الخطير الذي يحدث في الشركة القومية للأسمنت حاليا، ليس فقط حالة اليأس التي انتابت ما يزيد علي 1000 من عمال الشركة، جراء تدهور أوضاعها، وتخسيرها ما يقرب من مليار جنيه . وهو ما اتخذته الإدارة ذريعة لتخفيض أجور العمالة، والإسراع في تجهيز لائحة للمعاش المبكر في مدة لاتتجاوز شهرين. وهو ماأكد للعمال صدق تخوفاتهم من تكرار ذات السيناريو الذي حدث مرارا في السابق عند الشروع في خصخصة الشركات. وإزاء ذلك لم يجد العمال سوي الإعتراض بوقفات جماعية أمام الإدارة حتي أول أمس. ولكن الأخطر هو حالة التجاهل من جانب الدولة، لما آلت إليه تلك الشركة الوحيدة التي تملكها في قطاع الأسمنت، بعد أن تخلت طواعية عن كل الشركات الأخري. وتركت السيطرة عليه في يد الشركات الأجنبية. وأكتفت بنصيب لايزيد عن 3.4% من السوق، وهو إنتاج القومية للأسمنت. ولذلك لم يكن من المستغرب ماقاله لي العشرات من عمال الشركة، بإنهم لم يعد لديهم ثقة فيما يقال من الدولة عن إصلاح قطاع الأعمال. وبالفعل لديهم تساؤلات مشروعة أولها سر صمت الدولة عن قرار المسئولين بوقف أفران مصنعي الثالث والرابع وبالتالي وقف إنتاج الأسمنت تماما. بعد أن تكلف تجديدهما 1.1مليار جنيه. ولم يعملا إلا لعام واحد قبل إيقافهما. وهو الإجراء الذي أنتقده جهاز المحاسبات . والذي اعتبره عبد المنعم الجمل رئيس النقابة العامة للعاملين بصناعات البناء مخالفا للقانون الذي ينص علي إجراءات تسبق وقف النشاط. والتي تغافلها المسئولون بالشركة. ورأي رئيس النقابة »أن رئيس الشركة القابضة أضر بالمال العام، وأوقف النشاط مفسحا الطريق للشركات المنافسة لتسهيل الإستيلاء علي السوق» تبعا لبلاغ تقدم به. وأورد فيه أن وزير قطاع الأعمال ورئيس الشركة القابضة تجاهلا اقتراح النقابة بإعادة التشغيل بإستخدام المازوت بدلا من استمرار الإيقاف. وقال لي رئيس النقابة إن وزير قطاع الأعمال ورئيس الشركة القابضة يستوجب عليهما تحويل المفسدين للنيابة بعد أن تكبدت الشركة مايزيد عن المليار من أجل زيادة الإنتاج، فحقق التطوير خسائر للشركة. ومع ذلك لم يتم التحقيق مع شركة أسيك التي تم إسناد عملية التطوير لها. وألمح الجمل في حواره معي إلي أن تضارب المصالح هو ماعطل إجراء تحقيقات في تلك العملية. حيث إن شخصية رفيعة المستوي كانت ضمن من وقع علي العقد من جانب شركة أسيك. ويبدو أن ملف الشركة عامر بإتهامات عديدة، حيث شاب العقد بين الشركة القومية وشركة (fls) التي تولت الإدارة الفنية بعض المخالفات. وهو ماكشف عنه جهاز المحاسبات وكذلك » بيع 400 ألف طن كلينكر بسعر 510 جنيهات دون إجراء مزايدة أو عروض أسعار مما حقق خسارة كبيرة للشركة.. والحقيقة أن مايحدث في القومية للأسمنت يكشف بجلاء أن العمال وحدهم هم من يدفع ثمن الفساد بينما يفلت من يرتكبه.