أحسب أنه لا تجاوز للواقع القائم أمام أنظار العالم كله الآن، إذا ما قلنا بصعوبة، إن لم يكن غيبة، التوقع بنهاية قريبة للمأساة الجارية فى قطاع غزة حالياً، حيث عمليات الدمار الشامل والهائل وجرائم الإبادة الجماعية تدور على مدار الساعة ليل نهار، فى ظل العدوان الإسرائيلى المستمر الذى دخل شهره الثانى، دون هوادة ودون رادع أو مانع، وسط صمت دولى مخز ومؤلم. وصعوبة التوقع تلك تعود فى حقيقتها إلى ما ظهر وتأكد طوال الثلاثين يوماً الماضية، منذ بداية الحرب فى السابع من أكتوبر الماضى وحتى الآن، بأن تصرفات ومواقف كل المسئولين الإسرائيليين، ابتداء من «نتنياهو» وانتهاء بقادة الجيش ومروراً على كل أعضاء الحكومة المتطرفة، هو الرغبة العارمة والخارجة عن السيطرة للانتقام والقتل والتدمير من غزة وأهلها وكل الفلسطينيين. ولا أحسب أن هناك مبالغة على الإطلاق فى القول، بأن كل التصرفات والمواقف الإسرائيلية، تؤكد أن دافعهم الأساسى والرئيسى الآن هو الانتقام من كل الشعب الفلسطينى، وقتل كل مواطنى غزة وتدمير كل مظاهر وأشكال الحياة فى القطاع. وفى ظل هذه الحالة من الاضطراب والتخبط والخلل التى أصابتهم جميعاً، تحت وقع وتأثير الصدمة والذهول والغضب الهائل، التى ألمت بهم نتيجة «طوفان الأقصى» الذى جرف فى طريقه كل دعاوى التفوق والقوة التى كانوا يدعونها قبل وقوعه. فى ظل هذه الحالة لا توجد بوادر جادة تشير إلى إمكانية الاستجابة لنداءات وقف العدوان وتوقف إطلاق النار وإنهاء عمليات القتل والإبادة الجماعية والمذابح التى يمارسونها ضد الفلسطينيين. وللأسف تشير كل الوقائع الجارية على الأرض، إلى غيبة الأمل فى وقف قريب للعدوان، فى ظل التأييد والموافقة الأمريكية الصريحة والمُعلنة للحرب الإسرائيلية، بحجة وذريعة «حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها»،...، وتجاهل أمريكا لحق الفلسطينيين تحت الاحتلال فى الدفاع عن أنفسهم،...، وهو ما يشير إلى أن الحرب يمكن أن تستمر بلا توقفٍ فى المنظور القريب، ودون توقفٍ للمذابح وحمامات الدم والهدم والدمار .