»اللهم لا شماتة«، وادعو الله »سبحانه وتعالي«، ألا يكون هناك أي معني أو ما يدل علي جزء ولو بسيطاً من الشماتة، فيما هو آت مما ستقرأونه، فالشماتة كما اراها، هي خلق ذميم، وليست من خلق المسلم.. لقد كان مظهر العقيد الليبي معمر القذافي وهو يستجدي الرحمة من قاتليه مثيرا للاحتقار، فهو حتي لم يستطع ان يموت رجلا، وهذه واحدة من الصفات الواضحة علي كل »ديكتاتور« عندما يحين وقت الانتقام منه.. وإذا كان الشعب المصري لم يظهر أي تعاطف أو حتي مواساة مع القذافي وهو يراه يموت بهذه الطريقة مثل اي »جرذ« حقير، وهو الذي وصف شعبه بانهم »جرذان« فما بالنا بالشعب الليبي نفسه الذي ذاق علي يديه الذل والهوان والفقر، مع ان ليبيا دولة غنية بما تملكه من ثروات بترولية وتعدينية، ومساحة شاسعة من الارض، مع عدد قليل من السكان، ولكنه انفق اموال بلده وشعبه علي مغامرات »خائبة« في اماكن كثيرة من العالم.. وقد زرت ليبيا في السنوات الماضية اكثر من مرة، ولاحظت مظاهر الفقر في اكثر من مكان، ومظاهر البؤس والذعر والخوف علي وجوه الغالبية من الشعب الليبي وفي عيونهم! كان معمر القذافي يهدد شعبه بانه سيطارده في كل مكان، شارع شارع، زنقة زنقة، دار دار.. وانتهي به الحال قبل مصرعه مطاردا من شعبه شارع شارع، وزنقة زنقة.. ولم أر طوال حياتي رئيسا أو قائدا أو حاكما، - مهما كانت سطوته - بكل هذا الصلف والغرور الذي كان يظهر بهما ذلك القذافي.. ومع ذلك مات ذليلا مقهورا! صحيح انني لم اكن اتمني قتله بعد إلقاء القبض عليه، وانما كنت اتمني ان نظهر كعرب باسلوب اكثر تحضرا، وان نقدمه لمحاكمة عادلة يشهد بها العالم كله.. ولكن لعل الله »سبحانه وتعالي« اراد ان يجعل منه »عبرة« و»عظة« .. فهل يعتبر ويتعظ هؤلاء الحكام العرب الذين يحكمون شعوبهم بالحديد والنار، ويمارسون عليهم اقصي اشكال الظلم والذل والهوان.. لقد قتل القذافي عشرات الآلاف من شعبه ظلما وعدوانا، وهكذا يفعل علي عبدالله صالح في اليمن وبشار الاسد في سوريا.. فهل يتعظان بعدما رأياه علي شبيههما في ليبيا؟.. وهل يتخليان عن السلطة بارادتهما قبل ان يموتا نفس الميتة؟.. أو حتي هل يسارعان بالفرار نجاة بحياتهما؟.. هل يفعلان؟! لقد تولي القذافي حكم ليبيا وانا صبي صغير.. وها هو يقصي من منصبه غصبا وقتلا وانا شيخ كبير.. فمتي يتخلي الرؤساء العرب عن ذلك التمسك المقيت بكرسي الحكم؟.. واتمني ان تشهد ليبيا عهدا جديدا بالفعل، وان تنتهي معاناتها.