وزيرة التنمية المحلية تعتمد حركة شاملة للقيادات بمحافظة القليوبية    أسقفا الكنيسة الأنجليكانية يزوران قبرص لتعزيز التعاون الإنساني والحوار بين الكنائس    الكبدة ب450 جنيه.. أسعار اللحوم في مطروح اليوم    شركة استشارية: السيارات الكهربائية تسجل نسبة قياسية من المبيعات العالمية في الربع الثالث من 2025    البيئة تشهد توقيع عقد تقديم خدمات الجمع ونظافة الشوارع بأحياء بورسعيد    مصدر ل«المصري اليوم»: وقف العمل بمحطات الخط الرابع للمترو بمحيط المتحف المصري الكبير ل 48 ساعة    "ADI Finance" توقع اتفاقية تمويل إسلامي بين البنك الأهلي لدعم أنشطة التأجير والتمويل العقاري    تطبيق التوقيت الشتوي رسميًا في مصر غدًا.. الساعة تتأخر 60 دقيقة    فيديو.. القاهرة الإخبارية: استمرار دخول المساعدات إلى غزة رغم الخروقات الإسرائيلية    الرئيس الكوري الجنوبي يطلب من ترامب السماح لبلاده بالحصول على وقود للغواصات النووية    وزير الخارجية المصري يبحث مع نظيره السوداني الأوضاع في الفاشر    القنوات الناقلة لمباراة مصر ضد إسبانيا في كأس العالم لليد تحت 17 سنة.. والموعد    مانشستر سيتي يقترب من تمديد عقد رودري حتى 2029    آخر تطورات حالة إمام عاشور.. طبيب الأهلي يكشف    سيد عبد الحفيظ: لا أفكر في رئاسة الأهلي مستقبلا    اللجنة الأولمبية تعلن عقوبات اتحاد تنس الطاولة في واقعة عمر عصر ومحمود حلمي    القبض على 7 أشخاص للحفر والتنقيب عن الآثار أسفل منزل بعابدين    إنقاذ مسن قفز من أعلى كوبري قصر النيل بالقاهرة    «كارثة طبيعية» حلقة 1.. محمد سلام في صدمة بعد حمل زوجته ب خمسة توائم    قصور الثقافة تواصل فعالياتها لتنمية وعي النشء ضمن مشروع جودة حياة    "فيها إيه يعني" يواصل تألقه في السينمات ويتخطى حاجز ال70 مليون جنيه    مصر تستعد لإطلاق المنصة الوطنية للسياحة الصحية    الأقصر تزين ميادينها وتجهز شاشات عرض لمتابعة افتتاح المتحف المصري    الأرصاد الجوية: طقس خريفي معتدل نهارًا ومائل للبرودة ليلًا على أغلب الأنحاء    السيطرة على حريق محدود داخل معرض فى التجمع    إعصار ميليسا يصل الساحل الجنوبي لشرقى كوبا كعاصفة من الفئة الثالثة    اختفاء ظاهرة السحابة السوداء بمدن وقري الغربية.. تعرف علي السبب    وزير الشئون النيابية: الرئيس السيسي أولى ملف مكافحة الفساد أولوية قصوى    أبو الغيط: الإعلام العربي شريك أساسي بالتنمية ومسؤول عن صون وحدة المجتمعات    سفير تركيا لدى مصر: المتحف المصرى الكبير تجسيد حى لعظمة التاريخ المصرى    شمس البارودي تنشر السيرة الذاتية لزوجها حسن يوسف في ذكرى وفاته    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-10-2025 في محافظة الأقصر    الدكتور أحمد نعينع يكتفى بكلمتين للرد على أزمة الخطأين    إصابة 5 أشخاص في تصادم سيارتين ملاكي وربع نقل بسيدي حنيش    التعامل مع الطفل العنيد أثناء المذاكرة: بين الصبر والذكاء التربوي    كيف تساعد ساعتك البيولوجية على التأقلم مع التوقيت الشتوي؟    صمت الأهلي يثير التساؤلات.. إمام عاشور يتعافى من فيروس A ومروان عطية يعلن الخبر قبل النادي    ننشر مواعيد تشغيل مترو الأنفاق والقطار الكهربائي في التوقيت الشتوي    إصابة 5 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة بالفيوم    استمرار دخول المساعدات إلى غزة رغم الخروقات الإسرائيلية    الأمين العام للإنتوساي تشيد بدور مصر في تعزيز التعاون الدولي ومواجهة الأزمات    الخارجية تشكر الرئيس السيسى على ضم شهدائها للمستفيدين من صندوق تكريم الشهداء    رعم الفوز على النصر.. مدرب اتحاد جدة: الحكم لم يوفق في إدارة اللقاء    طريقة عمل طاجن البطاطا بالمكسرات.. تحلية سريعة في 20 دقيقة    بالدموع والإيمان.. ربى حبشي تعلن عودة مرض السرطان على الهواء مباشرة    ناجي حكما لمباراة الزمالك والبنك في الدوري    سوزي الأردنية تواجه أول حكم من المحكمة الاقتصادية    عاجل- 40 رئيسًا وملكًا ورئيس حكومة يشاركون في افتتاح المتحف المصري الكبير    الناخبون فى هولندا يدلون بأصواتهم بانتخابات برلمانية مبكرة    د.حماد عبدالله يكتب: ومن الحب ما قتل !!    الدفاعات الجوية الروسية تدمر 4 مسيرات أوكرانية كانت متجهة نحو موسكو    عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم في السعودية بداية تعاملات الأربعاء 29 أكتوبر 2025    دعاء الفجر | اللهم اجعل لي نصيبًا من الخير واصرف عني كل شر    «زي النهارده».. حل جماعة الإخوان المسلمين 29 أكتوبر 1954    «زي النهارده».. العدوان الثلاثي على مصر 29 أكتوبر 1956    في الشغل محبوبين ودمهم خفيف.. 3 أبراج عندهم ذكاء اجتماعي    رسميًا.. موعد امتحان 4474 وظيفة معلم مساعد رياض أطفال بالأزهر الشريف (الرابط المباشر)    أذكار المساء: أدعية تمحو الذنوب وتغفر لك (اغتنمها الآن)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة بعد عامين.. صندوق وقصاص..!!
هبوط الخطاب العام.. واهتزاز القدوة..
نشر في الجمهورية يوم 14 - 02 - 2013

بعد عامين من قيام الثورة.. في 25 يناير 2011 .. وبعد عامين من غياب الثورة.. أو "تبخّىر الثورة".. أو انتهاء الثورة.. في 25 يناير ..2013
ووسط هذا اللغط.. والجدل.. والنقاش .. المكتوم منه.. والصريح.. حول..
ما إذا كانت هناك ثورة بالفعل.. أم لا..؟!
أو أن ما حدث. وكان.. لم يزد عن كونه.. "هبة".. أو "هوجة".. شعبية.. أو انتفاضة غضب. فجائية..
سرعان ما قامت.
وبنفس السرعة انتهت..
ولم يبق منها.. إلا ذكري.. تتحدث عن 18 يوماً نبيلة ثمانية عشر يوماً لا غير.. وعاد كل شيء إلي حاله..
ثمانية عشر يوماً.. تجمع الناس خلالها.. في كل ميادين مصر.. من شمالها لجنوبها.. ومن شرقها وغربها..
تجمعوا.. وقد توحدت..
* رؤاهم..
* ومطالبهم..
* وأهدافهم..
توحدت حول "مطلب واحد".. وحول غاية واحدة.. هي التغيير.. هي التخلص مما نحن فيه.. هي إسقاط النظام. إسقاط النظام.. برموزه.. وبقادته.. وبأدواته.. وبأساليبه.. وبأفكاره..
ونجحوا فيما تجمعوا من أجله.. وحققوا ما سعوا إليه..
وهو إسقاط رأس النظام.. في 11 فبراير ..2011
سقط رأس النظام..
ولتبدأ. صفحة جديدة.. من صفحات النظام نفسه..
وعندها.. ولحظتها.. انكشف المستور.
فالمطلوب. هو احتواء. واستيعاب.. ما جري.
المطلوب.. هو مواصلة ما كان سائداً. قبل 25 يناير ..2011 بقيادات جديدة.. وتحالفات جديدة.. وبشرط. لا رجعة فيه ولا مساومة.. وهو:
التخلص. من هذا "الوافد الجديد".. وهو الثوار..
التخلص منهم جسدياً..
والتخلص منهم. فكراً. وتوجهاً. وأهدافاً..
فكان العنف.. وكانت التصفيات الجسدية وكانت الملاحقة..
بالضرب. والسحل. والاعتقال.. وبالتعرية. وكشف العذرية..
وبالاختطاف المتواصل للنشطاء..
في نفس الوقت.. وبالتوازي مع هذه الممارسات.. كانت عملية التخطيط. والتدبير.. لإدارة "الصفحة الثانية"... من صفحات النظام نفسه.. تجري علي قدم وساق.. وكان شركاء هذه العملية.. عديدين.. بعضهم من الداخل المحلي. والوطني.. والبعض الآخر .. من خارج البلاد.. خاصة أولئك الذين. يديرون ويسيطرون. علي شئون الكون.. ويحيكون نظمه.. ويجمعون أطرافه وشركاءه..
وأيضاً.. هم أنفسهم. من تولي تجميع. "شركاء وحلفاء". من سيتولي مسئولية. وتفعيل. إدارة المرحلة الجديدة.. المرحلة الجديدة.. التي تحافظ علي كل ثوابت وأهداف المرحلة. السابقة.. ولكن مع بعض اللمسات. الشكلية والمظهرية. التي قد توهم الكثيرين. أو القليليين.. بأن تحولاً. وتغيراً قد وقع.. هذه المرحلة الخطيرة.. والتي أعقبت مباشرة. أيام ولحظات الثورة الحقيقية.. من 25 يناير ..2011 وحتي 11 فبراير ..2011 هذه المرحلة.. امتلأت ومازالت بالأسرار.. وبالمؤامرات.. وبالخيانات.. وبالمناورات.. وبالأكاذيب.. ولا يساورني الشك. لحظة واحدة.. ان العديد من الأكاذيب... ومن الخيانات.. ومن المؤامرات.. سوف تتكشف وتظهر. طوال الأيام القادمة.. مهما حاولوا. من تزييف.. ومهما أعلنوا من ادعاءات وأكاذيب..
فما حدث.. وما وصلنا إليه اليوم.. ليس مجرد ترتيبات داخلية مصرية.. ولا مجرد شطارة. من أطراف وجماعات. وقوي عاملة ومتواجدة فوق الساحة المصرية..
وإنما هو جزء من مخطط. أكبر. وأوسع. يستهدف مصر.. وشعب مصر..
خاصة في تلك المرحلة الدقيقة من حياة العالم.. التي يعملون خلالها علي إعادة. صياغة وتقسيم المنطقة من جديد.. وبما يتفق. والتحولات الإقليمية والدولية..
ذلك إن مصر أحد أهم العناصر المؤثرة والفاعلة. في عملية الصياغة القادمة.. وفي التركيبة المطلوبة التي تضمن لهم الحيلولة دون تغيير جذري وفعال.
لا من ناحية التوجه السياسي..
ولا من مفهوم التحول الاقتصادي..
ولا فيما يتعلق بالتحالفات وعلاقات القوي بين دول الإقليم وأطرافه..
ولاشك ان الإصرار والتشبث. من خلال التخطيط والفعل.. علي إبقاء الأوضاع في مصر..
الأوضاع الاجتماعية..
والأوضاع الاقتصادية..
والأوضاع السياسية..
إبقاء هذه الأوضاع جميعها.. علي ما هي عليه.. من 25 يناير 2011 وحتي اليوم.. ودون أي تغيير..
ودون رؤية.. ودون خطة.. ودون هدف معلن.. بالقول أو بالفعل والعمل.
لاشك ان هذا "التثبيت".. وهذا التجميد والجمود.. هو ما يكشف عن حقيقة.. أن هناك أهدافاً مزعجة ومرعبة. تكمن خلف هذا الإصرار.. علي إبقاء الأوضاع علي ما هي عليه..
واختاروا جميعاً.. "الفوضي"..
واختاروا الصراعات الداخلية.
واختاروا هذه المواجهات. والمظاهرات.. بل والاقتتال في أحيان كثيرة.. كعنصر "ضامن".. وأكيد.. لتحقيق هدف إلهاء الشعب المصري.. وقواه المختلفة عن الاستمرار. والتحرك داخل هذه "الحلقة المفرغة".. التي لا تأخذ البلاد. ولو لخطوة واحدة إلي الامام..
والغريب.. ان من بيدهم الأمر.. لم يحاولوا. كسر هذه الحلقة.. حتي ولو من قبيل "التكتيك".. ولو من قبيل المراوغة.. ولا حتي من قبيل إيهام الناس. البسطاء وغير البسطاء. بأن شيئاً قد تغير.. وأن أملاً في الأفق آخذ في الظهور.
لم يقدم من بيدهم الأمر.. "رؤية".. تطمئن.. ولم يقدموا علي إجراء من شأنه أن يخفف من معاناة الناس.. ولم يحاولوا أن يزرعوا. وهماً. يلهي الناس عما هم فيه..
البديل الذي تقدموا به..
والبديل الذي أحكموا به الهيمنة والسيطرة.
والبديل الذي اختاروه.. هو مجموعة من الخطوات. والإجراءات. التي تمكنهم.. من الإمساك بكل مفاصل الدولة والوطن.
فكانت الانتخابات..
وكانت الكلمات الفارغة من أي معني أو مضمون حول الديمقراطية.
وكانت .. وقبل كل شيء وبعده.. هذه الأكذوبة الكبري التي أطلقوا عليها.. وأخذوا يروجونها وهي..:
الصندوق.. والاحتكام للصندوق..
وبهذا المسمي.. أو هذه الأكذوبة.. أكذوبة الصندوق..
أعلنوا أن ما نحن فيه.
ما هو إلا إرادة الشعب.. الذي اختار.. وقرر. بإرادته الحرة من يحكم ومن يتحكم ومن يدير.. وفقاً لنتائج "الصندوق".. علي الجانب الآخر.. جانب الشعب.. جانب الجماهير .. جانب من ثاروا. وبادروا.. وتحركوا وضغطوا. ونفذوا. فأسقطوا رأس النظام..
ومعهم جميعاً هذه الجماهير التي آمنت بالتغيير .. وشاركت في إنجازه..
هذا الجانب من الشعب. بثواره .. وبجماهيره التي ساندت وشاركت.. وضحت.. وقدمت الشهداء والضحايا والجرحي.. اختلطت في النهاية رؤاهم.. وأفكارهم.. وأمانيهم.. لم يجد هؤلاء وأولئك ما يتمسكون به. ويتشبثون. إلا أن يرفعوا.. شعاراً آخر.. وهدفاً آخر وهو ما أطلقوا عليه..:
الثأر للثوار..
في حين أن من خرجوا.. وقاتلوا.. ودافعوا وتشبثوا.. فقتل منهم من قتل.. وسقط منهم من سقط.. واختفي منهم من اختفي..
لم يدر بخلد أحد من هؤلاء جميعاً.. قصاصاً أو ثأراً..
إنما خرجوا جميعاً.. وفجروا ثورتهم.. وأسقطوا رأس النظام من أجل أهداف عليا.. وغاية سامية.. هي:
التغيير..
هي بناء نظام جديد.
يحقق العيش.. رغيف الخبز لكل جائع..
ويحقق العدالة الاجتماعية لجميع أبناء الوطن.
ويحفظ الكرامة للبشر ..
ويضمن الحقوق الإنسانية في ظل ديمقراطية أصيلة تحفظ. للإنسان قيمه ومبادئه.. وديمقراطية. تعيد بناء الإنسان. بالمعرفة والعلم والأخلاق والمساواة بين البشر..
ديمقراطية.. لا يتم اختزالها. في كلمة جوفاء. بلا معني. وبلا مضمون.. كلمة تسمي الصندوق..
ما أريد قوله..
إنه لا يمكن أن تنتهي الثورة المصرية عند كلمتين..:
الأولي الصندوق..
والثانية هي الثأر أو القصاص
* فالصندوق أكذوبة.. وتضليل.. ومغالطة..
* والقصاص.. أو الثأر.. اختصار مخل لثورة شعب.. قرر بإرادته الحرة التضحية من أجل التغيير الشامل.. وليس أبداً. من أجل.. أن يقتص.. لشهيد ضحي بحياته ليعيش الوطن.. ضحي.. وبكل الوعي.. وبكل الإصرار.. وتحدي المستحيل والصعب ومواجهة الموت ليفوز الشعب والوطن في النهاية بالنصر.. وهزيمة الواقع البغيض بكل ما كان.. وبكل ما بقي منه..
بعد هذا "التلخيص". غير الوافي.. وغير المكتمل.. لما جري طوال العامين الماضيين.. ولما هو قائم اليوم.. سأعرج. أو سأتوقف عند "ظاهرة".. شديدة الغرابة.. وصادمة بعنف..
ولا أستطيع أن أجزم.. بما أذا كانت نتيجة. أو إفرازاً طبيعياً. لما جري ويجري في واقعنا..
أم هي أبعد وأعمق غوراً. في تكويننا الخلقي والنفسي. والعقلي..
"الظاهرة".. تتعلق بهذا النوع الغريب من التعبير عن الغضب.. أو عن رفض الغير. قولاً.. وفكراً وسلوكاً..
"الظاهرة".. في شكلها. وفي جوهرها .. تتناول هذا الأسلوب البعيد عن الرقي.. الخالي من عفة اللسان.. هذا الأسلوب الحريص. . وبكل القوة والعنف.. ان يكون متجاوزاً. للأصول ولآداب التخاطب والتحاور. وحتي التخاصم المتعارف عليها.. خاصة بين الصفوة.. بين النخب..بين الأساتذة والعلماء. والساسة..
ومع كل التقدير والاحترام لكل من أتناوله في هذا الحديث من شخصيات. وأساتذة ورجال علم وقانون.. بعضهم تربطني بهم علاقات وصداقات قديمة.. البعض الآخر لا تتعدي المعرفة.. ما يسمح به الجهد والوقت من متابعة لنشاطاتهم السياسية. والثقافية والفكرية.. علي صفحات الصحف.. ومن خلال محطات "التوك شو"..
فعلي سبيل المثال.. الدكتور كمال أبوالمجد.. الأستاذ الجامعي. ورجل القانون. والوزير السابق.. والمشارك الدائم في شئون السياسة والحكم. بشكل مباشر. وغير مباشر.. منذ عهد عبدالناصر. وحتي اليوم.. هل يمكن أن يتحدث هذه اللغة.. ويسجل علي نفسه في تصريحات. وأحاديث صحفية مدونة ومنشورة "بمانشتات عريضة".. "إنه لم يكن ليتردد في وضع أصابعه العشرة في أعين من اختلف معه".. ليس مهماً هنا موضوع الاتفاق أو الاختلاف.. لكن هل يجوز هذا القول.. ومن الأستاذ والعالم والمفكر والوزير كمال أبوالمجد.. ليس هذا فقط.. بل يذهب الدكتور أبعد كثيرا ويقول.. "إن خصومه لابد وأن يضربوا بالجزمة".. ويبدو أنهم أي الخصوم لا يستحقون من الدكتور تخفيف العقوبة. حتي شكلاً فيستخدم كلمة الجزاء بديلاً عن الجزمة..
أنا أعرف الرجل معرفة جيدة.. وتربطنا علاقات طيبة.. ولا أحمل له إلا كل المحبة والاحترام.. لكن لا أستطيع أن أفسر ما قرأت .. كما لا أستطيع قبوله. ولا توقعه.. وبالتحديد منه..
المفزع والصادم.. أن هذه اللغة.. لم تتوقف عند الدكتور كمال أبوالمجد وحده.. بل تابعتها وطالعتها أيضاً.. مع السيد/ مهدي عاكف المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين..
فقد سبق ووصف مصر وشعب مصر بأنهم "لا شيء.." عندما قال في حديث صحفي "طظ في مصر. وفي شعب مصر".. وعندما استنكر الناس هذا القول.. وتصوره البعض "مدسوساً".. علي الرجل بغرض الإساءة والتقليل من شأنه خرج ليعلن أن ما قاله صحيح.. وأنه متمسك به..
ومرت الأيام.. ونسي الناس الرجل. وما وصف به المصريين.. وإذا به يعود مرة ثانية ويؤكد وصفه لمصر وللمصريين طظ فيهم جميعاً .. ويبدو أن الرجل غاضب من هؤلاء وأولئك الذين يطالبون بتغيير الدستور.. ويصف كل من يطالب بالمساس بالدستور أو تغييره.. "بأنه حمار.."..
وأن هؤلاء الذين ينتقدون الرئيس. هم شوية عيال..
وأن ما يتحدثون عنه "شغل عيال"..
في نفس الوقت.. وفي نفس الحديث الصحفي الذي تحدث فيه عن :
"الحمير الذين يرغبون في تغيير الدستور"..
"وعن شغل العيال".. الذي ينتقد الرئيس..
يدعو السيد/ المرشد السابق "مهدي عاكف".. إلي احترام "المقدس". وهو في رأيه "الرئيس والدستور" ثم مع هذا لا ينسي "المرشد".. ان يدعو الناس. إلي التمسك "بالديمقراطية"!!.. لكن يرفض في اللحظة ذاتها أن يعلق بكلمة واحدة علي واقعة سحل مواطن وتعريته والاعتداء عليه.. باعتبار أن مثل هذه الأمور لا تشغله ولا يهتم بهذا الكلام الفارغ.. فهو صاحب رسالة وخلق ودين.. ولن يسمح بأن يشغله شيء عن هذه القضايا الكبري..
ويعود ويقول مؤكداً.. "من يريد أن يعترض. فليعترض.." ولكن بأخلاق وبديمقراطية..!!..
ضيفنا الثالث في هذا المجال.. أو داخل هذه الظاهرة التي نتحدث عنها.. وما يملأها من تجاوز في القول. وربما في الفعل. والتعبير والكتابة.. هو المستشار الوزير أحمد مكي.
ولا أجد مبرراً مقبولاً. وواضحاً يدفع الرجل إلي هذه الحدة التي تتسم بها تعليقاته وكلماته هذه الأيام..
خاصة ان للرجل مكانة متميزة.. وخاصة.. ربما كان الرجل بحكم مسئوليته الوزارية.. وبحكم كونه عضواً في الجهاز الحاكم كوزير. ان يدافع وأن يتصدي لهجوم من هنا أو هناك..
ربما كان من واجبه الوزاري أن يخفف من وطأة التجاوزات المرعبة التي تمارس من جانب الأمن. في حق عدد من المواطنين الشباب.. سواء اعتبرناهم ثواراً.. أو اعتبرناهم متمردين. أو غير ذلك..
ولكن.. وبأغلب الظن أن يكون الدفاع. أو التهدئة في الحدود التي لا تتعدي علي حق.. ولا تخرق صحيح قانون.. ولا تبرر جرماً أو تحلل حراماً.. وأيضاً شريطة ألا تأخذ الوزير إلي مناطق "المحظور".. فإذا كان من الجائز.. أو من المقبول.. إعارة الموظف العام. لقطر. أو لأي دولة عربية. أو حتي أجنبية..
فأظنه. ليس مقبولاً.. ولا حتي متاحاً ومباحاً.. إعارة مستشار قانوني مصري "لإسرائيل".. وإذا جاز هذا.. فلن يكون هذا الأمر وبأي شكل من الأشكال محل فخر. أو اعتزاز.. ولا يمكن أيضاً أن يكون. عنصر استشهاد. تدلل به علي صحة. انتداب أحد لدولة عربية. سواء كان ابنك أو ابن غيرك..
لكن للأسف.. خرج المستشار مكي. يعطي الحق بالندب حتي لإسرائيل.. وكان الأولي بالرجل أن يتحفظ.. ولو من ناحية الشكل والعلانية بشرعية التعامل والتعاون مع إسرائيل.. خاصة ان الاستشهاد جاء تطوعياً ودون ضرورة.. إلا أن غضب المستشار الوزير.. لا يقف عند حد فهو يضيف قائلاً: "وإللي مش عاجبه يشرب من البحر"..
والملفت في النهاية.. ان المستشار مكي ملئ بالغضب.. وعلي كل شيء.. وأياً كانت الأسباب والدوافع والانفعالات التي تعتمل داخل الرجل. وتعكس نفسها علي تصرفاته.. وعلي تصريحاته.. وحتي علي مواقفه.. إلا أنني تقديراً واعتزازاً بالرجل بتاريخه ومكانته.. ان يراجع النفس ليقدم القدوة والنموذج والمثل.. والذي نحتاجها في هذه الظروف الصعبة..
حتي إعلان المستشار مكي ليطمئن معارضيه انه سيقدم استقالته من الوزارة. بعد عيد الفطر القادم.. هذا الإعلان الغريب معناه أنه يستطيع البقاء إلي الأبد في كرسي الوزارة.. بينما رئيس الدولة وغير رئيس الدولة .. يتحدثون جميعاً عن تغيير الوزارة غداً. أو بعد غد.. وان الحد الأقصي لبقاء الحكومة الحالية. لن يستمر يوماً بعد انتخاب مجلس برلمان جديد.. في حدود شهرين أو ثلاثة.
ما أود قوله في النهاية وباختصار..
إنه يكفينا هذه الفوضي التي تعم البلاد..
يكفينا التجاوزات والخروقات. والانحرافات..
يكفينا التعديات علي الأخلاق العامة.. وعلي السلوكيات القويمة..
تلك التي تمارس في كل مكان..
وبالتالي .. لا يصح.. ان ينضم إلي أصحاب هذه التجاوزات.. مثل هذه النخب من السياسيين.. ومن المفكرين ومن الأساتذة ومن العلماء.. ومن مرشدي الجماعات.
فهؤلاء.. من ذكرنا منهم.. ومن لم نذكر.. هم أملنا في أن يخرجوا علي الشعب .. ليقدموا له المثل الأعلي.. والقدوة المحتذاة.. من أجل خطاب نبيل..وسلوك قويم .. ولغة مترفعة وراقية.
********
قبل أن أختم حديث اليوم.. ونحن مازلنا مع عدد من العلماء. والمفكرين والقادة.
لابد وأن أتوقف عند خبر حزين وهو رحيل عالم جليل.. وإنسان عظيم. وخبرة مصرية وعالمية فريدة.. هو الدكتور/ رشدي سعيد.
هذا الراحل العظيم. اعترف بأنه علمني كيف أحب كل ذرة تراب من أرض مصر فأنا بطبيعتي ونشأتي وتكويني محب.. بل متيم بحب مصر.. لكن حب عالمنا الكبير والفريد والعظيم. رشدي سعيد لمصر شيء آخر.. غير الذي كنت أعرفه وأعيشه. الرجل لم يترك شبراً من أرض هذا الوطن إلا وذهب إليه.. وتحسسه.. واختبر ظاهره وباطنه..
لم يمنعه مرض.. ولم يحل بينه وبين هذا التنقل عمر.. كان دائماً المثل والقدوة .. كان العالم والأستاذ الصديق.. كان المفكر.. والمبدع.. والمحاور.. كان ضيفاً. محاضراً ومحاوراً وأستاذاً" في ندوة حوار الأسبوع بالجمهورية.. ونفس الشيء بوكالة أنباء الشرق الأوسط.. لم يتردد.. لم يتعال.. بل معطاء وكريم بغير حدود..
رحم الله العالم والصديق الجليل وإنا لله وإنا إليه راجعون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.