عانت البشرية كثيرا من آثار عدم التسامح،ومازالت تعاني ، وفي القرن العشرين كان حصاد عدم التسامح مع الآخر حربان عالميتان و20 حرباً بين الدول ، و 50 حرباً أهلية أخري ، و6 مذابح دموية ، وكان ضحايا هذا الحصاد السيئ أكثر من 250 مليون قتيل و500 مليون لاجئ ومشرد، و100 ألف طن من المواد الكيماوية تم تطويرها واستخدامها لإبادة البشر غير شبكات الإرهاب العابرة للقارات التي تنامت في دول العالم ! وبعد الثورات العربية أصبحت وسائل الأعلام هي المتهم الأول في إشعال الفتن وشيوع حاله من عدم التسامح في المجتمع فهل هذه هي الحقيقة؟ الاجابة علي هذا السؤال جاءت في دراسة مهمة للدكتور مجدي الداغر أستاذ الإعلام بجامعة المنصورة - قدمها في مؤتمر دولي بجامعة السلطان قابوس بسلطنة عمان حول دور الإعلام في تعزيز قيم التسامح مع الآخر من واقع أحداث ربيع الثورات العربي ومن خلال معالجة الصحف العربية اليومية لقضايا التسامح مع الآخر والتي شملت الأهرام القاهرية- الرياض السعودية - الشرق الأوسط الدولية - الحياة اللندنية - وأشارت إلي أن التسامح بما ينطوي عليه من مساواة وحقوق متساوية لكل البشر، بغض النظر عن لونهم أو معتقدهم أو نوعهم، يمثل الأساس العقلاني الممكن لتقدم واستقرار وسلام المجتمع بكل ما فيه من تنوع ، وهو القيمة التي تمثل عماد حقوق الإنسان والتعددية والديمقراطية وحكم القانون، ونبذ التحيز والتعصب والاستبداد، ومن ثم لا يعني التسامح تقبل الظلم الاجتماعي أو الخضوع السياسي، بل يعني حق المرء في التمسك بعقيدته، والتزام المجتمع بضمان هذا الحق، باعتباره حقاً مشتركاً لجميع الأفراد يمارسونه بشكل عادل ومتساو وبلا تمييز فيما بينهم ، وأكدت أن وسائل الإعلام بذاتها لا تصنع الصورة أو تغير منها ولكن هناك مؤسسات أخري تعمل في هذا الاتجاه وتسعي إلي تحقيقه، وتقدم المواد والمعلومات الخام التي يتم منها تشكيل الصورة النمطية للمجتمع، وتتلقف وسائل الإعلام هذه المواد وتشكلها وتصيغها في مواد وبرامج إعلامية مناسبة يتم الاعتماد عليها في صناعة أو تغيير أو تعديل أو تأكيد الصورة الذهنية للأفراد والمجتمعات والدول والمؤسسات.