أثارت التطورات المتلاحقة علي مدار الاسبوع الماضي في منطقة الخليج العربي، وبخاصة البحرين، العديد من التساؤلات حول مستقبل هذه المنطقة الغنية بالنفط. فلأول مرة في تاريخها تعلن البحرين حالة الطواريء في البلاد والتي مكنتها من تفرقة المتظاهرين من ميدان اللؤلؤة. تواكب ذلك مع إرسال السعودية والإمارات لقوات من "درع الجزيرة" لمساعدة القوات البحرينية في استتباب الأمن في البلاد. فبعد يوم دام استخدمت فيه قوات الامن البحرينية الغاز المسيل للدموع و الرصاص المطاطي لتفريق المتظاهرين الذين قاموا بقطع الطريق الرئيسي للمنطقة المالية وتعطيل حركة المرور هناك، استنجدت الاسرة الحاكمة في البحرين، الاثنين الماضي، بالسعودية ودول المجلس لمد يد المساعدة وارسال قوات دعم. وعلي الرغم من أن المهام المنوطة بهذه القوات تقتصر علي حماية المرافق والمنشآت الحيوية في البلاد إلا أن وجودها أثار جدلاً واسعاً ما بين مؤيد ومعارض. المؤيدون يرون ان التدخل السعودي يستمد شرعيته ليس فقط من كونه جاء استجابة لنداء الاسرة الحاكمة في البحرين ولكن لكونه يأتي تحت مظلة اتفاقية الدفاع المشترك لدول التعاون الخليجي التي تتصدرها السعودية وتضم كلا من البحرين والكويت وقطر واليمن و الامارات وعمان. أما المعارضون ويتصدرهم بالطبع المتظاهرون الشيعة في الداخل فيلبسون الوجود العسكري السعودي والخليجي ثوب المحتل ويرون فيه اعلاناً للحرب. إيران من جانبها لم تأل جهداً في إعلان رفضها للتدخل السعودي واستعمال العنف ضد المتظاهرين الشيعة ، وهو ما اعتبرته البحرين تدخلاً في شأنها الداخلي . والحقيقة انه بالنظر للأمور بعين المنطق نجد ان الوجود الخليجي في البحرين لايعدو ان يكون رمزياً ، فاجمالي عدد أفراد الجيش البحريني حسب مجلة السياسة الدولية 30 الف جندي ومثلهم من قوات الأمن وارسال ما لا يتجاوز الالف وخمسمائة جندي، بالاضافة لبعض القوات الرمزية من قطر والكويت، لن يؤثر بأي شكل من الأشكال علي ميزان القوة في البحرين. من هنا فإن الوجود العسكري الخليجي لا يعدو ان يكون مناورة فسرها البعض علي أنها امتداد لدور "شرطي المنطقة"، بينما فسره البعض الآخر علي انه رسالة معنونة لإيران مفاداها اننا موجودون ولن نسمح بإسقاط النظام في البحرين. سقوط النظام السني في البحرين لصالح الشيعة كما كتب المحلل مايكل بيرنبام في صحيفة الواشنطن بوست يمثل تهديداً لكل من أمريكا والسعودية بشكل خاص ودول الخليج بشكل عام. بالنسبة لأمريكا يعد النظام البحريني الحالي أحد أكبر حلفائها في المنطقة وهو الذي يحافظ علي أسطولها الخامس الرابض في المياه البحرينية لدعم الوجود الامريكي في أفغانستان. أما بالنسبة للسعودية فإن سقوط النظام السني واستبداله بنظام شيعي من شأنه أن يضع لإيران موضع قدم عند حدودها الشرقية ويفتح أمامها بوابة الخليج علي مصراعيها. لكن بعض المحللين في مجلة السياسة الدولية أبدوا تخوفهم مما يمكن أن يترتب علي هذا التدخل الخليجي علي المستوي الداخلي والخارجي. علي المستوي الداخلي قد يقود ذلك الي تعنت المعارضة البحرينية ودفعها لرفض مائدة التفاوض التي دعاهم اليها ولي العهد البحريني الامير سلمان والعامرة بالامتيازات غير المسبوقة والتي شملت مجلس نواب كامل الصلاحيات، حكومة تعبر عن إرادة الشعب، دوائر انتخابية عادلة، محاربة الفساد المالي والاداري ومعالجة الاحتقان الطائفي. أما علي المستوي الخارجي، فتتجسد المخاوف من ان تتخذ إيران من هذا التواجد الخليجي لحماية النظام السني ذريعة للمطالبة بتواجد مماثل لحماية الاغلبية الشيعية في البحرين و التي تمثل ثلاثة أرباع السكان، وهكذا تتحول البحرين الي ساحة سجال بين إيران وجيرانها الخليجيين.