طبعا فإن من حق الأسرتين الصحفية والإعلامية أن يكون لهما قانون يوفر لأعضائهما الحماية والمتطلبات المعيشية الكريمة التى تضمن قيامهم بمسئولياتهم فى نقل المعرفة وتنوير الرأى العام بكل ما يحقق صالح الدولة والشعب. ولكن ما يجب الحرص عليه فى القانون هو ضرورة التوازن بين المصالح السوية لكافة الاطراف دون السماح بسيطرة تيار بعينه على ما يستهدفه هذا القانون . كما يتحتم أيضا أن يراعى بنود هذا القانون بوضوح تام حقوق المواطن والمواطنة والمساواة وهى مبادئ ينص عليها الدستور الذى يؤكد أن لا أحد فوق القانون والالتزام بالحقوق والواجبات المجتمعية. فى هذا الشأن فإن الالتزام بأهداف الدستور تفرض على الصحفيين والاعلاميين احترام متطلبات الأمن القومى الذى له الاولوية عن أى شيء آخر. إذا كنا كصحفيين مارسوا المهنة سنوات وسنوات وعاصروا الكثير من التطورات التى شهدتها فإنه لابد وأن يتوافر لكل العناصر التى تنضم لعضوية هذه الاسرة كل الامكانات التى يتيح لها التدريب المهنى السليم القائم على الحرفية والاخلاقية والتثقيف السياسى والاقتصادى والاجتماعى بالقدر الذى يمكنهم من اداء ما يتحملونه من مسئولية. هذه المهمة لابد أن تتكفل بها نقابة الصحفيين وكذلك المجلس القومى للصحافة والاعلام المقترح انشاؤه. كان المجلس الاعلى للصحافة قد اضطلع بهذه المهمة قبل حرقه بعد قيام ثورة ٢٥ ينايرعلى ايدى المتآمرين والفوضويين.. من خلال مركز التدريب الذى تم أقامته فى مقره على أحدث النظم المعمول بها عالميا. من ناحية أخرى فإنه لابد من الاشارة.. إلى الترحيب بالحوار الدائر حاليا حول إصدار قانون للصحافة والاعلام وما يصاحبه من خلافات صحية بهدف الوصول إلى الإصلح والأعم. إن ما يزعجنى ما تضمنته بعض الآراء التى تتسم بعدم المعرفة بحقيقة ما كان سائدا فى وجود المجلس الأعلى للصحافة الذى إلغيت وظيفته ومهامه بعد ثورة ٢٥ يناير. إن ما يجب أن يكون معلوما ويعلمه كل العاملين فى الصحافة سواء بالصحف القومية أو الخاصة والحزبية أن الجميع كانوا يحصلون على البدلات الحكومية المقررة دون تفرقة. هذه البدلات كان تصرف للعاملين بالصحف القومية عن طريق صحفهم بينما كان يتم صرفها عن طريق نقابة الصحفيين للعاملين بالصحافة الخاصة والحزبية حيث كانت تتلقى قيمتها من المجلس الأعلى للصحافة . كان الشرط الوحيد الذى تم الاتفاق عليه هو أن يكون الصرف للذين يمارسون المهنة بالفعل باعتبار أن هذا البدل مربوط بهذا الامر. فيما يتعلق بمسئولية المجلس المقترح للصحافة والاعلام عن دعم الصحف الخاصة والحزبية فإنه أمر لا يتفق وهدف إصدارها، هذه الصحف المفروض أنها تقوم على أسس اقتصادية إلى جانب أنها مملوكة لاشخاص وأحزاب لهم وضعهم الاعتبارى والسياسي. على هذا الاساس فإن الحفاظ على استقلاليتها يقضى بأن تكون بعيدة عن أى دعم حكومى لأن الصحف القومية تحصل عليه بحكم أنها ملكية عامة. فى هذا المجال والشيء بالشيء يذكر فان المجلس الأعلى للصحافة كان يقوم بدعم موازنات بعض الصحف القومية وكذلك نقابة الصحفيين لتمويل المعاشات وللرعاية الصحية إلى جانب قيام المجلس بتقديم العون المالى بأرقام كبيرة أيضا لبعض الحالات المرضية الحرجة التى كانت تحتاج لنفقات باهظة بما فى ذلك السفر إلى الخارج وهناك أمثلة كثيرة بالاسماء حول هذا الامر. إن القانون الذى يجب التوصل إلى صيغة توافقية حوله لابد أن يستند إلى أسس سليمة تضمن مواده حرية الصحافة والصحفيين وحق الحصول على المعلومات التى تساعد الصحيفة والصحفى على تقديم الرأى الصحيح للرأى العام مع التزامه بالمسئولية المهنية والاخلاقية والقانونية. فى هذا الشأن فإنه من الاهمية أن يتمتع هذا الصحفى إلى جانب المهنية بالأمانة فى نقل الخبر وابداء الرأى.. بالصورة التى تخدم الصالح الوطنى وليس أى شيء آخر. إن المهم أن يأتى هذا القانون كاملا ومتكاملا والا يرتبط بمرحلة بعينها أو برأى سياسى محدد وإنما يجب أن يكون معبرا عما يريده ويتطلع إليه المجتمع الحريص على أمن واستقرار وطنه أمنيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا. وحتى يمكن مطالبة الصحفى القيام بمسئولياته فى ظل هذه المبادئ التى تضمن قيامه بها على أكمل وجه.. فإنه لابد للصحف التى يعمل بها الصحفى سواء كانت قومية أو خاصة أو حزبية أن تضمن له دخلا كافيا يجعله قادرا على سد احتياجاته المعيشية .. انه فى هذه الحالة سوف يكون ملتزما بالانتماء للصحيفة وللقيم المهنية وأن يمارس حريته فى النقد البناء والرقابة والمتابعة. تحقيق ذلك يؤدى الى تعظيم دوره كعين للشعب وتجنب الوقوع تحت تأثير أى عوامل تتعارض أهدافها مع ما يحقق صالح الوطن. وعن أهمية أن يكون للصحف الحزبية والخاصة تمثيل عادل فى المجلس المقترح وفقا للقانون الذى سيتم وضعه تجدر الاشارة إلى أنه كان هناك اتجاه قبل ثورة ٢٥ يناير فى أن يكون لهذه الصحف ممثلون فى المجلس الاعلى للصحافة. أن ما يشهد على ذلك تلك الاتصالات التى جرت بشأن الانضمام لعضوية المجلس الأعلى للصحافة فى التشكيل الجديد للمجلس قبل الثورة. على هذا الاساس فإن لا مجال للجدل أو المتاجرة بشأن حق هذه الصحف فى أن يكون لها وجود فى المجلس الاعلى للاعلام بالصورة التى تضمن القيام بمسئولياتها تجاه الوطن والمجتمع وبالتالى تكون خاضعة للثواب والعقاب الذى ينظمه القانون العادل.