خلال أسبوعين تقريبا، من 23 سبتمبر 2023 حتى 9 أكتوبر 2023، تحدث رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو عن "تغيير الشرق الأوسط"، لكن بمفهومين مختلفين. الأولي: قبل عملية طوفان الأقصى، وتحديدا يوم 23 سبتمبر 2023 وهو يلقي خطابه أمام الأممالمتحدة، ويرسم صورة خضراء لمنطقة الشرق الأوسط في ظل التطبيع. والثانية: عقب عملية طوفان الأقصى، وهو يخطب متوعدا حماس، حيث قال يوم 9 أكتوبر 2023، أن رد إسرائيل على الهجوم غير المسبوق الذي نفذته حماس من قطاع غزة "سيغير الشرق الأوسط". في المرة الأولي، وبينما كان الحديث يزدهر عن قرب التطبيع الإسرائيلي السعودي، أمسك نتنياهو، أثناء خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بخريطة، مكتوب عليها بالإنجليزية "الشرق الأوسط الجديد" ويكسوها اللون الأخضر، ويظهر فيها السعودية والبحرين والامارات ومصر والسودان وإسرائيل والأردن. https://ichef.bbci.co.uk/news/800/cpsprodpb/2357/live/b6f9ee20-59a6-11ee-a99b-a507f388630d.jpg في هذه المرة أختفي أسم "فلسطين" تماما من الخريطة الخضراء، وظل نتنياهو يتحدث بسعادة حول آفاق وآثار التطبيع والسلام مع الدول العربية، ودوره في "تغيير الشرق الأوسط". لم تشمل الخريطة أي ذكر لوجود دولة فلسطينية، حيث طغى اللون الأزرق، الذي يحمل كلمة إسرائيل، على خريطة الضفة الغربيةالمحتلة كاملة، بما فيها قطاع غزة، وفق شبكة "BBC" 23 سبتمبر/أيلول 2023. وسخرت منه وسائل إعلام إسرائيلية، قائله إن نتنياهو "يكذب" بشأن خريطة إسرائيل، التي عرضها أمام الأممالمتحدة، لأنه "لا مكان فيها لحل الدولتين"، وتساءلت "من هو إذن الجانب الذي يريد أن يصنع نتنياهو معه السلام؟!". وبعد أكثر من أسبوعين، وعقب الصفعة التي تلقاها من حركة حماس بعملية "طوفان الأقصى" عاد نتنياهو ليقول إنه "سيغيّر الشرق الأوسط"، وهو يتحدث عن رد إسرائيل على هجوم حماس. لم يحدد كيف سيفعل ذلك؟ لكن تدميره قطاع غزة وإعلان وزير دفاعه الحصار الكامل ومنع الطعام والشراب والمياه والكهرباء عن غزة، وترويج قادته العسكريين لاحتمالات غزو قطاع غزة بريا، ربما هي ما يقصده. في الحالتين شتان بين "الشرق الأوسط" الذي كان يتحدث عنه نتنياهو، بين "الأخضر" بلون السلام الممزوج بالتطبيع، و"الأحمر" الممزوج بلون دم الشعب الفلسطيني. محللون رجحوا أن مقصد نتنياهو من تغييره الشرق الاوسط هو القيام بعملية إسرائيلية واسعة النطاق ضد حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة، بغرض القضاء عليهما، واعتبروا أنه هدف صعب تحقيقه. أشاروا لأن هدف القضاء على غزة يتعارض مع رؤية التطبيع الأخضر الذي تحدث عنه نتنياهو والذي يطمح أن يغير الشرق الأوسط لصالح تعاون الدول العربية مع دولة الاحتلال. وتُظهر مؤشرات عدة أن الاحتلال يعد العدة لتنفيذ توغل بري في قطاع غزة، عقب عملية "طوفان الأقصى" التي أعلنت عنها حركة "حماس"، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، إن الجيش سينفذ هجوماً برياً. وكان ملفتا قول "غالانت" متحدثاً للجنود قرب سياج غزة، إن "حماس تريد التغيير وستحصل عليه، فما كان في غزة لن يكون موجوداً بعد الآن"!. ماذا يقصد نتنياهو بتغيير الشرق الأوسط؟ وكيف؟ وهل بمقدرة نتنياهو رسم الشرق الأوسط في حالتي التطبيع والحرب معا؟ وما هي السيناريوهات المتوقعة لنتائج خطة نتنياهو الدموية والخضراء في آن واحد؟! هل ارسال أمريكا وبريطانيا حاملات طائرات وطائرات مقاتلة وأطنان من السلاح لحماية إسرائيل والحديث عن ممر أمن واغراءات للسيسي لتهجير الفلسطينيين من غزة إلى العريش بسيناء هدفه تمهيد الطريق لتسوية غزة بالأرض وانهاء المقاومة وبناء هذا الشرق أوسط الجديد؟!!