جاءت زيارة الرئيس حسني مبارك لكل من إيطاليا واليونان في أول مهمة له خارج مصر بعد أن أنعم الله عليه بالشفاء، وهو الذي قضي سنوات عمره منذ كان ضابطا في القوات الجوية فنائبا للرئيس أنور السادات فرئيسا للجمهورية يتفاني في خدمة مصر ويتطلع دائما لأن تحتل مصر مكانتها اللائقة بها بين الأمم. وزيارات الرئيس مبارك للخارج ولقاءاته مع زعماء العالم تهدف بالدرجة الأولي صالح مصر وشعبها وكيفية الاستفادة من التقدم التكنولوجي ونقل هذا التقدم إلي مصر من أجل تحقيق الرخاء لأبناء مصر. واستطاع الرئيس مبارك بحكمة وخبرة سياسية كبيرة ان يجتاز الكثير من العقبات والمصاعب التي تعرض لها العالم وعانت منها كثير من الدول وأن يجنب مصر هذه المشاكل، ولعل آخرها الأزمة المالية العالمية.. استطاعت مصر ان تجتاز هذه الأزمة بنجاح.. صحيح تراجعت معدلات النمو إلي 4 في المائة بعد أن كانت قد قاربت 7 في المائة ولكنها كانت معدلات نمو ايجابية فوق الصفر وكانت مصر إلي جانب الصين والهند هي الدول الثلاث الوحيدة في العالم التي حققت معدلات نمو ايجابية بينما تراجعت معدلات النمو في أمريكا والعديد من الدول الأوروبية إلي تحت الصفر. وكان لقاء الرئيس مبارك مع رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو بيرلسكوني في مقر رئاسة الوزراء بروما في قصر ماداما يعكس عمق العلاقات الوثيقة التي تربط الرئيس مبارك مع بيرلسكوني والتفاهم المتبادل بين الزعيمين، وقد ظهر ذلك جليا في حفاوة الترحيب بالرئيس مبارك لدي وصوله للقصر وحرس الشرف الذي اصطف لتحيته وبدت السعادة واضحة علي بيرلسكوني وهو يستقبل الرئيس مبارك.. وكانت الاتفاقيات العديدة ومذكرات التفاهم التي وقعها الوزراء المرافقون للرئيس مبارك مع نظرائهم الإيطاليين أكبر دليل علي الثقة المتبادلة بين الزعيمين والعلاقات القوية بين مصر وإيطاليا والتي يسعي الزعيمان إلي ترجمتها في اتفاقيات ثنائية في مختلف المجالات لصالح البلدين والشعبين. وحين أعلن بيرلسكوني في المؤتمر الصحفي المشترك مع الرئيس مبارك في ختام المباحثات ان الكثير من الدول الأوروبية ستتجه في المرحلة القادمة إلي الشرق للاستثمار وإقامة المشروعات المشتركة والاستفادة من التسهيلات الممنوحة لها والأيدي العاملة الأقل تكلفة ومصر مؤهلة لجذب العديد من هذه الاستثمارات بما لديها من امكانيات هائلة فإن بيرلسكوني لم يقل هذا الكلام مجاملة للرئيس مبارك أو لمصر ولكنه يقوله وهو يدرك تماما حجم الاستثمارات والتسهيلات التي تقدمها مصر للاستثمارات الأجنبية وخاصة إيطاليا التي تربطها اتفاقية شراكة استراتيجية مع مصر والتي جذبت 006 شركة إيطالية تعمل حاليا في مصر.. لذلك لم يكن غريبا ان يختار الرئيس مبارك إيطاليا لتكون أول دولة أجنبية يزورها بعد تمام شفائه. وواكب هذه الزيارة أيضا قيام المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة والمهندس أمين أباظة وزير الزراعة بتدشين أول خط ملاحي بين فينيسيا والإسكندرية يساهم في سرعة نقل البضائع والأفراد بين البلدين. وكانت المحطة الثانية في أول جولة للرئيس مبارك هي اليونان التي تمر حاليا بأزمة مالية طاحنة بسبب الأزمة المالية العالمية وتتطلب دعما من الاتحاد الأوروبي لكي تجتاز هذه الأزمة.. فكانت زيارة الرئيس مبارك لها في هذا التوقيت رسالة تضامن معها ودعما مصريا مباشرا لليونان التي تربطها بمصر علاقات قوية وقديمة وللرئيس مبارك علاقات وثيقة أيضا مع رئيسها كارلوس بابولياس ورئيس وزرائها جورج باباندريو الذي قطع زيارته للبنان عندما علم بزيارة الرئيس مبارك لبلاده ليلتقي به في مطار أثينا لمدة ساعة بعد ان التقي بالرئيس اليوناني في قصر الرئاسة.. وكانت هذه الزيارة مهمة للغاية وتركت أثرا بالغا له دلالاته العميقة لدي دولة اليونان الصديقة في هذا التوقيت بالذات.