طلاب علوم القاهرة يواصلون تنفيذ برامج التدريب استعدادا لامتحانات نصف العام    سعر الجنيه الذهب في محال الصاغة (آخر تحديث)    سعر اليورو مقابل الجنيه في البنوك المصرية اليوم السبت    مع تراجع الانتاج فى فصل الشتاء…توقعات بارتفاع أسعار الدواجن خلال شهر رمضان    الكويت تحتفل بالذكري الثانية لتولي الشيخ مشعل الأحمد مقاليد الحكم    رئيس الوزراء يصل مطار القاهرة عائدًا من العاصمة اللبنانية    محمود مسلم: السودان جزء لا يتجزأ من منظومة الأمن القومي المصري.. وكل الخيارات مفتوحة    التاريخ ينحاز للأبيض، أرقام مرعبة تطارد حرس الحدود أمام الزمالك قبل موقعة كأس مصر    الأرصاد تحذر: شبورة مائية وفرص سقوط أمطار.. الصغرى بالقاهرة 10 درجات    السجن 10 سنوات لمتهم بتهديد فتاة فى سوهاج بنشر صورها على فيسبوك    بدء محاكمة عصام صاصا و15 آخرين في مشاجرة الملهى الليلي بالمعادي    بكلمات مؤثرة.. محمد صبحي يستعيد ذكرياته مع سمية الألفي    موعد أول ليلة في شهر رجب.. إحدى الليالي الخمس التي يُستجاب فيها الدعاء    الفرق الطبية بالشرقية تنفذ 81 ألف زيارة منزلية بأيام الجمع والعطلات الرسمية    لأول مرة بمستشفى قها.. تغيير مفصل الركبة لمسنة 71 سنة بعد منعها من الحركة    محمد عنتر يكشف سر رحيله عن الزمالك    زخم كروي عالمي في مباريات اليوم السبت.. قمم أوروبية ومواجهات حاسمة محليًا    الأرض تنحاز لأصحابها في المباريات الافتتاحية لأمم أفريقيا    تشكيل آرسنال المتوقع لمواجهة إيفرتون في البريميرليج    مباحثات مصرية صينية لإنشاء مصنع متطور للمبيدات بتكنولوجيا عالمية    التسجيل «أون لاين».. مجلس الدولة يفتح باب التقديم لوظيفة مندوب مساعد    مركز الدراسات والبحوث يشارك في مؤتمر علمي عن دور الذكاء الاصطناعي في تحقيق التنمية المستدامة    التضامن: تنفيذ رؤية شاملة لتنمية الطفولة المبكرة    حافظ الشاعر يكتب عن :"شها"..تكتب درسا في الاصطفاف.. حين توحد الصف جاء الكرسي لأهله    قاصرات من 14-17 سنة وسمراوات.. مذكرات لFBI تكشف جرائم جيفرى إبستين    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : لعنة الله على تلك .. المسماة " ديمقراطية !?    دار الإفتاء توضح علامات الاستخارة وتحذر من ربطها بالأحلام فقط    مستشار سابق لترامب يشيد بفكرة نفق روسيا ألاسكا: مشروع مربح للبلدين    مرتبات تصل ل25 ألف جنيه.. «العمل» تعلن عن وظائف في السويس    دفعة جديدة من أطباء الجامعات تصل إلى مستشفى العريش العام    زكى القاضى: هناك رغبة دولية لإتمام المرحلة الثانية من اتفاق شرم الشيخ حول غزة    محاكمة 37 متهما بخلية التجمع.. اليوم    أسعار مواد البناء في مصر اليوم السبت    محافظ أسيوط يقرر صرف تعويضات عاجلة ودعم شامل للمنازل المتضررة بمنطقة غرب البلد    نجم الزمالك السابق: أحمد عبدالرؤوف مُطالب بالتعامل بواقعية في المباريات    مكتبة مصر العامة بالأقصر تستقبل وفد المركز الثقافي الكوري لبحث التعاون    إقبال جماهيري على «حفلة الكاتشب» في ليلة افتتاحه على مسرح الغد بالعجوزة    محافظ المنيا يلتقي وزير الشباب والرياضة بديوان المحافظة    القبض على إبراهيم سعيد وطليقته بسبب مشاجرة داخل فندق بالقاهرة الجديدة    ضمن مبادرة صحح مفاهيمك، أوقاف الإسماعيلية تواصل التوعية ضد التعصب الرياضي    وزير الرى يتابع خطة إعداد وتأهيل قيادات الجيل الثاني لمنظومة المياه    وزير التعليم العالى: دعم الباحثين والمبتكرين لتعزيز مكانة البحث العلمي فى مصر    إصابة شخص إثر انقلاب ربع نقل بقنا    المبادرات الرئاسية تعيد كتابة التاريخ الصحي لمصر    أزهري يعلق علي مشاجرة الرجل الصعيدي مع سيدة المترو: أين هو احترام الكبير؟    نشرة أخبار طقس اليوم السبت 20 ديسمبر| الأرصاد تحذر من أجواء شديدة البرودة    ذكرى ميلاده ال95.. صلاح جاهين يصرخ عام 1965: الأغنية العربية في خطر!    ستار بوست| أحمد العوضي يعلن ارتباطه رسميًا.. وحالة نجلاء بدر بعد التسمم    المدمن قتل حماته وسرق معاشها ليشتري مخدرات    الولايات المتحدة تعلن فرض عقوبات جديدة على فنزويلا    محمد معيط: روشتة صندوق النقد الدولي عادة لها آلام وآثار تمس بعض فئات المجتمع    الأنبا فيلوباتير يتفقد الاستعدادات النهائية لملتقى التوظيف بمقر جمعية الشبان    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    شهداء فلسطينيون في قصف الاحتلال مركز تدريب يؤوي عائلات نازحة شرق غزة    القبض على إبراهيم سعيد وطليقته بعد مشاجرة عنيفة بفندق بالقاهرة الجديدة    كل عام ولغتنا العربية حاضرة.. فاعلة.. تقود    جرعة تحمي موسمًا كاملًا من الانفلونزا الشرسة.. «فاكسيرا» تحسم الجدل حول التطعيم    القلق يجتاح «القطاع»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صندوقي الآسود
وقالت الغجرية لأمي يوم ولدت
نشر في أخبار اليوم يوم 02 - 09 - 2011

.. جاءتنا إحدي قريباتي كانت في القاهرة تزور أهل البيت. وبدا لها أن تبيت عندها، وكثيراً ما تفعل ذلك أمي مع قريبات لنا. وهي التي تمسك بهن، وتكون سعيدة أن تخرج وتدخل وتطبخ، ويتغير كل شيء.. أماكن الترابيزات والكراسي ويظهر الشوك والملاعق أحسن من التي نستخدمها وتتغير رائحة البيت وأصوات بوابير الجاز كأنها قطارات تخترق البيوت، والماء يغلي هنا.. ويغلي هناك، وتحلف أمي ألا يسألها أحد في إعداد الطعام. وكلهم يؤكدون أن أمي أستاذ في الطبيخ وأنها تستطيع أن تقدم طعاماً لعشرين أو لثلاثين، فكذلك كانت تعمل وحدها في بيت جدي في الأعياد عندما يجيء عشرات من الناس نساء ورجال وأطفال.
كل شيء كان حاداً.. الكلام والسلام والطعام.. والتي تجمع سعادة وابتهاجاً هي أمي، وهي سيدة كريمة تحب الناس فأحبها الناس.
وجاء الليل وبدأت عيوننا تقاوم..
وذهبت إلي فراشي وعدت بسرعة لقد وجدت فتاة في فراشي.. ويبدو أن الصغيرة قد لاحظت اضطرابي وأنا أقول لأمي.. وقالت: زي اختك الصغيرة خدها في حضنك يا ابني.
في حضني؟ وانام في فراشي مع فتاة صغيرة؟!
هذا أكبر من احتمال أمي، وبسرعة قالت أمي وضحكت البنت ووضعتها في سريرها هي بنتها ومن الطبيعة. ولكن الفزع والرعب والأسي الذي ظهر علي أمس كسماء تلبدت.. أسود واخضر القمر، ولم يبق من قوي الطبيعة إلا العواصف. وعصفت بكل جميل ولطيف وعزيز في تلك الليلة. وحاولت الطبيعة أن تخفف عن أمي رد الفعل العنيف فقالت لها: والنبي يا ست أم صلاح كل الناس يحبونها.. وهم عيال ياخدوها بالحضن.. اختهم كلهم.. وربنا يحميها ويسترها قادر يا كريم.
وكأن أبي لم يسمع كلمة واحدة. بل لم يسمع فعلاً وقالت لها: ازاي نسيت البنت في حضني ده وده.. الست كبيرة ودول شبان.. والشيطان شاطر.
وتقول السيدة: عيلة عمرها تسع سنين يا ست ام صلاح.. عيلة كمان عيال. مش خوف!
وكأن أمي لم تسمع ولا كلمة وقالت لها: ازاي تعمل حاجة زي كده.. مفيش حد عيال.. كلهم كبار عارفين كل حاجة.. نار جنب بنزين انت جري لك إيه.. انت نسيت حكاية ابن العمدة مع بنت شيخ البلد.. كان عندهم ثماني سنوات لما قامت الأم بالليل.. وحصل اللي حصل.. وكانوا عيال. أعوذ بالله. يا ساتر يا رب.. مالكيش حق أبداً.
دخلت فوجدت أستاذا معها قد جلس علي مقعد في غرفة الضيوف »غرفة الجلوس« يقرأ القرآن، وبالقرب منه جلست أمي وصديقة لها.. وواحدة ثالثة أمسكت البخور وراحت تلف الغرفة.. وكلما نقص دخان البخور أشارت أمي أن تزيد البخور.
وختم الرجل قراءته وسلم وخرج. ونظرت إلي وجه أمي تتساند مما يدل علي أن شيئاً قد وجع وهذا القارئ لهذا السبب. ولكي تجد جارتها شرحت لي أمي: المرحوم.. أبوك أوصانا ألا نقطع القرآن من البيت.. لابد أن يكون هناك مصاحف في كل مكان. في كل غرفة وأن يجيء من يقرأ القرآن من حين إلي حين.. والمرحوم ترك دي يا أنيس انها آية الكرسي منقوشة علي فضة.. علقها في رقبتك.. وصيته ووصية الميت واجبة يا ابني.
مات أبي وعاشت أمي..
وكانت ضحكة أمي حلوة إنها تضيء وجهها الجميل.. إنها تضحك بكل خلاياها.. وتمنيت أن أراها دائماً تضحك كذلك. ولكن من النادر أن تضحك أمي أو تجد ما يبعث علي الضحك.
آدي يا سيدي كل الحكايات اللي انت عاوز تعرفها.. عاوز إيه كمان! أقول.. بنت خالتك كانت بتولد.. وكانت علي مقعد له فتحة.. فالطفل ينزل من هذه الفتحة عندما وجدنا صراخاً تحت السرير فوجدناك تسللت لتعرف ماذا جري هنا فلما رأيت الطفل قطعة من اللحم الأحمر ونزل يصرخ هو الآخر أصابك الفزع فأنت يا ابني عاوز تعرف كل حاجة.. وده مايصحش يا ابني.. ولكن هذا ما حدث.. هاها.. هاها.
قلت في نفسي الله علي صوتك يا ماما.. ما أجمل صوتك ما أحلي صورتك ما أدفأ حضنك.. ربنا يخليك يا أمي قولي يا ماما..
أقول إيه يا ابني بس..
قولي كل حاجة يا ماما..
والله يا ابني مش عارفة صح ولا غلط انك حفظت القرآن الكريم.. لأنك بعد أن حفظت القرآن لم يعد من اللائق أن تلعب مع زملائك. لأن كل واحد يراك تلعب يقول لك يا ابني انت حافظ القرآن وتلعب في الحارة حرام يا ابني.. وإذا تشاجر زملاؤك سألوك لأنك حافظ القرآن ولن تكذب.. وكان أصدقاؤك يغتاظون لأنك قلت الحقيقة والناس يصدقونك ويكذبونهم.. وفي مرة جلست فتاة ومعها فتي من قرية مجاورة تحت الشجرة يتعانقان.. وأنت رأيت المشهد وسألوك فقلت: نعم رأيتهما.. وكان من نتيجة ذلك أن فسخت خطبة البنت علي ولد آخر.. أما هذا الولد فضربوه وكسروا ذراعه التي بترها الأطباء بعد ذلك.. وأشفقت عليك يا ابني.. فلن يكون لك أصدقاء مادمت لا تكذب. وأنا التي تشاجرت مع والدك ووصلنا إلي الطلاق. هو يريدك أن تكمل تعليمك في الأزهر مثل عمك.. وأنا رفضت رفضاً تاماً.. فأنا أريدك أن تكون مثل قريبي ابراهيم باشا عبدالهادي أن تكون وزيراً.. لابد أن تكون وزيراً.. وحاول ترتيبك الأول في التوجيهية وفي مسابقة الفلسفة فدخلت كلية الآداب قسم الفلسفة مجاناً بسبب تفوقك ولا أعرف ما الذي سوف تعمله بالفلسفة هذه. ولا أعرف ما هي الفلسفة.. إننا نشتم الناس ونقول ملعون أبو الفلسفة.. بلاش فلسفة بقي إنها شيء وحش يا ابني ولكنك أنت اللي اخترت وربنا هو اللي اختار لك هذا المصير.. وفي يوم طلب مني بابا أن أرتدي ملابسي بسرعة. ووقفت بنا السيارة أمام مدرستك ونزلت بسرعة. فهو أراد أن يراك تخطب خطبة الجمعة.. وأدهشني شجاعتك وكلامك بالقرآن والأحاديث النبوية واعترف لك بأنني تأثرت وفي نفس الوقت غضبت وحزنت فأنا لا أريد أن تخطب في الجوامع وأن تكون مثل عمك.. أبداً.. وغضبت منك وقلت لك كيف لم تقل إنك سوف تخطب الجمعة.. ولم تكررها هاها.. قالت انت سألتني أقول لك آخر حكاية..
قلت: والنبي قولي يا ماما الله يخليك قولي.. والله كلامك حلو.. قولي يا ماما.
يا ابني أقول لك.. اهو كلام وانت اللي طلبت مني. هاها مرة بحثنا عنك فلم نجدك في البيت. وتولاني الرعب أن يكون شيء قد أصابك. وعند الفجر فوجئت بإمام مسجد جدك الشيخ الباز يقول إنه وجدك نائماً في الجامع الذي به ثعابين وفئران ووجد في يدك ورقة. ولما سألك عن سر المبيت في الجامع حتي الصباح قلت له انك تشكوني إليه لأنني ضربتك.. هاهاها آدي كل الحكايات اللي عندي.. انت مبسوط دلوقت.
قلت: جداً.. والله يا ماما كلامك حلو وابتسامتك حلوة يا ماما.. فيها كثير من البراءة والخجل مع ان الذي قلتيه لا يبعث علي الخجل..
اقول لك الحقيقة يا ابني.. فيه واحدة غجرية بتشوف البخت وكلامها لا ينزل الأرض.. لما اتولدت قالت لي: الولد ده جوهرة خدي بالك منه.. وخدي بالك من اخوته يحسدونه.. ويحقدون عليه وإذا كانت له متاعب في المستقبل فسوف تكون من اخوته ومن أقاربه.. ربنا حيكرمك بالولد ده وهو أحسن من اخواته كلهم.. وهو أمانة في يدك، والأمانة وضعها ربنا سبحانه وتعالي.. وهذه المعاني لم تبرح تفكيري أبداً.. وأنا علي قد ما اقدر أحميك يا ابني من عيون الناس.. وربنا يكرمك دايماً ويكون ترتيبك الأول.. ولابد أنك لاحظت ان في كل مرة تظهر لك نتيجة تترك البيت وتذهب إلي مكان آخر خوفاً من عيون الناس.. يا ابني زي ما انت عارف أنا مش متعلمة ولا اعرف في مثل هذه الظروف إيه الواحد يعمل إيه. أنا باعمل اللي أقدر عليه.. وأنا سألت الغجرية عن الطرق التي أستخدمها لحمايتك من عيون وألسنة الناس قالت لي كل ما تظهر نتيجة تخليه يعمل عيان وتبخريه ثلاث مرات في اليوم، وسوف تبعد عنه العيون والشياطين.. وقالت لي أنا حاسة عندما يكون ابنك هذا وزيراً لن تكوني هنا لتفرحي به. قلت لها: ليه؟ قالت لأنني سأكون ميتة. ولن أراه وهو يصعد لفوق.. والله حزنت يا ابني.. كأنني دعيت علي نفسي.. أن تكون وزيراً وألا أكون ممن يسعدون بالنظر إليك لأنني سأكون قد مت. ربنا عاوز كده. ربنا يحميك با ابني لحد ما تبقي زي ابراهيم باشا عبدالهادي وأحسن منه كمان هاها.. في يوم فوجئنا بشيء وقع في المطبخ جريت أشوف إيه.. لقيتك واقع علي الأرض قد وضعت حزاماً ووضعت في الحزام سكيناً.. ووضعت علي رأسك عمامة.. وحاولت أن تخطب فوقعت بك الترابيزة وكانت إصابتك.. ولم تقل لي عن حقيقة هذا المنظر الغريب.. هاها.. لما حكيت لبابا قال لي ان الولد حيكون له شأن كبير.. فلا تخف يا ابني.. ربنا حينصفك.. وربنا يبارك لي فيك يا ابني وينصرك علي من يعاديك.. ويحميك من نفسك ومن عيون الناس.
قلت: ازاي يا ماما من نفسي.
قالت والله ده كلام بابا.. ان أخطر عدو للإنسان نفسه. غروره.. مرضه.. ضعفه.
قلت والله يا ماما كلامك حلو.. والله انت حرمتيني من الاستماع إليك. لو عرفت انك بالشكل ده كنت أرحت نفسي كثيراً فأنا في حاجة إلي من نكلمه.. نحن نعيش وحدنا يا ماما.. ولا أحد يدق بابنا وإذا حدث فزعنا.. ولكننا اعتدنا علي الثعالب التي تقفز من فوق السطوح تخطف الفراخ وكذلك العرسة.. اعتدنا علي ذلك ونسمع أصوات الدجاج وهو يقاوم الثعلب.. ويحرس كل شيء عندنا حتي يتمكن الثعلب من خنق الدجاجة فيحملها ويقفز من فوق السطوح.. ولما وضعنا الدجاج في الأقفاص كان الثعلب يجمع حبات الذرة والقمح فإذا أخرجت الدجاجة رأسها بادر وخنقها.. ويحاول أن يخرجها من القفص فلا يستطيع.. فيقوم بقطع القفص بأسنانه حتي يجد الفرصة فيأخذها ويهرب.. ولما أقمنا غرفة صغيرة للدجاج وجد الثعلب طريقة لاصطيادها وهي انه يحفر تحت الجدار حتي يصل إلي الدجاجة فيخنقها ويهرب عن طريق الجحر هاها.. هذا الثعلب غريب يجد دائماً حلاً لكل مشاكله.
وسألت أمي: ولماذا الفراخ يا ماما.
قالت: إن تربيته أرخص وأنظف.
ولكن كل يوم فرخة..
أحياناً نضحك علي الثعلب فنضع له فرخة في قفصها وحدها.. وعندما يدخل القفص يكون قد وقع في المصيدة.. وهنا يحدث يا ابني شيء عجيب.. حاجة مش معقولة سبحان الله.. يحاول الثعلب أن يخرج لا يمكن لأن المصيدة قوية إذا انقبضت علي ساقه. رأيت الثعلب يا ابني يقطع رجله.. والله يا ابني سبحان الله.. ويظل يحاول وهو يبكي أنا رأيت دموعه.. حتي يفرغ من قطعها تماماً. ويتركها ويهرب وهذا الثعلب لم نعد نراه بعد ذلك سبحان الله.. يا ابني أنا تعبت من الحكايات.. تعبت والله يا ابني هاها.. فاضل حبة حكايات صغيرة. مثلاً: حبك لاختك أفزعني وخفت عليك من ابنتي خفت انك تحبها وتشغل عن علومك.. أبداً. لا أحد يشغلك.. لا أحد.. انت أمانة من عند الله. والحمد لله.. أبداً.. تصور انت ابني وهي ابنتي.. ولكن لأنني أحبك أكتر خفت عليك أكثر. وكان من الممكن أن تجيء أختك وتعيش معنا.. ولكني رفضت وقلبي يتقطع.. وأخاف عليك من أية بنت تزورنا.. أبداً.. وأصبحت أنت تخاف من البنات أو تكرههن.. مش عارفة ولكن المهم انك لا تنشغل عن علومك وتفوقك. أبداً لن أسمح بأي شيء أو أحد يا ابني يشغلك أو يعطلك.. ويجيء لنا ضيوف ولكنك تظل وحدك في الغرفة تقرأ.. أو حتي تنام فوق الكتب واضع علي ظهرك اللحاف أنت يا ابني أخذت عني الخوف من البرد في الصيف وفي الشتاء.. بلاش يا ابني احكي لك ما الذي تفعله عندما أمرض.. يا ابني أنا لا أحكي هذا للناس خوفاً من الحسد. يا ابني أنا أبقي مريضة مرتين.. بسبب حزنك فإنني أمرض وبسبب مرضي أنا أحزن. وأنت يا ابني أنت حزين يا ابني لا تأكل ولا تشرب وتنام إلي جواري وأحياناً تنام علي الأرض بين سريري وسرير بابا.. في الصباح عندما تستيقظ أري الدموع علي خدي فأجري إلي دورة المياه وأبكي وأمسح دموعي حتي لا تراني يا ابني ربنا يبارك لي فيك.. يا ابني أنت أمانة.. أنت وديعة ربنا وضعها في قلبي وطلب مني أحرص عليك.. والحمد لله يا ابني.. وخفت عليك يا ابني وضاعف هذا الإحساس من مرضي وأنت طالب في الجامعة.. كنت مريضة وبابا أيضاً. وأنا يا ابني تنام علي الأرض بيننا فإذا قلت: آه.. ولابد أن أقول آه فإنك تصحو من أحلي نومة وتقول: مالك يا ماما.. وعاوزة اعتذر لك.. واعتدت أن أكتم عنك الآه.. وكذلك أبوك.. خفت عليك يا ابني. ولكن ربنا أكرمنا بك فكنت متفوقاً في الجامعة أيضاً.. والناس لا يعرفون عذابك اليومي ولا أقول.. رغم اننا مريضان وأنت لا تعرف النوم ولا المذاكرة فربنا يكرمك ويكرمنا بك.. وفي يوم جاءنا ضيوف وأنت دخلت بشويش ونظرت إلي زجاجات الأدوية المجاورة لسريري. ولم تصافح أحداً.. واندهشت إحدي السيدات وقالت: هوه بيبص علي إيه.. وقلت علي الأدوية التي إلي جوار سريري ليعرف ان كنت أخذت الدواء. وقلن: ما شاء الله.. أهي دي الأولاد ولا بلاش.. شوفي حب الولد لأمه.. ييجي يتفرج علي الولاد عندنا.. تقولي له اطفي النور يقول لك: ماتطفيه انت.. شوفي الأولاد.. وأقول في نفسي من شر حاسد إذا حسد.. من شر النفاثات في العقد. وأقسمت ألا أحكي شيئاً عن حياتنا المتواضعة.. ولكن فيه حاجة بتخوفني.. لأنك يا ابني ترفض زيارة قبور الأولياء.. ولا تزورهم ولا تقرأ الفاتحة عندهم.. ليه مش عارفه.. ليه يا ابني؟
أنت حافظ القرآن والقرآن بيقول أولياء الله لا خوف عليهم.. وقالوا البنت النصرانية اللي بتقعد معاها في الجامعة غيرت دينه. أعوذ بالله.. إيه صحيح يا ابني.. هيه مسيحية ولا يهودية يا ابني..
دلوقت افتكرت حادثة غريبة صاحب البيت في المنصورة كان مدرس انجليزي لك في المدرسة وكانت زوجته يهودية ومعها ابنها.. وكان يضربها ضربا عنيفا. ولا ابنها يتدخل في هذه المصيبة ولا هي تسيب له البيت وتعود إلي أهلها.. وفي يوم سمعت صراخاً لأن الرجل يضربها بعنف.. ففوجئت بأنك دققت علي الباب ومعك المقشة تريد أن تضرب هذا المدرس دون أن تعرف الست ولا ابنها ودون أن تخاف من بطش المدرس الشهير بالغطرسة والقسوة.. وبيقولوا ان السبب انه مابيخلفش.. والحمد لله ماحصلش حاجة والمدرس لم يعرف انك ذهبت لتخلص الزوجة من أظافره.. ومن الشلاليت والأقلام التي تتلقاها هذه السيدة الغلبانة.. والله يا ابني شكلها حلو.. وبيقولوا يا ابني انها جاية من بلد اسمها فلسطين وهي هربانة من إيه يا ابني؟ أنا مش عارفة.. وهي راضية بالضرب والهوان كل يوم.. وقد حاول السكان أكثر من مرة إنقاذ هذه السيدة فهددهم جميعاً بالضرب بالنار لمن يتدخل في شئونه ولذلك كل الناس يسمعون الصراخ ويلعنونه وبس.. وفي صباح اليوم التالي جاءت هذه السيدة تدق الباب ومعها ابنها وجاء يقدم هدية من البسكويت لموقفك النبيل والعظيم.. وطلبت أن تكون صديقاً لابنها.. وهو يستطيع أن يساعده في اللغة الانجليزية والفرنسية.. ودول بيتكلموا ازاي يا ابني.. الانجليز والفرنسيين لما يتكلموا بيقولوا إيه وازاي.. والله أنا جاهلة ولا عارفة حاجة.. وفي يوم كنت مع موريس وهي اسمها راشيل.. كنت أنا وهو نتمشي علي النيل ورآكما هذا الرجل الشرس.. أما موريس فأحني رأسه عندما رآه.. وتركني وعاد إلي البيت. وحكت لي ما حدث وخفت عليك من هذا الرجل المخيف.. أما موريس فابتعد عنك تماماً. وهو مثلك قاعد في البيت مع أمه ويساعدها في ترتيب وغسل وكنس البيت وفي الطهي أيضاً. وعندهم كتب كثيرة يا ابني.
وانت عرفت ازاي ان عندهم كتب.. ما أنا زرتها الست الطيبة دي.. وشقتها زي الفل. كل حاجة فيها تلمع وعندها ستائر علي الشباك.. وكل شيء نظيف جداً جداً.. والمطبخ زي المراية. حاجة جميلة جداً والرجل الشرير بيضربها ازاي ربنا ينتقم منه. كل الناس تلعنه ليلاً ونهاراً إذا جاءت سيرته.. إن الدنيا كلها تعطف علي هذه الست الغلبانة وابنها.
قلت: هل أطلب منه بعض الكتب أقرأها وأعيدها.
قالت: أخاف عليك من المدرس الذي لا يريد أن يعرفه أحد ويعرف الضرب والزعيق والصريخ.. كل يوم.. أنا سألت الست راشيل قالت حاجات يا ابني مش معقولة.. لو وجد الشبشب في مكان غير المكان بتاع امبارك.. لو وجد صابونة أصبحت صغيرة فلماذا لم تبعث ابنها ليشتري صابونة جديدة.. ياويلها وسواد ليلها إذا كان الطعام من غير ملح.. أي تترك له الحرية في أن يضع القدر الذي يريده لأنها لا تعرف بالضبط ماذا يريد.. فمرة يقول لها الملح زيادة ولابد من علقة.. أو الملح ناقص ولابد من علقة وأخيراً قالت له ضع الملح اللي يعجبك فكانت علقة لأنه ماعندوش وقت يفكر في حكاية الملح.
قلت: يضربها ازاي يا ماما..
قالت: والله يا ابني يضربها بالقلم أو بالشلوت أو الشبشب علي جسمها.. وأنا رأيت علامات الضرب في ظهرها وعلي ذراعيها وكتفيها.. وهو يريد أن يضربها علي وجهها ولكنها تحتمي في ذراعيها حتي لا يصيبها بعاهة.. أو يفقأ عينيها.. أعوذ بالله.. هو ده اللي انت عاوز تعرفه يا ابني.. قلت لك كل اللي عندي.. وربنا يحميك يا ابني.
قلت: شكراً يا ماما.. وإلي لقاء آخر.. هاها.
قالت هاها.. والنبي انت ضحكتني وأنا لسة عندي كلام.. يمكن عاوز اقول لك عن أخوالك وخالاتك وجدك ليس دلوقت يا ابني.. وربنا يبارك فيك يا ابني.
شكراً..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.