منذ وطئت قدم ترامب البيت الأبيض وهو لم يدخرجهدا ووقتا لتحقيق احلامه القديمة ورؤيته العنصرية لحل صراعات العالم او بالأحري لتأجيج صراعات العالم من أجل تحقيق مكاسب أكبر وفقا لمنطقه كرجل أعمال ستنتعش حسابات خزينته كلما باع المزيد من الأسلحة وعقد المزيد من الاتفاقيات المربحة. وفقا لهذه الرؤية كانت زيارته للسعودية التي أبرم خلالها اتفاقيات تقدر قيمتها ب 400 مليار دولار وفعل الشيء نفسه مع الإمارات التي يرتبط معها بعقود استثمارات من قبل ان يصبح رئيسا ومع أول أزمة سياسية وقعت بين دول الخليج وقطر ظهرت حقيقة ترامب الذي أوهم شركاءه العرب بأنه يقف في صفهم واتهم قطربأنها تمول الإرهاب في الوقت الذي وقع معها اتفاقا لبيع طائرات اف 16 بالاضافة لاتفاقيات أخري جعلته يصدر خطاب شكر قبل أيام لقطر علي جهودها في محاربة الإرهاب. ولم يخجل ترامب من الاعتراف بابتزازه للعرب فهو من قال :ان هناك دولا غنية عليها أن تدفع فاتورة ما أسماه أمن واستقرار المنطقة. ولم يظهر ترامب عداء لأحد كما فعل مع الفلسطينيين والعرب والمسلمين عندما خرج معلنا للعالم أن القدس عاصمة لإسرائيل وأن الفلسطينيين عليهم الإذعان لرغباته ورغبات إسرائيل وإلا قطع عنهم الأموال الأمريكية. وقررت أمريكا تقديم 60 مليون دولار للأمم المتحدة من أجل بعثتها في فلسطين الاونروا واقتطعت 65 مليون دولار اخري تحت مسمي » اعتبارات مستقبلية» والمقصود هو إجبار السلطة الفلسطينية للجلوس علي طاولة المفاوضات وإبرام سلام علي الطريقة الترامبية التي تقضي بنقل الفلسطينيين إلي بورتريكو أو سيناء. وتساءل ترامب لماذا تدفع أمريكا الملايين للفلسطينيين ورغم ذلك لا تلقي التقدير أو الاحترام؟ وكان عليه ان يسأل نفسه أولا لماذا قد يحترم العالم أمريكا التي انتقلت من تمثيل دور شرطي العالم إلي بلطجي العالم الذي ليس له أخلاق أو مبادئ ويشعل كل أزمات العالم من أجل مصلحته الخاصة. وقد يجيب الفيتو الأمريكي الذي استخدمته لعرقلة قرار مجلس الأمن بشأن القدس عن حقيقة أمريكا وحقيقة ترامب. ورغم أن القرار جعله في معزل عن العالم لم يتراجع عن قراره ولن يتراجع طالما أن العرب منشغلون بأزماتهم الداخلية وصراعاتهم الإقليمية. أما الفلسطينيون فقد دفعهم ترامب في اتجاه واحد وهو المقاومة لأنه لم يعد لديهم شيء ليخسروه بعد عقود من المفاوضات العبثية التي كانت ترعاها أمريكا كما ترعي الذئاب الغنم. وحان وقت تحقيق الأحلام الإسرائيلية كما يريد صهره جاريد كوشنر الممول الأول للمستوطنات الإسرائيلية. وأمام قرارات منظمة التحرير الفلسطينية بتعليق الاعتراف بإسرائيل وإلغاء كل الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين، الجميع ينتظر أحداثا استثنائية وليس ردود أفعال تسجل كمواقف دبلوماسية. فلم يعد هناك مغزي من الحديث عن الدبلوماسية فالدبلوماسية الأمريكية نفسها لم تعد موجودة بفضل ترامب. ولكن صفقاته هي الموجودة وفي طريقه لعقد المزيد منها مستغلا كل أزمات المنطقة. وكما وعد ترامب في السنة الأولي لحكمه بأن هزيمة داعش ستكون أولوية قصوي بالنسبة له علي اعتبار أن التواجد الأمريكي في المنطقة أصله محاربة الإرهاب وليس صناعة الإرهاب. فإن العام الثاني له سيحمل المزيد من الارتباك والتناقض.