رأى الكاتب البريطاني جدعون راخمان أنه من غير المفيد تصنيف أحد السياسيين على أنه فاشي. ورصد راخمان –في مقاله بالفاينانشيال تايمز- وصْف عدد من أبرز المعلقين السياسيين الأمريكيين للمرشح الجمهوري دونالد ترامب ب" الفاشي"... وتساءل الكاتب، عما إذا كان ترامب يستحق الوصف فعلا؟ وإذا كان ذلك كذلك، فهل تبيت أمريكا على شفا انتخاب "فاشي" رئيسا لها؟ - علي حد تعبير الكاتب. وقال راخمان : إن معلقين مختلفين قد أشاروا إلى أوجه مختلفة من حملة ترامب في تبريرهم لوصفه بالفاشي؛ ومن هؤلاء المعلقين أندرو سوليفان في مجلة الأتلانتيك والذي يقول إن ترامب قد انتهك المعايير الأساسية للديمقراطية الليبرالية حين هدد بسجن خصومه ورفض احترام استقلالية القضاء ورفض التعهد بقبول نتيجة الانتخابات ودافع عن التعذيب وأظهر عداءً للصحافة ودعم نظريات المؤامرة واقترح تدشين قاعدة بيانات للمسلمين، بينما حظر على معظمهم دخول البلاد. وأضاف راخمان : إن روبرت كاجان (أحد المعلقين السياسيين الأمريكيين ) رأي ، أن الفاشية لا تتحقق عبر سياسات معينة وإنما عبر تمجيد القائد القوي، مشيرا إلى أن الفاشية الإيطالية والنازية والفرانكوية قد تختلف فيما بينها أيديولوجيا ولكن يجمعها تمجيد القائد القوي، كما أن الفاشية الناجحة لم تتمثل في سياسات وإنما في فكرة الرجل القوي، القائد الذي يمكن الوثوق بمصير الأمة بين يديه. ويشير كاجان - حسب مقال راخمان - إلى تصريح ترامب بالقدرة على حل أية مشكلة أيا كانت – كان ذلك في مؤتمر ترشيح الحزب الجمهوري له حيث جمع كافة المشكلات التي يفترض أنها تعرقل أمريكا، قبل أن يضيف – "أنا وحدي أستطيع حلها"... ويراهن كاجان على أن السمات الفاشية التي أظهرها ترامب حتى الآن هي عُرضة للتضخم والإنفجار إذا ما فاز في الانتخابات المقررة بعد غد الثلاثاء. ويقول الكاتب : إن روبرت رايش، أستاذ السياسة ووزير العمل الأمريكي الأسبق، يصف ترامب بأنه "الفاشي الأمريكي للقرن الحادي والعشرين"، ويشير رايش إلى تمجيد ترامب للقيادة القوية، فضلا عن التعصب للقومية والعنف الكامن في تحركه، هذا بالإضافة إلى أن "محتوى ما يقوله غير مناسب تماما، لكن هو الأسلوب." أما مجلة الإيكونوميست - حسب المقال - فهي لم تر فكرة تمجيد القائد القوي كافية لتصنيف ترامب بالفاشي، وتقول المجلة إن الظاهرة الترامبية تختلف في أوجه مهمة عن فاشية الثلاثينيات من القرن الماضي، ومن تلك الأوجه: أن الحركات الفاشية كانت تستهوي الشباب على عكس الظاهرة الترامبية التي تروق للطاعنين في السن، وربما كان هذا هو السبب وراء تطلع الحركات الفاشية قديما إلى المستقبل وتمجيدها للحداثة، بينما يبدو المستر ترامب محاولا دائما العودة للوراء لحقبة الخمسينيات. واستطرد راخمان قائلا : وليس أفضل من روبرت باكستون، الأستاذ في جامعة كولومبيا ومؤلف كتاب "تشريح الفاشية"، للإدلاء برأيه في هذا الصدد: وقد صرح باكستون، في شهر مارس أي قبل حتى أن يؤّمن ترامب ترشيح الحزب الجمهوري له– صرح باكستون بأن "أسلوب ترامب يحمل طابعا فاشيا، إذ يشجع العنف ويهاجم عدوا داخليا ويقول إن النظام متعفن ويحتاج إلى شخص خارق ليصلحه، وفي استخدامه شعار "سنجعل أمريكا عظيمة" الذي يذكر بشعار "سنجعل ألمانيا عظيمة". ويشير باكستون - حسب المقال - بالخصوص إلى مهارة ترامب في استخدام أداة فاشية تقليدية هي مغازلة الجماهير الحاشدة الغاضبة التي شعرت أن أحدا آخر غيره لا يتحدث إليهم... وهو (ترامب) في هذا الصدد يشبه موسوليني. وخلص صاحب المقال، راخمان، إلى أنه لا يزال يبدو صعب التصديق أن الآراء الآنفة هي عن شخص يقف الآن على بعد خطوات من البيت الأبيض ومنصب الرئاسة... وحتى إذا لم يفز ترامب في الانتخابات، فإن شعبيته غير العادية تثير قلقا بشأن الحالة النفسية للشعب الأمريكي، فليست إمكانية وجود "هتلر" بالأمر المرعب وإنما المرعب حقا هو أن كثيرا من الناس يبدون راغبين سرًا في قدومه.