عاش الكاتب الصحفي إسماعيل النقيب علي مدار ما يزيد علي نصف قرن رئيسا لقسمي الشئون العربية والدبلوماسية بجريدة الأخبار كان فيها شاهدا علي آلاف الاحداث التي كتب عنها من خلال تغطيته لمؤتمرات عربية وعالمية وقد التقي في هذه الفترة برؤساء وملوك وسلاطين وعرف الكثير.. جاء الوقت لكي يكتب عما حدث لقد اختار أن يكتب عن المسكوت عنه من أسرار وكواليس عاشها من خلال كتابه الجديد »أسرار الزعماء وفضائح العملاء« الذي صدر مؤخرا عن الهيئة العامة للكتاب يقول إسماعيل النقيب في مقدمة كتابه: ربما اكون من القلائل الذين تحمسوا بشدة لاختيار د. عبدالعزيز حجازي رئيس وزراء مصر الاسبق، ليكون مسئولا عن ملف الحوار الوطني، بعد ثورة 52 يناير 1102 لما اعرفه عنه من مقومات شخصية ووطنية تجعله ينجز ما يوكل إليه بدقة كبيرة، مهما كانت الصعوبات والعقبات، من هنا رأيت أن ابدأ كتابي بسرد لجزء من سيرة هذه الشخصية المعتدة بنفسها، وصاحبة الانجازات الواضحة في مشوار حياتها، خاصة فيما يتعلق بتحمل المسئولية الوزارية.. ان هذا الكتاب رغم انه يتحدث عن شخصيات من زمن مضي، الا انه في حقيقة الأمر يكشف عن جزء مجهول من حياة أشخاص تولوا المسئولية في لحظات حرجة من تاريخ الوطن، وهو من جانب آخر يعقد موازنة بين طبيعة الوزراء وأخلاقهم في الستينيات والسبعينيات وما نراه الآن من آثار لوزراء حقبة الرئيس السابق حسني مبارك، وحجم قضايا الفساد المقدمة حاليا أمام المحاكم، ويكفي أن اسرد واقعة حلمي مراد وزير التربية والتعليم في الوزارة التي تشكلت بعد مظاهرات الطلبة في 52 يناير عام 1791 عندما أعاد الهدايا التي تلقاها خلال زيارته لإحدي دول الخليج العربي إلي الدولة المصرية ووجد أنها الأحق، خاصة أن رفضه الهدية منذ البداية عيب وإحراج للهادي!. ثم إنها ما كانت لتهديه إليه، لولا انه وزير، وبالتالي فالهدية للمنصب لا للشخص!!.. ألا تدفعنا هذه الحكاية لكي نقارن بين هذا السلوك وما نسمعه الآن من وزراء ومسئولين كبار تتم محاكمتهم، لأنهم لم يفرقوا بين الشخصي والعام، وتضخمت ثرواتهم عن طريق مثل هذه الهدايا والعطايا!. ومن هذا الإطار أيضا يتذكر كاتبنا اسماعيل النقيب: حكاية يرويها بتفاصيلها في ثنايا الكتاب وهي متعلقة بالوزير الأسبق زكريا توفيق عبدالفتاح وزير التجارة والتموين والتجارة الداخلية، عندما طلبت ابنته "هالة" عشرة جنيهات فأعطاها لها، وطلب ابنه "طارق" مثلها فأخذ ما طلب، وبعد أيام عاد طارق ليطلب عشرة جنيهات أخري، فقال له أبوه: أنا يا ابني مرتبي صغير، ولا أستطيع أن أعطي لك أكثر مما أعطيت!! .. ويقول النقيب معقبا علي هذه الحكاية:تصوروا هذا وزير يتحدث عن صعوبة توفير عشرة جنيهات، ووزراء تبلغ الآن ثرواتهم بالمليارات. الكتاب يسرد جزءا مهما من تاريخ مصر من خلال التركيز علي شخصيات لعبت أدوارا مختلفة في صنع هذا التاريخ، فمنهم رؤساء الوزراء، والوزراء شخصيات عامة اقترب منهم لحظة تحملهم المسئولية، والاهم كما يقول الكاتب انه كان قريبا جدا من اللحظات التي يري فيها المسئول نفسه في مواجهة "العزل" من منصبه سواء بالمواجهة المباشرة مع القيادة السياسية او بالدلائل التي تشير الي موعد اقتراب اللحظة الفارقة بأن ينتقل إلي خانة وزير سابق.. وهنا يتذكر الكاتب ما حدث للفنان بدر الدين أبو غازي وزير الثقافة عقب ثورة التصحيح في مايو 1791، الذي اخبرني بشعوره بقرب مغادرته للوزارة، رغم مرور شهور قليلة علي توليه المنصب، وذلك عندما كنت احضر معه حفل تكريم سيدة الغناء العربي أم كلثوم، وعندما سألته لماذا هذا الشعور، أجاب: لأنني اعترضت علي استيلاء رئاسة الجمهورية علي متحف محمد محمود وإلحاقه بمنزل السادات!. ويقول الكاتب إسماعيل النقيب: إنني أتعجب من الزمن الذي كانت مصر تمتلك وزيرا يعترض بدافع المصلحة العامة، وان تتحول الأمور إلي أن يصبح لدينا فقط "وزراء الموافقة"، الذين تكشف فسادهم وظهر جليا. في هذا الكتاب يفتح النقيب خزائنه السياسية والمعرفية ويكشف لنا خبايا من تاريخ مصر في فترة اقترابه من صناع القرار .