على جانب الطريق وفي إحدى الاستراحات بمحطة ترام الشاطبي جلس الرجل الستيني انتظارا لقدوم الترام ليستقله للذهاب إلى منطقة محطة الرمل فقد أعتاد منذ أعوام طويلة على استخدام هذه الوسيلة المريحة والرخيصة للتنقل بين أحياء المدينة المختلفة. ينظر الرجل بعينين واهنتين إلى ساعته إنها العاشرة والخمس دقائق يجب أن يصل الترام في الحال لأنه إرتبط بموعد وعليه ألا يتأخر أكثر من ذلك، لحظات معدودة وبالفعل وتعالت الأصوات فقط بدأت عربات الترام ترسو على المحطة. محمد عمران، 65 عاما، كان يعمل موظفا والآن هو على المعاش، يقول أن الترام وسيلة غير مكلفة ومريحة له، خاصة بعد ارتفاع أسعار المواصلات الأخرى وارتفاع تكاليف المعيشة. يضيف " عمران" أن الترام يسير ببطء بالمقارنة بباقي الوسائل الأخرى ولكنه بالتأكيد وسيلة أمنة وجيدة، لافتا إلى أنه يفضلها عن باقي الوسائل الاخرى وأن المحطات قريبة يستطيع أن يصل إلى وجهته دون السير لمسافات بعيدة. لم يقتصر ركوب الترام على كبار السن فقط فالطلاب أيضا يرونه الوسيلة الأنسب لهم للذهاب والإياب من وإلى الكليات والمدارس، فخمسون قرشا هي تكلفة التنقل بالترام. معلم تاريخي في الاسكندرية في عام 1863 بدأت أولى رحلات ترام الإسكندرية وبالتحديد من محطة الرمل إلى منطقة بولكلى، بعربات ثلاث تجرها الخيول، قبل أن يتحول للعمل بالبخار ثم الكهرباء، وتمتد خطوطه إلى مناطق عديدة ربطت ما بين الضواحي وقلب المدينة الساحلية. أصبح الترام وسيلة المواصلات الشعبية في عروس البحر المتوسط، إلا أن تعدد وسائل النقل وسرعتها جعلته يفقد بريقه إلى حد ما خاصة وأن عمليات التطوير التي تتم فيه لا تأهله إلى اللحاق بالوسائل الجديدة الأكثر سرعة. أكثر من 150 عاما قضاها ترام الإسكندرية بلونيه الأزرق والأصفر ذهابا وإيابا في شوارع وضواحي مدينة الإسكندر، وحان الوقت لأن يتم استبداله بوسيلة أخرى تستطيع أن تقتصر وقت الرحلة إلى الربع وتجذب عددا أكبر من الركاب خاصة مع الزحام الكبير الذي تشهده الشوارع نظرا لكثرة السيارات. يرى أحمد عبد الفتاح، الخبير الأثري، أنه لا غني عن ترام خط الرمل، باعتباره الوسيلة الأفضل بين المواصلات الأخرى بعيدا عن إتاوات سائقي الميكروباص وزحام شرياني المدينة الرئيسيين وهما طريقي أبو قير والكورنيش. ولكنه يرى أن الترام المتجه ناحية المنشية أصبح ليس من الضروري الاحتفاظ به لتسببه في زحام المدينة في الوقت الذي يعزف المواطنون عن استقلاله. ويقول الخبير الأثري أن رخص سعر تذكرة الترام دفع العديد من الكادحين إلى إستقلاله، منتقدا تعامل هيئة النقل العام بالإسكندرية مع عرباته حيث لا يتم صيانتها بشكل دوري الأمر الذي يتسبب في تعرضه للأعطال المتكرره وتقليص عدد عرباته من وقت لأخر. تطوير الترام قبل أيام تم توقيع مشروع تحويل ترام الرمل إلى مترو سطحي مكيف بتكلفة تقدر بنحو 360 مليون يورو من الوكالة الفرنسية للتنمية والبنك الأوروبي، والذى وصفه اللواء خالد عليوة، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لنقل الركاب بالإسكندرية، بالنقلة الحضارية للإسكندرية. وقال"عليوة" أنه تم توقيع بروتوكول تعاون مع الجانب الفرنسى واستلام 100 مليون يورو من تكلفة المشروع، وطرح مناقصة عالمية بين المكاتب الاستشارية العالمية لإعداد الدراسة التصميمية لمسار المشروع الذى يستغرق تنفيذه 3 سنوات. وكشف أن المشروع يتضمن إنشاء 7 كبارى علوية على طول مسار المترو- 14 كيلو متر- بمناطق "القائد إبراهيم وحتى الجامعة – سبورتنج - سيدي جابر - المعسكر الرومانى - شارع سوريا – الوزارة"بولكلى" – جناكليس" على أن يتم تحويل باقى المسار إلى إشارات إلكترونية تعطى الأولوية لمرور الترام. ومن المقرر تنفيذ المشروع 3 مراحل وفقا للمناقصة، الأولى تبدأ من "فيكتوريا إلى مصطفى كامل" والثانية من "المنشية إلى مصطفى كامل"، أما المرحلة الثالثة فتتضمن تطوير الورش والمخازن، وتوريد30 وحدة "مترو" حضرى مزودة بأحدث التقنيات الحديثة من خلال مناقصة عالمية. وقال رئيس هيئة النقل العام أنه سيتم إعادة تأهيل ورفع كفاءة البنية التحتية للمرفق بالكامل والتي تشمل 3 محطات كهرباء ب"سان ستيفانو ومصطفى كامل والشاطبي"، فضلا عن الورش والمخازن بمصطفى كامل والسكة بطول 14 كيلو متر، وشبكة الأسلاك الهوائية، بالإضافة إلى رفع كفاءة وتطوير محطات انتظار الركاب وعددها 37 محطة. وحول مميزات المشروع، أوضح رئيس هيئة النقل العام بالإسكندرية، إن تطوير ترام الرمل سوف يزيد سرعة الوحدة لتصبح 21 كيلو متر/ الساعة بدلا من 12 كيلو متر/ الساعة، وتقليل زمن الرحلة إلى 31 دقيقة من "المنشية وحتى فيكتوريا" بدلا من ساعة ونصف حاليا وأكثر في وقت الذروة، وزمن التقاطر بين الوحدات إلى 3 دقائق بدلا من 8 إلى 15 دقيقة حاليا. وأضاف عن زيادة السعة الاستيعابية من الركاب 3 أضعاف الحالية التي تقدر ب 150 إلى 180 ألف راكب يوميا، فضلا عن توفير منظومة أمن واتصالات، ومن المقترح أن تكون التذكرة في حدود 3 جنيهات.