لم يكن أحد يتوقع أبدا أن تنتهي مباراة الاهلي ومونانا الجابوني بمأساة أخلاقية من فئة قليلة من جماهير الاهلي، أو بعض ممن يدعون انهم جماهير الاهلي، ستؤدي نتائجها الي عودتنا للمربع رقم صفر في قضية عودة الجماهير واللعب علي أرض ستاد القاهرة، فالأمن كان قد وافق علي بدء عودة الجماهير ولو بنسب محدودة في المباريات المقبلة، علي ان يزداد عدد هذه الجماهير المباراة تلو الاخري، كما ان هذا اليوم نفسه شهد افتتاح بطولة افريقيا للكرة الطائرة بمقر النادي الاهلي بحضور جماهيره، وهو ما اعطي مؤشرا ايجابيا لانفراج الازمة تماما وبدء عودة الجماهير للمدرجات بكامل طاقتها علي مدار الاسابيع القادمة. ولكن يبدو أن هناك مخططا محكما لافساد كل المحاولات التي تبذلها الدولة بمساعدة ادارات الاندية واتحاد الكرة المصري، من أجل البهجة والسعادة وهي وجود الجماهير في مختلف الملاعب الرياضية، وخصوصا اننا نسمع ونقرأ كل يوم عن اهمية ان تكون المدرجات ممتلئة في كل المباريات وان الجماهير هي بهجة الملاعب وان وجودهم يعطي انطباعا ايجابيا وجيدا عن مصر، وهو للامانة ما سعت إليه كل أجهزة الدولة، ولكن وبكل أسف مع كل اختبار حقيقي ترسب الجماهير وتؤخرنا لسنوات طويلة. والغريب أن السلوك الشاذ الذي يتمثل في تحطيم الكراسي وإفساد المنشآت، ثم الهتافات السياسية غير المصرح بها أصلا في كل ملاعب العالم والايحاءات التي تصدر من البعض، ناهيك عن العنف غير المقبول، والذي أدي في بعض الاحيان الي سقوط وفيات، حتي جاءت الكارثة الكبري في بورسعيد بسقوط 72 قتيلا كانوا ضحية للتعصب والغباء اللامقبول، والذي وصل بنا في النهاية الي مأساة مازالت الكثير من بيوت مصر تبكي بسببها. ما تفعله الدولة الان لاظهار العين الحمراء والضرب بيد قوية، كان من الواجب ان يتم منذ زمن بعيد من أجل القضاء علي كل مظاهر الانفلات والتسيب التي غزت بشدة ملاعبنا الرياضية، وما نقرأه عبر السوشيال ميديا وبعض الصفحات من هجوم علي مجلس ادارة الاهلي يجب ألا يهزهم علي الاطلاق، بل علي العكس المطلوب منهم ان يضعوا يدهم في يد الدولة لنبدأ مرحلة الاصلاح والاحترام ومعرفة الحقوق والواجبات لكل اطراف المنظومة، حتي نلحق بالجماهير المحترمة في كل انحاء العالم، وإلا فلن نلوم الا انفسنا عندما نجد ان المدرجات دائما خاوية، ويصرخ الجميع عن ضرورة عودة الجماهير بلا جدوي. ودعونا نؤكد ان الحل بسيط وسهل للغاية، فالدولة اصدرت قانون الرياضة الذي يحتوي علي مواد رادعة للشغب داخل الملاعب، بالاضافة الي قانون العقوبات المصري والذي يشمل كل شيء، لذلك فمن غير المقبول ان نصدر القوانين ثم لا ننفذها، وهو ما يعطي للمشاغبين الفرصة دائما للخروج عن النص والاستمرار في الشغب ومخالفة القانون ليس في الملاعب فقط بل في كل الاتجاهات. يجب من الآن وبسرعة توضيح مواد القانون للجميع، حتي يعلم اي مخالف عقوبته بوضوح، ويجب علي ادارات الاندية ان تقف في وجه هذا الشغب وألا تخشي اي الحملات الموجهة، ويجب علي اللاعبين ان يعرفوا ان جماهيرهم بالملايين، ولا يقتصروا علي هذه الفئة فقط، وانهم من العيب كل العيب ان يخشي الجميع غضبهم في الوقت الذي يقولون فيه ان الجماهير بالملايين. الان وليس غدا يجب ان نبدأ لازالة هذا الورم من جسد الرياضة المصرية وإلا فسينتشر ويتوغل، ويومها ستسقط الرياضة المصرية جثة هامدة بسبب هؤلاء المشاغبين.