الواقع المُر القائم من حولنا في المنطقة العربية بكل ما فيه من قلاقل واضطرابات وانقسامات وحروب، يفرض علينا ظروفا استثنائية بالغة الدقة والحساسية، في ظل التحديات الجسيمة التي تواجهنا والأخطار العظيمة التي تهدد سلامة وأمن واستقرار الوطن. والقراءة الموضوعية لهذا الواقع المر تقول بأنه لم يحدث من قبيل الصدفة علي الإطلاق، بل جري في إطار خطة محددة ومعدة سلفا من جانب القوي الدولية الساعية لنشر الفوضي المدمرة بالمنطقة، تمهيدا لتغيير خريطة المنطقة، وإقامة الشرق الأوسط الجديد، علي انقاض الدول القائمة حاليا. ولكن الموضوعية تفرض علينا في ذات الوقت التسليم بأن الوجود المسبق لهذا المخطط، لم يكن ليصل إلي اهدافه في الفوضي الشاملة بالمنطقة، دون ظروف محلية واقليمية تسمح له بذلك وتؤدي إلي نجاحه في مسعاه. وقولا واحدا،...، لو أن دول المنطقة العربية التي اصابتها زلازل أو ثورات، أو انتفاضات أو احداث الربيع العربي، كانت تتمتع بقدر كبير أو حتي مقبول من الديمقراطية بمعني التعددية وتداول السلطة والاختيار الحر للسلطة الحاكمة،...، ما كانت قد استجابت لما تعرضت له مهما كانت قوة المؤامرة المحاكمة ضدها والمرتبة لها من القوي الخارجية. وقولا واحدا أيضا،...، لو أن شعوب هذه المنطقة ومواطنيها كانوا يعيشون في ظل مناخ صحي أو حتي مقبول، يستشعرون فيه حرص المسئولين عنهم والمكلفين بإدارة شئون بلادهم، علي توفير الحياة الكريمة لهم، في ظل حقوق الإنسان والتطبيق الحاسم والشامل لمبدأ المواطنة وسيادة القانون، والمساواة الكاملة للجميع دون تمييز أو تفرقة علي أساس اللون أو العرق أو العقيدة، أو الجنس،...، ما كانت هذه الشعوب قد انجرفت في تيار الرفض لما هو قائم، ولما كانت هذه الشعوب قد انضمت للأصوات المطالبة بالتغيير أو الساعية إليه، مهما كانت ضخامة مؤامرات الخارج أو قوتها. ودعونا نقل بكل الوضوح، انه مهما اختلفت الآراء وتعددت وجهات النظر فيما جري وما كان في عام ٢٠١١، وسواء سماها البعض ثورات أو زلازل، أو اطلق عليها البعض الآخر مجرد انتفاضات أو هبات،...، فإن أحدا منهم لم يختلف علي أن غياب العدالة الاجتماعية، واتساع الفوارق الاقتصادية والاجتماعية، وزيادة وطأة ورقعة الفقر والمعاناة علي الفئات الضعيفة والمهمشة، كان سببا رئيسيا فيما جري وما كان. ولكن هذا لا يعني ولا يلغي وجود مخطط اجنبي لنشر الفوضي وتغيير خريطة المنطقة. «وللحديث بقية»