كتبت في هذا المكان الأسبوع قبل الماضي .. عن نقاط قرار الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الإبن الكاذبة .. ومذكراته الفارغة التي هاجمتها الصحافة الغربية ونادت بوضع الكتاب في قسم جرائم الحرب جنبا إلي جنب مع الكتب التي تتناول الفظائع التي ارتكبها هتلر وستالين.. ولكن كما يبدو فإن العدوي قد أصابت توني بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق وحليف بوش الأمين الذي أتحفنا هو الآخر بمذكراته .. فقد اعتاد السياسيون المتقاعدون في الغرب .. خاصة من ارتكبوا جرائم إنسانية لاتغتفر .. علي كتابة مذكراتهم التي ينشرونها لتلميع صورتهم وتقديم نسخة منقحة عن فترة حكمهم البشعة بحثا عن من ينصفهم أمام التاريخ والرأي العام .. و كتاب بلير الذي حمل عنوان "رحلة" هاجمه النقاد والمؤرخون لأسلوبه الأدبي الرديء .. وكأنه يدردش مع صديقه علي فنجان قهوة .. وأيضا لمضمونه .. الذي تفادي الخوض في الموضوع الأهم من فترة حكمه وهو الحرب علي العراق . فكلنا يتذكر ما إقترفه بلير من جرائم .. وما خلفه من قتل ودمار وسقوط أكثر من مليونين من أشقائنا الأبرياء في العراق وتدمير البنية التحتية.. جراء حرب همجية إندلعت لأسباب وادعاءات هاوية كاذبة بامتلاك العراق ترسانة من الأسلحة النووية .. كشفت الحقائق افتراءها .. كلنا لن ينسي تحالف بلير السياسي الغبي مع بوش الأحمق .. وانسياقه وراءه فيما سمي الحرب ضد الإرهاب .. مما أفقد بلير شعبيته إلي الصفر وسط المجتمع البريطاني الذي اعتبر مواقفه إهانة لبريطانيا العظمي ولشعبه الذي ورطه في حرب لا ناقة له فيها ولاجمل .. لم تجلب إلا الخسائر المالية الباهظة .. والكراهية لبريطانيا في عيون العالم .. الطريف أن بلير خصص حيزا من كتابه لكيل المديح لحليفه بوش .. فدافع عنه و وصفه بأنه نزيه وصادق .. واعتبره سياسيا من الطراز الأول .. وصديقا لبريطانيا والأقرب إليه خلال سنوات حكمه وأنه لولا أحداث الحادي عشر من سبتمبر لما اقترب الاثنان إلي هذا الحد..! لم يجرؤ بلير علي الاعتراف بارتكابه أخطاء فادحة في العراق .. وبذلك فلا اعتذار لملايين العراقيين الذين خسروا حياتهم أو هجروا أو عذبوا .. وربما جاء ذلك بناء علي نصيحة المحامين خوفا من استخدام الاعتراف كدليل إذا ما تشكلت لجان تحقيق أو محاكم حرب في المستقبل.. مهما حاول بلير إخفاء جرائمه .. أو التنصل منها .. فهذا لن يغير من حكمنا عليه هو ورفيقه بوش .. بالدخول إلي مزبلة التاريخ من أوسع أبوابه ..!