طبيعي أن يكون لكل دولة كبري أجندتها الخاصة، انما غير الطبيعي هو أن تجد من يساعدها في تنفيذها من أهل البلاد بدون أن يعي، فإننا نربأ بأحد منا أن يقوم بمثل ذلك عن وعي أو ادراك. لابد لنا من وقفة حول ما يعرف بالاجندات الخاصة للدول الكبري وتمويلها لمنظمات مدنية لأغراض - سياسية - تحت أي مسميات .. فالتمويل السياسي خارجيا كان او حتي داخليا لا يعطي أبدا لوجه الله والوطن، فلا زكاة في السياسة ولا أعشار.. وانما مآرب او مصالح تتقابل احيانا وتتقاطع أحيانا أخري .. ولعل السطور التالية تصل الي شباب غض لا يقرأ سوي فيس بوك ويوتيوب وبهدف منع التغرير به أحد تحت أي غطاء ولنعتبر أن ما فات ومر كان من قبيل تقابل أهداف وتحققت.. واما من الآن وصاعدا فحذار وحذار من أن يتحول دونما ما يدري الي مطية تنفذ مخططات الغير... ولنبدأ بما يتردد بعدما ما حدث في ليبيا من تدخل أطلنطي قد يكون مقدمة لدورة او ربما دورات أخري من تدخلات عسكرية في أفريقيا .. ولا تعتقدوا ان اسرائيل هي الاخري خارج هذا الملعب رغم حرصها البقاء حاليا في منطقة الظل ... امامي الآن بينما اكتب هذه السطور خريطتان منشورتان أولاهما عن مجلة القوات المسلحة الامريكية عدد يونيو 2006 .. والخريطة الاخري من مجلة أطلانتك الامريكية الفصلية عدد يناير/ فبراير 2008 ومضمونهما تقريبا واحد ومنقولتان عن دراستين في مقالين مستمدين من المخطط الاسرائيلي الذي يعرف بمخطط واينون Yinon القائم علي اعادة رسم حدود دول الشرق الاوسط من جديد ... وغير العراق وما حدث له تتضمن مصر والسودان وليبيا وسوريا ولبنان وشمال أفريقيا عامة ويمتد الي تركيا والصومال وباكستان . وما يسمي بمخطط (واينون) Ylnon معروف بين مراكز الفكر والدراسات في الغرب، وفي مفهومنا هو اقرب الي امتداد لفكر الخديعة البريطانية التاريخية للثورة العربية الكبري وتسخيرها في تفتيت الامبراطورية العثمانية الي آخر ما حدث تاريخيا ..الا أن الفكر هذه المرة يخدم اسرائيل ومناسب لمصالح الاطلنطي أيضا .. التفتيت أو البلقنة تقوم كالمعتاد علي ذرائع طائفية أو عرقية أو دينية او مذهبية ، لتحول دولا الي دويلات إحداها صغيرة وقدرات محدودة ... تم البدء بالعراق وانظروا كيف تحول الآن بما ينبيء بمقدمات اكتمال المخطط أي تقسيمه لثلاث دويلات احداهم كردية وسنية وشيعية وقد بدأت الخطوة الاولية بالحرب غير المفهوم اسبابها بين العراق و ايران لتحطم احداهما الاخري ثم .. حدث التسلسل تباعا علي دفعات كما شهدنا ولا يزال علي الطريق ... ولأعوام حتي الآن والدعوة تتردد بصراحة عما يعرف (بالشرق الاوسط الجديد) مع أقاويل كثيرة عن اتجاهات تدبر لاعادة ترسيم حدود دول هذه المنطقة الحيوية التي تتقابل فيها الطرق ما بين أوروبا مع جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا.. نأتي الي المهم وهو اعتقاد متداول حاليا بين خبراء استراتيجيين غربيين ويدللون به علي أن التزامن بين حلقات التهجم علي كنائس المسيحيين المصريين مع الاستفتاء علي استقلال أو قل انفصال جنوب السودان عن شماله ليس من قبيل المصادفة .. كذلك ما وقع من احداث للمسيحيين العراقيين دفعتهم الي الهجرة من وطنهم الذي عاشوا فيه قرونا طويلة فهم من أقدم الطوائف المسيحية في المنطقة الا ان خروجهم جملة تحت عيون القوات العسكرية الامريكية والبريطانية ليس من قبيل المصادفة كذلك ثم .. هل كون ذلك ضمن مخطط واينون هو من قبيل المصادفة ايضا ؟ ام هو تطبيق حثيث وبانتظام وتدرج لخروج المسيحيين جملة من المنطقة ؟! في لبنان لم تكف اسرائيل عن محاولات الوقيعة ومساعدة طائفة ضد أخري علي مر العقود الاخيرة والهدف مدرج في المخطط إياه: تقسيم لبنان الصغير حجما من الاساس الي دويلات (ميني) ويمتد الي شعوب يدخل في تركيبتها شيعة ومسيحيون ودروز، وهو الطريق الي تقسيم سوريا كذلك الي أكثر من دويلة علي أساس طائفي أو مذهبي و ديني بل قد يكون المستهدف مستقبلا خروج المسيحيين ايضا من سوريا كما حدث في العراق بل وربما من الشرق الاوسط ككل لاكتمال رقعة الفصل القادم من صراع الحضارات الذي عاد الي التردد علي الاسماع وفي الاقوال و... هنا لابد من التوقف عما ورد في صحف فرنسية ولبنانية عن المقابلة التي تمت مؤخرا بين ساركوزي والبطريرك الماروني بشارة بطرس الراحي وأعقبها التصريح الغريب من ساركوزي الذي قاله للبطريرك الماروني بأن الطوائف المسيحية في الشرق الاوسط علي الرحب والسعة في الاتحاد الاوروبي وقتما تشاء .. وإن كان البطريرك الماروني علي حد ما نشر قد اتخذ موقفا وطنيا مغايرا تماما لتصريح الرئيس الفرنسي الذي يجب ألا يعبر ويمر علينا دون تمعن فيه! ماذا يعني كل ذلك الآن؟ ربما يكون التوجه المستهدف هو خلق ظروف صعبة تؤدي لانتزاع الطوائف المسيحية خارج مواطنها بغرض تفريغ هذه المنطقة بتعددها الذي يثريها ويحولها الي أمم اسلامية صرف ومتناحرة أيضا فهذا ما يتفق تماما والمخطط الاسرائيلي و يمتد للتطبيق الي القارة الافريقية بهدف شقها علي اسس العرقية حسب لون البشرة واللغة والعقيدة الدينية، أي رسم خطوط فاصلة بين ما يعرف بأفريقيا السوداء وشعوب الشمال الافريقي العربي .. وهذا فصل مشهود وتحقق بحذافيره بين جنوب السودان وشماله، تمهيدا لايجاد أفريقيا عربية وأفريقيا سوداء للحيلولة دون تمازج وتقارب وتعاون فعال ضمن خطة أوسع تقوم علي تقطيع أوصال الشمال الافريقي عن بقية القارة الافريقية. وأخيرا ليس لأحد أن يهون من هذا الشأن أو يستبعده أو يقول إنها المدرسة التآمرية مرة اخري فان هذا فكر يمارس حاليا ويحقق أهدافه تباعا والبوادر تدل علي أنه قد يتحول الي نهج يدفع الي قلاقل وفرقة فتيقظوا أيها المصريون والتحموا أكثر فاكثر واغلقوا أي ثغرة تنفذ منها الفتن.