دون استباق للأحداث.. من الطبيعي أن نتمني مع كل الناس أن يكون عام 2015 أكثر إشراقاً وأقل سوءاً من كل الأعوام الحاجز الوهمي بين السنوات، هو في أذهاننا نحن وغير موجود علي أرض الواقع، ..، نحن الذين تخيلنا وجوده، ثم أعلنا هذا الوجود، وأخذنا نتعامل معه كفاصل زمني بين الأعوام، رغم أننا ندرك أنه مجرد ومضة خاطفة بمقياس الزمن، تفصل بالوهم بين ما كان قائماً ثم لم يعد، بعد أن تواري في سراديب الماضي، وبين ما هو قادم إلينا من المجهول وأصبح ماثلاً أمامنا بعد مجيئه من المستقبل ليصبح حاضراً. وفي كل الأحوال فقد كان أفول نجم العام الرابع عشر من الألفية الثالثة، في منتصف ليلة الأربعاء الحادي والثلاثين من ديسمبر، إيذاناً بطي صفحة من الصفحات في عمر البشرية، الممتد منذ بدء الخليقة وهبوط الإنسان علي الأرض، والمستمر حتي يقضي الله سبحانه وتعالي أمراً كان مقدوراً منذ الأزل، ومفعولاً في ذات لحظة الخلق الأولي لسيدنا آدم عليه السلام. إذن هي مجرد ساعات أو لحظات دارت فيها دائرة الزمن السرمدية دورة جديدة، طوت في جريانها ودورتها عاما كاملا، بكل ما جري فيه من وقائع، وما شهده من أحداث، كانت من المنظور الشخصي ثقيلة علي البعض، خفيفة علي البعض الآخر. ومع غياب صفحة العام الذي مضي، وأصبح راحلاً بالفعل، وأصبح أيضاً ماضياً، هناك نفوس هدأت، وأخري هبت، وقلوب خفقت والتهبت، وأخري همدت وخمدت، وآمال تحققت ووصلت إلي مقصدها وغايتها، وغيرها خابت وضلت الطريق وضاع منها المقصد والغاية. أمنيات مشروعة ودون استباق لا مبرر له لما سيكون، ودون أدني محاولة للمصادرة علي ما سيقع من أحداث ووقائع في العام الجديد، الذي بدأنا فيه بالفعل خطواتنا الجديدة، فإنه من الطبيعي أن نتمني مع كل الناس أن يكون العام الجديد »2015» أكثر إشراقاً، وأقل سوءاً بالنسبة لنا ولكل الناس في مصر، وجميع البلاد والشعوب، ..، ونأمل أن تكون الأيام والسنين القادمة أكثر سعادة، وأقل حزناً للجميع ورغم استعدادنا للترحيب مع المرحبين بوداع العام الماضي، وبالرغم من الأمل الذي نشارك فيه الكل، بأن يكون العام الجديد أقل ثقلاً، وأخف وطأة في أحداثه ووقائعه علي الناس جميعاً، ..، إلا أن لدينا العديد من الأمنيات للعام الجديد، تتوافق في مجملها مع ما يعتمل في عقول ونفوس عامة الناس وخاصتهم من أبناء الوطن، وتعبر في حقيقتها عن تطلعاتهم وطموحاتهم في العام الجديد، الذي أصبحت تباشيره واقعاً قائماً علي الأرض الآن. ومن الطبيعي أن يكون في مقدمة هذا ما يتمناه الكل، بأن يكون الوطن أكثر أمناً واستقراراً، وأن يكون كل مواطن أفضل حالاً، وأهدأ بالاً، وأكثر اقتراباً من تحقيق طموحاته في العام الجديد »2015» الذي بدأت بواكيره بالفعل، وبزغت شمسه علي العالم بعد رحيل شمس العام الماضي،..، ومن الطبيعي أن يكون علي رأس ما يتمناه الكل أيضاً، أن يشهد العام الجديد بإذن الله نهاية تامة للإرهاب، وتصفية شاملة لكل عصاباته وجماعاته وفلوله الظلامية، وانتصاراً كاملاً لجيش مصر وشعبها علي دعاة الظلام والتطرف والتكفير. وإذا كانت تلك هي هموم الأمنيات التي تلح علي العقل والقلب لكل الناس في مصرنا المحروسة، فإننا لابد أن نضيف إليها بكل الصراحة والوضوح، أن كل مواطني مصر لديهم مطالب وآمال وطموحات، يريدونها أن تتحقق في العام الجديد، وأن الأمر لا يتوقف لديهم عند مستوي الآمال والأمنيات فقط، بل إنهم يرون في هذه المطالب وتلك الطموحات حقوقاً، تقع علي الحكومة مسئولية الوفاء بها وتحويلها إلي واقع ملموس علي الأرض. طموحات وآمال وفي ذلك لابد أن يكون واضحاً في ذهننا جميعاً، أن في مقدمة هذه المطالب وتلك الطموحات، أن يري الجميع جدية شعبية ومؤسسية كاملة وشاملة، في مواجهة الإرهاب والتطرف ودعاوي التخلف والظلام، وأن يتم في إطار هذه المواجهة تطوير ملحوظ وملموس للخطاب الديني، ونشر مكثف ومتعمق للقيم والمبادئ الصحيحة لديننا الحنيف، الداعي للحق والعدل والسلام، وعودة واضحة للقيم والأخلاق والإنسانية والثقافة الصحيحة والرفيعة داخل المجتمع المصري، سعياً للقضاء علي جميع مظاهر الانفلات وسوء الأخلاق والجنوح للعنف التي اجتاحت المجتمع في الآونة الأخيرة، وشوهت وجه الحياة المصرية بصفة عامة، في غياب شبه كامل للأسف للمدرسة ودور الأسرة. ويتوافق مع ذلك ويتزامن معه الأمل والطموح لدي كل المواطنين، بأن يتم استكمال خارطة الطريق في استحقاقها الثالث والأخير، وأن تري بدايات العام الجديد تسارعاً في الإجراءات الخاصة بالانتخابات البرلمانية، التي يتطلعون لاستكمالها بأكبر قدر من الحيدة والنزاهة، بحيث تضمن صحة وسلامة وقوة البرلمان، الذي يليق بأن يكون برلماناً لمصر وشعبها بعد الثورة. وفي هذا السياق يطالب المواطنون بالعمل الجاد والفاعل من الحكومة، لوضع نهاية ملموسة ومؤكدة لجميع مظاهر الفوضي والانفلات، التي طفحت علي السطح وانتشرت كالوباء في كل مكان علي أرض مصر خلال السنوات الأربع الماضية، ..، وهم في ذلك يأملون أن تكون الحكومة علي قدر ثقتهم فيها، تقديرهم العالي لما تبذله من جهد متواصل لتلبية الحقوق المشروعة والملحة للشعب في أن يري تطبيقاً أميناً وجاداً لسيادة القانون في كل مكان وعلي كل مواطن مصري مهما ارتفع أو انخفض قدره ونفوذه وهما كبر وعلا.. أو قل شأنه. مطالب عامة وهناك مطالب عامة يري الناس أنها من حقهم، وأن علي الحكومة أن تسعي لتحقيقها، رغم الصعوبات والمشاكل والقصور علي المستوي الاقتصادي العام الذي تمر به البلاد، ..، وعلي رأس هذه المطالب تأتي المواجهة القوية والشاملة لمشكلة البطالة التي أصبحت هماً ثقيلاً يؤرق كل أسرة وكل بيت في مصر، والجميع يتطلع أن تستطيع الدولة حصار هذه المشكلة والقضاء عليها، من خلال دعم وتشجيع الاستثمار، وفتح الباب واسعاً أمام إقامة المشروعات الجديدة التي تتيح فرص عمل جديدة للشباب والخريجين الجدد والقدامي.. وفي إطار المطالب الشعبية أو الآمال التي تتطلع جماهير الشعب بفئاتها المختلفة لتحقيقها في العام الجديد، تأتي مطالب واستحقاقات الفلاحين بتحسين أحوالهم وعلاج مشاكلهم، والتصدي العادل من الدولة لمعاناتهم في السماد والبذور والتعامل مع بنك التسليف، وكذلك أيضاً غياب الخدمات والمرافق الأساسية عن آلاف القري المنتشرة في كل ربوع مصر. وهناك أيضاً مطالب عامة أخري علي نفس القدر من الأهمية والضرورة، وتمس حياة كل المصريين وتؤثر في معيشتهم، وفي المقدمة منها بلا شك الأمل في الخروج من الأزمة الاقتصادية والسيطرة علي الأسعار وتحسين الأجور، والتصدي لجرائم الفساد والتعدي علي المال العام، وتوسيع دائرة العدالة الاجتماعية ومد مظلة التأمين الصحي لتشمل جميع فئات الشعب في كل أنحاء مصر، والاستمرار في زيادة ومضاعفة المستفيدين من الضمان الاجتماعي، ودعم الأسر والفئات الأكثر احتياجاً، ..، هذا غير الأمل والطموح العام لجميع أبناء مصر، ولكل الأسر في كل قرية ومدينة بالبدء مع العام الجديد في تنفيذ خطة واضحة ومعلنة لمعالجة القصور والخلل الكبير في منظومة التعليم في جميع المدارس في مصرنا المحروسة. وفي ذلك كله، ومن قبله ومن بعده لابد أن تدرك الحكومة، أن سقف التوقعات والطموحات أصبح مرتفعاً عند جميع المواطنين في أرجاء مصر، وهذا حقهم، وهذا أيضاً طبيعي بعد الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو، وفي ظل آمالهم اللامحدودة في بناء مصر الجديدة، القائمة علي الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان وسيادة القانون، ..، وذلك يتطلب عملاً وجهداً صادقاً، ومخلصاً وأميناً في العام الجديد، وفي كل الأعوام القادمة من بعده بإذن الله. الخطر والكارثة في عام 2011، وبالتحديد في شهر يونيو من ذلك العام، أي بعد مرور أربعة أشهر فقط لا غير علي الخامس والعشرين من يناير، كتبت عدة مقالات حول قضية بالغة الخطورة والأثر علي مصر وحياة كل المصريين، وهي قضية التعدي علي ثروة مصر وقاعدتها الأساسية التي تقوم عليها الحياة في وادي النيل، المتمثلة في أراضيها الزراعية الخصبة في الدلتا، ..، وهي القاعدة التي اعتمدت عليها مصر علي مر التاريخ في الوفاء بحاجات أهلها إلي الطعام والغذاء. وكانت تلك المقالات بمثابة صرخة تنبيه وتحذير لنا، وللقائمين في ذلك الوقت علي أمر هذا الوطن، من المسئولين المحليين في المحافظات، أو في الحكومة بصفة عامة ووزارة الزراعة بصفة خاصة، تنبههم إلي تلك الجريمة البشعة التي تتعرض لها البلاد، وذلك الخطر الجسيم والفادح الذي سيحيق بنا جميعاً إذا ما سكتنا علي ما يحدث من تدمير لثروة مصر الزراعية ومصدر إنتاجها الرئيسي للغذاء، وسلاحها في مواجهة المعركة الدائمة والمستمرة لسد الاحتياجات الأساسية لغذاء المواطنين. وكان السبب والدافع وراء هذه الصرخة وذلك التحذير هو ما رأيته ورآه كل المصريين في ذلك الوقت من عدوان شرس وتدمير متعمد ومقصود علي الأرض الزراعية في كل القري وجميع المحافظات، وذلك نتيجة ما أصاب البعض منا من قصور في النظر، ورغبة في الإثراء، وجشع شديد في جمع المال، حتي ولو كان ذلك بتدمير الذات والإضرار بالمجتمع وبمصر كلها وتقليص قدرتها علي الإنتاج الزراعي والوفاء بحاجة أهلها للغذاء. سلطة الدولة وكان واضحاً أن هناك استغلالاً من جانب هؤلاء لغيبة سلطة الدولة، وغياب القانون وتفشي حالة الانفلات العام، وأيضاً غفلة المسئولين عن المتابعة في ظل الظروف الاستثنائية التي كانت تمر بها البلاد في ذلك الوقت، ..، كما كان واضحاً أيضاً أن هناك اتفاقاً فاسداً بين هؤلاء المعتدين علي الأراضي الزراعية، والإدارات المحلية والمسئولين عن الرقابة والمتابعة، مفاده أنهم سيواصلون اعتداءاتهم علي الأراضي الزراعية وتحويلها إلي غابات أسمنتية ومبان سكنية، والعاملين في المحليات يواصلون غضهم للبصر واستغراقهم في النوم وكأن شيئاً لا يحدث، ولا موجب لاستشعار الخطر أو التحرك لمنعه والتصدي له. وقد لفتت هذه الظاهرة المؤسفة وذلك الخطر البالغ نظر جميع العلماء والمتخصصين في مجال الزراعة والإنتاج الزراعي والغذاء في مصر، وارتفعت أصواتهم بالتحذير والتنبيه والمطالبة بالتصدي قبل استفحال الخطر، وسوء العاقبة، ..، كما لفتت هذه الظاهرة وذلك الخطر أيضاً نظر المؤسسات الدولية المهتمة والمتخصصة في هذا الشأن، ..، وتضمن تقرير الأممالمتحدة عن التصحر وتقلص الرقعة الزراعية في العالم التأكيد علي أن مصر أصبحت تحتل للأسف المركز الأول للتصحر في العالم، ..، وأنها تفقد كل ساعة ما يزيد علي »3٫5» ثلاثة ونصف فدان من الأراضي الزراعية الخصبة في الدلتا وحدها نتيجة البناء عليها، ..، وهو ما يعني أننا نفقد كل يوم ما يزيد علي »84» أربعة وثمانين فداناً، وكل عام ما يزيد علي 30 ألفا ثلاثين ألف فدان، إذا ما استمرت الأمور علي ما هي عليه. جريمة الصمت ومن هنا رأيت أن الصمت جريمة والتنبيه والتحذير ضرورة والتحرك واجب، ..، لذا تناولت هذه القضية بالكتابة، وطالبت الجميع بالتحرك بالقيام بمسئولياتهم الواجبة، ..، وأكدت أن تلك كارثة خطيرة يجب ألا نتوقف أمامها بالصدمة والحزن ثم الغضب والاستنكار فقط، بل يجب علي الحكومة التحرك الفوري لاتخاذ جميع التدابير والإجراءات اللازمة لمنع الكارثة ووقف النزيف المستمر والمتعمد للأراضي الزراعية الخصبة في مصر. ولكن، ..، ذلك لم يحدث للأسف الشديد، فمازالت الجريمة مستمرة، ومازالت أراضينا الخصبة في الدلتا تتناقص وتتحول في كل لحظة إلي غابات أسمنتية وحجرية علي مرأي ومسمع منا جميعاً، ..، ومن يشك في ذلك أو يريد أن ينكره عليه فقط أن يقوم بالمرور والسير علي طريق مصر الاسكندرية الذي كان في يوم ما زراعيا، وأصبح الآن كتلة متراصة من المباني، ..، وهو شيء مؤلم ومحزن. أما من يريد أن يزداد حسرة وألماً وحزناً فعليه أن يمر ويسير علي الطرق الموصلة بين المدن والقري في كل المحافظات، خاصة بين الغربية وكفر الشيخ، والغربية والدقهلية، والغربية والمنوفية، والبحيرة والاسكندرية وكفر الشيخ، ..، وغيرها وغيرها. ونحن في ذلك لا نملك غير أن نصرخ وننبه من جديد قبل أن تضيع منا ثروتنا الزراعية، ولا نملك غير الاستيراد بعد توقف الإنتاج، ..، وهذا شيء بالغ الخطورة ويجب ألا يكون. ونحن اليوم نطالب الحكومة بأن تلزم كل المحافظين، وكل الجهات المسئولة في كل محافظة، وكل مديريات الزراعة، بالتحرك الفوري والحازم، لإزالة جميع التعديات التي تمت وتتم علي الأراضي الزراعية، خلال الأربع سنوات الماضية، وهدم جميع المباني التي أقيمت علي الأرض الزراعية، وإلزام أصحابها بإعادة الأرض إلي حالتها السابقة، ..، ولابد من توقيع عقوبة صارمة علي كل من يرتكب هذه الجريمة مستغلاً واقع الحال المنفلت الذي كنا عليه. ليس هذا فقط، بل نطالب الحكومة ممثلة في وزارة الزراعة ووزارة الحكم المحلي، وكل المحافظين بمراجعة كل الخرائط الموضحة للمساحات المزروعة والمساحات العمرانية لكل محافظة في نهاية عام 2010 وقبل بداية أحداث الخامس والعشرين من يناير، وإعادة الأمر إلي ما كان عليه في كل المحافظات. فهل يتحقق ذلك؟! دون استباق للأحداث.. من الطبيعي أن نتمني مع كل الناس أن يكون عام 2015 أكثر إشراقاً وأقل سوءاً من كل الأعوام الحاجز الوهمي بين السنوات، هو في أذهاننا نحن وغير موجود علي أرض الواقع، ..، نحن الذين تخيلنا وجوده، ثم أعلنا هذا الوجود، وأخذنا نتعامل معه كفاصل زمني بين الأعوام، رغم أننا ندرك أنه مجرد ومضة خاطفة بمقياس الزمن، تفصل بالوهم بين ما كان قائماً ثم لم يعد، بعد أن تواري في سراديب الماضي، وبين ما هو قادم إلينا من المجهول وأصبح ماثلاً أمامنا بعد مجيئه من المستقبل ليصبح حاضراً. وفي كل الأحوال فقد كان أفول نجم العام الرابع عشر من الألفية الثالثة، في منتصف ليلة الأربعاء الحادي والثلاثين من ديسمبر، إيذاناً بطي صفحة من الصفحات في عمر البشرية، الممتد منذ بدء الخليقة وهبوط الإنسان علي الأرض، والمستمر حتي يقضي الله سبحانه وتعالي أمراً كان مقدوراً منذ الأزل، ومفعولاً في ذات لحظة الخلق الأولي لسيدنا آدم عليه السلام. إذن هي مجرد ساعات أو لحظات دارت فيها دائرة الزمن السرمدية دورة جديدة، طوت في جريانها ودورتها عاما كاملا، بكل ما جري فيه من وقائع، وما شهده من أحداث، كانت من المنظور الشخصي ثقيلة علي البعض، خفيفة علي البعض الآخر. ومع غياب صفحة العام الذي مضي، وأصبح راحلاً بالفعل، وأصبح أيضاً ماضياً، هناك نفوس هدأت، وأخري هبت، وقلوب خفقت والتهبت، وأخري همدت وخمدت، وآمال تحققت ووصلت إلي مقصدها وغايتها، وغيرها خابت وضلت الطريق وضاع منها المقصد والغاية. أمنيات مشروعة ودون استباق لا مبرر له لما سيكون، ودون أدني محاولة للمصادرة علي ما سيقع من أحداث ووقائع في العام الجديد، الذي بدأنا فيه بالفعل خطواتنا الجديدة، فإنه من الطبيعي أن نتمني مع كل الناس أن يكون العام الجديد »2015» أكثر إشراقاً، وأقل سوءاً بالنسبة لنا ولكل الناس في مصر، وجميع البلاد والشعوب، ..، ونأمل أن تكون الأيام والسنين القادمة أكثر سعادة، وأقل حزناً للجميع ورغم استعدادنا للترحيب مع المرحبين بوداع العام الماضي، وبالرغم من الأمل الذي نشارك فيه الكل، بأن يكون العام الجديد أقل ثقلاً، وأخف وطأة في أحداثه ووقائعه علي الناس جميعاً، ..، إلا أن لدينا العديد من الأمنيات للعام الجديد، تتوافق في مجملها مع ما يعتمل في عقول ونفوس عامة الناس وخاصتهم من أبناء الوطن، وتعبر في حقيقتها عن تطلعاتهم وطموحاتهم في العام الجديد، الذي أصبحت تباشيره واقعاً قائماً علي الأرض الآن. ومن الطبيعي أن يكون في مقدمة هذا ما يتمناه الكل، بأن يكون الوطن أكثر أمناً واستقراراً، وأن يكون كل مواطن أفضل حالاً، وأهدأ بالاً، وأكثر اقتراباً من تحقيق طموحاته في العام الجديد »2015» الذي بدأت بواكيره بالفعل، وبزغت شمسه علي العالم بعد رحيل شمس العام الماضي،..، ومن الطبيعي أن يكون علي رأس ما يتمناه الكل أيضاً، أن يشهد العام الجديد بإذن الله نهاية تامة للإرهاب، وتصفية شاملة لكل عصاباته وجماعاته وفلوله الظلامية، وانتصاراً كاملاً لجيش مصر وشعبها علي دعاة الظلام والتطرف والتكفير. وإذا كانت تلك هي هموم الأمنيات التي تلح علي العقل والقلب لكل الناس في مصرنا المحروسة، فإننا لابد أن نضيف إليها بكل الصراحة والوضوح، أن كل مواطني مصر لديهم مطالب وآمال وطموحات، يريدونها أن تتحقق في العام الجديد، وأن الأمر لا يتوقف لديهم عند مستوي الآمال والأمنيات فقط، بل إنهم يرون في هذه المطالب وتلك الطموحات حقوقاً، تقع علي الحكومة مسئولية الوفاء بها وتحويلها إلي واقع ملموس علي الأرض. طموحات وآمال وفي ذلك لابد أن يكون واضحاً في ذهننا جميعاً، أن في مقدمة هذه المطالب وتلك الطموحات، أن يري الجميع جدية شعبية ومؤسسية كاملة وشاملة، في مواجهة الإرهاب والتطرف ودعاوي التخلف والظلام، وأن يتم في إطار هذه المواجهة تطوير ملحوظ وملموس للخطاب الديني، ونشر مكثف ومتعمق للقيم والمبادئ الصحيحة لديننا الحنيف، الداعي للحق والعدل والسلام، وعودة واضحة للقيم والأخلاق والإنسانية والثقافة الصحيحة والرفيعة داخل المجتمع المصري، سعياً للقضاء علي جميع مظاهر الانفلات وسوء الأخلاق والجنوح للعنف التي اجتاحت المجتمع في الآونة الأخيرة، وشوهت وجه الحياة المصرية بصفة عامة، في غياب شبه كامل للأسف للمدرسة ودور الأسرة. ويتوافق مع ذلك ويتزامن معه الأمل والطموح لدي كل المواطنين، بأن يتم استكمال خارطة الطريق في استحقاقها الثالث والأخير، وأن تري بدايات العام الجديد تسارعاً في الإجراءات الخاصة بالانتخابات البرلمانية، التي يتطلعون لاستكمالها بأكبر قدر من الحيدة والنزاهة، بحيث تضمن صحة وسلامة وقوة البرلمان، الذي يليق بأن يكون برلماناً لمصر وشعبها بعد الثورة. وفي هذا السياق يطالب المواطنون بالعمل الجاد والفاعل من الحكومة، لوضع نهاية ملموسة ومؤكدة لجميع مظاهر الفوضي والانفلات، التي طفحت علي السطح وانتشرت كالوباء في كل مكان علي أرض مصر خلال السنوات الأربع الماضية، ..، وهم في ذلك يأملون أن تكون الحكومة علي قدر ثقتهم فيها، تقديرهم العالي لما تبذله من جهد متواصل لتلبية الحقوق المشروعة والملحة للشعب في أن يري تطبيقاً أميناً وجاداً لسيادة القانون في كل مكان وعلي كل مواطن مصري مهما ارتفع أو انخفض قدره ونفوذه وهما كبر وعلا.. أو قل شأنه. مطالب عامة وهناك مطالب عامة يري الناس أنها من حقهم، وأن علي الحكومة أن تسعي لتحقيقها، رغم الصعوبات والمشاكل والقصور علي المستوي الاقتصادي العام الذي تمر به البلاد، ..، وعلي رأس هذه المطالب تأتي المواجهة القوية والشاملة لمشكلة البطالة التي أصبحت هماً ثقيلاً يؤرق كل أسرة وكل بيت في مصر، والجميع يتطلع أن تستطيع الدولة حصار هذه المشكلة والقضاء عليها، من خلال دعم وتشجيع الاستثمار، وفتح الباب واسعاً أمام إقامة المشروعات الجديدة التي تتيح فرص عمل جديدة للشباب والخريجين الجدد والقدامي.. وفي إطار المطالب الشعبية أو الآمال التي تتطلع جماهير الشعب بفئاتها المختلفة لتحقيقها في العام الجديد، تأتي مطالب واستحقاقات الفلاحين بتحسين أحوالهم وعلاج مشاكلهم، والتصدي العادل من الدولة لمعاناتهم في السماد والبذور والتعامل مع بنك التسليف، وكذلك أيضاً غياب الخدمات والمرافق الأساسية عن آلاف القري المنتشرة في كل ربوع مصر. وهناك أيضاً مطالب عامة أخري علي نفس القدر من الأهمية والضرورة، وتمس حياة كل المصريين وتؤثر في معيشتهم، وفي المقدمة منها بلا شك الأمل في الخروج من الأزمة الاقتصادية والسيطرة علي الأسعار وتحسين الأجور، والتصدي لجرائم الفساد والتعدي علي المال العام، وتوسيع دائرة العدالة الاجتماعية ومد مظلة التأمين الصحي لتشمل جميع فئات الشعب في كل أنحاء مصر، والاستمرار في زيادة ومضاعفة المستفيدين من الضمان الاجتماعي، ودعم الأسر والفئات الأكثر احتياجاً، ..، هذا غير الأمل والطموح العام لجميع أبناء مصر، ولكل الأسر في كل قرية ومدينة بالبدء مع العام الجديد في تنفيذ خطة واضحة ومعلنة لمعالجة القصور والخلل الكبير في منظومة التعليم في جميع المدارس في مصرنا المحروسة. وفي ذلك كله، ومن قبله ومن بعده لابد أن تدرك الحكومة، أن سقف التوقعات والطموحات أصبح مرتفعاً عند جميع المواطنين في أرجاء مصر، وهذا حقهم، وهذا أيضاً طبيعي بعد الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو، وفي ظل آمالهم اللامحدودة في بناء مصر الجديدة، القائمة علي الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان وسيادة القانون، ..، وذلك يتطلب عملاً وجهداً صادقاً، ومخلصاً وأميناً في العام الجديد، وفي كل الأعوام القادمة من بعده بإذن الله. الخطر والكارثة في عام 2011، وبالتحديد في شهر يونيو من ذلك العام، أي بعد مرور أربعة أشهر فقط لا غير علي الخامس والعشرين من يناير، كتبت عدة مقالات حول قضية بالغة الخطورة والأثر علي مصر وحياة كل المصريين، وهي قضية التعدي علي ثروة مصر وقاعدتها الأساسية التي تقوم عليها الحياة في وادي النيل، المتمثلة في أراضيها الزراعية الخصبة في الدلتا، ..، وهي القاعدة التي اعتمدت عليها مصر علي مر التاريخ في الوفاء بحاجات أهلها إلي الطعام والغذاء. وكانت تلك المقالات بمثابة صرخة تنبيه وتحذير لنا، وللقائمين في ذلك الوقت علي أمر هذا الوطن، من المسئولين المحليين في المحافظات، أو في الحكومة بصفة عامة ووزارة الزراعة بصفة خاصة، تنبههم إلي تلك الجريمة البشعة التي تتعرض لها البلاد، وذلك الخطر الجسيم والفادح الذي سيحيق بنا جميعاً إذا ما سكتنا علي ما يحدث من تدمير لثروة مصر الزراعية ومصدر إنتاجها الرئيسي للغذاء، وسلاحها في مواجهة المعركة الدائمة والمستمرة لسد الاحتياجات الأساسية لغذاء المواطنين. وكان السبب والدافع وراء هذه الصرخة وذلك التحذير هو ما رأيته ورآه كل المصريين في ذلك الوقت من عدوان شرس وتدمير متعمد ومقصود علي الأرض الزراعية في كل القري وجميع المحافظات، وذلك نتيجة ما أصاب البعض منا من قصور في النظر، ورغبة في الإثراء، وجشع شديد في جمع المال، حتي ولو كان ذلك بتدمير الذات والإضرار بالمجتمع وبمصر كلها وتقليص قدرتها علي الإنتاج الزراعي والوفاء بحاجة أهلها للغذاء. سلطة الدولة وكان واضحاً أن هناك استغلالاً من جانب هؤلاء لغيبة سلطة الدولة، وغياب القانون وتفشي حالة الانفلات العام، وأيضاً غفلة المسئولين عن المتابعة في ظل الظروف الاستثنائية التي كانت تمر بها البلاد في ذلك الوقت، ..، كما كان واضحاً أيضاً أن هناك اتفاقاً فاسداً بين هؤلاء المعتدين علي الأراضي الزراعية، والإدارات المحلية والمسئولين عن الرقابة والمتابعة، مفاده أنهم سيواصلون اعتداءاتهم علي الأراضي الزراعية وتحويلها إلي غابات أسمنتية ومبان سكنية، والعاملين في المحليات يواصلون غضهم للبصر واستغراقهم في النوم وكأن شيئاً لا يحدث، ولا موجب لاستشعار الخطر أو التحرك لمنعه والتصدي له. وقد لفتت هذه الظاهرة المؤسفة وذلك الخطر البالغ نظر جميع العلماء والمتخصصين في مجال الزراعة والإنتاج الزراعي والغذاء في مصر، وارتفعت أصواتهم بالتحذير والتنبيه والمطالبة بالتصدي قبل استفحال الخطر، وسوء العاقبة، ..، كما لفتت هذه الظاهرة وذلك الخطر أيضاً نظر المؤسسات الدولية المهتمة والمتخصصة في هذا الشأن، ..، وتضمن تقرير الأممالمتحدة عن التصحر وتقلص الرقعة الزراعية في العالم التأكيد علي أن مصر أصبحت تحتل للأسف المركز الأول للتصحر في العالم، ..، وأنها تفقد كل ساعة ما يزيد علي »3٫5» ثلاثة ونصف فدان من الأراضي الزراعية الخصبة في الدلتا وحدها نتيجة البناء عليها، ..، وهو ما يعني أننا نفقد كل يوم ما يزيد علي »84» أربعة وثمانين فداناً، وكل عام ما يزيد علي 30 ألفا ثلاثين ألف فدان، إذا ما استمرت الأمور علي ما هي عليه. جريمة الصمت ومن هنا رأيت أن الصمت جريمة والتنبيه والتحذير ضرورة والتحرك واجب، ..، لذا تناولت هذه القضية بالكتابة، وطالبت الجميع بالتحرك بالقيام بمسئولياتهم الواجبة، ..، وأكدت أن تلك كارثة خطيرة يجب ألا نتوقف أمامها بالصدمة والحزن ثم الغضب والاستنكار فقط، بل يجب علي الحكومة التحرك الفوري لاتخاذ جميع التدابير والإجراءات اللازمة لمنع الكارثة ووقف النزيف المستمر والمتعمد للأراضي الزراعية الخصبة في مصر. ولكن، ..، ذلك لم يحدث للأسف الشديد، فمازالت الجريمة مستمرة، ومازالت أراضينا الخصبة في الدلتا تتناقص وتتحول في كل لحظة إلي غابات أسمنتية وحجرية علي مرأي ومسمع منا جميعاً، ..، ومن يشك في ذلك أو يريد أن ينكره عليه فقط أن يقوم بالمرور والسير علي طريق مصر الاسكندرية الذي كان في يوم ما زراعيا، وأصبح الآن كتلة متراصة من المباني، ..، وهو شيء مؤلم ومحزن. أما من يريد أن يزداد حسرة وألماً وحزناً فعليه أن يمر ويسير علي الطرق الموصلة بين المدن والقري في كل المحافظات، خاصة بين الغربية وكفر الشيخ، والغربية والدقهلية، والغربية والمنوفية، والبحيرة والاسكندرية وكفر الشيخ، ..، وغيرها وغيرها. ونحن في ذلك لا نملك غير أن نصرخ وننبه من جديد قبل أن تضيع منا ثروتنا الزراعية، ولا نملك غير الاستيراد بعد توقف الإنتاج، ..، وهذا شيء بالغ الخطورة ويجب ألا يكون. ونحن اليوم نطالب الحكومة بأن تلزم كل المحافظين، وكل الجهات المسئولة في كل محافظة، وكل مديريات الزراعة، بالتحرك الفوري والحازم، لإزالة جميع التعديات التي تمت وتتم علي الأراضي الزراعية، خلال الأربع سنوات الماضية، وهدم جميع المباني التي أقيمت علي الأرض الزراعية، وإلزام أصحابها بإعادة الأرض إلي حالتها السابقة، ..، ولابد من توقيع عقوبة صارمة علي كل من يرتكب هذه الجريمة مستغلاً واقع الحال المنفلت الذي كنا عليه. ليس هذا فقط، بل نطالب الحكومة ممثلة في وزارة الزراعة ووزارة الحكم المحلي، وكل المحافظين بمراجعة كل الخرائط الموضحة للمساحات المزروعة والمساحات العمرانية لكل محافظة في نهاية عام 2010 وقبل بداية أحداث الخامس والعشرين من يناير، وإعادة الأمر إلي ما كان عليه في كل المحافظات. فهل يتحقق ذلك؟!