اختلف مع من ينتقد تصريحات وزير قطاع الأعمال العام هشام توفيق ويصفها بالصادمة. فليس هناك أي صدمة فيما يقوله الوزير من أنه يملك الشجاعة لتصفية الشركات التي يصعب إصلاحها. وإنه بصدد دمج العديد من شركات الغزل وضم عمالها، وإخراج البعض للمعاش المبكر. وإنه أنتهي من حصر 205 قطع أراضي غير مستغلة، لتسليمها للمطورين العقاريين. وإنه يفخر بتغيير نشاط 36 قطعة أرض من نشاط صناعي إلي نشاط عقاري. ومنها 30 فدانا مملوكة لشركة الحديد والصلب، سيتم تحويلها إلي نشاط سكني.. وإن حصيلة البيع ستوجه لإصلاح الشركات ولتسديد مديونياتها، والفائض لموازنة الدولة. لم تصدمني التصريحات، لأنها صورة طبق الأصل من روشتة الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار في حكومة أحمد نظيف. ولكن ماصدمني أن الوزير لم يطلعنا (قبل أن يطبق روشتة التطوير التي يتبناها) علي النتائج الكارثية التي ظهرت علي أرض الواقع، بعد تنفيذ نفس الوصفات في زمن نظيف. الحقيقة أن الحكومة وقتها كفاتح للشهية قامت بتنفيد 18 عملية بيع أراض وأصول غير مستغلة في الشهور الثلاثة الأولي من عام 2005/2006. وكانت هذه الصفقات تعادل ثلاثة أضعاف ما تم بيعه خلال العام السابق بأكمله. وخلال الأعوام التي تلت 2004 وحتي 2009 بلغت حصيلة بيع الشركات، والأراضي والأصول غير المستغلة، ومساهمات المال العام في الشركات المشتركة 38 مليار جنيه. وهو ما اعتبرته الحكومة إنجازا هائلا طبقا لتقرير »أداء وزارة الاستثمار» بالرغم أن العديد من الأصول كانت عنابر ومخازن تستخدم بالفعل، إلا أن قيادات الشركات كانت تضمها استجابة للوزيرأو ربما خوفا منه أو تملقا له، وليس هناك من يضمن ألا يتكرر ذلك في الوقت الحالي. وكانت الحكومة وقتها تملك أيضا شجاعة التصفية وهو ماطبقته علي 10 شركات للصباغة، والتليفزيون، والنقل،والدباغة، والسيارات، والزجاج، والصناعات المعدنية. ولكن هل نجحت تلك الروشتة في إصلاح الحال المايل لقطاع الأعمال؟. التقرير ذاته يذكرنا بأن ماتم صرفه علي الإصلاح الفني والإداري وحل الاختناقات المالية لمدة 6 سنوات تنتهي في 2010 لم يزد علي 3.8 مليار جنيه. وعلي برنامج إصلاح الغزل والنسيج 457 مليون جنيه. والمعاش المبكر 2.7 مليار جنيه من صندوق إعادة الهيكلة. أما بقية الحصيلة تم صرفها علي تطهير مصرف كتشنر بكفر الشيخ، وتوسيع كوبري قليوب، وإنشاء كوبري قرية الأحايوة بسوهاج، وتنفيذ طريق الصعيد البحر الأحمر. والخلاصة أن الروشتة لم تصلب عود الشركات التي خسرت أصولاً إنتاجية، وملايين الأمتار من أراضيها، وكأنهم يصرون علي إغلاق الباب أمام أي توسع صناعي في المستقبل. ويتغافلون عن أن الأراضي والأصول تم تركها دون استغلال بالقصد والترصد لإبقائها علي حالها، من أجل أن يأتي من يري في بيعها فرصة عقارية لبناء ناطحة سحاب، أو مول تجاري، أو مدينة ملاهي.