كتب :عماد عبد الراضي و محمود إبراهيم: رحل الكاتب الكبير محمود السعدني تاركا خلفه إرثا هائلا من الكتابات الساخرة التي تحمل في طياتها فكرا هائلا. رحل الولد الشقي أو ابن عطوطة العصر الحديث تاركا مقولته الشهيرة' ويا للي انكتب عليك العط.. اصبر دا الرب مش ناسي' الذي كانت السخرية معه فنا وفكرا وليس مجرد دعوة للضحك. خلف السعدني إرثا ساخرا هائلا, ومن أبرز إصداراته' مسافر بلا متاع, مسافر علي الرصيف,أمريكا يا ويكا, الموكوس في بلاد الفلوس, حمار من الشرق, عودة الحمار, الطريق الي زمش, الولد الشقي في السجن, الولد الشقي في المنفي, الولد الشقي, بالطول بالعرض رحلة الي بلاد الخواجات, تمام يافندم, حكايات قهوة كتكوت, رحلات ابن عطوطة, مصر من تاني, ملاعيب الولد الشقي, وداعا للطواجن, حكايات قهوة كتكوت'. ومن أهم الألقاب التي أطلقت عليه' الولد الشقي وآخر الظرفاء المحترمين, وملك السخرية, وابن عطوطة, وقد اعتزل العمل الصحفي والحياة العامة في عام2006, فاستطاع أن يؤكد إن تضحك عادة, فهذا شئ طبيعي...لكن أن تضحك من أعماق قلبك فهو الشئ الصعب الذي لا يستطيعه إلا من امتلك قلبك بمحض إرادتك, لكن الأغرب من ذلك هو أن يضحكك احدهم حينما يروي لك أيام محنته, وقت أن كانت فترات الضيق أطول من فترات فرحها, وكان رحمه الله يمتلك قدرة هائلة علي تحويل الحياة إلي مادة للسخرية, حتي أن استطاع أن ينتزع ضحكات القراء انتزاعا وهو يحكي محنة اعتقاله في' الطريق إلي زمش' وهو يمثل إحدي روائع الكاتب الراحل حيث تدور أحداثه في فترة ما بعد الثورة وتحديدا تلك الفترة التي اتحدت فيها مصر وسوريا فيما يعرف بالجمهورية المتحدة.. وأثناء الصراع المشتعل بين بغداد والقاهرة وقتها, فيحكي قصة اعتقاله مع مجموعة كبيرة من الكتاب والفنانين وأساتذة الجامعات وبسطاء الناس للزج بهم في أسوأ سجون مصر وأفظعها, ومن هؤلاء المعتقلين كان محمود السعدني الذي اعتقل بسبب أن بعضا من أعضاء الحزب الشيوعي- الوحيد المعترف به من قبل الكرملين- السوري قد بعثوا مع السعدني رسالة حينما كان في سوريا وأخبروه أنها مطالب منهم إلي الرئيس وطلبوا منه تسليمها اليه حين الرجوع إلي القاهرة, و بالفعل قام السعدني بتسليمها إلي السادات ليسلمها إلي الرئيس وكل هذا وهو لا يعلم ان ما في الرسالة كان سببا بعد ذلك في حركة التصفية الشيوعية في مصر, و يسلم السعدني باعتقاله وتبدأ مرحلة تأقلمه مع من معه في المعتقلات وهو يسرد للقارئ طوال القصة مدي عذابه وانتقالاته بين أسوأ المعتقلات في مصر( القلعة- الفيوم_ الواحات), ومع قسوة الأحداث يجد القارئ نفسه منساقا للقلم الجرئ الذي يجذبه للضحك علي مواقف في منتهي القسوة, حتي يكتشف القارئ أخيرا أنه يضحك إشفاقا علي كاتب السطور..