34 عاماً مرت على تحرير سيناء.. معركة طويلة خاضها الشعب المصري وقواته المسلحة، لاسترداد قطعة غالية من أرض الوطن، وطرد الاحتلال الإسرائيلي في عام 1982، واكتمل التحرير بعودة طابا عام 1988. وكأنه قدر لسيناء الغالية، أن تحرر مرتين على أيدي رجال القوات المسلحة البواسل.. الأولى كانت من عدو صهيوني غاشم أراد اغتصاب الأرض والاستيلاء عليها.. والثانية من عدو خسيس يضم في صفوفه عناصر إرهابية تسعى لاختطاف الوطن وتدمير أرضه. «نضال ودبلوماسية» لقد حررت مصر أرضها التي احتلت عام 1967 بكل وسائل النضال الحربي والدبلوماسي، من الكفاح المسلح في حرب الاستنزاف ثم حرب أكتوبر المجيدة عام 1973، وكذلك بالعمل السياسي والدبلوماسي، بداية من المفاوضات الشاقة للفصل بين القوات عام 1974 وعام 1975 ثم مباحثات كامب ديفيد التي أفضت إلى إطار السلام في الشرق الأوسط عام 1978، وتلاها توقيع معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية عام 1979. «تسرب الإرهاب لسيناء» جاءت ثورة 25 يناير 2011 وتسلل معها العناصر الإرهابية إلى سيناء مستغلين ضرب الانفلات الأمني لربوع مصر، وجاء من بعد الثورة حكم جماعة الإخوان التي دعمت وجود الإرهاب في سيناء ودججت عناصره بشتى أنواع السلاح المتطور والجنود الأجانب الذين تم تهريبهم عبر الأنفاق والحدود.. فمع أواخر فبراير 2011، ركز الإرهاب ضرباته على خط الغاز الممتد إلى الأردن وسوريا ولبنان، والذي تم استهدافه عشرات المرات. وفي 30 يوليو 2011، شن مسلحون هجوماً على مركز للشرطة في العريش، مما أسفر عن مقتل ستة أشخاص. «العملية نسر» في 2 أغسطس2011 ظهرت مجموعة تدعى «جناح سيناء» من تنظيم القاعدة أعلنت عن نيتها لإنشاء الخلافة الإسلامية في سيناء، فكان للحكومة المصرية المؤقتة في منتصف عام 2011 ردا قاسيا عليهم، والمعروفة باسم «العملية نسر». ومع ذلك، استمرت الهجمات ضد القوات والمرافق في المنطقة، مما دعا قوات الأمن لإطلاق عملية سيناء، لتطهيرها من الإرهاب. تصاعدت وتيرة العنف في سيناء بشدة، بعد الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي، مما دفع الكثير إلى الربط بين الإرهابيين وجماعة الإخوان، أكدها تصريح محمد البلتاجي والذي رهن من خلاله وقف العمليات التي تحدث في سيناء بتراجع الجيش عن دعم 30 يونيو، ورداً على ذلك بدأت القوات المسلحة عملية عسكرية رئيسية في سيناء، تحت اسم "عملية سيناء"، ووصلت لسيناء كتيبتين إضافيتين. وفي الأسبوعين التاليين ليوم 3 يوليو 2013، وقعت 39 هجمة إرهابية في شمال سيناء، في الاشتباكات الناتجة بين الجماعات المسلحة وقوات الأمن. وشهد يوم 15 يوليو 2013، أعلى الإصابات بين المدنيين، عندما استهدفت الجماعات الإرهابية حافلة نقل عمال بشركة أسمنت العريش، وقتل فيها خمسة أشخاص وأصيب 15 آخرون، أعقبها توسع الجماعات الإرهابية في استهداف نقاط التفتيش الأمنية الثابتة للدوريات المتنقلة والثابتة، وفي معظم العمليات، كانت العناصر الإرهابية تستخدم مركبات الدفع الرباعي ومجموعات من الأسلحة الخفيفة والثقيلة. «عاصفة الصحراء» يوم 27 يوليو، تم إطلاق العملية العسكرية «عاصفة الصحراء»، من قبل الجيش المصري في محافظة شمال سيناء، والتي استمرت لمدة 48 ساعة، مكونة من اثنين من الجيوش الميدانية في مصر، فضلاً عن القوات الجوية والبحرية. وفي 18 أغسطس قتل 25 من رجال الشرطة في هجوم بالمنطقة الشمالية من سيناء، بعدما أجبر مسلحون اثنين من الحافلات الصغيرة تقل رجال شرطة على التوقف وإطلاق النيران على ركابهما، وعقب ذلك ألقت قوات الجيش القبض على 11 شخصاً، بينهم خمسة من أعضاء حماس، ثلاثة من السكان المحليين وثلاثة من الرعايا الأجانب، لتورطهم المزعوم في القتل، واعترف الشخص الذي ارتكب جرائم القتل في 1 سبتمبر 2013. وقال المتحدث باسم القوات المسلحة – في ذلك الوقت- العقيد أحمد علي: «إن قوات الأمن المصرية في سيناء خلال العمليات الأخيرة، 5 يوليو - 23 أغسطس، تمكنت من تصفية 78 من المتشددين المشتبه بهم بينهم 32 أجانب؛ وإصابة 116 شخصاً بجروح، واعتقل 203 شخصاً، بينهم 48 من الأجانب، لتورطهم المزعوم في الهجمات على نقاط التفتيش الأمنية في شبه جزيرة سيناء، إضافة لذلك تم تدمير 343 نفقاً على الحدود بين مصر وغزة في رفح». وفي 3 سبتمبر، قتل 15 من المتشددين الإسلاميين في هجوم بطائرات هليكوبتر عسكرية. وفي 7 سبتمبر، أطلق الجيش المصري عملية جديدة في المنطقة، شملت دبابات وستة على الأقل من مروحيات الأباتشي. وقامت القوات بتمشيط المناطق القريبة من قطاع غزة، وكانت النتائج في الأيام الثلاثة للعملية، تصفية 29 من المسلحين، والقبض على 39 آخرين. وفي 11 سبتمبر، استهدف انتحاري مقر المخابرات العسكرية المصرية في رفح، ليصل إلى أسفل الهيكل، في نفس الوقت كانت سيارة ملغومة تصدم نقطة تفتيش تابعة للجيش، وقتل فيها تسعة جنود. ومع اقتراب عام 2014، اكتسب الجيش المصري اليد العليا في المعركة ضد الميليشيات الإرهابية، حيث نجحت قوات الجيش في وضع العديد من الفصائل الإرهابية في موقف دفاعي، وأبرزها أنصار بيت المقدس. وفي 3 فبراير 2014، شنت قوات الجيش والشرطة حملة كبيرة أسفرت عن قتل 30 من المتشددين، وإصابة 15 في سلسلة من الغارات الجوية. «كرم القواديس» في 24 أكتوبر عام 2014، قتل 31 من جنود الجيش والشرطة في هجمات منفصلة بشمال سيناء منها كمين «كرم القواديس»، ونتيجة لذلك أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي حالة الطوارئ في محافظة عقب لقائه مع مجلس الدفاع الوطني. «معركة الثأر» وفي 29 يناير عام 2015، شن متشددون من جماعة ولاية سيناء سلسلة من الهجمات على قواعد الجيش والشرطة في العريش استخدام السيارات المفخخة وقذائف الهاون، رد عليها الجيش بحملة موسعة أسفرت عن قتل عدد كبير من العناصر الإرهابية ونشر صورهم. «عملية حق الشهيد» على مدار ستة عشر يوما قامت القوات المسلحة بالتعاون مع الشرطة المدنية بتنفيذ أكبر عملية أمنية - عسكرية شاملة لاقتلاع جذور الإرهاب والتطرف من بقعة غالية من أرض سيناء الطاهرة بمدن رفح – الشيخ زويد – العريش، أطلقت عليها «عملية حق الشهيد» وذلك ردا على الهجمات الأخيرة التي تعرض إليها. وفي 22 سبتمبر 2015، أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة انتهاء المرحلة الرئيسية الأولى للعملية العسكرية في شمال سيناء «حق الشهيد» بعد تحقيق الأهداف الرئيسية وهم القضاء على شبكة واسعة من الملاجئ ومخازن الأسلحة والذخائر والمتفجرات التي تستخدمها العناصر الإرهابية في تنفيذ عملياتها ضد عناصر القوات المسلحة والشرطة المدنية. وفي 19 أكتوبر 2015 بدأت القوات المسلحة، تنفيذ المرحلة الثانية لعملية «حق الشهيد» العسكرية بشمال سيناء، وشنت الطائرات الحربية عدة غارات جوية على معاقل العناصر التكفيرية بقرية البرث جنوب رفح وعدة معاقل إرهابية أخرى، كما أغارت الأباتشي والقوات البرية من الصاعقة والمشاة على قرية التومة جنوب الشيخ زويد، أحد أهم معاقل تنظيم بيت المقدس، والتي تعد خالية من سكانها الذين هجروها بسبب طرد عناصر بيت المقدس، لمواطني القرية. ونجحت القوات المسلحة في تدمير جميع معاقل تنظيم بيت المقدس بقرية التومة جنوب الشيخ زويد وضبط عدة مخازن للأسلحة والمهمات العسكرية للتنظيم تضم أفرولات وزي عسكري وأجهزة اتصالات وعبوات ناسفة ومتفجرات، وأشارت التقارير الأولية إلى مقتل أعداد كبيرة من العناصر الإرهابية. وأكدت القوات المسلحة، أن المرحلة الثانية لحق الشهيد مستمرة إلى أجل غير مسمي حتى القضاء على آخر بؤرة إرهابية في سيناء بالتنسيق ما بين قيادتي الجيش الثاني والثالث الميداني وقوات الشرطة المدنية. وفي 25 أبريل 2016 عيد تحرير سيناء شنت مروحيات الجيش، غارات جوية مكثفة استهدفت عدة بؤر إرهابية بقريتي التومة والمقاطعة جنوب الشيخ زويد، حيث نجحت القوات في تصفية ما لا يقل عن 30 إرهابيا تابعين لتنظيم "بيت المقدس"، وإصابة العشرات، فضلا عن تفجير مخزنين للمتفجرات، و3 سيارات، وعدد من الدراجات النارية. ومازالت قوات من الجيش والشرطة تواصل عملياتها لتطهير سيناء من العناصر الإرهابية والتكفيرية التي سعت خلال السنوات الأخيرة إلي التمركز فيها لإقامة إمارة الإرهاب وإخضاع هذا الجزء العزيز الغالي من أرض مصر لسيطرتها، ومن ثم تمثل عامل قوي لنزع هذا الجزء عن أرض مصر.