الضربة الجوية والطريق إلى نصر أكتوبر العظيم (2)    رئيس جامعة سوهاج يفحص حالات إكلينيكية أثناء إلقاء درس عملي لطلاب الطب (صور)    وزيرة التضامن تفتتح حضانة "برايت ستارز" بحدائق العاصمة    «الأتوبيس الطائر» للتفتيش والمتابعة على مدارس أسيوط    تأهل كلية الاستزراع المائي بالعريش لجائزة مصر للتميز الحكومي    جدول مواقيت الصلاة فى الإسكندرية ومحافظات الجمهورية غداً الخميس 23 أكتوبر 2025    زراعة الفيوم تنظم تدريبا على ترشيد استهلاك مياه الري للمزارعين وروابط المياه    محافظ الغربية يتابع أعمال رصف وتطوير طريق حصة آبار ببسيون    وزير الإسكان: تخصيص 408 قطع أراضٍ للمواطنين بمنطقة الرابية    البترول: مصر تُصدر 150 ألف متر مكعب من الغاز المسال إلى تركيا لصالح توتال إنيرجيز    محافظ دمياط يفتتح محطة رفع صرف صحي النجارين بكفر البطيخ    الجالية الفلسطينية في الاتحاد الأوروبي ترحب بزيارة الرئيس السيسي إلى بروكسل للمشاركة في القمة المصرية الأوروبية    الأونروا: إسرائيل تنفذ عمليات تدمير شمال الضفة وتجبر الفلسطينيين على النزوح القسري    جدل فى قطاع غزة حول مصير أبو عبيدة.. أين الملثم؟    تحمل 8 آلاف طن.. إطلاق قافلة «زاد العزة» ال56 إلى الأشقاء الفلسطينيين    الريال ضد برشلونة.. تأكد غياب فليك عن الكلاسيكو بعد طرده أمام جيرونا    الائتلاف الحكومي بإسرائيل يسقط مقترح تشكيل لجنة تحقيق بأحداث 7 أكتوبر    "الأونروا": يجب فتح جميع المعابر إلى غزة مع ضرورة أن تكون المساعدات غير مقيدة    ️لجان ميدانية لتحديد أولويات الخطة الإنشائية بقطاع الشباب والرياضة 2026/2027    كرة اليد، جدول مباريات منتخب الناشئين في كأس العالم بالمغرب    جوائز كاف – إمام عاشور وإبراهيم عادل وثلاثي بيراميدز ينافسون على أفضل لاعب داخل القارة    تاريخ مواجهات ريال مدريد أمام يوفنتوس في دوري أبطال أوروبا    لبنى عبد الله: أمير عبد الحميد رحب بالاستمرار في الأهلى من موقع الرجل الثالث    بيراميدز يواجه التأمين الإثيوبي ذهابا وإيابا في القاهرة    جنايات المنصورة تنظر قضية مقتل مسنة على يد نجل شقيقها بالدقهلية    على خطى «لصوص لكن ظرفاء».. اعترافات المتهمين ب«سرقة ذهب» من فيلا التجمع    محافظ أسيوط: غدا فتح باب التقديم لحج الجمعيات الأهلية لموسم 1447ه – 2026م وحتى 6 نوفمبر المقبل    إزالة مخالفات بناء في جزيرة محمد بالوراق| صور    أوهمها بفرصة عمل.. المؤبد ل «عامل» بتهمة خطف سيدة وهتك عرضها بالإكراه في الشرقية    القبض على المتهم بقتل طليقته أمام مدرسة في مدينة السادات بالمنوفية    مدير آثار أسوان: تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني تجسيد لإعجاز المصريين في الفلك    «مدبولي»: نعمل على قدم وساق استعدادًا لافتتاح المتحف المصري الكبير    الأقصر تتحرك لدعم موسم سياحي استثنائي.. لقاء موسع بمشاركة خبراء ومختصين    بيحبوا يكسروا الروتين.. 4 أبراج لا تخشى المخاطرة وتحب انتهاز الفرص    نائب وزير الصحة يتفقد جاهزية الخدمات الطبية والطوارئ بميناء رفح البري    نائب وزير الصحة يتفقد ميناء رفح البري لضمان جاهزية الخدمات الطبية والطوارئ    بينها الأسماك الدهنية وممارسة الرياضة.. أطعمة صحية للمحافظة على القلب    هيئة التأمين الصحي الشامل تتعاقد مع 3 مراكز طبية جديدة وترفع عدد الجهات المعتمدة إلى 505 حتى سبتمبر 2025    حكم تاريخي مرتقب من محكمة العدل الدولية بشأن حصار غزة    دبلوماسي روسي سابق: النزاع مع أوكرانيا قائم على خلافات جوهرية    منال عوض: نسعى لحل مشاكل المواطنين والتواجد المستمر على أرض الواقع    وزير المالية: نتطلع لدور أكبر للبنوك التنموية متعددة الأطراف فى خفض تكاليف التمويل للدول الأعضاء والقطاع الخاص    مفتي الجمهورية: الله تولى بنفسه منصب الإفتاء وجعله من وظائف النبوة    وزير الأوقاف يهنئ القارئ الشيخ الطاروطي لاختياره أفضل شخصية قرآنية بموسكو    مهرجان القاهرة الدولي لموسيقى الجاز يهدي دورته السابعة عشرة إلى زياد الرحباني    ياسر جلال يرد على تهنئة الشيخ فيصل الحمود المالك الصباح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 22-10-2025 في محافظة الأقصر    موعد مباراة بايرن ميونخ وكلوب بروج فى دوري الأبطال والقنوات الناقلة    جوائز كاف - بيراميدز ينافس صنداونز على أفضل ناد.. وغياب الأهلي والزمالك    الصحة وصندوق مكافحة الإدمان يفتتحان قسما جديدا للحجز الإلزامي بمستشفى إمبابة    خلال 24 ساعة.. ضبط قضايا اتجار في العملات الأجنبية بقيمة ما يزيد على 11 مليون جنيه    رئيس جامعة أسيوط يرأس اجتماع لجنة متابعة مشروع مستشفى الأورام الجامعي الجديد    حكم القيام بإثبات الحضور للزميل الغائب عن العمل.. الإفتاء تجيب    مجلس الكنائس العالمي يشارك في احتفال الكنيسة المصلحة بمرور 150 عامًا على تأسيسها    حين يتأخر الجواب: لماذا لا يُستجاب الدعاء أحيانًا؟    سماء الفرج    موعد شهر رمضان المبارك 1447 هجريًا والأيام المتبقية    أسعار الدواجن والبيض اليوم الأربعاء 22 أكتوبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حروب الاستنزاف.. في اليمن!
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 26 - 04 - 2015


وقال الرئيس جمال عبدالناصر بالحرف الواحد:
إن القاهرة دفعت ثمنا غاليا جدا.. حتي الآن للحفاظ علي ثورة اليمن.. وآن لها ان تضع حدا لهذا النزيف الخطير
تصدرت أنباء الحرب الأهلية في اليمن الشقيق.. نشرات الأخبار.. وباتت محل قلق الأمة العربية التي تواجه تحديات الداخل والخارج في آن واحد.
وتشاء الاقدار ان تكون الاحداث التي نشهدها هذه الايام.. هي صورة بالكربون لاحداث دموية عشناها منذ نحو نصف القرن.. وعلي وجه التحديد في مايو سنة 1965، عندما نشطت المساعي في أغلب العواصم العربية.. لحل الصراع بين الاطراف المتنازعة في اليمن بالطرق السلمية.. وانطلقت هذه المساعي الحميدة ايامها من العراق والجزائر والاردن ولبنان.. بعد المطلب الذي تقدم به رئيس وزراء اليمن السيد محمد احمد النعمان لجميع الدول العربية بوجوب التوسط لحل النزاع اليمني.. بتأييد من الرئيس جمال عبدالناصر الذي اصبح يتوق لحل هذه المشكلة بالطرق السلمية.
وجاءت هذه المبادرة في الخطاب الذي ألقاه الرئيس الراحل في 15 يونيو سنة 1965، وقال فيه إنه لا يستطيع الدخول في معركة مع اسرائيل بسبب وجود 50 ألف جندي في اليمن!
وقال الرئيس جمال عبدالناصر بالحرف الواحد:
إن القاهرة دفعت ثمنا غاليا جدا.. حتي الآن للحفاظ علي ثورة اليمن.. وآن لها ان تضع حدا لهذا النزيف الخطير الذي يشل ميزانيتها في الوقت الذي هي في أمس الحاجة لانفاقه علي مشاريعها الاقتصادية الكبري.
وضرب الرئيس الراحل مثلا بالولايات المتحدة.. فقال إن للولايات المتحدة 75 ألف جندي يتوزعون بين الدومينيك وفيتنام الجنوبية.. وقد طلب الرئيس جونسون من الكونجرس الامريكي تخصيص مبلغ 700 مليون دولار كنفقات لهذه القوات لمدة عام واحد.. وقد وافق مجلسا الشيوخ والنواب علي هذا المشروع.. وفي مقارنة بسيطة بهذا الرقم الذي طلبه الرئيس جونسون لنحو 75 ألف جندي كنفقات لمدة عام واحد فقط يتبين لنا مدي النفقات المادية الباهظة التي تحملتها الجمهورية العربية المتحدة منذ 3 سنوات علي 50 ألف جندي يحاربون في ربوع اليمن.. هذا بغض النظر عن الخسائر بالارواح التي لا يمكن.. كما قال الرئيس الراحل.. ان تعوض، والتي تسبب آلاما بعيدة في جسم المجتمع المصري ومشاكل بلا حدود.
ومضي الرئيس جمال عبدالناصر يقول في خطابه التاريخي :
وبالإضافة إلي ذلك فإن حل المشكلة اليمنية سيتيح للفرق المقاتلة المصرية ان تنتقل في اليمن إلي حدود اسرائيل.. لتسهم في قوة الردع العربية.
ومعني كلام الرئيس الراحل ان حل المشكلة اليمنية علي الصعيد العربي سيحل قضيتين خطيرتين تهددان التضامن العربي وقضية فلسطين تهديدا خطيرا.
أولا: سيؤدي حل القضية اليمنية إلي المصالحة بين السعودية وصنعاء والقاهرة.
ثانيا: سيؤدي حل القضية إلي ايجاد مصالحة بين دمشق والقاهرة بعد زوال امتناع القاهرة من الدخول في حرب مع إسرائيل!
وكان حزب البعث السوري يشن حربا شعواء ضد الرئيس جمال عبدالناصر.. بسبب ما سماه الحزب.. تخاذله في الحرب ضد اسرائيل.. وليس ذلك موضوعنا علي اية حال.
المهم..
في 25 مايو 1966.. ألقي المشير عبدالحكيم عامر النائب الاول لرئيس الجمهورية ونائب القائد الاعلي للقوات المسلحة.. كلمة في نادي القوات المسلحة بالعريش قال فيها:
... إن لنا سياسة جديدة في اليمن.. بهدف ان نبقي أطول مدة ممكنة بدون ان نعرض قواتنا لخسائر.. وحتي نظل شوكة في جنب الاستعمار واعوانه.. وإذا تطلب الامر سنضرب هؤلاء الاعوان وعندنا القوة الكافية لتوجيه ضربة قاصمة لهم.. ان مجرد وجودنا في اليمن أساسي ويجب ان يستمر مدة طويلة.. والمعارك التحررية في عدن والمحميات يجب أن تجد مساعدة فعالة ولولا وجودنا في اليمن لاستمرت انجلترا تستعمر هذه المنطقة إلي الأبد.. ولهذا فإن الوجود المصري في اليمن يمنع الاستعمار من استخدام البحر الاحمر كقاعدة للعدوان.
ومضي المشير الراحل قائلا:
لقد بدأت ضدنا حملة مسعورة في محطات الاذاعة الاستعمارية.. وبدأت تتحدث عن التكاليف الاقتصادية لحرب اليمن وبدأوا يربطون بين اختفاء بعض السلع الغذائية في القاهرة.. وبين حرب اليمن.. والحقيقة ان الجندي المصري يأكل هناك في اليمن مثلما يأكل هنا في القاهرة.. ولكن الحملة مقصودة وموجهة.. ويجب ان نعلم عمق مثل هذه الحملات حتي لا ينطلي علينا كلامها!
المشكلة هنا أن الموقع الجغرافي لليمن.. وكونه في قلب منطقة الخليج العامرة بالثروات جعله في قلب صراع دائم بين القوي الطامعة في ثروات الخليج.. الطبيعية والاستراتيجية.
فاليمن كان ولايزال مثار اطماع القوي الاجنبية.. وحاول الإمام أحمد التماس الحماية العربية فأعلن في 26 فبراير 1958 الانضمام لدولة الوحدة التي تضم مصر وسوريا.. الا ان هذا الاتحاد الفيدرالي انفض بعد انفصال سوريا.. وتغيرت الاحوال.. وسبحان مغير الاحوال.. وبدأ الإمام أحمد في شن هجوم كاسح علي الاشتراكية.. وعلي الجمهورية العربية المتحدة.. وزعيمها جمال عبدالناصر.
إلا ان هذه الحملات العدائية لم تستمر طويلا.. بعد ان تعرض الإمام أحمد لمحاولة اغتيال فاشلة في مارس سنة 1961 ادت لاصابته في كتفه إلي ان مات في سبتمبر 1962 وتولي السلطة من بعده ابنه الإمام محمد البدر.. الذي لم ينعم بالسلطة طويلا اثر الانقلاب الذي تزعمه عبدالله السلال.. وسقوط العاصمة في ايدي الثوار وهروب الإمام محمد البدر إلي الجبال علي رأس جيش من أتباعه في محاولة منه لاستعادة العاصمة.. في الوقت الذي اعترف فيه الاتحاد السوفيتي بالنظام الجديد.. ثم اعترفت بعده الولايات المتحدة.. إلي ان انضم اليمن إلي الامم المتحدة سنة 1963.. وعندما اعترفت المملكة الاردنية الهاشمية بالنظام الجمهوري في اليمن.. اعتبر خبراء الاستراتيجية أيامها.. ان الثورة في اليمن قد نجحت.. في ظل اجواء سادتها علامات التحسن في العلاقات بين القاهرة والرياض.. ووجه الزعيم جمال عبدالناصر الدعوة لقمة عربية عقدت بالاسكندرية سنة 1964.. بحث خلالها جمال عبدالناصر والملك فيصل.. الموقف في اليمن.. وأسفر عن لقاءات.. لم يعلن عنها بين أطراف النزاع في اليمن.. باحدي القري السودانية النائية، تم الاتفاق خلالها بين وفدي الجمهوريين والملكيين علي وقف القتال في اليمن.
وتدور الايام وتجري احداث الخامس من يونيو 1967.. ويبدأ الاعداد لمؤتمر قمة عربي يعقد في الخرطوم.. لبحث تداعيات ما جري.. وعقدت الوفود التحضيرية اجتماعا لبحث جدول اعمال القمة.. في أغسطس 1967.. واذا بالوفد المصري يلقي بمفاجأة تتلخص في موافقة مصر علي اقتراح الملك فيصل الذي كان قد قدمه في أغسطس 1965.. بانسحاب القوات المصرية من اليمن الشقيق.. والسعيد!
السخيف في الموضوع ان جميع معارك الصراع علي السلطة في اليمن.. وحتي لحظة كتابة هذه السطور.. كانت في حقيقتها صراعات بين قوي خارجية.. لها حساباتها.. ومشروعاتها.. ولم يكن الداخل الوطني.. سوي أداة.. في هذه المعارك.. التي سالت فيها دماء الابرياء والشهداء.. انهارا.. ولم يكن لها سوي هدف واحد.. هو استنزاف القوي والموارد الاقتصادية في اليمن لعرقلة المسيرة.. ومواكبة الزمن!
وقال الرئيس جمال عبدالناصر بالحرف الواحد:
إن القاهرة دفعت ثمنا غاليا جدا.. حتي الآن للحفاظ علي ثورة اليمن.. وآن لها ان تضع حدا لهذا النزيف الخطير
تصدرت أنباء الحرب الأهلية في اليمن الشقيق.. نشرات الأخبار.. وباتت محل قلق الأمة العربية التي تواجه تحديات الداخل والخارج في آن واحد.
وتشاء الاقدار ان تكون الاحداث التي نشهدها هذه الايام.. هي صورة بالكربون لاحداث دموية عشناها منذ نحو نصف القرن.. وعلي وجه التحديد في مايو سنة 1965، عندما نشطت المساعي في أغلب العواصم العربية.. لحل الصراع بين الاطراف المتنازعة في اليمن بالطرق السلمية.. وانطلقت هذه المساعي الحميدة ايامها من العراق والجزائر والاردن ولبنان.. بعد المطلب الذي تقدم به رئيس وزراء اليمن السيد محمد احمد النعمان لجميع الدول العربية بوجوب التوسط لحل النزاع اليمني.. بتأييد من الرئيس جمال عبدالناصر الذي اصبح يتوق لحل هذه المشكلة بالطرق السلمية.
وجاءت هذه المبادرة في الخطاب الذي ألقاه الرئيس الراحل في 15 يونيو سنة 1965، وقال فيه إنه لا يستطيع الدخول في معركة مع اسرائيل بسبب وجود 50 ألف جندي في اليمن!
وقال الرئيس جمال عبدالناصر بالحرف الواحد:
إن القاهرة دفعت ثمنا غاليا جدا.. حتي الآن للحفاظ علي ثورة اليمن.. وآن لها ان تضع حدا لهذا النزيف الخطير الذي يشل ميزانيتها في الوقت الذي هي في أمس الحاجة لانفاقه علي مشاريعها الاقتصادية الكبري.
وضرب الرئيس الراحل مثلا بالولايات المتحدة.. فقال إن للولايات المتحدة 75 ألف جندي يتوزعون بين الدومينيك وفيتنام الجنوبية.. وقد طلب الرئيس جونسون من الكونجرس الامريكي تخصيص مبلغ 700 مليون دولار كنفقات لهذه القوات لمدة عام واحد.. وقد وافق مجلسا الشيوخ والنواب علي هذا المشروع.. وفي مقارنة بسيطة بهذا الرقم الذي طلبه الرئيس جونسون لنحو 75 ألف جندي كنفقات لمدة عام واحد فقط يتبين لنا مدي النفقات المادية الباهظة التي تحملتها الجمهورية العربية المتحدة منذ 3 سنوات علي 50 ألف جندي يحاربون في ربوع اليمن.. هذا بغض النظر عن الخسائر بالارواح التي لا يمكن.. كما قال الرئيس الراحل.. ان تعوض، والتي تسبب آلاما بعيدة في جسم المجتمع المصري ومشاكل بلا حدود.
ومضي الرئيس جمال عبدالناصر يقول في خطابه التاريخي :
وبالإضافة إلي ذلك فإن حل المشكلة اليمنية سيتيح للفرق المقاتلة المصرية ان تنتقل في اليمن إلي حدود اسرائيل.. لتسهم في قوة الردع العربية.
ومعني كلام الرئيس الراحل ان حل المشكلة اليمنية علي الصعيد العربي سيحل قضيتين خطيرتين تهددان التضامن العربي وقضية فلسطين تهديدا خطيرا.
أولا: سيؤدي حل القضية اليمنية إلي المصالحة بين السعودية وصنعاء والقاهرة.
ثانيا: سيؤدي حل القضية إلي ايجاد مصالحة بين دمشق والقاهرة بعد زوال امتناع القاهرة من الدخول في حرب مع إسرائيل!
وكان حزب البعث السوري يشن حربا شعواء ضد الرئيس جمال عبدالناصر.. بسبب ما سماه الحزب.. تخاذله في الحرب ضد اسرائيل.. وليس ذلك موضوعنا علي اية حال.
المهم..
في 25 مايو 1966.. ألقي المشير عبدالحكيم عامر النائب الاول لرئيس الجمهورية ونائب القائد الاعلي للقوات المسلحة.. كلمة في نادي القوات المسلحة بالعريش قال فيها:
... إن لنا سياسة جديدة في اليمن.. بهدف ان نبقي أطول مدة ممكنة بدون ان نعرض قواتنا لخسائر.. وحتي نظل شوكة في جنب الاستعمار واعوانه.. وإذا تطلب الامر سنضرب هؤلاء الاعوان وعندنا القوة الكافية لتوجيه ضربة قاصمة لهم.. ان مجرد وجودنا في اليمن أساسي ويجب ان يستمر مدة طويلة.. والمعارك التحررية في عدن والمحميات يجب أن تجد مساعدة فعالة ولولا وجودنا في اليمن لاستمرت انجلترا تستعمر هذه المنطقة إلي الأبد.. ولهذا فإن الوجود المصري في اليمن يمنع الاستعمار من استخدام البحر الاحمر كقاعدة للعدوان.
ومضي المشير الراحل قائلا:
لقد بدأت ضدنا حملة مسعورة في محطات الاذاعة الاستعمارية.. وبدأت تتحدث عن التكاليف الاقتصادية لحرب اليمن وبدأوا يربطون بين اختفاء بعض السلع الغذائية في القاهرة.. وبين حرب اليمن.. والحقيقة ان الجندي المصري يأكل هناك في اليمن مثلما يأكل هنا في القاهرة.. ولكن الحملة مقصودة وموجهة.. ويجب ان نعلم عمق مثل هذه الحملات حتي لا ينطلي علينا كلامها!
المشكلة هنا أن الموقع الجغرافي لليمن.. وكونه في قلب منطقة الخليج العامرة بالثروات جعله في قلب صراع دائم بين القوي الطامعة في ثروات الخليج.. الطبيعية والاستراتيجية.
فاليمن كان ولايزال مثار اطماع القوي الاجنبية.. وحاول الإمام أحمد التماس الحماية العربية فأعلن في 26 فبراير 1958 الانضمام لدولة الوحدة التي تضم مصر وسوريا.. الا ان هذا الاتحاد الفيدرالي انفض بعد انفصال سوريا.. وتغيرت الاحوال.. وسبحان مغير الاحوال.. وبدأ الإمام أحمد في شن هجوم كاسح علي الاشتراكية.. وعلي الجمهورية العربية المتحدة.. وزعيمها جمال عبدالناصر.
إلا ان هذه الحملات العدائية لم تستمر طويلا.. بعد ان تعرض الإمام أحمد لمحاولة اغتيال فاشلة في مارس سنة 1961 ادت لاصابته في كتفه إلي ان مات في سبتمبر 1962 وتولي السلطة من بعده ابنه الإمام محمد البدر.. الذي لم ينعم بالسلطة طويلا اثر الانقلاب الذي تزعمه عبدالله السلال.. وسقوط العاصمة في ايدي الثوار وهروب الإمام محمد البدر إلي الجبال علي رأس جيش من أتباعه في محاولة منه لاستعادة العاصمة.. في الوقت الذي اعترف فيه الاتحاد السوفيتي بالنظام الجديد.. ثم اعترفت بعده الولايات المتحدة.. إلي ان انضم اليمن إلي الامم المتحدة سنة 1963.. وعندما اعترفت المملكة الاردنية الهاشمية بالنظام الجمهوري في اليمن.. اعتبر خبراء الاستراتيجية أيامها.. ان الثورة في اليمن قد نجحت.. في ظل اجواء سادتها علامات التحسن في العلاقات بين القاهرة والرياض.. ووجه الزعيم جمال عبدالناصر الدعوة لقمة عربية عقدت بالاسكندرية سنة 1964.. بحث خلالها جمال عبدالناصر والملك فيصل.. الموقف في اليمن.. وأسفر عن لقاءات.. لم يعلن عنها بين أطراف النزاع في اليمن.. باحدي القري السودانية النائية، تم الاتفاق خلالها بين وفدي الجمهوريين والملكيين علي وقف القتال في اليمن.
وتدور الايام وتجري احداث الخامس من يونيو 1967.. ويبدأ الاعداد لمؤتمر قمة عربي يعقد في الخرطوم.. لبحث تداعيات ما جري.. وعقدت الوفود التحضيرية اجتماعا لبحث جدول اعمال القمة.. في أغسطس 1967.. واذا بالوفد المصري يلقي بمفاجأة تتلخص في موافقة مصر علي اقتراح الملك فيصل الذي كان قد قدمه في أغسطس 1965.. بانسحاب القوات المصرية من اليمن الشقيق.. والسعيد!
السخيف في الموضوع ان جميع معارك الصراع علي السلطة في اليمن.. وحتي لحظة كتابة هذه السطور.. كانت في حقيقتها صراعات بين قوي خارجية.. لها حساباتها.. ومشروعاتها.. ولم يكن الداخل الوطني.. سوي أداة.. في هذه المعارك.. التي سالت فيها دماء الابرياء والشهداء.. انهارا.. ولم يكن لها سوي هدف واحد.. هو استنزاف القوي والموارد الاقتصادية في اليمن لعرقلة المسيرة.. ومواكبة الزمن!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.