كشف الواقع الثقافي في الفترة الأخيرة، عن وجود قوي شبابية جديدة، تشارك بقوة في الحراك الثقافي من خلال وجود مميز في مجال القصة والرواية والقصيدة والترجمة أيضا ..إبداعات متعددة قدمها الشباب وحدهم بعيدا عن المؤسسات الثقافية من النشر والابداع والكتابات الجديدة التي تروي تجاربهم، وقد التقينا بمجموعة من شباب الناشرين والمبدعين الجدد علي مدي الأسابيع الماضية، وفي هذا الأسبوع نتوقف عند المترجم الشاب الذي يخوض عوالم إبداعية جديدة بمفرده في عالم الترجمة إلي لغات جديدة لم تكن علي قائمة الترجمة من قبل مثل اللغة الصينية والاسبانية والإيطالية وغيرها من اللغات النادرة التي لم يكن لدينا بها معرفة من قبل . الترجمة هي الابداع الموازي للنص، وهي النافذة التي نطل منها علي عوالم الابداع الأخري، وإذا كان هناك رواد في الترجمة أمثال سامي الدروربي للأدب الروسي وصالح علماني للأدب أمريكا اللاتينية ود. محسن فرجاني للأدب الصيني، فقد أصبح لدينا شباب من المترجمين إلي هذه اللغات وغيرها من اللغات الأخري النادرة يعملون بدأب دون ضوضاء وها نحن نلتقي بالبعض منهم. -إسلام فوزي -26 عاماً- مترجم إيطالي اسلام يعمل معيدا في كلية الالسن يروي حكايته مع الترجمة قائلا :»كان أول عمل قمت بترجمته من أجل النشر ينحصر في مجموعة من المقالات التي كانت تكتبها صحفية إيطالية مقيمة في القاهرة عقب أحداث ثورة يناير وقد اتفقنا علي ترجمة هذه المقالات في كتاب باللغة العربية وقد نشر الكتاب بعنوان »يوميات صحفية إيطالية» وقد كان التواصل في بداية الأمر بيني والصحفية الإيطالية چوڤانّا لوكاتيلّي. ثم تواصلت مع الناشر شريف بكر، مدير العربي للنشر للتوزيع وبعد نشر هذا الكتاب الأول الذي صدر في عام 2015، تم الاتفاق علي التعاون في كتب أخري.وعن طريق معرض تورينوللكتاب في إيطاليا اقترح علي شريف بكر مجموعة عناوين للترجمة منها ووقع الاختيار علي رواية »الحب لم يعد مناسبًا» للكاتبة ميلا ڤينتوريني وقد استغرقت الترجمة أكثر من عام كي تخرج بصورتها النهائية. الترجمة العكسية أي من اللغة الأم إلي اللغة الأخري دائمًا ما ينظر إليها وكأنها أمر غير وارد بالمرة، لكنني أري أنه ليس من السهل الحكم علي الأمر ببساطة فهناك عوامل مختلفة يجب النظر إليها مثل اللغة الهدف التي يتم الترجمة إليها ومدي صعوبتها. ومن وجهة نظري إن أولي خطوات الترجمة هي الفهم الصحيح والجيد للغة التي نترجم منها، وفي كثير من الأحيان يقع المترجم في خطأ فهم النص الأصلي، وخاصة إذا كانت اللغة التي يترجم منها لغة ذات طبيعة خاصة وعلي مستوي عالٍ من الصعوبة. -ميرا أحمد-31عاما- مترجمة عن اللغة الصينية وتقول ميرا: تخرجت من كلية الألسن جامعة عن شمس قسم اللغة الصينية بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف. بدأ عشقي للأدب الصيني منذ أيام الدراسة وكانت أول قصة أترجمها في العام الدراسي الثالث. بعد التخرج تنقلت بين تخصصات الترجمة بحسب ما يتطلب سوق العمل وفي النهاية قررت التخصص في الترجمة الأدبية لأنني مولعة بالأدب بصفة عامة والأدب الصيني بصفة خاصة. وكانت تجربتي الأولي مع عميد الأدب الصيني الحديث ورائد الواقعية النقدية لوشون، وقد صدر لي كتاب »مذكرات مجنون» العام الماضي من هيئة آفاق عالمية التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة وضم الكتاب مجموعة من أهم الأعمال القصصية للكاتب الكبير لوشون التي تُرجمت عن اللغة الصينية مباشرة. وقد شكلت هذه التجربة وعيًا إنسانيًا جديدًا داخليا وأثرت خيالي وكشفت لي الستار عن شخصية الصين التقليدية في تلك الفترة، ومعاناة الشعب الصيني وآلامه الذي كان ينخر عميقًا في روحه. كشف لي عالم لوشون الأدبي عن نمط سردي جديد وهو كيف يسخر الكاتب من واقع شعبه الأليم حد البكاء الشديد، وكيف يُلُقي بظلال قاتمة من الكوميديا السوداء علي مواطن ضعف الشخصية الصينية في تلك الفترة الحالكة. وأري أنها خطوة مهمة في مشواري وزادت من مسئوليتي تجاه رسالتي الإنسانية، بل جعلتني أدقق النظر فيما سأقدمه للقارئ العربي في المستقبل. وقريبًا سيصدر لي مجموعة قصصية جديدة للوشون تضم مجموعة أخري من روائعه. وعن الترجمة العكسية أي ترجمة الأدب العربي إلي اللغة الصينية، أري أن المترجم العربي لا يستطيع التصدي لمثل هذا العمل الكبير، فهو يتطلب مقومات كثيرة لا أعتقد أنها تتوافر بالقدر الكافي في المترجم العربي، لأنه سيعجز عن إبراز جماليات النص الأصلي وصياغته في صورة تعكس قدرات الكاتب الإبداعية، فقد يستطيع المترجم العربي القيام بعملية الترجمة انطلاقًا من إجادته للغة الأجنبية، لكن حينها سيكون النص المترجم مثل طعام بلا طعم أورائحة، وتكون النتيجة أننا نشوه بأيدينا الأعمال الأدبية العربية في عيون الغرب. ومثل هذا النوع من الترجمة يحتاج إلي مستشرقين وباحثين يجيدون اللغة العربية إجادة تامة ولديهم من المقومات التي تؤهلهم إلي ترجمة مثل هذه الأعمال الأدبية، وفي الوقت نفسه يستعينون بأصحاب هذه الأعمال حتي يحكموا قبضتهم علي كل مفاتيح النص، ويضيفوا إلي النص المترجم دون أن ينتقصوا منه. وينبغي أن تنفذ هذه المشروعات ضمن مؤسسات حكومية ورسمية وليس مؤسسات خاصة لا تهدف سوي الربح علي حساب جودة الأعمال المترجمة - أحمد مجدي منجود-26عاما -مترجم أسباني يروي أحمد تجربته مع الترجمة قائلا: لقد قمت بترجمة الكتب والروايات العالمية الإسبانية من لغتها الأصلية إلي العربية بالمركز القومي للترجمة وبعض دور النشر الخاصة، وحاليا أقوم بترجمة رواية »خريف البطريرك» للروائي حائز نوبل، ماركيز. بعد ما قدمت ترجمة روايته الأشهر الحب في زمن الكوليرا من لغتها الأصلية، وبهذه الترجمة أكون أول مترجم يقدم اعمال ماركيز ترجمة مباشرة دون لغة وسيطة كالإنجليزية اوالفرنسية، رغم صعوبتها الشديدة، لكونها شعر منثور، فهي تعتبر من أصعب ما كتب باللغة الاسبانية، الا أني انتهيت من نصفها، وإن شاء الله تصدر ترجمتي قريبا عن دار آفاق للنشر. -هند عادل-23عاما- مترجمة حرة تقول: قمت بترجمة أربعة كتب نشر منها اثنان وهما: رواية »الواحد والعشرون» والمجموعة القصصية »النجمة الحمراء» وهناك روايتان قيد النشر. كما اشتركت في ترجمة كتابٍ تاريخي بعنوان »ذكريات الصين» وتم نشره أيضًا. أترجم مقالات نسائية لصالح الأممالمتحدة للمرأة وويكبيديا في حملة »قصتها». اعتبر الترجمة هواية وعمل في الوقت ذاته وهي أيضًا أساس دراستي. أجد متعة خفية في تحويل الأفكار من لغة لأخري، وكأني أحل شفرات لغز ما. الترجمة هي وسيلة فعالة للتقارب بين الشعوب ولفهم الآخر وتقبله. وقد ركزت علي الترجمة إلي العربية لإثراء المحتوي الأدبي المترجم من الثقافات والبلاد المختلفة، خاصة تلك التي لم نتطرق إليها سابقًا. وبذلك تكون سبيلًا للتفتح العقلي والاجتماعي.