رسائل السيسي بزيارته لبلد المليون شهيد لاشك أن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للجزائر كأول محطة خارجية له تبعث برسائل عديدة.. أولها عودة العلاقات بين البلدين الشقيقين مصر والجزائر إلى مسارها الصحيح. أتذكر في سبعينيات القرن الماضي وأثناء طفولتي بمدينة مستغانم في الجزائر.. بلد المليون شهيد .. كنا شلة متعددة الجنسيات من الأصدقاء.. أنا والجزائري تواتي بوخضرة والمغربي عبد الرحمن والسوري إيهاب أبوشهاب وشقيقته رحاب والعراقية هدي عبد الاله والفلسطيني رياض محمد. كنا نلهو على شاطئ المدينة وفي جبالها الخضراء وريفها الجميل.. نلعب الاستغماية والقطار.. نمرح ولا نحمل للدنيا هما وكثيرا ما يشاركنا أطفال آخرون اللعب من فرنسا وروسيا وكوبا وغيرها. لم أكن أفهم ما هو الاختلاف بين أصدقائي هؤلاء.. فلا فرق عندي بين مسلم ومسيحي وشيعي أو سني ولا مصري عن جزائري . كنت أرى صور جمال عبد الناصر في كل البيوت التي أدخلها فأخذت انطباعا مبكرا أن صاحب هذه الصورة هو بمثابة الأب للجميع. نعم كان عبد الناصر ومازال محبوباً من الشعب الجزائري فهو الذي ساند ماديا ومعنويا ثورتهم ضد الإحتلال الفرنسي الأمر الذي مثل سببا رئيسيا في مشاركة باريس في العدوان الثلاثي على مصر.. كما فتحت مصر عبد الناصر بابها ملاذا لأحمد بن بيلا الذي أصبح فيما بعد أول رئيس للجزائر. وظل الإرتباط قويا بين البلدين فدفع الرئيس الجزائري هواري بومدين بقوات من بلاده للمشاركة في حرب أكتوبر المجيدة. لذلك كان غريبا أن تأتي مباراة في كرة القدم في عهد الرئيس الأسبق مبارك لتلقي بظلال كئيبة على العلاقات بين البلدين الشقيقين. وجاء السيسي ليعيد الأمور إلى نصابها فالعلاقة تاريخية وأخوية.. والدم الجزائري امتزج بالدم المصري في سيناء.. كما أن خطوة السيسي تبعث برسائل على مستويات عديدة. فعلى الجانب الأمني.. تمثل ليبيا ،الجارة للبلدين، هاجسا مشتركا مع تصاعد مد الجماعات الجهادية هناك الأمر الذي يتطلب تعاونا عسكريا واستخباراتيا في هذا الملف وخاصة أن القاهرة والجزائر لديهما خبرة فيه. ومن الناحية الاقتصادية يمثل الغاز الجزائري بديلا للغاز القطري الذي أوقفته الدوحة تضامنا مع جماعة الاخوان الارهابية التي أطاح بها الشعب المصري. وعلى الجانب السياسي .. تمثل الجزائر قوة عظمى في افريقيا.. ولاشك أن دعمها للقاهرة سيسهل عودة مصر إلى مكانتها في القارة السمراء. وأخيرا تظل أهم رسالة لزيارة السيسي .. أن مصر والجزائر كانتا ومازالتا وستبقيان يدا واحدة في كافة القضايا العربية والإسلامية والإفريقية.