شريف عامر: قانون الإجراءات الجنائية الجديد أحد أهم القوانين على مستوى العالم    مفارقة أكتوبر الأرقام تكشف ارتفاعًا شهريًا وتراجعًا سنويًا فى التصخم    نتنياهو يوجه رسالة إلى ترامب بعد مطالبته بالعفو عنه    تطورات مفاوضات الأهلي مع حامد حمدان.. وموقف اللاعب    تفاصيل مران منتخب مصر استعدادا لمواجهة أوزبكستان وديا    كرة سلة - سموحة يتفوق على الاتحاد السكندري في ذهاب نصف نهائي دوري المرتبط    طقس الخميس| تحذير من عدم استقرار وأمطار رعدية على هذه المناطق    جمال شعبان عن وفاة إسماعيل الليثي: الدنيا ساعة ويا رب نجعلها في طاعة    أكلات مهمة لطفلك ولكن الإفراط فيها يضر بصحته    وزير خارجية أوكرانيا: نحن بحاجة إلى دعم شركائنا لوضع نهاية للحرب الروسية    موعد نهائى كأس السوبر المصرى لكرة اليد على قنوات أون سبورت    نجم منتخب فرنسا خارج مواجهة أوكرانيا    الكرملين: الأسلحة النووية مفيدة للردع لكن الخطاب النووي خطير    رسمياً.. مجموعة ستاندرد بنك تفتتح مكتبها التمثيلي في مصر    محافظ كفرالشيخ يتابع فعاليات المسابقة الفنية لمحات من الهند ببلطيم    تحصين 2.2 مليون رأس ماشية ضد «القلاعية»    احذرى، فلتر المياه متعدد المراحل يُفقد الماء معادنه    منتخب مصر مواليد 2009 يختتم استعداداته لمواجهة الأردن    مركز أبحاث طب عين شمس يحتفل بمرور خمس سنوات علي إنشاءه (تفاصيل)    غرامة 500 ألف جنيه والسجن المشدد 15 عاما لتاجر مخدرات بقنا    بعثة الجامعة العربية لمتابعة انتخابات مجلس النواب تشيد بحسن تنظيم العملية الانتخابية    نائب المحافظ يتابع معدلات تطوير طريق السادات بمدينة أسوان    أمور فى السياسة تستعصى على الفهم    محمد رمضان يقدم واجب العزاء فى إسماعيل الليثى.. صور    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ شمال سيناء يتفقد قسام مستشفى العريش العام    صحفيو مهرجان القاهرة يرفعون صورة ماجد هلال قبل انطلاق حفل الافتتاح    وزيرالتعليم: شراكات دولية جديدة مع إيطاليا وسنغافورة لإنشاء مدارس تكنولوجية متخصصة    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    الداخلية تكشف تفاصيل استهداف عناصر جنائية خطرة    الرئيس الفلسطيني يبحث مع رئيسة البرلمان الفرنسي تعزيز العلاقات الثنائية    وزير العدل الأوكراني يقدم استقالته على خلفية فضيحة فساد    طلاب كلية العلاج الطبيعي بجامعة كفر الشيخ في زيارة علمية وثقافية للمتحف المصري الكبير    مكتب التمثيل التجاري يبحث مع المانع القابضة زيادة استثمارات المجموعة فى مصر    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    ضبط مصنع حلويات بدون ترخيص في بني سويف    ما عدد التأشيرات المخصصة لحج الجمعيات الأهلية هذا العام؟.. وزارة التضامن تجيب    أسماء جلال ترد بطريقتها الخاصة على شائعات ارتباطها بعمرو دياب    سعر كرتونه البيض الأحمر والأبيض للمستهلك اليوم الأربعاء 12نوفمبر2025 فى المنيا    البابا تواضروس الثاني يستقبل سفيرة المجر    محمد صبحي يطمئن جمهوره ومحبيه: «أنا بخير وأجري فحوصات للاطمئنان»    ذكرى رحيل الساحر الفنان محمود عبد العزيز فى كاريكاتير اليوم السابع    الرئيس السيسي يصدق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    نجم مانشستر يونايتد يقترب من الرحيل    حجز محاكمة متهمة بخلية الهرم لجسة 13 يناير للحكم    رئيس الوزراء يتفقد أحدث الابتكارات الصحية بمعرض التحول الرقمي    بتروجت يواجه النجوم وديا استعدادا لحرس الحدود    الرقابة المالية تتيح لشركات التأمين الاستثمار في الذهب لأول مرة في مصر    «عندهم حسن نية دايما».. ما الأبراج الطيبة «نقية القلب»؟    عاجل- رئيس الوزراء يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين مصر ولاتفيا لتعزيز التعاون فى مجالات الرعاية الصحية    وزير دفاع إسرائيل يغلق محطة راديو عسكرية عمرها 75 عاما.. ومجلس الصحافة يهاجمه    «العمل»: التفتيش على 257 منشأة في القاهرة والجيزة خلال يوم    القليوبية تشن حملات تموينية وتضبط 131 مخالفة وسلع فاسدة    إطلاق قافلة زاد العزة ال71 بحمولة 8 آلاف طن مساعدات غذائية إلى غزة    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    رئيس هيئة الرقابة المالية يبحث مع الأكاديمية الوطنية للتدريب تطوير كفاءات القطاع غير المصرفي    18 نوفمبر موعد الحسم.. إعلان نتائج المرحلة الأولى لانتخابات النواب 2025 وخبير دستوري يوضح قواعد الفوز وحالات الإعادة    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علشان بلدي
نشر في الأخبار يوم 16 - 04 - 2012

تعرفت علي أخي الأكبر المصري الأصيل د. فاروق العقدة، في واشنطن أوائل عام 2003 عندما دعيت لحضور مؤتمر عن التنمية في صندوق النقد الدولي وكان هو رئيس البنك الأهلي المصري وكنت نائبًا لرئيس بنك مصر، وخلال هذه الرحلة عرفته عن قرب فوجدته إنسانًا بسيطًا ودودًا وكان يُحدثني عن السنوات التي قضاها في الولايات المتحدة وكيف التحق بالعمل المصرفي بعد أن كان أستاذًا ومدرسًا للعلوم المالية بأعرق جامعة أمريكية جامعة بنسلفانيا.
وبعد عودتنا للقاهرة جمعنا اجتماع مع أحد العملاء المتعثرين المشتركين بين البنكين، وحقيقة عندما التحقت ببنك مصر في فبراير 2003 لم أكن أتوقع أن المأساة بهذا الحجم وكان يدركني الاكتئاب عندما أري حجم الخسائر بالبنك والإهمال الجسيم وانعدام العلم والمعرفة بشئون العمل المصرفي وكيف مُنحت تلك القروض، بالإضافة إلي الفساد الواضح من بعض العاملين بالبنك وعندما تقابلت مع د. العقدة في هذا الاجتماع وكان هو يقود التفاوض بكفاءته المنقطعة النظير وحسمه للأمور عاد إليّ بعض الأمل وبعد انتهاء الاجتماع في التاسعة مساء دعاني للجلوس معه وطبعًا كان تكريمًا لي أن يطلب مني ذلك رئيس البنك الأهلي والرجل الذي رأيت براعته في العمل وثقته بنفسه وجلسنا نتحدث قرب الساعة، وقال لي أخبارك إيه؟.. قلت والله يادكتور فاروق ما رأيته منك اليوم جعل الأمل يبدأ إليَّ في أنه ربما نستطيع أن نُخرج البنوك من هذه الأزمة الطاحنة، وكنت أشعر أننا مثل الجيش أيام حرب الاستنزاف كان يُجاهد من أجل تحقيق المستحيل ويعمل بكل جد وإخلاص، بينما كان الرأي العام يمطره بالنكات بعد أن اهتزت الثقة به عقب هزيمة 1967؟ فقال: أوافقك تمامًا.. قلت وما رأيك؟ قلت رأيي أن ترفض ولا تقبل فالبنك المركزي يتعرض لهجوم شديد والعُملة الصعبة في السوق السوداء اصبح سعرها 7.5 والتضخم وصل إلي 30٪ والمركزي لا يوجد لديه احتياطي تقريبًا والبلد علي مشارف أزمة كبيرة.. قال رفضت كثيرًا ولكنهم مُصرون ولكنني أستطيع أن أحلها!! وبعد ذلك ذهبت وأنا في المصعد كنت أكلم نفسي وأقول هل هذا الرجل حقًا يعني ما يقول أم أنه مبالغ في حق نفسه وبعد بضعة أسابيع وجدته يتصل بي ويطلب مني الانضمام له بالبنك المركزي كنائب وعندما عملت معه كانت المفاجأة أني وجدت إنسانًا نادرًا في الإخلاص والإنسانية وقوة الشخصية والثبات في المواقف الصعبة والاعتزاز بالنفس والكرامة والذهن المتقد والكفاءة المذهلة.
وعند أول اجتماع مع المؤسسات الدولية - وكنت دائمًا أجلس بجواره أنصت وأتعلم وأستفيد - قال له مسئولو صندوق النقد الدولي ما خطتك يا سيادة المحافظ بالنسبة للقطاع المصرفي والسياسة النقدية والأوضاع الاقتصادية؟ قال لهم أول خطوة مهمة هي أن أعترف بوجود المشكلة حينئذ أنا واثق أننا قادرون علي حلها وحينما سأله المسئولون وكيف ستحلها؟ أراد أن يسخر منهم- وهو كان دائما قويا مع كل هذه المؤسسات ينفذ دائما ما يراه صحيحا- قال سأحلها بدعوات الوالدين وضحكنا جميعا وكانت هذه قمة الثقة بالنفس والايمان وكان د. العقدة يقول لي: يا طارق في جامعة بنسلفانيا بامريكا.. كان معي بعض العرب وكان الاستاذ يقول لنا مشكلتكم ياعرب انكم لا تستطيعون تعريف المشكلة او تحديدها دعوني اعلمكم كيف تقومون بتعريف المشكلة لان هذا هو بداية طريق الاصلاح وهذه هي المقدمة للموضوع الذي أريد أن اتحدث عنه.
لماذا انتشر الفساد رغم الخبرات الطويلة والاجهزة الرقابية العاملة في الدولة؟ لماذا تأخرنا وجئنا خلف من علمناهم وأوفدنا اليهم بعثات المدرسين والاطباء؟ لماذا انهار التعليم والصحة والنقل والاسكان والسلوك؟ لماذا دائما نتكلم عن النتائج لا نتكلم عن الاسباب؟ لماذا نحن عاجزون عن معرفة المشكلة وحلها؟ لماذا.. ولماذا.. ولماذا؟
فكيف نستطيع تحليل الامور بعد ان علمنا اجيالا علي الحفظ وليس التحليل علمناهم إلغاء عقولهم وان يسيروا كالأنعام يقلدون بعضهم بلا اي فكر؟ كيف وقد قام امن الدولة بارهاب الطلاب في الجامعات ومن يفكر يُطرد من الجامعة ومن يكتب يقصف قلمه ويشرد اولاده؟
ولم تستطع اجهزة الدولة العديدة وبها آلاف الخبراء ان تمنع الفساد وأحد الاسباب الرئيسية في ذلك هو ان تلك الأجهزة مدربة علي اصطياد الاخطاء فقط وليس علي منع الفساد، كما أن هذا الفكر الخاطئ الذي يحكم اجهزة الدولة يجب ان يتغير تماما وأتذكر عندما توليت إدارة البنك الأهلي طلبت من تلك الاجهزة ان تترك المؤسسة لي وانا مسئول عما يحدث بها وكانت نتيجة ذلك ان استطعت اقناع العاملين بالقيام بالعمل دون خوف وزادت ميزانية البنك في عامين (مليار جنيه وهو رقم اذهلني وكان ذلك نتيجة للفكر والمفهوم في ادارة الافراد بغرس الثقة بهم وليس استكبارا وفي الوقت نفسه قمنا بتعيين خبراء مصرفيين لنظم عمل لمخاطر القروض تمنع الخسائر قبل حدوثها وتضع المقاييس الدولية في ادارة المؤسسة وقمنا بإدارة المخاطر بجميع انواعها حتي مخاطر الحريق التي لم يكن لها أية مرجعية في البنك.
إدارة المخاطر، ثقافة مفقودة في مؤسسات الدولة خاصة الحكومية وهذه الثقافة تحتاج إلي التدريب والتأهيل ولقد اكتسبناها من الاجانب خلال سنوات العمل.
إن ثقافة اصطياد الأخطاء أخرت مصر ليس أقل من مئة عام وآن الأوان لتغيير ثقافة الرقابة في مصر الي ثقافة منع حدوث الخطأ وهذا يحدث بأن تتم الاستعانة بأهل الخبرة والعلم والاستنارة.. والخبرة ليست كمًا من سنوات العمل ولكن نوعية هذه الخبرة وعمقها وقيمتها وذلك يعود الي المكان الذي تم اكتساب الخبرة فيه ويجب ان نعترف ان الخبرة والعلم والتكنولوجيا متواجدة خارج مصر وليس داخلها وبالتالي يجب تغيير فكرنا القائم علي اننا المصريون لنا تاريخ عظيم وبالتالي فنحن افضل من الاخرين كما قيل (ليس الفتي من قال أبي كان وإنما الفتي من قال ها أنا).
تاريخنا العريق لا يشفع لنا ولكنه مسئولية علينا ان تستمر في الاستزادة من العلم وبالتالي فان اي مستقبل لهذه الدولة لن يكون الا من خلال ادراك المسئولين بالدولة بأن العلم في الخارج ويجب الاستعانة بخبراته والبدء بالمصريين في الخارج واتساءل كيف ان امارة عربية صغيرة بلا مقومات ولا ارض ولا سكان ولا مناخ ولا موارد طبيعية ولا تاريخ ثقافي او فكري او سياسي او اجتماعي ولا ام كلثوم وعبد الوهاب او العقاد او طه حسين او نجيب الريحاني او احمد زويل ومع ذلك حققت معجزات في التنمية والتطوير يتحدث عنها العالم ومصر التي بها كل هذه المقومات لم تحققها؟
يجب ان نبحث في ذلك وان يتم اسناد هذه المهمة لمؤسسة في الدولة حتي لا نضل الطريق مرة اخري لقد سئمنا الاكاذيب حينما ضللونا وضللوا الشعب علي مدي عشرات السنوات زوروا التاريخ وتنصلوا من المسئوليات في الاحداث الجسام وألقوها علي عاتق الاخرين صوروا لنا ابطالا ولكنهم بشر وقعوا في اخطاء جسيمة وتم هدم كل القواعد التي بنتها دولة محمد علي الحديثة التي كانت دولة مؤسسات قائمة علي العلم وحولوها الي دولة الفرد وانهارت المؤسسات وهوي البيت علي اصحابه ورغم ذلك مازلنا نتيح صفحات الصحف وقنوات الفكر والرأي لهؤلاء الذين اوصلونا الي ما نحن فيه.
يجب ان تتحرر مصر من معتقدات ترسخت بالخطأ ونبدأ في التفكير بموضوعية وإنهاء تأليه الاشخاص ونبدأ الاصلاح بان تتقدم بعمل دراسة موضوعية علي مستوي الدولة لماذا انهارت مؤسسات الدولة الحديثة؟ واين وقع الخطأ؟ ومن المسئول؟ وما هي القرارات السياسية التي ادت بنا إلي ما نحن فيه؟
يجب ان نحطم الاصنام لقد قدست ألمانيا ادولف هتلر حتي كاد أن يأتي علي العالم كله ووصل الامر الي ان الولد كان يبلغ عن ابيه للحزب النازي والآن لا تريد ألمانيا ان تسمع عنه شيئا او حتي يذكر اسمه، لقد تسبب بعد الشعبية غير المناظرة في التاريخ في تحطيم ألمانيا الموحدة تماما وهلاك الملايين من شعبها في حروب طاحنة ساعيا للزعامة والهيمنة.
ونحن في مصر يجب ان نعرف قدرنا بدون اقلال ولكن ايضا بدون مغالاة ونعرف ما هي اهدافنا البعيدة فاهدافنا يجب الا تكون الهيمنة علي المنطقة او علي الاخرين ولكن ان نوفر حياة كريمة آمنة لشعبنا وكما ذكر عمي المشير عامر في وصيته ان نسخر موارد مصر لابنائها دون تدخل في شئون الاخرين.
لقد دفعنا الثمن غاليا عندما حاولنا ان نلعب دورا ليس دورنا واهدرنا الطاقات والوقت والانفس في المعارك وكان الاجدي بنا ان نوظف كل هذا من اجل الشعب المصري وان نجعل من تجربتنا مثلا لدول المنطقة ولكن للاسف الذي حدث كان العكس.
لم نستفد بعد في مصر من دروس التاريخ القريب ولا من الاوجاع والمأسي والنكبات التي مرت بشعبنا ولا نزال نتحدث حتي اليوم عن مزايا ثورة يوليو 1952 بدون وعي او ادراك.. اين تكمن مصلحة مصر؟
ورغم ان ثورة يوليو خرجت من بيتنا فإني اقول كما قال عمي قبل وفاته في وصيته إن الثورة نجحت نظريًا وفشلت عمليًا، أقولها إن الثورة أهدرت قيمة الإنسان وقيمة حرية الفكر والعلم ووضعت نظاما أرجو أن يكون قد سقط في يناير 2011.
وفي ذهني وأنا أكتب إلي مرادي وهو أسباب عجز الدولة عن تحقيق آمال المواطن والشعب، وأردت أن أبرز أولا أن أول خطوة في الإصلاح هي تغيير النظام الحاكم من أجل تحرير قدرة الفرد علي الانطلاق، وكما قلت لماذا دول صغري استطاعت النجاح ونحن عجزنا عنه في الماضي، أجد عدة أسباب لذلك وهي:
أولا- افتقاد الرؤية لدي قادة الدولة للنموذج الذي نريد مصر أن تصل إليه وتحققه علي مدي الخمسين عامًا القادمة.
ثانيًا- افتقاد قادة الدولة للإرادة لتحقيق هذا النموذج.
ثالثًا- افتقاد الشجاعة والجرأة في تحويل الفكر إلي واقع.
رابعًا- اهتمام قادة الدولة بتحقيق ذاتهم ليس من خلال تحقيق نجاحات للدولة في التقدم والتنمية والتحديث ولكن من خلال تكوين ثروات بالمليارات.
إن أول خطوة لتحقيق نجاحات حقيقية لمصر أن يكون هناك قادة يشعرون في داخلهم بهذا الوازع القوي لتحقيق النجاح، هذا الوازع الذي يؤرق صاحبه طوال الوقت ويدفعه دفعًا وبكل قوة، ففي الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة سنجد أن معظم أفراد الشعب أناس عاديون قد يتفوق عليهم كثير من المصريين، ولكن القادة.. القادة هم شيء مختلف ولديهم الموهبة والعلم والقدرة، وهؤلاء هم الذين يتربعون علي القمة ويقودون وهم قلائل والآخرون يعملون في المنظومة التي يتم وضعها.
نتحدث كثيرًا عن أهل الثقة ولكن في الواقع نحن لا نعني ما نقول، في مصر نود لو أن ندخر مكسبًا لأنفسنا كرصيد أو فرصة قد يستحقها الكثيرون غيرنا والنتيجة التي وصلنا إليها بعد عشرات السنوات هي (الفشل) بالرغم من صعوبة هذه الكلمة.
والثقافة الآن هي الطوفان, فإذا كانت الدولة ستتخذ قرارات للصالح العام، فإن ذلك لا يعنينا علي الإطلاق ولكن ما يعنينا هو كيف أن يصب ذلك عليّ أولا وأخيراً.. وبالتالي كل من لديه مكسب غير مشروع يرفض أي تعديل أو تغيير يثور إذا حدث ذلك، والآن وقد حدثت ثورة يناير المجيدة هل نحن مستعدون للإصلاح؟ وكما قلت في السابق إن الإصلاح ثمنه غالٍ ولكن لو حدث فإن مصر ستكون لها فرصة في الانضمام لركاب التقدم في العالم وإن لم يحدث سوف نستمر في التراجع حتي نكون مثل دول أفريقيا التي تصيبها الاضطرابات في كل حين وتعيش حياتها في صراع مستمر.
نريد رئيسِا قويًا واعيًا عالمًا يرغمنا علي الاصلاح, لم يعد المنطق يجدي معنا فالأصوات العالية غير المدركة تؤثر علي سيادة الدولة والقرارات بها.
ومن أجل الإصلاح الجدي وليس الهزلي, أول شيء يجب أن يتم هو إعادة تنظيم وتفعيل القانون وتطبيقه, ومطلوب إعادة تنظيم قطاعات الدولة المختلفة وإعادة هيكلة الأجهزة الإدارية بها وتحديثها واعادة صياغة قوانينها وتطهير تلك الأجهزة من الفساد البشع والجهل البالغ الذي حدث بها. حتي نعيد الهيبة للقانون ومن ثم إعادة تنظيم الدولة فمثلا قانون الصحافة والإعلام, أصبح وضع الصحافة والإعلام اليوم من التسيب والانهيار إلي الحد الذي أصبحت هذه الأداة التي يجب أن تستخدم مناخ الحرية لبناء الدولة أصبحت تستخدم مناخ الحرية لهدم الدولة.
وعلي حد علمي فإنه في دول العالم المتقدم ميثاق شرف لتلك المؤسسات تمنعها من بث الشائعات والأكاذيب والنيل من شرف وسمعة المسئولين بدون وجه حق ولكن في مصر أقصي عقوبة للسب أو القذف لأي مسئول بأي تهم غاشمة هي 25 ألف جنيه، وأري أن هذا القانون فاسد أورثه لنا النظام السابق والنظم الاستبدادية التي درجت علي استخدام الصحافة والإعلام لتوجيه الرأي العام بما يخدم مصالحها ولا يخدم مصالح الشعب فكان أن شبَّت أجيال من الاشخاص في هذه المهنة الخطيرة الذين افتقدوا إلي الضمير وايضا إلي العلم والاستنارة فكما تهاوي التعليم تهاوت مستويات الإجادة المهنية علي كل المستويات وفي كل القطاعات فالآلة الإعلامية التي طلب منها توجيه الرأي العام بأسلوب إيجابي لدفع الدولة إلي الأمام والاستعانة بأهل العلم والاستنارة أصبحت مجالا لكل الأبواق واختلط الحابل بالنابل وأصبحنا نسمع ونري آراء لو طبقت لضاعت البلد وفي القطاع المصرفي والاقتصادي الذي أعمل به قرأت آراء لو طبقناها لدخلت الدولة في كوارث وعصفت بالاقتصاد.
وبناء عليه أعتقد أن الديمقراطية ليست حق تصويت المواطن فقط فلا أتصور أن كل ما تتطلعه مصر للتقدم أن يكون صوت عالم من العلماء المصريين في العاصمة مساويا لصوت مواطن مصري في الأرياف لم ير في حياته إلا القرية التي يقطن بها، وأعتقد أن الديمقراطية هي الأخذ بأسباب العلم والاستفادة من الحكماء والعلماء والعقول المستنيرة بهذا البلد, وهؤلاء يجب أن نجد طريقة لأن يتولوا بها زمام الأمور ليقودوا الدولة إلي أول طريق النجاة وطريق التقدم وحاليا لا أريد أن ذلك هو ما يحدث وأري أننا بعيدون جدا عن ذلك ولذا أفهم لماذا ينادي أهل العلم بالدستور أولا حتي يكون الدستور مشكلا من أهل العلم وليس من حزب أو مجموعة من الناس أو تجمع سياسي فالدستور هو الذي يجب أن يضع القواعد والأساسات التي عليها سيتم بناء النظام السياسي والاقتصادي للدولة الحديثة ويضع اللبنة الأساسية لإنشاء القوانين بغرض هدف واحد وهو تحديث الدولة ووضعها في مصاف الدول المتقدمة، دولة تكون حقيقة دولة القانون بان يطبق فيها القانون بحسم دون مجاملة أو تنازل أو تساهل ومن ضمن القوانين قوانين العدالة الاجتماعية التي من وجهة نظري ليس معناها تقسيم الدخول بالتساوي علي المواطنين أبدًا ولكن العدالة معناها مواجهة الفساد المتفشي في الدولة بأن يمنح كل فرد في الدولة ما يستحقه بناءً علي علمه وكفاءته وانتاجه وسلوكه لا يتساوي مع الكسالي.
يجب البدء في مشروع تحديث الدولة من القمة إلي القاع وآن يكون المشروع علي مستوي جميع الوزارات والمصالح والهيئات والمحافظات ويبدأ بأن يتم تعيين احسن 10 آلاف كفاءة مصرية علي قمة تلك الاجهزة وتمنح صلاحيات لإصلاحها وتطويرها والتخلص من العناصر الفاسدة فيها وغير الناجحة ولتبدأ عجلة التحديث والتطوير بالدوران وعندئذ سنبدأ نشعر بالتحسن وفي نفس الوقت يجب أن يكون هناك قانون في غاية القسوة والشدة مع اي موظف او عامل في الدولة يخرج علي النظام لاي سبب من الاسباب ويتم فصله من عمله وحبسه تأديبًا إذا أخلّ بالامن العام للدولة او بالاستقرار.
إن المظاهرات السياسية شيء والمظاهرات الفئوية شيء آخر فالمظاهرات السياسية تضمن استمرار الإصلاح السياسي والحفاظ علي الحرية والمظاهرات الفئوية هي فساد يضر بالدولة يجب التعامل بكل حسم وقسوة.
لن نترك بلدنا وطننا أرضنا مستقبلنا ومستقبل أولادنا في يد من لا يعلم وهو يجهل عدم علمه.. لن نتركه في يد من يصارع من أجل السلطة وليس من أجل الشعب لن نستبدل نظامًا متأخرًا بنظام أكثر تأخرًا لا يمكن أن يكون هذا هو مصير مصر بعد كل تلك السنوات نحن نتكلم عن دولة القانون والقانون الأول هو حرية التعبير ولن نتنازل عن حرية التعبير وحرية الاختيار أبدًا وأي قوة لا تدرك مسئولياتها تجاه شعبنا سوف تجدنا مرة أخري نزلنا إلي الشارع كما فعلنا في ثورة يناير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.