محمد معيط: لم أتوقع منصب صندوق النقد.. وأترك للتاريخ والناس الحكم على فترتي بوزارة المالية    محمد معيط: أتمنى ألا تطول المعاناة من آثار اشتراطات صندوق النقد السلبية    القوات الأمريكية تبدأ عملية عين الصقر ضد داعش بسوريا    شهداء فلسطينيون في قصف الاحتلال مركز تدريب يؤوي عائلات نازحة شرق غزة    عمر معوض: هذا ما قاله توروب للاعبين قبل مواجهة سيراميكا    القبض على إبراهيم سعيد وطليقته بعد مشاجرة عنيفة بفندق بالقاهرة الجديدة    سوء الطقس في عدة دول.. سبب تأخر إقلاع رحلات مصر للطيران من مطار القاهرة    بحضور رئيس الأوبرا وقنصل تركيا بالإسكندرية.. رحلة لفرقة الأوبرا في أغاني الكريسماس العالمية    السفارة المصرية في جيبوتي تنظم لقاء مع أعضاء الجالية    وزير الحرب الأمريكي يعلن بدء عملية عسكرية في سوريا ضد "داعش"    بريطانيا واليونان تؤكدان دعم وقف إطلاق النار في غزة    مصر تتقدم بثلاث تعهدات جديدة ضمن التزامها بدعم قضايا اللجوء واللاجئين    روبيو: أمريكا تواصلت مع عدد من الدول لبحث تشكيل قوة استقرار دولية في غزة    "القاهرة الإخبارية" تكشف تفاصيل قصف مدرسة للنازحين شرق غزة وتفاقم الكارثة الإنسانية    وزير العمل يلتقي أعضاء الجالية المصرية بشمال إيطاليا    أرقام فينشينزو إيتاليانو مدرب بولونيا في آخر 4 مواسم    منتخب مصر يواصل تدريباته استعدادًا لضربة البداية أمام زيمبابوي في كأس الأمم الأفريقية    ضربتان موجعتان للاتحاد قبل مواجهة ناساف آسيويًا    حارس الكاميرون ل في الجول: لا يجب تغيير المدرب قبل البطولة.. وهذه حظوظنا    مدرب جنوب إفريقيا السابق ل في الجول: مصر منافس صعب دائما.. وبروس متوازن    فوز تاريخي.. الأهلي يحقق الانتصار الأول في تاريخه بكأس عاصمة مصر ضد سيراميكا كليوباترا بهدف نظيف    كأس عاصمة مصر.. قائمة شباب بيراميدز لمواجهة الجونة    أخبار × 24 ساعة.. رئيس الوزراء: برنامجنا مع صندوق النقد وطنى خالص    الغرفة الألمانية العربية للصناعة والتجارة تطالب بإنهاء مشكلات الضرائب وفتح استيراد الليموزين    برودة شديدة ليلًا وشبورة صباحًا.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس السبت 20 ديسمبر 2025    موعد أولى جلسات محاكمة المتهم بقتل عروس المنوفية    الكاتب المجرى لاسلو كراسناهوركاى فى خطاب الفوز بنوبل |عن الأمل .. والملائكة والكرامة الإنسانية    نائب وزير الخارجية يلتقي الممثل الخاص لسكرتير الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث    زينب العسال ل«العاشرة»: محمد جبريل لم يسع وراء الجوائز والكتابة كانت دواءه    محمد سمير ندا ل«العاشرة»: الإبداع المصرى يواصل ريادته عربيًا في جائزة البوكر    كل عام ولغتنا العربية حاضرة.. فاعلة.. تقود    إقبال جماهيري على عرض «حفلة الكاتشب» في ليلة افتتاحه بمسرح الغد بالعجوزة.. صور    متحف القرآن الكريم بمكة المكرمة ُيقدم تجربة تفاعلية تحاكي نزول الوحي    الجبن القريش.. حارس العظام بعد الخمسين    التغذية بالحديد سر قوة الأطفال.. حملة توعوية لحماية الصغار من فقر الدم    جرعة تحمي موسمًا كاملًا من الانفلونزا الشرسة.. «فاكسيرا» تحسم الجدل حول التطعيم    عمرو عبد الحافظ: المسار السلمي في الإسلام السياسي يخفي العنف ولا يلغيه    تحذير عاجل من الأرصاد للمواطنين بشأن هذه الظاهرة غدًا(فيديو)    «دولة التلاوة» يعلن نتائج الحلقة 11 وتأهل أبرز المتسابقين للمرحلة المقبلة    أخبار كفر الشيخ اليوم.. انقطاع المياه عن مركز ومدينة مطوبس لمدة 12 ساعة اليوم    هشام عطية يكتب: دولة الإنشاد    كيفية التخلص من الوزن الزائد بشكل صحيح وآمن    أول "نعش مستور" في الإسلام.. كريمة يكشف عن وصية السيدة فاطمة الزهراء قبل موتها    رئيس الطائفة الإنجيلية ومحافظ أسيوط يبحثان تعزيز التعاون    شراكة استراتيجية بين طلعت مصطفى وماجد الفطيم لافتتاح أحدث فروع كارفور في سيليا    الداخلية تنظم ندوة حول الدور التكاملي لمؤسسات الدولة في مواجهة الأزمات والكوارث    الصحة: إرسال قافلة طبية في التخصصات النادرة وكميات من الأدوية والمستلزمات للأشقاء بالسودان    تحرش لفظي بإعلامية يتسبب في وقوع حادث تصادم بالطريق الصحراوي في الجيزة    «الإفتاء» تستطلع هلال شهر رجب.. في هذا الموعد    10 يناير موعد الإعلان عن نتيجة انتخابات مجلس النواب 2025    المهندس أشرف الجزايرلي: 12 مليار دولار صادرات أغذية متوقعة بنهاية 2025    النتائج المبدئية للحصر العددي لأصوات الناخبين في جولة الإعادة بدوائر كفر الشيخ الأربعة    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابه    للقبض على 20 شخصًا عقب مشاجرة بين أنصار مرشحين بالقنطرة غرب بالإسماعيلية بعد إعلان نتائج الفرز    داليا عثمان تكتب: كيف تتفوق المرأة في «المال والاعمال» ؟    فضل الخروج المبكر للمسجد يوم الجمعة – أجر وبركة وفضل عظيم    هل يجوز للمرأة صلاة الجمعة في المسجد.. توضيح الفقهاء اليوم الجمعة    القلق يجتاح «القطاع»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسؤول صيني: الشراكة الإستراتيجية الشاملة أعلى درجات العلاقات الخارجية
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 24 - 12 - 2014

سلطت وكالة أنباء "شينخوا" الصينية الضوء على زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى بكين وقالت في معرض تعليق لها على هذه الزيارة المهمة أن ال23 من ديسمبر عام 2014 أصبح يوما ذا أهمية بالغة في تاريخ العلاقة الصينية – المصرية.
وحيث شهد الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره المصري الزائر الرئيس عبد الفتاح السيسي في قاعة الشعب الكبري ببكين مراسم التوقيع على وثيقة الارتقاء بالعلاقة الثنائية إلى شراكة إستراتيجية شاملة، الأمر الذي يدل على أن الصين ومصر صاحبتي أقدم حضارة عرفتها الخليقة قد دخلتا مرحلة غير مسبوقة من العلاقات الوطيدة والتعاون الوثيق.
وتعليقا على هذا الحدث البارز، أكد السيد وو سي كه الذي سبق أن عمل سفيرا للصين لدى القاهرة ومبعوثا صينيا خاصا لشؤون الشرق الأوسط ، على أنها خطوة منطقية وتستحقها العلاقات الصينية المصرية، لأن البلدين صديقان حميمان منذ قديم الأزل، كما تعد مصر أول دولة عربية وإفريقية تقيم علاقة دبلوماسية مع الصين في عام 1956 وكذا علاقات تعاون إستراتيجي مع الصين في عام 1999، مشيرا إلى أن التوقيع على هذه الوثيقة يؤكد علي مكانة مصر ووزنها في الشرق الأوسط وأفريقيا، ويسهم في توطيد العلاقات بين الصين ومصر وتعميقها في مجالات السياسة والاقتصاد والتجارة والاستثمار والطاقة والتكنولوجيا والثقافة ومكافحة الإرهاب فضلا عن الشؤون الإقليمية والدولية.
من جانبه، أكد السيد سو تشانج خه مدير معهد العلاقات الدولية والشؤون العامة بجامعة فودان الصينية أن علاقة الشراكة الإستراتيجية الشاملة هي أعلى درجات العلاقات الخارجية والتي لم تقمها الصين سوى مع عدد محدود جدا من الدول التي ترغب بكين في رفع مستوى التعاون وتوسيع نطاقه معها ليشمل جميع الجوانب، ما يبرهن على مدى متانة العلاقة الثنائية واهتمام الصين بمصر حيث أكد الرئيس شي خلال محادثاته مع الرئيس السيسي إن العلاقات بين الصين ومصر تمثل نموذجا للعلاقات بين الصين والدول العربية والإفريقية وكذلك العلاقات بين الجنوب والجنوب، وإن التوقيع على هذه الوثيقة يعد معلما مهما يدفع التعاون بين الصين ومصر إلى مستوى أعلى في شتي المجالات ليصب في صالح الشعبين الصديقين.
وينطلق الارتقاء بمستوى العلاقات الثنائية - حسب شينخوا - من إرادة سياسية قوية لدى الجانبين في تطويرها أكثر فأكثر إدراكا منهما بأنه لا غنى للصين ومصر عن كل منهما الأخرى في ظل المراحل الجديدة من نموهما، فتعاونهما الوثيق في الشؤون الداخلية والقضايا الدولية لا يسهم في نموهما القومي اقتصاديا واجتماعيا فحسب، وإنما يسهم أيضا في استقرار الوضع الاقتصادي العالمي وكذا في مكافحة الإرهاب ودفع عملية السلام في الشرق الأوسط ليعم الرخاء على أبناء هذا الكون.
ويأتي الارتقاء بمستوى العلاقات في وقت تشهد فيه مصر والصين، اللتان تحظيان بثقل كبير في العالم النامي وعلى الصعيدين الإقليمي والعالمي، مرحلة تحول هامة في تاريخهما، ويجمع المحللون والمراقبون الصينيون على أن الإعلان عن الارتقاء بالعلاقات سيعطى زخما جديدا للصداقة الثنائية العريقة بين البلدين ويعزز التنسيق والتعاون بينهما على كافة الأصعدة وفي شتي المجالات ليعود ذلك بفوائد جمة على الشعبين الصيني والمصري ويسهم إسهاما ضخما في مسيرة تطورهما.
وبالنسبة للصين، فقد بادر الرئيس الصينى شي جين بينج بطرح فكرة "تحقيق الحلم الصيني" التي يكمن مغزاها الجوهرى في رفع مستوى المعيشة وتحقيق الرخاء والازدهار لجميع مواطنى الصين بعد دراسته الدقيقة للظروف المحلية والدولية عقب توليه المنصب في بداية عام 2013.
وتطبيقا لهذه الفكرة، طرح الرئيس شي جين بينج في العام الماضي مبادرة" الحزام والطريق"، مؤكدا أن الصين ستعمل على تسريع بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن ال21 وستعزز التعاون مع الدول المعنية، ومعلنا في نوفمبر الماضي مبادرة إنشاء البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية وتخصيص الصين 40 مليار دولار أمريكي لإنشاء صندوق طريق الحرير لمساعدة الدول المعنية بهذه المبادرة.
ومن جانبها تعمل الحكومة المصرية، عقب استقرار الوضع الأمني والسياسي مع انتخاب السيسي رئيسا للبلاد، تعمل جاهدا على إعادة بناء الاقتصاد لتحقيق النهضة القومية، إذ رسمت خطة طموحة للسنوات الثلاث المقبلة واضعة نصب عينيها أهمية إنعاش الحالة الاقتصادية بالتوازي مع تنفيذها الجاد للمرحلة الثالثة من خارطة الطريق على الصعيد السياسي وشرعت في إتخاذ خطوات ملموسة لتحسين الوضع الاقتصادي وتشجيع الاستثمارات الخارجية ومن بينها البدء في إقامة مشروعات وطنية عملاقة مثل ممر قناة السويس للتنمية وتحويل منطقة القناة بأكملها إلى مركز عالمي للتجارة وبناء مدينة بورسعيد الجديدة.
ويولى الرئيس السيسي اهتماما بالغا بتطوير العلاقات مع الصين، إذ أمر بإنشاء "وحدة الصين" داخل مجلس الوزراء ليترأسها رئيس الوزراء إبراهيم محلب تأكيدا على إرادة سياسية مصرية واضحة في تعزيز العلاقة مع الصين ويناقش الرئيس المصري بنفسه أعضاء الوحدة في طرق وأساليب تطوير التعاون مع الصين والاستفادة من خبرات الصين في النمو الاقتصادي والتمويل والتكنولوجيا.
ومن هنا، يلتقى الحلم الصيني مع الحلم المصري، إذ أن مبادرة الحزام والطريق قائمة على حزام أرضي يمتد من الصين عبر آسيا الوسطى وروسيا إلى أوروبا وطريق حرير بحري يمر عبر مضيق ملقا إلى الهند والشرق الأوسط وشرق أفريقيا.
وبفضل ثقلها السياسي وموقعها الجغرافي ومميزاتها الاقتصادية ، تعد مصر نقطة ارتكاز حقيقية ومحطة ذات أهمية كبيرة لتطبيق هذه المبادرة، حيث أعرب الرئيس السيسي خلال لقائه مع الرئيس شي عن حرص مصر، بصفتها قوة مهمة في العالم العربي وافريقيا، على دعم المبادرة وتعزيز التعاون مع الصين في إطارها وبذل جهود لتفعيلها، مشيرا إلى أن المبادرة تجلب فرصا جديدة لمصر.
وفي حقيقة الأمر، يوصف التعاون بين الصين ومصر في قطاعي الاقتصاد والتجارة بأنه مثمر للغاية مع كون الصين الآن أكبر شريك تجاري لمصر حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 2014 حوالي 11.5 مليار دولار أمريكي، ودخول المنتجات صينية الصنع منازل الملايين من المصريين لتسهل حياتهم اليومية، وتواجد الشركات والمؤسسات الصينية مع الشعب المصري حتى في حالة عدم الاستقرار التي شهدتها مصر في الفترة الماضية.
إن مصر تعمل بجد الآن لكي ترسم طريق التنمية الملائم لخصائصها الوطنية وتقوم بكل ما في وسعها لجذب الاستثمارات وإصلاح الاقتصاد، وتنتهج سياسة تجارية تعتمد على التوجه للخارج نظرا لكون التعاون الخارجي أفضل السبل للحصول على خبرات جديدة وتكنولوجيات فائقة وأفكار متطورة لبلوغ أعلى مستويات النهضة والتنمية.
وفي هذا الصدد، يمكن أن تتقاسم الصين مع الجانب المصري الخبرات والتجارب التي استخلصتها على مدار الثلاثين عاما الماضية من تنميتها. فنظرا لأوجه التشابه الكبيرة بين البلدين في التاريخ والحضارة والظروف الداخلية والتحديات الخارجية، فإن تجارب الصين قد تساعد مصر على إيجاد طريق مناسب لنموها إضافة إلى ما يمكن أن تقدمه الأولى من استثمارات في قطاعات الصناعة والزراعة الحديثة والتكنولوجيا المتقدمة والطاقة المتجددة والأقمار الصناعية وإلى آخره، وكذا ما يمكن أن تقدمه من خبرات لتجديد وتشييد شبكات كهرباء وسكك حديدية ذات تكنولوجيات متقدمة فضلا عن مشاركتها في مشروع المنطقة الاقتصادية بشمال السويس في إطار تطبيق مبادرة "الحزام والطريق" وسياسة التحفيز السياسي والمالي التي تنتهجها الحكومة الصينية.
كل هذا مع التركيز بشدة على أهمية تنشيط السياحة الصينية الوافدة إلى مصر، فى ضوء الحجم السنوي للسياحة الصينية إلى الخارج الذي بلغ 120 مليون سائح في العام الماضي وذلك لإنعاش قطاع السياحة الذي يعد أحد أعمدة الاقتصاد المصري.
علاوة على ذلك، فإن رفع مستوى العلاقات سيوطد مستوى التعاون بين الجانبين في مكافحة الإرهاب ودفع عملية السلام بالشرق الأوسط، حيث تواجه مصر والصين تهديدات إرهابية على أراضيهما وعلى الصعيد الدولي، وتتشابه وجهات نظرهما تجاه ضرورية استئصال الإرهاب من جذوره باعتباره عدوا مشتركا للبشرية جمعاء.
وفى الواقع، إن شجرة الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين الصين ومصر قد طرحت أولى ثمارها بالتوقيع على حزمة ضخمة من الاتفاقيات الحكومية وغير الحكومية بين البلدين فى مجالات الاقتصاد والتجارة والطاقة والتكنولوجيا والثقافة والسياحة قبل أن يختتم الرئيس السيسي زيارته التاريخية بنجاح للصين.
خلاصة القول أن الارتقاء بمستوى العلاقات الثنائية يسطر صفحة مشرقة في تاريخ العلاقات بين الصين مصر ويشكل نقطة انطلاق لمزيد من الزيارات والتبادلات رفيعة المستوى بين الجانبين الصيني والمصري في شتي المجالات لتحقيق "حلم الصينيين" و"حلم المصريين" ومنهما إلى "الحلم العالمي".
سلطت وكالة أنباء "شينخوا" الصينية الضوء على زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى بكين وقالت في معرض تعليق لها على هذه الزيارة المهمة أن ال23 من ديسمبر عام 2014 أصبح يوما ذا أهمية بالغة في تاريخ العلاقة الصينية – المصرية.
وحيث شهد الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره المصري الزائر الرئيس عبد الفتاح السيسي في قاعة الشعب الكبري ببكين مراسم التوقيع على وثيقة الارتقاء بالعلاقة الثنائية إلى شراكة إستراتيجية شاملة، الأمر الذي يدل على أن الصين ومصر صاحبتي أقدم حضارة عرفتها الخليقة قد دخلتا مرحلة غير مسبوقة من العلاقات الوطيدة والتعاون الوثيق.
وتعليقا على هذا الحدث البارز، أكد السيد وو سي كه الذي سبق أن عمل سفيرا للصين لدى القاهرة ومبعوثا صينيا خاصا لشؤون الشرق الأوسط ، على أنها خطوة منطقية وتستحقها العلاقات الصينية المصرية، لأن البلدين صديقان حميمان منذ قديم الأزل، كما تعد مصر أول دولة عربية وإفريقية تقيم علاقة دبلوماسية مع الصين في عام 1956 وكذا علاقات تعاون إستراتيجي مع الصين في عام 1999، مشيرا إلى أن التوقيع على هذه الوثيقة يؤكد علي مكانة مصر ووزنها في الشرق الأوسط وأفريقيا، ويسهم في توطيد العلاقات بين الصين ومصر وتعميقها في مجالات السياسة والاقتصاد والتجارة والاستثمار والطاقة والتكنولوجيا والثقافة ومكافحة الإرهاب فضلا عن الشؤون الإقليمية والدولية.
من جانبه، أكد السيد سو تشانج خه مدير معهد العلاقات الدولية والشؤون العامة بجامعة فودان الصينية أن علاقة الشراكة الإستراتيجية الشاملة هي أعلى درجات العلاقات الخارجية والتي لم تقمها الصين سوى مع عدد محدود جدا من الدول التي ترغب بكين في رفع مستوى التعاون وتوسيع نطاقه معها ليشمل جميع الجوانب، ما يبرهن على مدى متانة العلاقة الثنائية واهتمام الصين بمصر حيث أكد الرئيس شي خلال محادثاته مع الرئيس السيسي إن العلاقات بين الصين ومصر تمثل نموذجا للعلاقات بين الصين والدول العربية والإفريقية وكذلك العلاقات بين الجنوب والجنوب، وإن التوقيع على هذه الوثيقة يعد معلما مهما يدفع التعاون بين الصين ومصر إلى مستوى أعلى في شتي المجالات ليصب في صالح الشعبين الصديقين.
وينطلق الارتقاء بمستوى العلاقات الثنائية - حسب شينخوا - من إرادة سياسية قوية لدى الجانبين في تطويرها أكثر فأكثر إدراكا منهما بأنه لا غنى للصين ومصر عن كل منهما الأخرى في ظل المراحل الجديدة من نموهما، فتعاونهما الوثيق في الشؤون الداخلية والقضايا الدولية لا يسهم في نموهما القومي اقتصاديا واجتماعيا فحسب، وإنما يسهم أيضا في استقرار الوضع الاقتصادي العالمي وكذا في مكافحة الإرهاب ودفع عملية السلام في الشرق الأوسط ليعم الرخاء على أبناء هذا الكون.
ويأتي الارتقاء بمستوى العلاقات في وقت تشهد فيه مصر والصين، اللتان تحظيان بثقل كبير في العالم النامي وعلى الصعيدين الإقليمي والعالمي، مرحلة تحول هامة في تاريخهما، ويجمع المحللون والمراقبون الصينيون على أن الإعلان عن الارتقاء بالعلاقات سيعطى زخما جديدا للصداقة الثنائية العريقة بين البلدين ويعزز التنسيق والتعاون بينهما على كافة الأصعدة وفي شتي المجالات ليعود ذلك بفوائد جمة على الشعبين الصيني والمصري ويسهم إسهاما ضخما في مسيرة تطورهما.
وبالنسبة للصين، فقد بادر الرئيس الصينى شي جين بينج بطرح فكرة "تحقيق الحلم الصيني" التي يكمن مغزاها الجوهرى في رفع مستوى المعيشة وتحقيق الرخاء والازدهار لجميع مواطنى الصين بعد دراسته الدقيقة للظروف المحلية والدولية عقب توليه المنصب في بداية عام 2013.
وتطبيقا لهذه الفكرة، طرح الرئيس شي جين بينج في العام الماضي مبادرة" الحزام والطريق"، مؤكدا أن الصين ستعمل على تسريع بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن ال21 وستعزز التعاون مع الدول المعنية، ومعلنا في نوفمبر الماضي مبادرة إنشاء البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية وتخصيص الصين 40 مليار دولار أمريكي لإنشاء صندوق طريق الحرير لمساعدة الدول المعنية بهذه المبادرة.
ومن جانبها تعمل الحكومة المصرية، عقب استقرار الوضع الأمني والسياسي مع انتخاب السيسي رئيسا للبلاد، تعمل جاهدا على إعادة بناء الاقتصاد لتحقيق النهضة القومية، إذ رسمت خطة طموحة للسنوات الثلاث المقبلة واضعة نصب عينيها أهمية إنعاش الحالة الاقتصادية بالتوازي مع تنفيذها الجاد للمرحلة الثالثة من خارطة الطريق على الصعيد السياسي وشرعت في إتخاذ خطوات ملموسة لتحسين الوضع الاقتصادي وتشجيع الاستثمارات الخارجية ومن بينها البدء في إقامة مشروعات وطنية عملاقة مثل ممر قناة السويس للتنمية وتحويل منطقة القناة بأكملها إلى مركز عالمي للتجارة وبناء مدينة بورسعيد الجديدة.
ويولى الرئيس السيسي اهتماما بالغا بتطوير العلاقات مع الصين، إذ أمر بإنشاء "وحدة الصين" داخل مجلس الوزراء ليترأسها رئيس الوزراء إبراهيم محلب تأكيدا على إرادة سياسية مصرية واضحة في تعزيز العلاقة مع الصين ويناقش الرئيس المصري بنفسه أعضاء الوحدة في طرق وأساليب تطوير التعاون مع الصين والاستفادة من خبرات الصين في النمو الاقتصادي والتمويل والتكنولوجيا.
ومن هنا، يلتقى الحلم الصيني مع الحلم المصري، إذ أن مبادرة الحزام والطريق قائمة على حزام أرضي يمتد من الصين عبر آسيا الوسطى وروسيا إلى أوروبا وطريق حرير بحري يمر عبر مضيق ملقا إلى الهند والشرق الأوسط وشرق أفريقيا.
وبفضل ثقلها السياسي وموقعها الجغرافي ومميزاتها الاقتصادية ، تعد مصر نقطة ارتكاز حقيقية ومحطة ذات أهمية كبيرة لتطبيق هذه المبادرة، حيث أعرب الرئيس السيسي خلال لقائه مع الرئيس شي عن حرص مصر، بصفتها قوة مهمة في العالم العربي وافريقيا، على دعم المبادرة وتعزيز التعاون مع الصين في إطارها وبذل جهود لتفعيلها، مشيرا إلى أن المبادرة تجلب فرصا جديدة لمصر.
وفي حقيقة الأمر، يوصف التعاون بين الصين ومصر في قطاعي الاقتصاد والتجارة بأنه مثمر للغاية مع كون الصين الآن أكبر شريك تجاري لمصر حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 2014 حوالي 11.5 مليار دولار أمريكي، ودخول المنتجات صينية الصنع منازل الملايين من المصريين لتسهل حياتهم اليومية، وتواجد الشركات والمؤسسات الصينية مع الشعب المصري حتى في حالة عدم الاستقرار التي شهدتها مصر في الفترة الماضية.
إن مصر تعمل بجد الآن لكي ترسم طريق التنمية الملائم لخصائصها الوطنية وتقوم بكل ما في وسعها لجذب الاستثمارات وإصلاح الاقتصاد، وتنتهج سياسة تجارية تعتمد على التوجه للخارج نظرا لكون التعاون الخارجي أفضل السبل للحصول على خبرات جديدة وتكنولوجيات فائقة وأفكار متطورة لبلوغ أعلى مستويات النهضة والتنمية.
وفي هذا الصدد، يمكن أن تتقاسم الصين مع الجانب المصري الخبرات والتجارب التي استخلصتها على مدار الثلاثين عاما الماضية من تنميتها. فنظرا لأوجه التشابه الكبيرة بين البلدين في التاريخ والحضارة والظروف الداخلية والتحديات الخارجية، فإن تجارب الصين قد تساعد مصر على إيجاد طريق مناسب لنموها إضافة إلى ما يمكن أن تقدمه الأولى من استثمارات في قطاعات الصناعة والزراعة الحديثة والتكنولوجيا المتقدمة والطاقة المتجددة والأقمار الصناعية وإلى آخره، وكذا ما يمكن أن تقدمه من خبرات لتجديد وتشييد شبكات كهرباء وسكك حديدية ذات تكنولوجيات متقدمة فضلا عن مشاركتها في مشروع المنطقة الاقتصادية بشمال السويس في إطار تطبيق مبادرة "الحزام والطريق" وسياسة التحفيز السياسي والمالي التي تنتهجها الحكومة الصينية.
كل هذا مع التركيز بشدة على أهمية تنشيط السياحة الصينية الوافدة إلى مصر، فى ضوء الحجم السنوي للسياحة الصينية إلى الخارج الذي بلغ 120 مليون سائح في العام الماضي وذلك لإنعاش قطاع السياحة الذي يعد أحد أعمدة الاقتصاد المصري.
علاوة على ذلك، فإن رفع مستوى العلاقات سيوطد مستوى التعاون بين الجانبين في مكافحة الإرهاب ودفع عملية السلام بالشرق الأوسط، حيث تواجه مصر والصين تهديدات إرهابية على أراضيهما وعلى الصعيد الدولي، وتتشابه وجهات نظرهما تجاه ضرورية استئصال الإرهاب من جذوره باعتباره عدوا مشتركا للبشرية جمعاء.
وفى الواقع، إن شجرة الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين الصين ومصر قد طرحت أولى ثمارها بالتوقيع على حزمة ضخمة من الاتفاقيات الحكومية وغير الحكومية بين البلدين فى مجالات الاقتصاد والتجارة والطاقة والتكنولوجيا والثقافة والسياحة قبل أن يختتم الرئيس السيسي زيارته التاريخية بنجاح للصين.
خلاصة القول أن الارتقاء بمستوى العلاقات الثنائية يسطر صفحة مشرقة في تاريخ العلاقات بين الصين مصر ويشكل نقطة انطلاق لمزيد من الزيارات والتبادلات رفيعة المستوى بين الجانبين الصيني والمصري في شتي المجالات لتحقيق "حلم الصينيين" و"حلم المصريين" ومنهما إلى "الحلم العالمي".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.