في كثير من الأحيان يكون الموت أهون كثيراً من لوعة الفراق والغياب.. بالموت نعلم أن الشخص الذي نفتقده قد غاب عنا لحكمة يعلمها المولي عز وجل. ولكن أصعب ما في الفراق ألا يعلم الحبيب أين اختفي حبيبه.. هل هو مفقود ؟ هل هو غائب لحدوث مكروه له ؟ هل هو مخطوف ؟ اسئله عديدة أقسي ما فيها أنها لا تجد الإجابات الشافية والكافية .. هذا ما حدث مع احمد المواطن البسيط الذي لديه أربعة أبناء غابت عنه زوجته منذ عدة اشهر وحتي الآن لا يعلم أين هي ؟ هل هي مخطوفة أم لا هل لا تزال علي قيد الحياة أم لا ؟ الألم يعتصره والفراق يقتله .. وفي كل يوم يمر تزداد حالته النفسية سوءاً وتبتعد المسافات بينه وبين زوجته الغائبة.. الأبناء لا يتوقفون عن البكاء يهرولون إلي باب الشقة كلما طرقه أي شخص لعل الطارق هي الأم.. يهرولون إلي الهاتف كلما دقت رناته لعل المتصل شخص لديه أي معلومات تفيدهم في العثور علي والدتهم.. الساعات تمر بطيئة والأيام تمضي كئيبة ولا جديد .. الغريب كان قصة اختفاء السيدة وردة المعروف عنها حسن السير والسلوك والسمعة وتطوعها في الأعمال الخيرية لراغبي أداء مناسك العمرة والحج .. السيده (وردة) غادرت محافظتها حيث محل إقامتها وذهبت إلي القاهرة لإنهاء بعض الأوراق المتعلقة بعملها وبعض أن انتهت اختفت في ظروف غامضة .. يقول الزوج : تعرفت علي زوجتي منذ 20 سنه جمع الحب بيننا وتوجت قصة حبنا بالزواج وأثمر هذا الزواج عن أربعة أبناء هم قرة أعيننا ( ثلاثة بنات وولد ) وطوال مدة زواجنا لا أذكر أن وقعت بيننا أية خلافات ضخمة .. كانت حياتنا تسير بشكل طبيعي فأنا اعمل موظف بأحدي الشركات وزوجتي تعمل بأحدي الجمعيات الخيرية والتي تتخصص في الرحلات السياحية للعمرة والحج، وبطبيعة الحال فإن زوجتي كانت دائمة السفر إلي القاهرة نظراً لإنهاء بعض الأعمال التي تتعلق بالحجوزات والتأشيرات وجوازات السفر خاصة وان شركات السياحة التي كانت تتعامل معها زوجتي معظمها بالقاهرة.. في احدي المرات توجهت زوجتي إلي مقر شركة السياحة بمصر الجديدة بالقاهرة في تمام الساعة العاشرة صباحا وطوال هذه الفترة كانت زوجتي علي اتصال دائم بجميع أفراد الأسرة .. سكت أحمد للحظات ثم غلبته دموعه وتحجرت الكلمات في حلقه وواصل الكلام بصعوبة بالغة قائلاً : بعد أن أنهت زوجتي أعمالها كانت عقارب الساعة قد تجاوزت الساعة التاسعة مساءاً لذا أخبرتني زوجتي أنها ستذهب للإقامة عند ابنة خالتي بالنهضة علي أن تعود يوم الجمعة ، وفي صباح يوم الجمعة كانت الاتصالات بيننا لا تنقطع حتى كان أخر اتصال تليفوني بين ابنتي الكبرى وزوجتي في تمام الساعة الرابعة بعد العصر . أكدت زوجتي في حديثها مع أبنتنا أنها سوف تتأخر قليلاً لشراء بعض الهدايا .. ولكن الغريب أن هاتف زوجتي بعد هذا الاتصال أغلق تماماً وفشلت كل محاولات الوصول إليها ولم يكن أمامنا أي شئ سوي تجرع مرارة الانتظار لعل زوجتي تعود .. الدقائق والساعات تمر بطيئة.. مملة .. وكأنها الدهر كله ولكن دون جدوى حتى أشارت عقارب الساعة إلي الواحدة بعد منتصف الليل ولم تعد زوجتي مما دفعني إلي البحث عنها في الأقسام والمستشفيات وذهبت إلي محطة الوصول الخاصة بالسيارات القادمة من القاهرة لعلي اعثر علي زوجتي ولكن دون جدوى وأنقضي الليل هكذا وانأ حائر بين مرارة الانتظار ولوعة الغياب .. توقف أحمد عن الكلام لثواني حيث غلبته دموعه ونزلت علي وجنتيه وأخذ تنهيدة كبيرة تنبئ بأن الأمر جلل ثم واصل كلامه قائلاً : هرولت علي الفور صباح يوم السبت إلي ابنة خالتي والتي باتت زوجتي ليلتها في بيتها وأكدت لي أن زوجتي قد غادرت في تمام الساعة الخامسة يوم الجمعة وأبدت دهشتها وتسألت كيف لم تصل زوجتي حتى الآن وأين ذهبت ؟! زاد قلقي علي زوجتي لذا توجهت علي الفور إلي شركة السياحة التي تتعامل معها زوجتي بمصر الجديدة وتقابلت مع المسئولين بالشركة والذين أكدوا لي أن زوجتي حضرت بالفعل يوم الخميس ( قبل اختفائها بيوم واحد ) وأنهت جميع أعمالها وغادرت في هدوء.. جن جنوني وانا اسمع هذا الكلام فكل الذين سألتهم يؤكدون أن الأمور مع زوجتي كانت تسير بشكل طبيعي جداً وتلقائي ولم اسمع أي شئ غريب ولم يكن أمامي أي مفر من الذهاب إلي قسم شرطة السلام ثاني حيث حررت محضراً بالواقعة وفي انتظار أن يأتي الفرج ..