جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا ضمن أفضل الجامعات العربية في تصنيف 2025    خمسة آلاف غرامة فورية لعدم وضع صندوق قمامة أمام المحال بالقاهرة    رئيس الوزراء يبحث إقامة شراكات جديدة بين مصر والإمارات    منسقة الطوارئ بمنظمة أطباء بلا حدود: نحاول تخفيف وطأة الحرب ب غزة    تتضمن مقاتلات حديثة، تقارير تكشف تفاصيل صفقة تسليح بين باكستان والجيش الليبي    الأهلي يختتم تدريباته استعدادًا لمواجهة غزل المحلة غدا    رومانو: الأهلي يعرقل انضمام حمزة عبد الكريم إلى برشلونة    أجواء حماسية لمتابعة مباريات المنتخب الوطني بكأس أمم أفريقيا في الإسكندرية.. 28 شاشة بمختلف الأحياء.. الشباب والرياضة: تعكس الدور الحيوى لمراكز الشباب كمنابر وطنية.. وإجراءات تنظيمية وأمنية أثناء المباراة.. صور    ضبط شخص تعدى بالضرب على طفلة «بقصد التأديب» في الجيزة    خلال 24 ساعة.. رصد 153 مخالفة على الطرق في الغربية    عمر الفيشاوى نجل سمية الألفى وشقيقها يستقبلان المعزيين بمسجد عمر مكرم    «حزين».. أحمد الفيشاوي متأثر في عزاء والدته سمية الالفى    محافظ بني سويف يوجه بتيسير عمل البعثة المصرية الروسية لترميم معبد بطليموس الثاني    بعد مرور 25 عاما.. نيويورك تايمز تكشف عن أفضل 100 فيلم فى القرن ال 21    بدون منبهات، 7 وصفات طبيعية لزيادة النشاط والحيوية    وزير العمل يصدر قرارًا لتحديد الجهة الإدارية المختصة بتقديم خدمات الوزارة    "هعيش حزين".. أول تعليق من أحمد الفيشاوي بعد وفاة والدته    وزير الخارجية يؤكد الأهمية المحورية للإعلام الوطني في دعم الأمن القومي المصري وبناء الوعي العام    تشكيل مجلس إدارة غرفة الصناعات الغذائية لدورة 2025-2029    يضم 950 قطعة أثرية.... محافظ المنيا يتفقد متحف آثار ملوي    رمضان عبدالمعز: احذر دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب    جنايات الإرهاب تقضى بالمؤبد والسجن المشدد ل5 متهمين بخلية التجمع    الدنمارك تستدعي السفير الأمريكي على خلفية تعيين مبعوث لجرينلاند    في مشهد مهيب.. الأزهر ينجح في إخماد فتنة ثأرية بالصعيد    قائد أوغندا قبل مواجهة تونس: لن نكون لقمة سائغة لمنافسينا في أمم إفريقيا    قبل بدء التصوير ..أيتن عامر تعتذرعن ظروف خاصة «حق ضايع»    انتظام أعمال امتحانات الفصل الدراسي الأول بجامعة قنا    تبدأ 10 يناير، ننشر جداول امتحانات الفصل الدراسي الأول للنقل ببني سويف    تصعيد إسرائيلي.. قوات الاحتلال تهدم مبنى سكنيا في القدس الشرقية    الاثنين 22 ديسمبر 2025.. البورصة تعاود الهبوط    قصة قصيرة ..بدران والهلباوى ..بقلم ..القاص : على صلاح    فرحة وحيدة لمنتخب مصر في الاستضافة العربية لأمم أفريقيا    مدير تعليم الجيزة يواصل سياسة العمل الميداني بزيارة مفاجئة لإدارتي «العياط والصف»    حداد ودموع في طابور الصباح.. مدرسة بمعصرة صاوي تنعى تلميذين لقيا مصرعهما في حادث الطريق الإقليمي    السيطرة على حريق بسوق عرفان فى محرم بك بالإسكندرية دون إصابات.. صور    مصدر من الأهلي يكشف ل في الجول تطورات ملف المحترفين والراحلين.. وموقف توروب    هل طلب بيراميدز ضم ناصر ماهر من الزمالك ..مصدر يوضح    إطلاق حملة "ستر ودفا وإطعام" بالشرقية    حكم المسح على الشراب الخفيف أثناء الوضوء.. دار الإفتاء توضح    الانتقام المجنون.. حكاية جريمة حضرها الشيطان في شقة «أبو يوسف»    مدبولي: توجيهات من الرئيس بإسراع الخطى في تنفيذ منظومة التأمين الصحي الشامل    مصطفى مدبولي: توجيهات من الرئيس بإسراع الخطى في تنفيذ منظومة التأمين الصحي الشامل    رئيس جامعة سوهاج يلتقي الفريق الطبي المُنقذ للطفل «يوسف» ويشيد بجهودهم    محافظ المنوفية يتفقد مركز خدمة عملاء مركز معلومات شبكات المرافق بقويسنا.. صور    جامعة قناة السويس تكرّم قياداتها الإدارية بمناسبة التجديد    مصر تواصل تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية العاجلة إلى قطاع غزة    محافظ سوهاج يعلن إتاحة التصديق القنصلي على المستندات بمكاتب البريد    الحقيقة الكاملة لسحب الجنسية من البلوجر علي حسن    وكيل الأزهر يحذِّر من الفراغ التربوي: إذا لم يُملأ بالقيم ملأته الأفكار المنحرفة    وزير الصناعة والنقل يصل العاصمة العمانية مسقط على رأس وفد رجال أعمال للمشاركة في منتدى الأعمال المصري العماني    روائح رمضان تقترب    وزير الثقافة ورئيس صندوق التنمية الحضرية يوقّعان بروتوكول تعاون لتنظيم فعاليات ثقافية وفنية بحديقة «تلال الفسطاط»    وزير قطاع الأعمال: نحرص على تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    أسعار السمك اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    مواعيد مباريات الإثنين 22 ديسمبر والقنوات الناقلة.. مصر تبدأ مشوارها في أمم أفريقيا    ويتكوف: روسيا لا تزال ملتزمة تماما بتحقيق السلام فى أوكرانيا    أكسيوس: لا توجد مؤشرات حتى الآن على هجوم إيرانى وشيك ضد إسرائيل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حروب الاستنزاف.. في اليمن!
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 26 - 04 - 2015


وقال الرئيس جمال عبدالناصر بالحرف الواحد:
إن القاهرة دفعت ثمنا غاليا جدا.. حتي الآن للحفاظ علي ثورة اليمن.. وآن لها ان تضع حدا لهذا النزيف الخطير
تصدرت أنباء الحرب الأهلية في اليمن الشقيق.. نشرات الأخبار.. وباتت محل قلق الأمة العربية التي تواجه تحديات الداخل والخارج في آن واحد.
وتشاء الاقدار ان تكون الاحداث التي نشهدها هذه الايام.. هي صورة بالكربون لاحداث دموية عشناها منذ نحو نصف القرن.. وعلي وجه التحديد في مايو سنة 1965، عندما نشطت المساعي في أغلب العواصم العربية.. لحل الصراع بين الاطراف المتنازعة في اليمن بالطرق السلمية.. وانطلقت هذه المساعي الحميدة ايامها من العراق والجزائر والاردن ولبنان.. بعد المطلب الذي تقدم به رئيس وزراء اليمن السيد محمد احمد النعمان لجميع الدول العربية بوجوب التوسط لحل النزاع اليمني.. بتأييد من الرئيس جمال عبدالناصر الذي اصبح يتوق لحل هذه المشكلة بالطرق السلمية.
وجاءت هذه المبادرة في الخطاب الذي ألقاه الرئيس الراحل في 15 يونيو سنة 1965، وقال فيه إنه لا يستطيع الدخول في معركة مع اسرائيل بسبب وجود 50 ألف جندي في اليمن!
وقال الرئيس جمال عبدالناصر بالحرف الواحد:
إن القاهرة دفعت ثمنا غاليا جدا.. حتي الآن للحفاظ علي ثورة اليمن.. وآن لها ان تضع حدا لهذا النزيف الخطير الذي يشل ميزانيتها في الوقت الذي هي في أمس الحاجة لانفاقه علي مشاريعها الاقتصادية الكبري.
وضرب الرئيس الراحل مثلا بالولايات المتحدة.. فقال إن للولايات المتحدة 75 ألف جندي يتوزعون بين الدومينيك وفيتنام الجنوبية.. وقد طلب الرئيس جونسون من الكونجرس الامريكي تخصيص مبلغ 700 مليون دولار كنفقات لهذه القوات لمدة عام واحد.. وقد وافق مجلسا الشيوخ والنواب علي هذا المشروع.. وفي مقارنة بسيطة بهذا الرقم الذي طلبه الرئيس جونسون لنحو 75 ألف جندي كنفقات لمدة عام واحد فقط يتبين لنا مدي النفقات المادية الباهظة التي تحملتها الجمهورية العربية المتحدة منذ 3 سنوات علي 50 ألف جندي يحاربون في ربوع اليمن.. هذا بغض النظر عن الخسائر بالارواح التي لا يمكن.. كما قال الرئيس الراحل.. ان تعوض، والتي تسبب آلاما بعيدة في جسم المجتمع المصري ومشاكل بلا حدود.
ومضي الرئيس جمال عبدالناصر يقول في خطابه التاريخي :
وبالإضافة إلي ذلك فإن حل المشكلة اليمنية سيتيح للفرق المقاتلة المصرية ان تنتقل في اليمن إلي حدود اسرائيل.. لتسهم في قوة الردع العربية.
ومعني كلام الرئيس الراحل ان حل المشكلة اليمنية علي الصعيد العربي سيحل قضيتين خطيرتين تهددان التضامن العربي وقضية فلسطين تهديدا خطيرا.
أولا: سيؤدي حل القضية اليمنية إلي المصالحة بين السعودية وصنعاء والقاهرة.
ثانيا: سيؤدي حل القضية إلي ايجاد مصالحة بين دمشق والقاهرة بعد زوال امتناع القاهرة من الدخول في حرب مع إسرائيل!
وكان حزب البعث السوري يشن حربا شعواء ضد الرئيس جمال عبدالناصر.. بسبب ما سماه الحزب.. تخاذله في الحرب ضد اسرائيل.. وليس ذلك موضوعنا علي اية حال.
المهم..
في 25 مايو 1966.. ألقي المشير عبدالحكيم عامر النائب الاول لرئيس الجمهورية ونائب القائد الاعلي للقوات المسلحة.. كلمة في نادي القوات المسلحة بالعريش قال فيها:
... إن لنا سياسة جديدة في اليمن.. بهدف ان نبقي أطول مدة ممكنة بدون ان نعرض قواتنا لخسائر.. وحتي نظل شوكة في جنب الاستعمار واعوانه.. وإذا تطلب الامر سنضرب هؤلاء الاعوان وعندنا القوة الكافية لتوجيه ضربة قاصمة لهم.. ان مجرد وجودنا في اليمن أساسي ويجب ان يستمر مدة طويلة.. والمعارك التحررية في عدن والمحميات يجب أن تجد مساعدة فعالة ولولا وجودنا في اليمن لاستمرت انجلترا تستعمر هذه المنطقة إلي الأبد.. ولهذا فإن الوجود المصري في اليمن يمنع الاستعمار من استخدام البحر الاحمر كقاعدة للعدوان.
ومضي المشير الراحل قائلا:
لقد بدأت ضدنا حملة مسعورة في محطات الاذاعة الاستعمارية.. وبدأت تتحدث عن التكاليف الاقتصادية لحرب اليمن وبدأوا يربطون بين اختفاء بعض السلع الغذائية في القاهرة.. وبين حرب اليمن.. والحقيقة ان الجندي المصري يأكل هناك في اليمن مثلما يأكل هنا في القاهرة.. ولكن الحملة مقصودة وموجهة.. ويجب ان نعلم عمق مثل هذه الحملات حتي لا ينطلي علينا كلامها!
المشكلة هنا أن الموقع الجغرافي لليمن.. وكونه في قلب منطقة الخليج العامرة بالثروات جعله في قلب صراع دائم بين القوي الطامعة في ثروات الخليج.. الطبيعية والاستراتيجية.
فاليمن كان ولايزال مثار اطماع القوي الاجنبية.. وحاول الإمام أحمد التماس الحماية العربية فأعلن في 26 فبراير 1958 الانضمام لدولة الوحدة التي تضم مصر وسوريا.. الا ان هذا الاتحاد الفيدرالي انفض بعد انفصال سوريا.. وتغيرت الاحوال.. وسبحان مغير الاحوال.. وبدأ الإمام أحمد في شن هجوم كاسح علي الاشتراكية.. وعلي الجمهورية العربية المتحدة.. وزعيمها جمال عبدالناصر.
إلا ان هذه الحملات العدائية لم تستمر طويلا.. بعد ان تعرض الإمام أحمد لمحاولة اغتيال فاشلة في مارس سنة 1961 ادت لاصابته في كتفه إلي ان مات في سبتمبر 1962 وتولي السلطة من بعده ابنه الإمام محمد البدر.. الذي لم ينعم بالسلطة طويلا اثر الانقلاب الذي تزعمه عبدالله السلال.. وسقوط العاصمة في ايدي الثوار وهروب الإمام محمد البدر إلي الجبال علي رأس جيش من أتباعه في محاولة منه لاستعادة العاصمة.. في الوقت الذي اعترف فيه الاتحاد السوفيتي بالنظام الجديد.. ثم اعترفت بعده الولايات المتحدة.. إلي ان انضم اليمن إلي الامم المتحدة سنة 1963.. وعندما اعترفت المملكة الاردنية الهاشمية بالنظام الجمهوري في اليمن.. اعتبر خبراء الاستراتيجية أيامها.. ان الثورة في اليمن قد نجحت.. في ظل اجواء سادتها علامات التحسن في العلاقات بين القاهرة والرياض.. ووجه الزعيم جمال عبدالناصر الدعوة لقمة عربية عقدت بالاسكندرية سنة 1964.. بحث خلالها جمال عبدالناصر والملك فيصل.. الموقف في اليمن.. وأسفر عن لقاءات.. لم يعلن عنها بين أطراف النزاع في اليمن.. باحدي القري السودانية النائية، تم الاتفاق خلالها بين وفدي الجمهوريين والملكيين علي وقف القتال في اليمن.
وتدور الايام وتجري احداث الخامس من يونيو 1967.. ويبدأ الاعداد لمؤتمر قمة عربي يعقد في الخرطوم.. لبحث تداعيات ما جري.. وعقدت الوفود التحضيرية اجتماعا لبحث جدول اعمال القمة.. في أغسطس 1967.. واذا بالوفد المصري يلقي بمفاجأة تتلخص في موافقة مصر علي اقتراح الملك فيصل الذي كان قد قدمه في أغسطس 1965.. بانسحاب القوات المصرية من اليمن الشقيق.. والسعيد!
السخيف في الموضوع ان جميع معارك الصراع علي السلطة في اليمن.. وحتي لحظة كتابة هذه السطور.. كانت في حقيقتها صراعات بين قوي خارجية.. لها حساباتها.. ومشروعاتها.. ولم يكن الداخل الوطني.. سوي أداة.. في هذه المعارك.. التي سالت فيها دماء الابرياء والشهداء.. انهارا.. ولم يكن لها سوي هدف واحد.. هو استنزاف القوي والموارد الاقتصادية في اليمن لعرقلة المسيرة.. ومواكبة الزمن!
وقال الرئيس جمال عبدالناصر بالحرف الواحد:
إن القاهرة دفعت ثمنا غاليا جدا.. حتي الآن للحفاظ علي ثورة اليمن.. وآن لها ان تضع حدا لهذا النزيف الخطير
تصدرت أنباء الحرب الأهلية في اليمن الشقيق.. نشرات الأخبار.. وباتت محل قلق الأمة العربية التي تواجه تحديات الداخل والخارج في آن واحد.
وتشاء الاقدار ان تكون الاحداث التي نشهدها هذه الايام.. هي صورة بالكربون لاحداث دموية عشناها منذ نحو نصف القرن.. وعلي وجه التحديد في مايو سنة 1965، عندما نشطت المساعي في أغلب العواصم العربية.. لحل الصراع بين الاطراف المتنازعة في اليمن بالطرق السلمية.. وانطلقت هذه المساعي الحميدة ايامها من العراق والجزائر والاردن ولبنان.. بعد المطلب الذي تقدم به رئيس وزراء اليمن السيد محمد احمد النعمان لجميع الدول العربية بوجوب التوسط لحل النزاع اليمني.. بتأييد من الرئيس جمال عبدالناصر الذي اصبح يتوق لحل هذه المشكلة بالطرق السلمية.
وجاءت هذه المبادرة في الخطاب الذي ألقاه الرئيس الراحل في 15 يونيو سنة 1965، وقال فيه إنه لا يستطيع الدخول في معركة مع اسرائيل بسبب وجود 50 ألف جندي في اليمن!
وقال الرئيس جمال عبدالناصر بالحرف الواحد:
إن القاهرة دفعت ثمنا غاليا جدا.. حتي الآن للحفاظ علي ثورة اليمن.. وآن لها ان تضع حدا لهذا النزيف الخطير الذي يشل ميزانيتها في الوقت الذي هي في أمس الحاجة لانفاقه علي مشاريعها الاقتصادية الكبري.
وضرب الرئيس الراحل مثلا بالولايات المتحدة.. فقال إن للولايات المتحدة 75 ألف جندي يتوزعون بين الدومينيك وفيتنام الجنوبية.. وقد طلب الرئيس جونسون من الكونجرس الامريكي تخصيص مبلغ 700 مليون دولار كنفقات لهذه القوات لمدة عام واحد.. وقد وافق مجلسا الشيوخ والنواب علي هذا المشروع.. وفي مقارنة بسيطة بهذا الرقم الذي طلبه الرئيس جونسون لنحو 75 ألف جندي كنفقات لمدة عام واحد فقط يتبين لنا مدي النفقات المادية الباهظة التي تحملتها الجمهورية العربية المتحدة منذ 3 سنوات علي 50 ألف جندي يحاربون في ربوع اليمن.. هذا بغض النظر عن الخسائر بالارواح التي لا يمكن.. كما قال الرئيس الراحل.. ان تعوض، والتي تسبب آلاما بعيدة في جسم المجتمع المصري ومشاكل بلا حدود.
ومضي الرئيس جمال عبدالناصر يقول في خطابه التاريخي :
وبالإضافة إلي ذلك فإن حل المشكلة اليمنية سيتيح للفرق المقاتلة المصرية ان تنتقل في اليمن إلي حدود اسرائيل.. لتسهم في قوة الردع العربية.
ومعني كلام الرئيس الراحل ان حل المشكلة اليمنية علي الصعيد العربي سيحل قضيتين خطيرتين تهددان التضامن العربي وقضية فلسطين تهديدا خطيرا.
أولا: سيؤدي حل القضية اليمنية إلي المصالحة بين السعودية وصنعاء والقاهرة.
ثانيا: سيؤدي حل القضية إلي ايجاد مصالحة بين دمشق والقاهرة بعد زوال امتناع القاهرة من الدخول في حرب مع إسرائيل!
وكان حزب البعث السوري يشن حربا شعواء ضد الرئيس جمال عبدالناصر.. بسبب ما سماه الحزب.. تخاذله في الحرب ضد اسرائيل.. وليس ذلك موضوعنا علي اية حال.
المهم..
في 25 مايو 1966.. ألقي المشير عبدالحكيم عامر النائب الاول لرئيس الجمهورية ونائب القائد الاعلي للقوات المسلحة.. كلمة في نادي القوات المسلحة بالعريش قال فيها:
... إن لنا سياسة جديدة في اليمن.. بهدف ان نبقي أطول مدة ممكنة بدون ان نعرض قواتنا لخسائر.. وحتي نظل شوكة في جنب الاستعمار واعوانه.. وإذا تطلب الامر سنضرب هؤلاء الاعوان وعندنا القوة الكافية لتوجيه ضربة قاصمة لهم.. ان مجرد وجودنا في اليمن أساسي ويجب ان يستمر مدة طويلة.. والمعارك التحررية في عدن والمحميات يجب أن تجد مساعدة فعالة ولولا وجودنا في اليمن لاستمرت انجلترا تستعمر هذه المنطقة إلي الأبد.. ولهذا فإن الوجود المصري في اليمن يمنع الاستعمار من استخدام البحر الاحمر كقاعدة للعدوان.
ومضي المشير الراحل قائلا:
لقد بدأت ضدنا حملة مسعورة في محطات الاذاعة الاستعمارية.. وبدأت تتحدث عن التكاليف الاقتصادية لحرب اليمن وبدأوا يربطون بين اختفاء بعض السلع الغذائية في القاهرة.. وبين حرب اليمن.. والحقيقة ان الجندي المصري يأكل هناك في اليمن مثلما يأكل هنا في القاهرة.. ولكن الحملة مقصودة وموجهة.. ويجب ان نعلم عمق مثل هذه الحملات حتي لا ينطلي علينا كلامها!
المشكلة هنا أن الموقع الجغرافي لليمن.. وكونه في قلب منطقة الخليج العامرة بالثروات جعله في قلب صراع دائم بين القوي الطامعة في ثروات الخليج.. الطبيعية والاستراتيجية.
فاليمن كان ولايزال مثار اطماع القوي الاجنبية.. وحاول الإمام أحمد التماس الحماية العربية فأعلن في 26 فبراير 1958 الانضمام لدولة الوحدة التي تضم مصر وسوريا.. الا ان هذا الاتحاد الفيدرالي انفض بعد انفصال سوريا.. وتغيرت الاحوال.. وسبحان مغير الاحوال.. وبدأ الإمام أحمد في شن هجوم كاسح علي الاشتراكية.. وعلي الجمهورية العربية المتحدة.. وزعيمها جمال عبدالناصر.
إلا ان هذه الحملات العدائية لم تستمر طويلا.. بعد ان تعرض الإمام أحمد لمحاولة اغتيال فاشلة في مارس سنة 1961 ادت لاصابته في كتفه إلي ان مات في سبتمبر 1962 وتولي السلطة من بعده ابنه الإمام محمد البدر.. الذي لم ينعم بالسلطة طويلا اثر الانقلاب الذي تزعمه عبدالله السلال.. وسقوط العاصمة في ايدي الثوار وهروب الإمام محمد البدر إلي الجبال علي رأس جيش من أتباعه في محاولة منه لاستعادة العاصمة.. في الوقت الذي اعترف فيه الاتحاد السوفيتي بالنظام الجديد.. ثم اعترفت بعده الولايات المتحدة.. إلي ان انضم اليمن إلي الامم المتحدة سنة 1963.. وعندما اعترفت المملكة الاردنية الهاشمية بالنظام الجمهوري في اليمن.. اعتبر خبراء الاستراتيجية أيامها.. ان الثورة في اليمن قد نجحت.. في ظل اجواء سادتها علامات التحسن في العلاقات بين القاهرة والرياض.. ووجه الزعيم جمال عبدالناصر الدعوة لقمة عربية عقدت بالاسكندرية سنة 1964.. بحث خلالها جمال عبدالناصر والملك فيصل.. الموقف في اليمن.. وأسفر عن لقاءات.. لم يعلن عنها بين أطراف النزاع في اليمن.. باحدي القري السودانية النائية، تم الاتفاق خلالها بين وفدي الجمهوريين والملكيين علي وقف القتال في اليمن.
وتدور الايام وتجري احداث الخامس من يونيو 1967.. ويبدأ الاعداد لمؤتمر قمة عربي يعقد في الخرطوم.. لبحث تداعيات ما جري.. وعقدت الوفود التحضيرية اجتماعا لبحث جدول اعمال القمة.. في أغسطس 1967.. واذا بالوفد المصري يلقي بمفاجأة تتلخص في موافقة مصر علي اقتراح الملك فيصل الذي كان قد قدمه في أغسطس 1965.. بانسحاب القوات المصرية من اليمن الشقيق.. والسعيد!
السخيف في الموضوع ان جميع معارك الصراع علي السلطة في اليمن.. وحتي لحظة كتابة هذه السطور.. كانت في حقيقتها صراعات بين قوي خارجية.. لها حساباتها.. ومشروعاتها.. ولم يكن الداخل الوطني.. سوي أداة.. في هذه المعارك.. التي سالت فيها دماء الابرياء والشهداء.. انهارا.. ولم يكن لها سوي هدف واحد.. هو استنزاف القوي والموارد الاقتصادية في اليمن لعرقلة المسيرة.. ومواكبة الزمن!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.