31/12/2011 03:18:31 م محاسن الهواري إذا كانت الثورة الليبية قد عاشت الآما وأسرارا وقصصا، فإن عدسة المصور عمرو صلاح الدين وثقت الكثير من تلك الأحداث. التقت بوابة أخبار اليوم بصلاح الدين الذي بدأ حديثه معنا بالمشهد الأخير، حين كان يلتقط صورة لجثة القذافي، قال "كنت أشعر أن ملامح القذافي الميتة تتحرك بداخلنا، ونحن ننظر إلي جثمانه في ثلاجة لحوم حي التوانسة، كانت روحا شريرة تحوم حولنا في المكان". ويستمر الفنان: "وقتها طالع عقلي ذكريات الحرب كلها دفعة واحدة، كانت كلها مشاهد مرسومة باللوعة، الآباء الذين كانوا يعودون للجبهة بعدما يدفنون أبناؤهم، طفلة مصابة قتل كل أفراد أسرتها وبقيت وحدها بين الحياة والموت، الآف المواقف المأساوية التي سجلتها بعقلي وروحي أولا ثم بالكاميرا ثانيا". وأضاف صلاح الدين: "كانت أكثر الأوقات صعوبة في مدينة مصراته التي كانت تسمي قبل الإحتلال الإيطالي "ذات الرمال" وكانت معروفة وسط الكبار في السن بذات الرمال قبل أن تسمي في عهد القذافي بمصراتة". الآن تسمي مصراتة بذات الرجال نظرا لكفاحها وكفاح أهلها البطولي أثناء القتال. ردا علي سؤال: كيف كانت الحرب هناك؟ قال إنه لا يحب أن يسميها "حربا"، إنها ثورة اضطرت لحمل السلاح، ولاسيما أن الأسلحة التي استخدمها القذافي ضد الليبيين أعتقد أنها لم تستخدم في حرب. ويستطرد: واجه الشعب كل هذا بملحمة أسطورية، كانت الأسرة كلها تذهب للحرب، كان الأب يدفن ابنه ثم يعود من جديد للجبهة، وأحيانا كان الفرد يودع أسرته كلها ثم يعود للجبهة. أصبح الشعب والمنشقين من الجيش نسيجا متلاحما بصورة تبعث علي الفخر والإعجاب. وحول هذا القتال، وما قد يخلفه من أحقاد وضغائن بين أبناء القبائل؟ صرح: صلاح الدين: حاول القذافي طوال فترة الثورة أن يلعب علي القبلية، أن يشتت الليبيين، لأن ليبيا كما هو معروف تنقسم إلي قبائل أمازيغية وقبائل عربية". ورفض فكرة أن يكون الرئيس المقتول قد نجح في شرخ وحدة الصف الليبي، مضيفا: ما لا يعرفه أحد، أن الليبيين كثوار في البلاد المحررة، مثل مصراتة، لم يكونوا ذاهبين لينتقموا من أهل سرت، بل كانوا ذاهبين ليحرروا أهالي سرت، وكان القتال يتوقف كثيرا من جانب الثوار ليوفروا ممرا آمنا للمدنيين، لقد اتحد الليبيون بقوة، وإمعانا في هزيمة القذافي هزموا القبلية بداخل قلوبهم. ويتذكر الفنان عمرو صلاح الدين أصعب اللحظة، قائلا: "في كل موقف جانب من الصعوبة، ولكن الأصعب علي الإطلاق حينما كنت أضطر لتوثيق ضحايا الأطفال بين صفوف المدنيين، فهذا الطفل الممزق علي أن أوثقه، وكان هذا صعب علي نفسيا، أن تواجه هذه الجثث للقتلي المدنيين، وأن تواجه الحياة علي الجبهة، ولكني تعلمت من الثوار كيف أكون ثابتا نفسيا وبدنيا، وكيف أعيش أياما بلياليها علي الجبهة، أواجه بقلب ثابت خطر الإصابة والموت، كنت أقول مثلهم "الصاروخ اللي من نصيبك هاينزل علي دماغك حتي لو جريت منه". ويصف لحظات القبض علي القذافي، فيضيف: كنت مصابا، واتصل بي الرفاق في كتيبة الفجر المصراتية، وقالوا لي قبضنا علي القذافي. لم أصدقهم. وقلت: لا بد أنه شبيه للقذافي، فكل طاغية له شبيه، ولكن بعدها انتشر الخبر،وتأكدت. ويأتي إلي مشهد النهاية، فيقول: ذهبت بعدها إلي المدينة، وهي أكثر المدن التي قدمت ثوارا، لم أصدق أنني أصور معمر القذافي، المهرج الذي جعل العرب كلهم يقولون "زنجة زنجة" والسفاح الذي سفك دماء الآف. ربما لهذا كان الجميع في حالة من عدم التصديق. كانت ملامحه الميتة تتكلم، وتتحرك بداخلنا لتطوف وتجول بأيام حوت الكثير من الأسرار التي عاشتها أكثر من غيرها مدينة مصراته ذات الرمال وذات الرجال