدث فى المنطقة، نتنياهو يفعل ما يريد لإنشاء شرق أوسط جديد على طريقته، وأمريكا تقر وتعترف بأن أحداً لن يستطيع الضغط عليه فى حالة عدم قبول حزب الله شروط إسرائيل، وأكدت رسائل أمريكية للمسئولين اللبنانيين أن «واشنطن لم تعد قادرة على الضغط على إسرائيل لفعل أى شيء». شرق أوسط دموى يقوم على أنقاض غزة والضفة الغربيةوجنوبلبنان، وتدمير القدرات العسكرية التى تمتلكها المقاومة، وإخلاء مناطق عازلة تمنع الاقتراب من حدود إسرائيل لأقصى مدى ممكن. وخطة نتنياهو ليست سراً.. فى سبتمبر العام الماضي، وأثناء إلقاء كلمته أمام الجمعية العامة، رفع بنيامين نتنياهو صورة لخريطة الشرق الأوسط الجديد، تشرح حدود السلام والتطبيع فى منطقة الشرق الأوسط، وشملت مناطق باللون الأخضر للدول التى تربطها اتفاقيات سلام مع إسرائيل، ولم تشمل الخريطة أى ذكر للدولة الفلسطينية، بل كلمة إسرائيل وتضم أيضا الضفة الغربيةوغزة. نتنياهو يريد التطبيع والعلاقات الاقتصادية والتعاون المشترك مع الدول العربية، ويريد أيضاً التخلص من حماس وحزب الله، وضم كل فلسطين إلى إسرائيل، وبدلاً من أن تكون «الأرض مقابل السلام» أصبح التطبيع عربون السلام. نتنياهو لا يريد إنهاء الحرب ولا تسليم الرهائن والحفاظ على حياة ما تبقى منهم، وأصبح زعيماً شعبياً فى إسرائيل على جثث الضحايا الفلسطينيين وحرب الإبادة ويعتبره الإسرائيليون المؤسس الثانى لدولتهم، واختفت تماماً كل الجماعات والأصوات التى كانت تنادى بالسلام.. وفى خطابه أمام الكونجرس الأمريكى الشهر الماضي، تحدث نتنياهو عن حلف عسكرى جديد أطلق عليه «إبرام» يضم دولته والولايات المتحدة وبعض الدول العربية، للتصدى لإيران وكسر شوكتها فى المنطقة وتدمير قدرتها على إنتاج أسلحة نووية. والشرق الأوسط الجديد على طريقة نتنياهو هو ضمان قوته وهيمنته وسيطرته على المنطقة، وإثارة مخاوف دول الخليج من أطماع إيران، والقضاء التام على القضية الفلسطينية، والتخلص من حزب الله على طريقة ضرب حماس فى غزة. والطريق الى إقامة الشرق الأوسط الجديد الذى يخطط له نتنياهو، يمر عبر استخدام القوة المفرطة بكل صورها، بما فى ذلك الأسلحة المحظورة دولياً، وتفجير وسائل الاتصال فى وجوه وأجساد قادة حزب الله، وقتلهم فى عقر دارهم، وإسكات أى سلاح يُصوب تجاه إسرائيل. وكما أكدت الأحداث ان حماس لن تستطيع الانتصار على إسرائيل ووراءها أمريكا والغرب، حزب الله « أيضاً » لن يستطيع الانتصار على إسرائيل، مهما تحدث حسن نصر الله عن القدرات العسكرية الجديدة التى يمتلكها، وإصراره على الرد واستعداده له. وتتعقد المسألة أكثر وأكثر بإصرار إسرائيل « كمرحلة أولى » على منطقة عازلة بعمق 10 كيلومترات فى جنوبلبنان، ليس فيها بشر ولا حجر، وإذا رفض حزب الله فاجتياح لبنان هو البديل الآخر. العالم لا يحرك ساكنا والدول الغربية تتفرج والأمم المتحدة عاجزة وأمريكا لا تستطيع الضغط ، ونتنياهو يدفع المنطقة لحافة الهاوية، وإذا امتد نطاق الحرب فلن يستطيع أحد أن يتنبأ بمسارات الاحداث.