تدور أحداث القصة في فترة ما بعد الثورة وتحديداً تلك الفترة التي تمت فيها الوحدة بين مصر وسوريا فيما يعرف بالجمهورية المتحدة.. وأثناء الصراع المشتعل بين بغداد والقاهرة وقتها. تبدأ القصة بمحاولة جمال عبدالناصر بتصفية الحركة الشيوعية في مصر انتقاماً من تسلطهم في الخارج علي الثورة ورجالها... فتبدأ حركة الاعتقالات العشوائية لمجموعة كبيرة من الكتاب والفنانين وأساتذة الجامعات وبسطاء الناس للزج بهم في أسوأ سجون مصر وأفظعها. و تنال تلك التصفية من محمود السعدني بسبب أن بعضاً من أعضاء الحزب الشيوعي - الوحيد المعترف به من قبل الكرملين - السوري قد بعثوا مع السعدني رسالة حينما كان في سوريا وأخبروه أنها مطالب منهم إلي الرئيس وطلبوا منه تسليمها إليه حين الرجوع إلي القاهرة. و بالفعل قام السعدني بتسليمها إلي السادات ليسلمها إلي الرئيس وكل هذا وهو لا يعلم أن ما في الرسالة كان سبباً بعد ذلك في حركة التصفية الشيوعية في مصر. و يسلم السعدني باعتقاله وتبدأ مرحلة تأقلمه مع من معه في المعتقلات وهو يسرد طوال القصة مدي عذابه وانتقالاته بين أسوأ المعتقلات في مصر " القلعة - الفيوم - الواحات " يقول السعدني : لأني حمقري "مزيج من الحمار والعبقري" فقد كنت أظن أن كل رجل ضاحك رجل هلاس .. ولأني حمقري كنت ارفع شعارا حمقريا " أنا اضحك إذن أنا سعيد " وبعد فترة طويلة اكتشفت أن العكس هو الصحيح واكتشفت أن كل رجل ضاحك رجل بائس، وأنه مقابل كل ضحكة تقرقع علي لسانه تقرقع مأساة داخل أحشائه، وأنه مقابل كل ضحكة ترتسم علي شفتيه تنحدر دمعة داخل قلبه.. ولكن هناك حزن هلفوت، وهناك أيضًا حزن مقدس.. وصاحب الحزن الهلفوت يحمله علي رأسه ويدور به علي الناس.. التقطيبة علي الجبين، والرعشة في أرنبة الأنف، والدمعة علي الخدين.. يالاللي! وهو يدور بها علي خلق الله يبيع لهم أحزانه، وهو بعد فترة يكون قد باع رصيده من الأحزان وتخفف، ويفارقه الحزن وتبقي آثاره علي الوجه، إكسسوارا يرتديه الحزين الهلفوت ويسترزق.. لكن الحزن المقدس حزن عظيم، والحزن العظيم نتيجة هموم عظيمة، والهموم العظيمة لا تسكن إلا نفوسًا أعظم.. والنفوس الأعظم تغلق نفسها علي همها وتمضي.. وهي تظل إلي آخر لحظة في الحياة تأكل الحزن والحزن يأكل منها، ويمضي الإنسان صاحب الحزن العظيم - ككل شيء في الحياة - يأكل ويؤكل، ولكن مثله لا يذاع له سر، وقد يمضي بسره إلي قبره! ولذلك يقال: ما أسهل أن تبكي وما أصعب أن تضحك. ولكن هناك أيضًا ضحك مقدس، وهناك ضحك هلفوت.. الضاحك إذا كان حزينًا في الأعماق صار عبقريًّا، وإذا كان مجدبًا من الداخل أصبح بلياتشو يستحق اللطم علي قفاه! ونحن أكثر الشعوب حظًّا في إنتاج المضحكين.. مصر العظيمة كان لها في كل جيل عشرات من المضحكين، ولقد استطاع بعضهم أن يخلد ولمع بعضهم حينًا ثم فرقع كبالونة منتفخة بالهواء، بعضهم أصيل وبعضهم فالصو، بعضهم مثل الذهب البندقي وبعضهم مثل الذهب القشرة