»لقد راهنت عليك...» جملة قالها السيد الرئيس لنظيره الأمريكي في لقائهما قبل أسابيع أثناء زيارته الرسمية للولايات المتحدة؛ والتي تعد في يقيني زيارة غير مسبوقة علي كل المستويات. وقد حققت كل المخطط له من الجانبين المصري والأمريكي؛ علي الاقل حدث نوع من الترميم الصحيح للعلاقة الاستراتيجية كخطوة اولي ثم استتبعت بتقديم رؤية عميقة وإيجابية من الطرفين واختتمت بإتفاق تاريخي يتضمن مد جسور وشرايين جديدة وتوفير كل أجواء وادوات الدعم التي تضمن البعث من جديد لعلاقة كانت مصابة بالترهل أحيانا والقطيعة غالبا. .. واذا كان السيد الرئيس قد راهن علي الرئيس ترامب فقد راهنت - شخصيا - علي الإثنين؛ فقد ذكرت مرارا عبر كل وسائل الإعلام عن السيسي ونحن بصدد تقييم 30/6 من لحظاتها الأولي أننا امام شخصية فريدة تولد معها الزعامة فهو يمتلك كل مقوماتها؛ وتحديدا تنبأت به زعيما وقادرا علي قيادة مصر والمنطقة وربما العالم إلي طريق التغيير؛ وقد كسبت الرهان وهاهو يثبت بمرور الزمن أنه يتمتع بملامح زعيم يستحقها ويديرها ويستثمرها بحب وأمانة وإخلاص للوطن ولغيره من الأوطان.. ومع بداية ظهور ترامب كمرشح محتمل للحزب الجمهوري كانت التعليقات سلبية عنه وقد أكدت واستعملت مصطلح جديد فقلت » إنتبهوا لهذا الرجل وللظاهرة الترامبية القادمة حتما » وكانت تعليقات البعض تجاه ما اقوله جميعها تصفني بغير ما أثبتته الأيام؛ وقد كسبت الرهان علي الرجل الثاني؛ أقصد ترامب..وأعتقد انني في كل مرة ومع كل منهما كنت اقدم ادلتي التي تمثل حيثياتي في التنبؤ بمستقبل هذين الرجلين الذي هو في الحقيقة رؤية لمستقبل أكثر منها أي شيء آخر.. أخلص إلي أن الواقع الذي عشناه للآن أكرمنا بصدق الرؤية ونجحنا في رهاناتنا؛ والأهم أن الرهانات كانت علي رجلين يقينا سوف يتمكنان من تغيير وجه العالم؛ وليس في ذلك مبالغة مطلقا؛ ومن حسن حظنا أننا سوف نكون شهوداً علي هذه الحقبة.. ذهب السيد الرئيس وهو واثق من القادم؛ والقادم حتما كله الخير لنا وللدنيا كلها؛ وقد سبقته إلي واشنطن أخبار عن إنجازات عظيمة وواضحة علي مستوي مكافحة الارهاب وهوالملف الذي يحتل بؤرة اهتمام أمريكا والعالم بأكمله؛ وكذا البنية السياسية والاقتصادية؛ وما حققه مع القوات المسلحة ليس ردا علي ضلال وظلام أصاب الإدارة الامريكية السابقة فحسب ولكن بدوافع وطنية تتواءم بوعي مع مستقبل تم إستشرافه بقراءة صحيحة وتقدير موقف سليم؛ وايضا ذهب وخلفه اكثر من سبعين دولة يمثلهم في قارتين - الدول العربية والأفريقية - وقد حظي بتأييد واسع لرؤاه في القضايا التي تهمها وتؤرقها؛ المهم أنه ذهب ولديه كل المقومات التي تؤهله للحديث بقوة؛ هذا فضلا عن » كيميا » غير متعودة ولا مسبوقة في الثقافة الغربية؛ فالغرب لا يعرف سوي المصلحة ودائما الأحكام الشخصية المرتبطة بالعواطف تنحي جانبا؛ وكان الرئيس الأمريكي وأركان إدارته عند حسن الظن؛ فقد حولوا الزيارة لما هو أبعد واعمق وأوسع علي كل الأصعدة؛ فكان ملف الدعم الاقتصادي والعسكري والمعلوماتي؛ وملف الارهاب؛ وصفقة القرن التي أتوقع أن ينجحا فيها والمتعلقة بملف السلام الدائم والشامل والعادل بين الفلسطينيين والاسرائيليين. والحقيقة أنني قد لا أبالغ إن توقعت دورا مصريا مستحقا في مجال الأمن الإقليمي بمعناه الواسع؛ وهو أمر كبير وهناك متطلبات استراتيجية لأدائه قطعا وتكلفة عالية أري أن أمريكا قادرة علي تحملها ومعها دول أخري شقيقة وصديقة؛ وفي نفس الوقت مصر بدورها جاهزة قيادة وشعبا.. ودعوني ارد بهذه المناسبة علي بعض الخبثاء الذين يذكرون بأوباما ذاك الثعلب الذي تمكن من خداعنا بلونه وإسمه وخليط ديانته وجملة »السلام عليكم» في جامعة القاهرة؛ اقول لهؤلاء بأن اوباما شأنه شأن كل من سبقوه من رؤساء لأمريكا جميعهم تقريبا صناعة مؤسسات عسكرية أو مخابراتية وعليهم دين في رقابهم للمنظمات اليهودية والصهيونية؛ أما ترامب فهو رجل اعمال بكل ماتتطلبه هذه المهنة من سمات ولم يكن في حاجة ليسجل فاتورة وتترك ليسددها غيره من اليهود أو غيرهم؛ ولذلك نري ترامب اكثر قدرة علي الحركة حتي لو كانت حركته لم تنتظم للآن؛ وليطمئن المشككون؛ ففي كل الاحوال مصر لن تخسر شيئاً؛ فالدور المطلوب يلائم مصر ولدينا قيادة مدركة ومؤمنة وواثقة في نفسها وتراهن علي طريق الأمل الذي سلكته منذ ثلاثة أعوام بثبات. الخلاصة.. أننا بهذه الزيارة وما افرزته من نتائج وآثار فورية واخري يرتب لتنفيذها قد سجلنا كأمة عظيمة يقودها زعيم نحبه ونثق فيه وفي امكاناته هدفا عظيما لن نجني من ورائه سوي الخير لنا وللمنطقة العربية وللقارة الافريقية؛ ولسوف يتوقف الطامعون والطامحون من الآن ويلزمون حدود أقدارهم التعيسة؛ فقد عادت مصر وأشرقت شمسها من جديد لتكفي الدنيا خيرا وأمانا؛ فقد نسي البعض انها أم الدنيا واقتربت من أن تكون »أد الدنيا»..