■ كتبت: دينا توفيق تحتاج الولاياتالمتحدة إلى سبب لشحن العالم وخاصة الاتحاد الأوروبي خلفها مرة أخرى لمواجهة الصين، «قمة الديمقراطية» كانت بمثابة إذلال أمريكى، والآن تسعى الإدارة الأمريكية بقيادة «جو بايدن» إلى دواء أو حجة أقوى، ومثلما أشعلت واشنطن الصراع بين أوكرانياوروسيا لمحاصرة الأخيرة، فإنها تريد أن تجعل الصين منبوذة لكى تفرض عليها عقوبات، فالوجه الآخر لأوكرانيا هو تايوان، التى تحتاجها الولاياتالمتحدة لإدانة الصين عالميًا، سيكون إثارة الصين على تايوان بمثابة المعادلة التى كانت مطلوبة لاستفزاز روسيا نحو شبه جزيرة القرم ومن ثم شجبها وإدانتها دوليًا. ◄ واشنطن: زيارة بلينكين إلى بكين لا تعنى انفراجة فى العلاقات ◄ خسارة الغرب لأوكرانيا وتايوان أقل أهمية من سيطرة واشنطن التكنولوجية على العال ■ أنتوني بلينكين هذا ما تحتاجه الولاياتالمتحدة كذريعة لإجبار دول فى آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية على قطع العلاقات مع بكين، سيكون هذا هو العذر المطلوب فى البيت الأبيض، وستكون أيضًا الأداة التى تحتاجها واشنطن لجذب الهند إلى جانبها وتقليص العلاقات مع موسكووبكين، وقد أعلن «جيك سوليفان» مستشار الأمن القومى للرئيس الأمريكي بايدن، أن بلاده لا تتوقع أى انفراجة فى العلاقات مع الصين خلال زيارة وزير الخارجية «أنتوني بلينكين» لها، وأن نهج الإدارة الأمريكية هى الدبلوماسية النشطة فى إدارة التوتر بين أكبر اقتصاديين فى العالم. ولكن الحدث الأهم بالنسبة لواشنطن سيكون زيارة رئيس الوزراء الهندى «ناريندرا مودى» الحالية. جدار من الشك حول زيارة بلينكين، خاصة بعد تصريحات الرئيس الصينى «شى جين بينج» عن توقعاته بمزيد من المنافسة العدائية بين القوى العظمى. وفقًا لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، فى رواية الصين، الولاياتالمتحدة هى قوة مهيمنة متراجعة وتسعى إلى التمسك بهيمنتها فى الفناء الخلفى للصين واستفزاز بكين بسبب مطالبتها بتايوان. وبحسب الصحيفة الأمريكية يتهم «جين بينج» واشنطن بقيادة دول أخرى فى حملة مشتركة ضد الصين. فيما وصف الرئيس بايدن، حتى عندما أعلن رغبته فى الحوار، الصين بأنها أكبر تحد جيوسياسى لبلاده، حتى أن أصدرت الولاياتالمتحدة وابلاً من العقوبات على المسئولين والشركات الصينية، وحاولت قطع وصول الصينيين إلى التكنولوجيا الحيوية على مستوى العالم. رسمياً، «تعترف» الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي بأنه «من غير الممكن» فصل الصين، ولكن الإدارة الأمريكية لا تعتقد ذلك؛ قد يكون فصل الصين مكلفًا، لكنه بالتأكيد ليس مستحيلًا، ولا تهتم إدارة بايدن بالتكاليف الباهظة، ولا حتى بالنسبة لمجتمعاتهم الغربية. هذا هو مفهوم «أنتونى بلينكن» وزير الخارجية الأمريكي الذى «رفض التجارة» من كتابه «حليف مقابل حليف: أوروبا وأزمة خط الأنابيب السيبيري» الذى نشره عام 1987، فالتكلفة التى يدفعها الحرمان التجارى لمجتمعات الغرب ستكون تستحق العناء لإسقاط العدو. ◄ اقرأ أيضًا | روسيا تطور صاروخا قادرا على التخطيط لتدمير أهداف تحت الماء كان عدو الولاياتالمتحدة عام 1987 هو الاتحاد السوفيتي، أما اليوم فهو الصين. النقطة الحاسمة والقضية الحقيقية بالنسبة للولايات المتحدة هى الصين؛فرنساوألمانيا فى حالة احتياج شديد للتجارة مع الصين. كان يُنظر إلى تدمير روسيا على أنه أسهل طريقة للولايات المتحدة لإنزال الصين «من الخلف»، ولكن من الواضح أن هذا لم يعد ممكناً. لا تهتم واشنطن بأن تخسر ألمانيا المليارات بسبب فرض عقوبات اقتصادية على روسياوالصين. لن يكون إضعاف ألمانيا سوى ميزة جانبية للحكام الجدد فى الولاياتالمتحدة. كما لا تهتم أيضًا الولاياتالمتحدة بخسارة الشركة الأمريكية المتخصصة فى مجال نظم الاتصالات «كوالكم» لمبيعاتها فى الصين وأن شركة «آبل» ستضطر إلى إنتاج هواتفها فى الهند أو فى أى مكان آخر. وبالنسبة للمعادن النادرة والخلايا الشمسية الصينية، فمن الواضح أن معادلة النفط الروسي تجعل استثناءات الحظر وتضع حدًا أقصى لسعر الصادرات الصينية. كما أن فرض عقوبات كاملة على الصين والسماح بعدد قليل من الإعفاءات فقط عند الضرورة القصوى. لن تضيع شركة TSMC، الشركة المصنعة للرقائق فى تايوان، إذا اندلع صراع هناك، حيث يتم الآن نقل تكنولوجيتها وأفضل العقول إلى الولاياتالمتحدة، وبالطبع لم يتم إبلاغ التايوانيين بأن خطة الإدارة الأمريكية هى قبول تايبيه أن يأخذ الأمريكيون أكبر صناعاتهم ونقلها إلى الولاياتالمتحدة، قبل أن تسيطر الصين على تايوان، وسيتم هدم مصنع TSMC حتى لا تستخدمه الصين لاحقًا. لن تبدأ الولاياتالمتحدة حربًا نووية ضد الصين لاستيلائها على تايوان. وبدلاً من ذلك، ستفرض الولاياتالمتحدة «عقوبات نووية». ووفقًا لموقع «بوليتيكو» الأمريكى، فإن البنتاجون يخشى الحرب المحتملة مع الصين. لم تعد ألمانياوفرنسا مستعدتين لخسارة أعمالهما فى الصين وتلقى ضربة كبيرة على اقتصادياتهما ومجتمعاتهما من أجل تايوان، ولكن الولاياتالمتحدة ستضغط عليهما؛ بدفع رئيسة الاتحاد الأوروبي «أورسولا فون دير لاين» وبولندا وليتوانيا. لن يتم منح ألمانياوفرنسا أى بديل سوى اتباع الأوامر الأمريكية للفصل الكامل والعقوبات الكاملة. لم تنجح العقوبات مع روسيا لأن الأخيرة لديها إمدادات صناعية من الصين، والصين بدورها تستفيد من التجارة مع الغرب، ولكن سيتوقف ذلك، سيتم فتح عدة جبهات ضد الصين؛ من ضغوط العقوبات وإغلاق الصادرات الصينية، وخنق إمداداتها من المواد الخام- بخلاف ما يمكن لروسيا تسليمه، مثل خام الحديد من أستراليا لبناء المزيد من السفن الحربية الصينية، وتجميد احتياطيات الصين الهائلة من الدولار، ما سيؤدى إلى أن تبطئ نموها وكساد اقتصادى عميق وأزمة معاناة اجتماعية واستخدامها لإثارة «المطالب الشعبية للديمقراطية». ■ مودي كما ستعمل الولاياتالمتحدة أيضًا على عسكرة الفلبين كحصن أمامى على الجزيرة ضد الصين وستعزز كوريا الجنوبية عسكريًا. إذا لم يكن لدى الولاياتالمتحدة القدرة على استبدال إنتاج الرقائق من تايوان والكورية الجنوبية، فسيتم نقل الباقى إلى الاتحاد الأوروبي، الذى يخطط لمضاعفة حصته من إنتاج الرقائق العالمى من 10٪ إلى 20٪. ستتعرض الصين للدمار فى عدد من السنوات بسبب العقوبات الاقتصادية، ونقص النمو، والتخلف التكنولوجي المتزايد فى الأعمال التجارية والعسكرية، والعزلة. ستكون خطوات بكين تجاه تايبيه أداة لتدمير دول البريكس والجنوب العالمي، الذى يمكن استخدامه لتبرير تدخل الولاياتالمتحدة ضد الشحن الصيني بما يتعارض مع القانون الدولى. وستكون الأداة التى تستخدمها واشنطن لتقول لدول العالم «دعونا نقطع الصين ونبنى عالماً أفضل بدون الصين ومبادرة الحزام والطريق، وابن صناعتك واقتصادياتك معنا.» إن التفوق التكنولوجي فى مجال الذكاء الاصطناعي والرقائق والحوسبة الكمية والتحكم الصناعى فى المدار الأرضى المنخفض فى الفضاء سيخلق قريبًا مثل هذه المزايا الاقتصادية والعسكرية الهائلة للغرب، بحيث يضمن هيمنة أمريكية كاملة على الصين. اعتبارًا من عام 2025، سيُمكنها «تصنيع الفضاء» من عسكرتها الكاملة للفضاء. إن خسارة الغرب لأوكرانيا وتايوان ستكون أقل أهمية من سيطرة الولاياتالمتحدة التكنولوجية على العالم. الذكاء الاصطناعي على وشك زيادة الإنتاجية الغربية بنسبة 40٪ وأكثر فى جميع القطاعات السياسية والاقتصادية والعسكرية، ستتفوق التكنولوجيا الأمريكية على الصين بمرور الوقت بإعادة نجاح الحرب الباردة الأولى. ◄ اقرأ أيضًا | الذكاء الاصطناعي يساعد على اكتشاف الأمراض في مرحلة مبكرة أثبتت الحرب الباردة الأولى أن مثل هذه الإستراتيجية يمكن أن تربح الولاياتالمتحدة بمرور الوقت، سيكون الانتقال من اقتصاد زمن السلم مع الصين إلى مواجهة اقتصادية فى زمن الحرب مؤلمًا حتى بالنسبة للغرب، لكن الحساب هو أن الألم بالنسبة للغرب نفسه سيكون مؤقتًا، وأن الانتصار اللاحق على الصين سيكون دائمًا. سيتم تخفيف الكساد الانتقالى فى الغرب عن طريق طباعة تريليونات إضافية من الدولارات واليورو للاستثمارات الحكومية لإعادة بناء الصناعات الغربية، وفقًا لخطاب مستشار الأمن القومى للرئيس الأمريكى «سوليفان» فى أبريل 2023، لمواكبة طلب المستهلكين لملء طلبات المصانع الغربية، وبمرور الوقت، سيصبح الغرب أكثر اعتمادًا على نفسه، وبعد ذلك سيدمر الصين فى حرب اقتصادية غير محدودة. سيتم استهداف تلك البلدان فى جنوب الكرة الأرضية التى ليست مع الغرب ضد الصين، وستقع فى حالة كساد، ومشاكل داخلية.