اليابان تستخدم قصتها المأساوية مع هيروسيما وناجازاكي لمحاربة تهديدات روسيا النووية

على الرغم من كونها الدولة الوحيدة التي تعرضت لهجمات نووية في التاريخ، لم تحرج اليابان من انتقاد روسيا بسبب "تهديداتها النووية" المتكررة في سياق الحرب الأوكرانية، إذ في كلمات ألقاها أمام مجلس الأمن الدولي ومجلس النواب الأمريكي، شجبت طوكيو موسكو بشدة على خطابها النووي دون الإشارة إلى أن الولايات المتحدة، حليفتها الحالية، هي من قصفتها بالقنابل الذرية في هيروشيما وناجازاكي عام 1945.
هذا التناقض الصارخ في المواقف أثار استياء روسيا واتهامها لليابان بازدواجية المعايير وتزييف الحقائق التاريخية، مما يكشف النقاب عن تعقيدات الدبلوماسية والسياسة الدولية المعاصرة.
أدانت اليابان روسيا بسبب ما تعتبره "تهديدات نووية"، مذكّرة بأنها كانت الدولة الوحيدة في التاريخ التي تعرضت لقصف نووي. ومع ذلك، لم تذكر أن الولايات المتحدة، التي تعد حليفتها الحالية، هي التي أسقطت الأسلحة النووية فوق رؤوسها.
وفي حديثها أمام مجلس الأمن الدولي، أدانت نائبة الممثل الدائم لليابان لدى الأمم المتحدة، شينو ميتسوكو، تصرفات موسكو ضد أوكرانيا، بينما انتقدت ما أسمته "الخطاب النووي المتكرر لروسيا".
وأضافت الدبلوماسية اليابانية : "باعتبارها الدولة الوحيدة التي عانت من القصف الذري أثناء الحرب، فإن اليابان لن تقبل أبدًا التهديدات النووية الروسية، ناهيك عن أي استخدام للأسلحة النووية"
وشددت على أن كارثتي هيروشيما وناجازاكي يجب ألا تتكررا أبدا، دون أن تذكر الدولة المسؤولة.
وفجرت الولايات المتحدة قنبلتين ذريتين فوق هيروشيما وناجازاكي في أوائل أغسطس 1945، مما أسفر عن مقتل ما بين 129 ألف و226 ألف شخص، معظمهم من المدنيين، فيما يظل القصف هو المثال الوحيد في تاريخ البشرية الذي استخدمت فيه الأسلحة النووية في القتال، ولعقود من الزمن، رفض رؤساء الولايات المتحدة الاعتذار عن هذه المأساة.
وفي سياق مماثل، ألقى رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا كلمة أمام الكونجرس الأمريكي، وبخ فيها روسيا على "مواصلتها التهديد باستخدام الأسلحة النووية، الأمر الذي ساهم في إثارة القلق العالمي من أن كارثة أخرى ناجمة عن استخدام الأسلحة النووية هي كارثة حقيقية".
كما أنه لم يشر إلى الهجوم النووي على اليابان كان بأيادي أمريكية.
ورد دميتري بوليانسكي، النائب الأول لسفير روسيا لدى الأمم المتحدة، على تصريحات كيشيدا بالقول: "يا له من عار وعار".
وفي الوقت نفسه، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن المحاولات الواضحة للتقليل من أهمية الدور الأمريكي في القصف الذري على اليابان وإشراك روسيا بشكل خاطئ في السرد هي "مثال كلاسيكي على الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة".
وعلى الرغم من التكهنات في الغرب بأن روسيا قد تلجأ إلى الخيار النووي ضد أوكرانيا، فقد أكد المسؤولون في موسكو مراراً وتكراراً أن روسيا لن تستخدم ترسانتها النووية إلا إذا كان وجودها ذاته على المحك، مؤكدين على أن حرباً نووية لا ينبغي خوضها أبداً.
وفي الوقت نفسه، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الشهر الماضي إن روسيا «مستعدة لحرب نووية من الناحية العسكرية والفنية»، ومضى في استبعاد استخدام الأسلحة النووية التكتيكية ضد قوات كييف، مشيرًا إلى أنه لم تكن هناك حاجة أبدًا لمثل هذه الإجراءات الجذرية.